تجري مفاوضات بين المصرف المركزي والمصارف تحضيراً لبدء إصدار ميزانيات مصرفية بسعر صرف موحّد (نهاية اللولار) يواكب السعر الذي ستعتمده الموازنة اعتباراً من مطلع 2024.
لاشكّ في أن إصدار ميزانيات مصرفية بسعر صرف موحّد بعيد عن سعر الصرف المصرفي السائد حالياً والذي لا يشكل أكثر من 17% من سعر الصرف في السوق الموازية، يُعدّ ، بحسب ما يؤكد  الأمين العام المساعد لاتحاد أسواق المال العربية فادي قانصو ،تطوراً مهما ومنعطفاً أساسياً على المستوى المالي في لبنان وتحديداً المصرفي، لتُطوى صفحة سوداء في تاريخ القطاع المصرفي اللبناني ومُجحفة في حق المودعين.

ولكن لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن إصدار ميزانيات مصرفية بسعر صرف موحّد أعلى من 15,000 ليرة للدولار، يشكّل تحدياً أساسياً للقطاع المصرفي، إذ أنه سيعكس الصورة الحقيقية والواقعية لوضعية المصارف على صعيد ماليتها وحجم رساميلها وسيولتها وملاءتها بشكل عام، لاسيما وأنه سيترافق بطبيعة الحال مع تراجع كبير في قيمة رساميل المصارف وفي نسب ملاءتها، عملياً، لتتبخّر دفترياً، بعدما فقدتها نظرياً منذ اندلاع الأزمة في نهاية العام 2020. مع اشارة قانصو إلى أن التأثير السلبي سيطال نسبة كفاية رأس المال لدى المصارف، أي النسبة التي تحدّد مدى قدرة المصرف على تحمّل المخاطر الجمّة مثل مخاطر الائتمان، والمخاطر التشغيلية وغيرها، والتي من شأنها أن تحمي المصرف والمودعين والمقرضين وبالتالي الحفاظ على الثقة في النظام المصرفي. هذا الامر سيتحدّد بالتالي من هي المصارف القادرة على إعادة الرسملة والاستمرار ومن هي المصارف التي لن تقوى على الاستمرار وستخرج من السوق.
ويؤكد قانصو أن من المستبعد أن تبدأ المصارف تطبيق قرار إصدار ميزانيات مصرفية بسعر صرف موحّد اعتباراً من مطلع العام 2024، لأن ذلك يتطلّب تطبيق إجراءات جوهرية أكان من قبل القطاع المصرفي أم من قبل الدولة اللبنانية. بدايةً، لا بدّ من توحيد أسعار الصرف المتعدّدة في السوق، وهو ما يطالب به صندوق النقد الدولي بالدرجة الأولى، قبل الحديث عن سعر صرف جديد تطبّقه المصارف في ميزانياتها، وهو أيضاً ما كان يطمح إليه مصرف لبنان من خلال إطلاق منصة بلومبرغ بهدف تحرير سعر الصرف بشكل تدريجي وتوحيد أسعار الصرف المتعدّدة، ما بين سعر منصة صيرفة السابق وسعر السوق الموازية وسعر الصرف الرسمي وسعر الصرف المصرفي، ليتحدّد بعدها سعر صرف الدولار في الاقتصاد وفق العرض والطلب. وهذا الموضوع بطبيعة الحال مؤجل بسبب الأوضاع الراهنة، لاسيما الحرب في غزة والمواجهات المندلعة في جنوب لبنان. ثانياً، على الدولة اللبنانية أن تُباشر في اقرار القوانين النائمة في الأدراج منذ أربع سنوات، مثل قانون الكابيتال كونترول، وقانون إعادة الانتظام المالي، وقانون إعادة هيكلة المصارف وغيرها من التشريعات التي من شأنها أن تهيّئ، ثالثاً، الأرضية للمصارف لكي تستطيع أن تقيّم وضعيتها المالية، لناحية حجم أصولها وإعادة تقييم قيمة العقارات التي تمتلكها على سبيل المثال، ناهيك عن ضرورة تقييم مخاطر ديون المصارف تجاه القطاع الخاص والقطاع العام من خلال تحديد حجم الخسائر المالية في النظام المالي وإيجاد آلية واضحة لمعالجة هذه الخسائر. عليه، نتوقع أن يُصار، كما جرت العادة، الى تأجيل التزام المصارف بإعادة الرسملة من خلال تعاميم تحدّد الآلية وفترات السماح، حتى إيجاد حلّ شامل واقرار كافة القوانين اللازمة.
بطبيعة الحال، أي قرار قد يطال رفع سعر صرف السحوبات المصرفية من 15,000 ليرة للدولار يعتبر، بحسب قانصو، خطوة أساسية نحو استعادةٍ ولو جزئية لأموال المودعين المحتجزة منذ نهاية العام 2019. ولكن تقيناً، هل تستطيع المصارف ومعها مصرف لبنان تسديد السحوبات المصرفية بالدولار وفق سعر صرف الـ90 ألف على سبيل المثال؟ في الواقع، إن المصارف من جهتها تفتقر إلى السيولة بالليرة في ضوء سياسة مصرف لبنان المعتمدة لجهة العمل على امتصاص الكتلة النقدية بالليرة من السوق ولجمها من أجل الحفاظ على استقرار سعر الصرف. في الواقع، إن أي عملية رفع لسعر صرف السحوبات المصرفية، يعني طبع المزيد من الليرات وخلق فائض في السيولة بالليرة، من شأنه أن يسلك حُكماً معبر السوق الموازية، ما يعني المزيد من الطلب على الدولار وبالتالي المزيد من الانهيار في سعر الصرف، سواء توفّرت هذه السحوبات على شكل "كاش" أو على شكل إيداعات في حسابات مصرفية، إذ ستعود عملية بيع وشراء الشيكات بالليرة بقوة لتسييلها ومن ثمّ تحويلها إلى دولار، ما يعني أيضاً أن نسبة الحسم على الشيكات بالليرة سترتفع بطبيعة الحال. وبالتالي فإننا قد نكون أمام إما تخفيض إضافي لسقف السحوبات الشهرية ليتماشى مع أهداف المركزي لناحية تجفيف السوق من الليرات، أو تسديد الودائع بالدولار الفريش بدلاً من الليرة اللبنانية. ولكن هكذا قرار ينبغي أن يترافق مع خطة اقتصادية شاملة تقوم بالدرجة الأولى على تحديد الخسائر المالية وتوزيعها ومعالجتها بشكل عادل ومنصف، وإلا فنحن ذاهبون بلا أدنى شك باتجاه عملية إطفاء أو شطب مُمنهجة للخسائر في القطاع المالي، قد يتحمّل المودع الجزء الأكبر منها.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: سعر الصرف

إقرأ أيضاً:

النقد الفلسطينية تعلن موعد بدء عمل المصارف في غزة

يستأنف الجهاز المصرفي العمل تدريجيا في قطاع غزة اعتبارا من صباح يوم غد الثلاثاء، وفق إعلان سلطة النقد الفلسطينية.

اقرأ ايضاًحماس تسلم قائمة بـ 25 أسيرا.. وتطورات في قضية "أربيل يهودا"

وأوضحت سلطة النقد الفلسطينية في بيان أن إعادة تشغيل المصارف ستتم على مراحل، وتشمل المرحلة الأولى تشغيل من 3 إلى 4 أفرع في منطقتي دير البلح والنصيرات (وسط قطاع غزة.

وتعمل سلطة النقد مع المصارف على زيادة عدد الفروع التي سيتم فتحها لتقديم الخدمات للجمهور بشكل تدريجي، وأن زيادة عدد الفروع العاملة "مرهونة بتوفر خطوط الاتصال والكهرباء والموظفين وتوفر الأمن"، بحسب محافظ سلطة النقد يحيى الشنار.

وحث الشنار السكان في قطاع غزة على "الاستفادة من خدمات الدفع الإلكتروني التي توفرها سلطة النقد" إلى حين إدخال عملة ورقية للقطاع.

ويعاني القطاع المصرفي في قطاع غزة من شح السيولة النقدية، والذي يصل إلى مرحلة الغياب شبه الكامل، إلى جانب ارتفاع حجم الكتلة النقدية التالفة، مما دفع المواطنين إلى اللجوء لأدوات الدفع الإلكترونية الصادرة عن سلطة النقد.

ومنذ شهور، لم تكن أغلب البنوك في قطاع غزة قادرة على تلبية طلبات عملائها بسحب جزء من ودائعهم (نقدا) إلا بأرقام متدنية بسبب عدم توفر النقد وتلف جزء كبير من الأوراق النقدية.

اقرأ ايضاًفوضى في سوريا.. تعيينات بـ"التنفيعة" ومدرسات يعملن بـ "الثانوية العامة"

ويواجه اقتصاد قطاع غزة معركة إعادة البناء خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات بأن غزة تحتاج إلى أكثر من عقدين للوصول إلى أرقام الناتج المحلي المسجلة حتى عشية الحرب على القطاع.

 

المصدر : الجزيرة + وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند "النقد الفلسطينية" تعلن موعد بدء عمل المصارف في غزة 7 من مقاتلي "حزب الله" أسرى لدى إسرائيل حماس تسلم قائمة بـ 25 أسيرا.. وتطورات في قضية "أربيل يهودا" ذهبا لاقتناء سيارة بـ "سعر رخيص" من إدلب فعادا جثتين فوضى في سوريا.. تعيينات بـ"التنفيعة" ومدرسات يعملن بـ "الثانوية العامة" Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • النقد الفلسطينية تعلن موعد بدء عمل المصارف في غزة
  • محكمة الاستثمار والتجارة .. خطوة مهمة لرفع جاذبية السوق ومؤشرات التنافسية
  • وزارة المالية تصدر موجهات وضوابط إنفاذ موازنة العام 2025م
  • وقف آلية المبادلة في ليبيا: خطوة للحد من تهريب الوقود وسط تحذيرات من أزمات جديدة
  • حبيب تابع مع وزير الخارجية ملف الإسكان
  • القطاع العقاري بالإمارات يواصل زخم النمو في 2025
  • ترامب: سنفرض عقوبات مصرفية ومالية طارئة على كولومبيا
  • شركة “أم بي دي” المصرية تدخل السوق الليبية لتطوير الحلول المصرفية
  • العقوبات على بنك اليمن والكويت.. تحديات للقطاع المصرفي اليمني
  • خبير اقتصادي يرصد عقوبة التعامل في النقد الأجنبي خارج القطاع المصرفي