شركاء الجريمة.. هل يمكن محاكمة قادة أميركا بسبب دعمهم العسكري لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
مقدمة الترجمة
هل يمكن أن يجد المسؤولون الأميركيون أنفسهم عرضة للمحاكمة الجنائية بسبب الدعم المُطلق الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل؟ يجادل بريان فينوكين، وهو مستشار قانوني سابق بوزارة الخارجية في عهد إدارتي أوباما وترامب، أن المساعدات العسكرية والاستخباراتية التي تقدمها واشنطن لتل أبيب في حربها غير الإنسانية على غزة تضع الولايات المتحدة تحت طائلة العديد من القوانين المحلية والدولية، ويمكن أن تجعل القادة الأميركيين شركاء في المسؤولية عن أي جرائم حرب يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حملته ضد الفلسطينيين في القطاع المُحاصر.
تُعَدُّ الولايات المتحدة حاليا أكبر داعم للجيش الإسرائيلي بتقديمها مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات كل عام. وبسبب هذا الدعم وتبادل المعلومات الاستخباراتية المستمر بين الطرفين، فإن الحملة الدموية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة تؤجج قضايا قانونية وسياسية خطيرة بالنسبة للولايات المتحدة. وباعتبار أن هذه الأخيرة لديها قوانين ومعايير داخلية تمنع استخدام مساعداتها بطرق تنتهك قوانين الحرب، فإن استخدام إسرائيل للمساعدات العسكرية والاستخباراتية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة سيُشكِّل انتهاكا للقوانين والمعايير الأميركية وقد يُعرِّض المسؤولين الأميركيين للمسؤولية المشتركة عن تلك الانتهاكات.
وبالتالي، على إدارة بايدن ووزارة الخارجية اتخاذ خطوات ملموسة لمراقبة كيفية استخدام إسرائيل للأسلحة الأميركية ومنع سوء استخدامها. لكن حتى التشجيع على الامتثال لقانون الحرب لم يعد كافيا. وحتى لو نُفِّذت الحملة العسكرية بالتزام صارم بالقانون، فإنها لن تجلب سوى المزيد من المعاناة والدمار إلى قطاع غزة، كما أن استمرارها على هذا النحو سيتسبب في تعريض المنطقة لتصعيد قد ينجم عنه تورط مباشر للجيش الأميركي. والطريقة الوحيدة للتصدي لتلك المخاطر ستكون من خلال خفض التصعيد أولا، ثم محاولة إيجاد سبيل للخروج من هذا الصراع.
قنابل في سماء غزةمن المفترض أن تخضع الحرب في قطاع غزة حاليا لقانون الحرب، وهو مجموعة من القوانين الدولية المعروفة أيضا بالقانون الإنساني الدولي. تعمل هذه القواعد -التي اتفقت عليها الدول- على إيجاد توازن بين "الاعتبارات العسكرية الضرورية" والاعتبارات الإنسانية، وتضع حدودا لما يمكن لأطراف النزاع المسلح أن تفعله وما لا يمكنها فعله. ويتطلب قانون الحرب أن تكون الهجمات موجهة فقط ضد الأهداف العسكرية (بما في ذلك مقاتلو العدو)، ويحظر استهداف المدنيين والمواقع المدنية، ويجرِّم الهجمات التي لا تسقط على أهداف عسكرية محددة. كما ينص القانون على أن جميع المستشفيات وسيارات الإسعاف والمدارس وأماكن العبادة تتمتع عادة بحماية من الهجمات.
تعكس مبادئ القانون الدولي الإنساني ما يسميه القانونيون مبدأ "التمييز" (the principle of distinction) الذي من المفترض أن يُرشد أطراف النزاع إلى التمييز بين المدنيين والمنشآت المدنية، وبين المقاتلين والأهداف العسكرية، في حين ينص مبدأ "التناسب" (the principle of proportionality) على ضرورة أن تكون الهجمات متناسبة مع المكاسب العسكرية المباشرة والمحددة التي يمكن توقعها من الهجوم. وبالتالي، فإن القانون الدولي يحظر الهجمات التي من المتوقع أن تُسبب أضرارا جسيمة بحق المدنيين قد تتجاوز الميزة العسكرية التي يمكن أن يحققها هذا الهجوم. بالإضافة إلى ذلك، يتعيّن على طرفي الهجوم والدفاع اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتخفيف الضرر الذي قد يلحق بالمدنيين. فعلى سبيل المثال، يُحظر استخدام المدنيين دروعا بشرية (وهي الدعاية التي تتحجج بها إسرائيل لتدمير قطاع غزة)*. ومع ذلك، فإن القانون الدولي لا يعفي الطرف المهاجِم من التزاماته القانونية.
إن سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة والخطاب المصاحب له من المسؤولين الإسرائيليين يجب أن يُثير مخاوف قانونية وسياسية في واشنطن، لأنه في الأيام الستة الأولى فقط من الحملة الجوية على غزة، ألقت إسرائيل نحو 6000 قنبلة على القطاع، وهو ما تجاوز عدد القنابل التي أسقطها التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة خلال أشهر الحرب حتى في ذروة عملياتهم العسكرية. وفي الوقت ذاته، تُثير هذه السرعة في الهجمات تساؤلات وشكوك حول طريقة إسرائيل في اختيارها للأهداف وتفسيرها لمبدأ التناسب، وما تتخذه من احتياطات لتجنب وقوع ضحايا مدنيين.
لكن إحدى المفارقات العجيبة هو ما أدلى به الرئيس الأميركي بايدن في تصريح غير رسمي له خلال مؤتمر صحفي حينما قال: "إن الإجراءات التي اتخذتها القوات الإسرائيلية في مستشفى الشفاء تهدف في الأساس إلى حماية المدنيين، لذا فما يحدث حاليا هو أمر مختلف عما كان يحدث في السابق من قصف عشوائي على القطاع" (وهو ما يعد اعترافا بأن إسرائيل كانت بالفعل تقصف المدنيين بعشوائية طوال هذه المدة السابقة)*. ورغم أن حكومة الولايات المتحدة اتخذت موقفا يفيد بأن الهجمات العشوائية على المدنيين تُعدُّ جرائم حرب، فإن تصريح بايدن لم يكن واضحا وأثار المزيد من الضبابية حول الموقف الأميركي.
بينما على الجانب الآخر، ينوء صدر المسؤولين بشكوك حول ما إذا كانت أهداف إسرائيل العسكرية هي أهداف قانونية أو مشروعة من الأساس. فاستهدافها لقادة حماس السياسيين، الذين لا تزال أدوارهم العسكرية غير واضحة، بالإضافة إلى الهجوم الذي شنّته على سيارة إسعاف خارج مستشفى الشفاء في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي خلَّف وراءه 15 قتيلا و60 مصابا على الأقل، هي أعمال كافية إثارة الشكوك حول أهداف إسرائيل العسكرية. كما أن قصفها لمخيم جباليا للاجئين -الذي زعمت إسرائيل أنه يضم قادة حماس وأنفاقا تحت الأرض- أدى إلى سقوط أكثر من 100 ضحية وفقا للأطباء في غزة، وهو ما دفع إدارة بايدن حينها إلى مطالبة إسرائيل بشرح القرارات التي أدت في النهاية إلى هذه الغارة الجوية.
وعموما، فإن حجم الدمار والموت في قطاع غزة (الذي سجلته وزارة الصحة حتى الآن بما يتجاوز 12 ألف شهيد)* يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كانت إسرائيل تتبنى تقديرا صحيحا للموازنة بين الضرر المُلحَق بالمدنيين والمنفعة العسكرية المتوقعة من الهجمات المستهدفة. فوصف المسؤولين الإسرائيليين للحملة العسكرية على قطاع غزة يجب أن يتسبب في لجة متقافزة من التساؤلات في وزارة الخارجية الأميركية. وذلك لأنه في بداية الصراع على سبيل المثال، أوضح المتحدث العسكري للجيش الإسرائيلي أن الهدف الرئيسي للقوات الإسرائيلية سينصب على "إلحاق الضرر بمدينة غزة لا على ضمان الدقة المطلوبة أثناء القصف". وفي رده على الغارات المثيرة للجدل التي أسفرتْ عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، أكد الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا أنه حذر سكان غزة سابقا بالانتقال جنوبا، كما لو أن هذا التحذير يعفي إسرائيل بطريقة أو بأخرى من التزاماتها القانونية المتعلِّقة بحماية المدنيين.
قد تؤدي المخاوف بشأن جرائم الحرب هذه إلى تدخل المحكمة الجنائية الدولية، التي أكدت اختصاصها القانوني للتحقيق في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الحرب الحالية على قطاع غزة. وبدأ دور المحكمة في الظهور بعدما أدلى كريم خان، المدعي العام للمحكمة، بتصريحات واضحة بشأن الحرب الحالية، مشيرا إلى أنه سيتعين على كل قائد اتخذَ قرارات بشأن القصف المستمر "أن يُبرر كل ضربة ضد كل هدف مدني"، وأن العبء يقع على عاتق القوات المُهاجمة التي ستضطر إلى تقديم أدلة تُثبت أن الأهداف المدنية التي تعرضت للقصف فقدت حمايتها القانونية.
إذا قرر خان توجيه اتهامات قانونية ضد إسرائيل، فسيواجه بالتأكيد عاصفة سياسية من الولايات المتحدة، سوف تشمل للمفارقة أولئك القادة الذين يدعمون عمل المحكمة الجنائية الدولية في أوكرانيا. ولكن في الوقت ذاته، إذا لم يتابع التحقيق في تصرفات إسرائيل في غزة، فمن المؤكد أنه سيواجه ردود فعل سلبية من دول خارج الغرب تدين بالفعل ما تعتبره معايير مزدوجة في طريقة تعامل المحكمة مع أعمالها. فبالنسبة لهم، يبدو أن المحكمة الجنائية لا تُدين سوى القادة الأفارقة بجرائم الحرب، في حين تترك الأطراف المدانة في الغرب دون مساس أو عقاب.
حجة "الدفاع عن النفس"تواجه الولايات المتحدة بدورها تحديات قانونية وسياسية فيما يتعلق بالصراع الحالي، وذلك بسبب الدعم العسكري والاستخباراتي المكثف الذي تقدمه لإسرائيل. وتُعَدُّ هذه القضية إحدى أكثر القضايا تحديا لوزارة الخارجية نظرا لدورها الأساسي في مراقبة عمليات نقل الأسلحة والمساعدات العسكرية. فعلى سبيل المثال، يُحدد قانون "مراقبة تصدير الأسلحة" (the Arms Export Control Act) الأغراض الحصرية التي يمكن استخدامها مبررا لتوفير الأسلحة الأميركية لدولة أخرى، ومن ضمن هذه الأغراض مثلا "الدفاع المشروع عن النفس".
ومع ذلك، فإن الإجراءات العسكرية التي اتخذتها إسرائيل في قطاع غزة، فضلا عن استخدامها سابقا للقنابل العنقودية في لبنان، تُؤجج تساؤلات حول ما إذا كانت تلك الإجراءات تُعَدُّ بالفعل دفاعا مشروعا عن النفس. وعلى المنوال ذاته، فإن أحد القوانين الدولية الذي يُسمى بـ"قانون ليهي" (Leahy Law) يحظر تقديم المساعدة العسكرية لأي وحدة من قوات الأمن الأجنبية إذا كان لدى وزير الخارجية الأميركي معلومات موثوقة تُفيد بأن الوحدة ارتكبت "انتهاكا جسيما وصارخا بحق المدنيين"، فيما تُحرِّم سياسة نقل الأسلحة التقليدية، التي تبنتها إدارة بايدن في فبراير/شباط 2022، إرسال هذه الأسلحة إذا "قدّرت الولايات المتحدة أن ثمة احتمالا أكبر لاستخدامها في هجمات موجهة عمدا ضد المدنيين أو المنشآت المدنية، أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي أو قانون حقوق الإنسان".
قبل وقت قصير من بدء الحرب الحالية على غزة، أصدرتْ وزارة الخارجية توجيهات إلى السفارات في جميع أنحاء العالم تنص على ضرورة أن يعيد المسؤولون التحقيق في التقارير المتعلِّقة بالأضرار التي لحقت بالمدنيين جراء استخدام الحكومات للأسلحة الأميركية، بجانب ضرورة التوصية باتخاذ إجراءات قد تشمل تعليق بيع هذه الأسلحة. بيدَ أن الهدف وراء هذا السعي الحثيث هو تحويل العملية العشوائية وغير المنتظمة في مراقبة الأضرار المدنية إلى عملية منظمة ومحددة تتبع طريقة رسمية ومنهجية.
وبناء على طبيعة الدعم الذي يقدمه المسؤولون الأميركيون لإسرائيل، وكيفية استخدامها لهذا الدعم، سيواجه هؤلاء المسؤولون بلا شك مشكلات قانونية إضافية ستُلقى على عاتقهم. فمثلا يُحرَّم على موظفي الحكومة الأميركية، بموجب أمر تنفيذي، الانخراط في عملية اغتيال أو التآمر على ارتكابها، وقد فسّر محامو السلطة التنفيذية الأميركية هذا الأمر على أنه يشمل عمليات القتل في حالات نزاع مسلح ينتهك قانون الحرب. بمعنى آخر، إذا شاركت الولايات المتحدة -على سبيل المثال- معلومات استخباراتية يمكن استغلالها من جهة أخرى لاستهداف مواقع مدنية، ففي هذه الحالة سوف تعد الولايات المتحدة شريكا في هذه الجريمة.
إن قانون جرائم الحرب، الذي صدر عام 1996 وأُجريتْ عليه تعديلات لتوسيع نطاق اختصاصه في العام الماضي، ينص على أن السلوكيات التي تُعَدُّ انتهاكا لقوانين الحرب قد تتسبب في اندلاع مسائل قانونية داخلية في الولايات المتحدة. ورغم عدم محاكمة أي شخص بموجب هذا القانون حتى الآن، فإنه يجرِّم التآمر لقتل الأشخاص الذين لا يشاركون فعليا في عمليات القتال وغيرها من السلوكيات. بالإضافة إلى ذلك، يحظر القانون المحلي والقانون الدولي المساعدة في ارتكاب جرائم حرب أو التحريض عليها. ورغم أن معايير المشاركة في الجريمة قد تختلف اعتمادا على المحكمة، فإنه وفقا للقانون الدولي، على الولايات المتحدة أن تتخذ موقفا يُدين أي جهة تدرك أن مساعدتها ستساهم في ارتكاب جريمة حرب.
لهذا السبب يساور بعض المسؤولين في إدارة بايدن قلق إزاء استخدام إسرائيل للأسلحة التي وفرتها لها الولايات المتحدة، لاعتقادهم أن هذا الاستخدام قد يُشكِّل انتهاكا لقانون الحرب. لذا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي استقال جوش بول، المسؤول في مكتب وزارة الخارجية عن مراقبة عمليات نقل الأسلحة، وجاءت استقالته نتيجة لاستمرار تدفق المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل. وفي مقابلة له مع موقع "هافينغتون بوست" (Huffington Post)، صرَّح قائلا: "بات من الواضح بالنسبة لي أن الوضع الحالي لم يعد يقتصر فقط على إدراك العديد من كبار القادة لكيفية استخدام إسرائيل حاليا للأسلحة الأميركية في غزة، وإنما اتضح لي أنهم على استعداد تام أيضا بالاعتراف خلف الأبواب الموصدة أن ما ترتكبه إسرائيل حاليا في قطاع غزة يندرج تحت اسم جرائم حرب لا محالة".
مراوغات طويلةبالنظر إلى أسباب القلق هذه، لا بد للحكومة الأميركية، وخاصة وزارة الخارجية، اتخاذ خطوات فورية للتقليل من خطر الدعم العسكري الأميركي الذي يسهِّل من انتهاكات قانون الحرب، فضلا عن أنه لم يعد كافيا أن يكرر المسؤولون الأميركيون نقاط الحديث حول أهمية الامتثال لقوانين الحرب فقط دون اتخاذ أي رد فعل حقيقي. لأنه وفقا لقانون الحرب، يتعين على الولايات المتحدة حاليا أن تراقب سلوك إسرائيل في غزة وتحديد ما إذا كانت تستخدم الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية الأميركية. ورغم أن هذه تُعَدُّ خطوة أساسية، فمن من الواضح أن وزارة الخارجية لا تعير اهتماما لهذه المسألة بتاتا. فقد أعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن والمتحدث باسمه عن عدم إجراء تقييمات إلى الآن حول مدى امتثال إسرائيل لقانون الحرب.
وعلى النهج ذاته، رفض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مرارا وتكرارا التعليق على امتثال إسرائيل لقانون الحرب في الأيام الأخيرة، مشيرا إلى أن مهامه لا تتمحور حول الحصول على معلومات عن هذه المسألة. وعلى الأغلب ستتطلب مراقبة مدى امتثال إسرائيل لقانون الحرب جهودا كبيرة من البنتاغون، كما ستُجبِر الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل من أجل الحصول على معلومات تفصيلية حول قراراتها المتعلِّقة بالاستهدافات في غزة.
العجيب في الأمر هو أن الولايات المتحدة أثناء فترة رئاسة رونالد ريغان -التي استمرت من عام 1981 إلى عام 1989- أدرجت معلومات حول سلوك إسرائيل في العمليات العسكرية في فلسطين، وهو ما حث إدارة ريغان على إيقاف نقل القنابل العنقودية لإسرائيل. لكن الوضع تغير الآن وفقا للتصريحات التي أدلى بها بول (المسؤول الذي استقال من وزارة الخارجية)، التي أفادت بأن الولايات المتحدة لم تضع في اعتبارها تقييمات الالتزام بقانون الحرب عند نقل الأسلحة إلى إسرائيل. وفي السياق ذاته، أشار بول أيضا إلى أن وزارة الخارجية تتبع ممارسة طويلة الأمد تتمثل في عدم رغبتها في الاعتراف بالادعاءات الموثوقة بشأن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية حاليا، التي من شأنها أن تؤدي إلى فرض قيود بموجب قانون "ليهي" السابق الإشارة إليه.
ومع ذلك، أرسلت وزارة الدفاع الأميركية الجنرال جيمس جلين من سلاح البحرية الأميركي -الذي يتمتع بخبرة واسعة في مجال الحروب الحضرية- إلى إسرائيل لتبادل الاقتراحات معها بشأن الحد من الأضرار المُلحَقة بالمدنيين، ولكن المثير للسخرية أنه عند عودة جلين، سعى الجنرال إريك سميث، قائد سلاح البحرية الأميركية، إلى التأكيد أن الولايات المتحدة ليست شريكة مباشرة في العمليات العسكرية، في محاولة منه لإبعاد اسمها عن الموضوع بقوله: "صحيح أن الجنرال جلين ذهب إلى إسرائيل لتقديم المشورة، لكن لا يوجد أدنى شك في أن ما يحدث حاليا في قطاع غزة، أو ما سيحدث في المستقبل، هو قرار إسرائيلي بحت".
إذا كان الهدف هو وضع حدٍّ لهذه المذبحة، فمن الخطأ التركيز فقط على تقييم مدى امتثال إسرائيل لقانون الحرب عند استخدامها لهذه الأسلحة، بل ينبغي أيضا التركيز على وضع حدٍّ للعنف والدمار الذي يئن تحت وطأته قطاع غزة. قد يكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل حاليا التوصل إلى أي تقييم موثوق بشأن آلاف الغارات الجوية وغيرها من الهجمات التي شنتها إسرائيل على غزة. وحتى لو كانت جميع هذه الهجمات الإسرائيلية خاضعة لقانون الحرب (وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة)*، فإن الهجمات على غزة ستظل كارثة إنسانية، كما أن افتقار الحرب إلى خطة واضحة يُشكِّل خطرا جسيما لمزيد من التصعيد الإقليمي. وفي حالة استمرار الوضع كما هو عليه، قد تستغل إسرائيل بعض الثغرات في القانون لتقديم تفسيرات تبرر خلالها استخدامها للقوة والتدمير بناء على مبدأ التناسب.
في النهاية، يجب على الولايات المتحدة أن تضغط على الحكومة الإسرائيلية لكي تلتزم بتقديم تفسير صارم للقانون. ومع ذلك، لا ينبغي للقضايا القانونية أن تأخذ الحيز الأكبر للنقاش وتبعدنا عن السؤال الأكثر إلحاحا الذي تواجهه الولايات المتحدة والمنطقة حاليا، وهو: "كيف يمكن إنهاء هذه الحرب بطريقة مسؤولة؟". لعل الخطوة الأولى في اتجاه وقف التصعيد هو التوصل إلى اتفاق صغير يُلزِم إسرائيل بالتوقف عن قصف غزة، ويسمح لحماس بإطلاق سراح بعض الرهائن (الأسرى)*. وبغض النظر عما إذا كانت النتائج إيجابية أو سلبية، فإن حل هذه الأزمة الرهيبة والمعاناة التي تسببتْ فيها لن يكون في يد القوانين فحسب، بل يكمن أيضا في المهارات الدبلوماسية والتفاوض السياسي.
_____________________________
ترجمة: سمية زاهر
هذا التقرير مترجم عن Foreign Affairs ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة استخدام إسرائیل على سبیل المثال القانون الدولی وزارة الخارجیة إدارة بایدن قانون الحرب نقل الأسلحة ما إذا کانت فی قطاع غزة إسرائیل فی م إسرائیل جرائم حرب على غزة ومع ذلک وهو ما الذی ی التی ت فی غزة
إقرأ أيضاً:
رئيس هيئة الأركان يشهد تخرج الدفعتين الخامسة قادة كتائب والـ11 تأهيل ضباط بالمنطقة العسكرية الثالثة
شمسان بوست / مأرب:
شهد رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق الركن صغير بن عزيز، اليوم الإثنين، تخرج الدفعتين الخامسة قادة كتائب، والـ11 تأهيل ضباط، بالمنطقة العسكرية الثالثة.
ونقل رئيس هيئة الأركان، في كلمته خلال الحفل، إلى الخريجين والحاضرين تحايا القيادة السياسية والعسكرية.. مشيدًا بجهود المنطقة العسكرية الثالثة في تأهيل وتدريب منتسبيها ميدانياً ومعرفياً وعلمياً..مؤكدًا أهمية هذه الجهود في تعزيز موقف القوات المسلحة في المعركة الوطنية ضد فلول الإمامة وأدواتها..مشدداً على رفع القدرات القتالية لجميع منتسبي القوات المسلحة والاستعداد القتالي واليقظة العالية في كل الأوقات.
وأكد أن التدريب والتأهيل هو الحجر الأساسي لنجاح القوات المسلحة في معركتها ضد مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا..مشيراً الى اهمية التدريب والتأهيل للقوات المسلحة لبناء جيش قوي وفعال قائم على أداء واجباته بكفاءة واقتدار..لافتاً الى ان النصر لن يتحقق الا بالعمل الجاد أمام الله والوطن”..مؤكدًا أهمية التدريب والتأهيل لتحقيق ما نسمو إليه من النصر.
من جانبه، هنأ قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن منصور ثوابه، الخريجين بما اكتسبوه من مهارات وخبرات نوعية..معبراً عن شكره للقائمين على برنامج التدريب والمدرسة القتالية التي تمثل النواة الحقيقية في تدريب وتأهيل منتسبي القوات المسلحة وتعزيز قدراتهم القتالية والتأهيلية..مشدداً على المتدربين والمتواجدين في الميدان ببذل أقصى الجهود من أجل اكتساب خبرة يستفيدون منها في معركتهم الوطنية ضد مليشيات الإرهاب الحوثية المدعومة إيرانيًا التي عاثت الفساد والدمار في حياة اليمنيين.
وأكد المضي والاستمرار في طريق التدريب والتأهيل لمنتسبي المنطقة حتى الوصول إلى الغاية المنشودة.
وقال مخاطبًا الخريجين “إن الوطن يعول عليكم وعلى أمثالكم ويضع آماله فيكم، واصلوا مسيرتكم بعزيمة لا تلين، وتذكروا أن كل جهد تبذلونه في سبيل حماية الوطن ورفع رايته وتعزيز أمنه واستقراره واجب مقدس”..معرباً عن امله في ان تشكل هذه المهارات والمعارف التي اكتسبها الخريجون حجر الأساس مستقبلا في صفوفه القوات المسلحة والأمن، وفي تأدية واجباتهم بكفاءة واحترافية عالية”.
وجدد العهد للقيادة السياسية والعسكرية بالمضي على درب النضال حتى استكمال تحرير وطننا الحبيب من أيادي مليشيا إيران الحوثية، واستعادة صنعاء ورفع أعلام الجمهورية من على جبال مران.
ومن جانبهم، عبر الخريجون في كلمة ألقاها المقدم زياد الحنضاني، عن بالغ شكرهم لوزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وقيادة المنطقة العسكرية الثالثة على جهودهم الكبيرة في جوانب التدريب والتأهيل.. مجددين التأكيد على بذل التضحيات حتى إنهاء معاناة الشعب اليمني وتخليصه من تبعات الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً.
وجرى نهاية الحفل الذي حضره نائب رئيس هيئة التدريب والتأهيل اللواء الركن أحمد العابسي، وعدد من القيادات العسكرية بالمنطقة العسكرية الثالثة، تكريم المتفوقين من الخريجين.