الجزيرة:
2025-03-18@01:29:19 GMT

المستعر الأعظم 1006.. ماذا قال عنه العلماء المسلمون؟

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

المستعر الأعظم 1006.. ماذا قال عنه العلماء المسلمون؟

اهتم علماء المسلمين في عصرهم الذهبي بشكل أكبر بالظواهر الدورية، وبرعوا في فهم حركات النجوم ومنها تمكنوا من بناء أدق الأزياج في عصرهم، والأزياج هي الجداول الفلكية التي تشرح مواعيد الشروق والغروب وحركة الأجرام السماوية كالشمس والقمر والنجوم التي أطلقوا عليها اسم الكواكب الثابتة، أما الكواكب كالمشتري وزحل فأطلقوا عليها اسم الكواكب السيارة.

لكن رغم ذلك، فإن تراث علم الفلك عالميا شهد كذلك مساهمات لعلماء مسلمين في رصد الظواهر المفاجئة أو العابرة، ومنها دون شك المستعر الأعظم الذي انفجر ولمع في السماء الجنوبية (في كوكبة السبع أسفل العقرب) في ربيع عام 1006 ميلادية.

علي بن رضوان

وممن سجلوا هذه الظاهرة الفلكي المصري علي أبو الحسن علي بن رضوان في تعليقه على كتاب "تيترابيبلوس" ‏ (أي الكتب الأربعة) من تأليف الفلكي كلاوديوس بطليموس الذي عاش في الإسكندرية خلال القرن الثاني بعد الميلاد، ويناقش الكتاب جوانب من الفلسفة والتنجيم.

فقد قال بن رضوان إنه سيصف مشهدا غريبا حصل بينما كانت الشمس في ذلك اليوم عند 15 درجة في برج الثور، وكان المشهد في الدرجة 15 من برج العقرب. وأضاف أنه "نيزك عظيم مستدير الشكل يكون عظمه قدر الزهرة مرتين ونصف أو ثلاث مرات. وكان نوره يضيء منه الأفق، ويلمع لمعانا شديدا، ومقدار ضيائه ربع ضياء القمر وأكثر قليلاً".

وتعطي هذه الملامح بيانات واضحة عن مستعر أعظم قيل في هذه الفترة إنه لمع ليلا لدرجة أن البعض تمكن من القراءة على ضوئه في السماء. وبحسب دراسة من جامعة أكسفورد فإن المصادر العربية والصينية واليابانية تتفق في أوصافها على هذا المشهد، والذي ربما كان ألمع ما سجلته البشرية.

جانب من المستعر الأعظم 1006 (مرصد هابل) ابن سينا

وفي عام 2016 كشف فريق بحث ألماني عن أدلة ترجح بقوة أن العالم العربي "ابن سينا" شاهد وسجل بيانات عن المستعر الأعظم نفسه في أبريل/نيسان من عام 1006.

واشتهر ابن سينا أساسا في دراسة الطب والفلسفة، وتشير الدراسة إلى أن أحد النصوص في "كتاب الشفاء" خاصته كانت عن الفيزياء والأرصاد الجوية وتبحث بشكل خاص في علم الفلك. وما لفت انتباه الباحثين هو نص يصف جسما لامعا ظهر في السماء عام 1006، وظن الباحثون التاريخيون من قبل أنه وصفٌ لمذنب، لكن الدراسة تؤكد أنه كان وصفا لظهور جرم مفاجئ يتغير لونه بمرور الوقت قبل أن يتلاشى، وهذا لا يسري على المذنبات، بل المستعرات العظمى.

قال ابن سينا في النص سالف الذكر: "كالذي ظهر في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة للهجرة، فبقي قريبا من ثلاثة أشهر يلطف ويلطف حتى اضمحل، وكان في ابتدائه إلى السواد والخضرة، ثم جعل كل وقت يرمي بالشرر، ويزداد بياضا ويلطف حتى اضمحل".

ويعرض هذا الفيديو الصادر عن مرصد شاندرا للأشعة السينية تاريخ هذا المستعر الأعظم في 60 ثانية.

أرصاد حديثة

ومع حلول عصر الفضاء في الستينيات من القرن الفائت، تمكن العلماء من رصد جوانب السماء بالأشعة السينية، وكان المستعر الأعظم 1006 واحدا من أضعف مصادر الأشعة السينية التي اكتشفها الجيل الأول من الأقمار الصناعية التي ترصد الأجرام السماوية في نطاق الأشعة السينية.

ويقترح العلماء الآن أنه كان مستعرا من النوع "آي إيه"، وهو حالة خاصة يدور فيها نجمان أحدهما عملاق أحمر والآخر قزم أبيض يسحب من مادته، وحينما يزيد حجم المادة المنقولة من العملاق الأحمر إلى رفيقه الأبيض عن حد معين فإنه ينفجر محدثا مستعرا أعظم.

ويُستخدم هذا النوع من المستعرات العظمى في تحديد توسع الكون، وقد حصل كل من الأميركيَّين سول بيرلموتر وآدام ريس والأميركي الأسترالي بريان شميت على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2011 عن استخدامهما لهذا النوع من الانفجارات النجمية في المجرات الأخرى لتأكيد توسع الكون بشكل متسارع.

ونعلم اليوم أن قُطر المستعر الأعظم 1006 يبلغ نحو 60 سنة ضوئية، ولا يزال يتوسع بسرعة 9 ملايين كيلومتر في الساعة تقريبا نتيجة لهذا الانفجار الذي سجله العلماء المسلمون وغيرهم قبل أكثر من ألف سنة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ابن سینا

إقرأ أيضاً:

نجم الجدي

لطالما كان للنجوم حضور قوي فـي الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها فـي القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى فـي سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدميها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها فـي السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

•• واليوم نتحدث عن نجم ثابت فـي السماء وهو النجم الذي سمته العرب «الجدي» وكانت القبائل العربية تسميه نجم «القبلة» لأنه كان يستخدم لتحديد اتجاه الشمال بدقة، لأنه نجم ثابت نسبيا فـي السماء الشمالية، ولذلك أطلق عليه نجم القطب الشمالي، وهذا النجم يقع فـي كوكبة الدب الأصغر، ولأن هذا النجم ثابت فـي السماء فلذلك لم يعتمد عليه العرب كثرا فـي تحديد المواسم الزراعية والفصول، كونه لا يتحرك كثيرا، ولكن القبائل العربية جعلته أحد أشهر النجوم كونه يخبرهم بالاتجاهات بكل سهولة ويسر، واستعان به كذلك البحارة العرب.

•وكان العرب يشبهونه بالجدي الصغير، فلذلك أطلقوا عليه هذه التسمية، وكانوا يتعرفون عليه فـي السماء من خلال أنهم كانوا يستخدمون نجوم الدب الأكبر المعروفة عندهم بـ«بنات نعش» للإشارة إلى نجم الجدي، فكانوا يتتبعون النجمين الأخيرين فـي مجموعة الدب الأكبر وهما نجمي الدبة والمراق، ثم يمدون خطا وهميا منهما ليصلوا إلى نجم الجدي.

•وإذا أتينا إلى خصائصه الفلكية التي أثبتها العلم الحديث فإننا نجد أن هذا النجم هو نجم عملاق مقارنة بشمسنا، فمن حيث الحجم قطره أكبر 37.5 مرة تقريبًا من قطر الشمس، أما من حيث الحرارة فتبلغ درجة حرارة سطح نجم الجدي حوالي 6000 كلفن، وهي قريبة جدًا من درجة حرارة الشمس التي تبلغ 5778 كلفن، وهو يبعد عن الأرض حوالي 433 سنة ضوئية.

•وقد ذكر هذا النجم كثيرا فـي الشعر العربي، فنجد أن الشاعر الجاهلي المهلهل بن ربيعة قد ذكره فـي قصائده فقال:•••كَأَنَّ الْجَدْيَ جَدْيَ بَناتِ نَعْشٍ

•يَكُبُّ عَلَى الْيَدَينِ بِمُستَدِيرِ

•وَتَخْبُو الشعْرَيَانِ إِلى سهَيْلٍ

•يَلُوحُ كَقمَّةِ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ

••وورد ذكر هذا النجم فـي الشعر العماني فهذا الشاعر الغشري يذكر هذا النجم فـيقول:

••وإنَّ له الميزانَ يتلوه عقْرَبٌ

•ويتْلوه قَوسٌ والمجادِلُ أفكَلُ

•ومن بعده فصل الشتاءِ وإنَّمَا

•به الشمسُ بُرْجَ الجدْي تأوِي وتَنْزِلُ

••وأما الشاعر اللواح الخروصي فـيقول فـي قصيدة رثائية:

••سقى قبرك المزن نهلا وعلا

•بنوء الثريا ونوء الجدي

•وجاد قبورا حواليك صارت

•جوارك من ازكويّ زكي

• وأما الملاح العماني أحمد بن ماجد فقد ذكر هذا النجم فـي منظومته الفلكية فقال:

••لأَنَّ دائماً له انقضا

• ومثلُهُم ميخ الجُدَيِّ أَيضا

•وغايةُ الميلِ إلى المغيبِ

• إِذا استَقَلَّ الهقع يا حبيبي

••ونجد الشاعر العباسي أبو تمام الطائي يقول فـي هذا النجم:

••نَجما هُدىً هَذاكَ نَجمُ الجَديِ إِن

• حارَ الدَليلُ وَذاكَ نَجمُ الفَرقَدِ

•هَذا سنانٌ زاغِبِيٌّ فـي الوَغى

• وَكَأَنَّما هَذا ذُبابُ مُهَنَّدِ

••وهذا الشاعر الأموي ذو الرمة المشهور بالحب والغزل يقول فـي أحد قصائده الغزلية ذاكرا هذا النجم ويقرنه بنجم النسر فـيقول:

••تَزَاوَرْنَ عَنْ قُرَّانَ عَمْداً وَمَنْ بِهِ

• مِنَ النَّاسِ وَازْوَرَّتْ سرَاهُنَّ عَنْ حَجْرِ

•فَأَصْبَحْنَ بِالحَوْمَانِ يَجْعَلْنَ وِجْهَةً

• لِأَعْنَاقِهِنَّ الجَدْيَ أَوْ مَطْلَعَ النَّسْرِ

••كما أن الشاعر العباسي أبو العلاء المعري ذكر هذا النجم فـي لزومياته وقرنه مع نجم الأسد فقال:

••قَد أَهبِطُ الرَودَةَ الزَهراءَ عارِيَةً

•سدّى لَها الغَيثُ نسجا فَالنَباتُ سَدِ

•تُمسي لشقائِق فـيها وَهيَ قانِيَةٌ

•مِمّا سقاها رُعافُ الجَديِ وَالأَسَدِ

••أما الفـيلسوف محيي الدين بن عربي الذي عاش فـي الزمن الأيوبي فقد ذكر هذا النجم فـي أحد قصائده فقال:

••إلى السرطانِ من أسد تراه

• بسنبلةٍ لميزانِ الهويّ

•وعقربٍ صدغه يرمي بقوسِ

• من النيران من أجلِ الجدي

••ومن الذين ذكروا هذا النجم فـي قصائدهم الشاعر العباسي ابن نباته السعدي الذي يقول:

•خَطَتْ سمْنَانَ ليس لها دَليلٌ

••ولا عَلَمٌ يلوحُ ولا مَنَارُ

•تُراعى الجَدْيَ غُرتُها سَنَاهُ

•وضوءُ الفرقدينِ لها عِذَارُ

مقالات مشابهة

  • عزاء الراحل إحسان ترك بالبحر الأعظم| فيديو وصور
  • 10 عادات رمضانية يمكنك تبنيها طوال العام
  • غزوة بدر الكبرى.. كيف انتصر المسلمون في أولى معاركهم الحاسمة؟ | القصة الكاملة
  • المسلمون في الصين.. بين الحقيقة والتشويه
  • يوم هزم بيريز ريال مدريد وكان قريبا من حراسته
  • جون سينا في شجار مثير بشوارع الدار البيضاء.. ما القصة؟
  • من جلحة بقى نجم الميديا وكان برهب الناس بالقرعة للمدينة القادمة
  • جون سينا يركب تريبورتور لتصوير مشاهد فيلم أكشن بالدارالبيضاء (فيديو)
  • فُرِضَ الحصار وكان وعدُ السيد حقًّا
  • نجم الجدي