المقاطعة تدفع اليمن نحو توطين صناعة الدواء
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
صنعاء (عدن الغد) محمد راجح – العربي الجديد:
يستمر التفاعل الشعبي الواسع في اليمن مع حملات المقاطعة لمنتجات وسلع الدول الداعمة لإسرائيل؛ إذ وصل الأمر إلى سوق الأدوية التي تأخذ المقاطعة فيها منحى تصاعديا، بالرغم من الوضعية المتردية التي يعاني منها قطاع الأدوية وشح المعروض من عديد الأصناف المنقذة للحياة.
يعتمد اليمن بنسبة كبيرة على الاستيراد في توفير احتياجاته من الأدوية التي تغزو الأسواق المحلية بصورة عشوائية غير منظمة في ظل بروز التهريب والغش، في حين يلاحظ خلال الفترة الماضية انتشار عشرات الأصناف من الأدوية قريبة الانتهاء مع بروز خطط وتوجهات حكومية لتوطين صناعة الدواء.
وتدرس الحكومة اليمنية السبل الكفيلة والهادفة إلى دعم صناعة الأدوية المحلية كأولوية خلال الفترة القادمة ومنح حوافز ومزايا تفضيلية للصناعات المحلية في مراحلها المختلفة وجذب الاستثمار.
كما تؤكد الهيئة اليمنية العليا للأدوية والمستلزمات الطبية على ضرورة تشجيع توطين الصناعات الدوائية، والعمل على تحقيق الأمن الدوائي وضمان جودته وسلامته وتوفيره بأسعار غير مكلفة وبحسب القائمة الوطنية للأدوية.
وحسب رصد "العربي الجديد"، ساهم النجاح الحاصل في تفاعل اليمنيين مع حملات المقاطعة لمنتجات وسلع الدول الداعمة لإسرائيل، في اختفاء المعروض منها من رفوف المحلات الخاصة ببيع المواد والسلع الغذائية والاستهلاكية؛ في تسليط الضوء على تجارة وأسواق الأدوية التي انضمت هي الأخرى إلى حملات المقاطعة التي تشمل الأصناف الدوائية المستوردة من الدول الداعمة لإسرائيل والتي لها بدائل أخرى.
يقول بائع في صيدلية بصنعاء، أنيس الحمدي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تجنبا للأصناف الدوائية المستوردة من بعض الدول مثل أميركا وفرنسا من قبل المواطنين اليمنيين. ومن جانبه، يؤكد العامل في أحد مخازن الأدوية، محمد عبد الباقي، أن مواطنين اعتادوا شراء بعض الأصناف الدوائية المستوردة من هذه الدول الداعمة لإسرائيل، لكنهم، كما يلاحظ عبدالباقي، أصبحوا يفضلون أصنافا أخرى مستوردة من دول عربية، بالرغم من اعتمادهم الرئيسي عليها.
تجار أدوية يؤكدون أن هناك تكدساً للأصناف الدوائية المستوردة من ألمانيا التي أغرقت الأسواق المحلية اليمنية خلال الفترة الماضية بعشرات الأصناف من الفيتامينات وغيرها من الأدوية، يأتي ذلك في الوقت الذي أبدى فيه يمنيون استغرابهم وصدمتهم من موقف ألمانيا العدائي المساند للعدوان الإسرائيلي على غزة.
المواطن علي حيدر يؤكد لـ"العربي الجديد" أن مقاطعة سلع وأدوية هذه الدول أقل ما يمكن أن تقدمه الشعوب العربية التي يرى أيضاً ضرورة أن يكون لها موقف أقوى للضغط على السلطات الرسمية لتبني مثل هذه المواقف والحملات الشعبية، حيث يتطابق ذلك مع رأي المواطن أيمن المطري الذي يعتبر ما يجري فرصة لتكامل الموقف العربي على المستويين الشعبي والرسمي في مجال الاقتصاد والتجارة.
ويعاني اليمن من تضخم فاتورة استيراد الأدوية والتي تصل إلى ما يقرب 100 مليار ريال سنويا، وهو مبلغ كبير يستنزف خزينة الدولة لصالح تجار ومستوردين، إضافة إلى مساهمة ذلك في توسع ظاهرة التهريب والتزوير في اليمن. ويأتي ذلك، في وقت تمثل الصناعة المحلية 20% من إجمالي احتياجات الدواء.
ويرى خبراء ومتعاملون في سوق الدواء أن وضعية السوق في اليمن ليست وليدة الحرب الراهنة، بل هي وضعية مزمنة تعاني منها البلاد منذ ما قبل عام 2015.
وتبحث عديد الجهات الحكومية وفي القطاع الخاص خططا مشتركة لتشجيع توطين الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية وتذليل الصعاب أمام رؤوس الأموال الوطنية للانخراط في هذا المجال وبما يؤدي إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في هذا المجال والاستثمار فيه، وخفض فاتورة الاستيراد ورفع الناتج القومي المحلي وتأمين الرعاية الصحية في جميع الظروف.
وينتج القطاع الخاص 200 صنف من الأدوية، إلى جانب إنتاج أدوية منقذة للحياة ذات الصلة بالأمراض المزمنة.
عضو الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية فائز سنان، يؤكد في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد" أن حملات المقاطعة مهمة عندما تكون منظمة ومركزة، كموقف يجب تسجيله في مثل هذه الظروف الحرجة.
وأشار إلى ضرورة التنسيق والتعاون المشترك مع القطاع التجاري والاستثماري والإنتاجي لترشيد الاستيراد وتنظيم الأسواق والحد من التهريب والتزوير والغش والتقليد، والاهتمام بالصناعات المحلية التي تعاني تبعات الأوضاع المتردية في اليمن نتيجة الصراع في البلاد من ناحية وتوسع وانتشار مثل هذه الظواهر الضارة بالاقتصاد الوطني وصحة وسلامة المواطنين من ناحية أخرى.
في السياق، ناقش لقاء موسع، مؤخرا، ضم قيادات الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بعدن وممثلي شركات صناعة وتجارة الأدوية والمستلزمات الطبية، التوجهات والخطط العامة لتطوير ودعم توطين صناعة الأدوية المحلية في اليمن.
كما تناول اللقاء رفع مستوى جودة المنتج الدوائي المحلي وتطوير قدرات الموارد البشرية، وإنشاء مركز التميز في الأداء والمساهمة في تلبية الاحتياجات الطارئة الإغاثية والإنسانية الملحة من الأدوية المصنعة محلياً، وكذا تطوير صناعة المواد الخام ومواد التعبئة والتغليف والمستلزمات المساعدة للصناعات الدوائية.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الدول الداعمة لإسرائیل والمستلزمات الطبیة حملات المقاطعة العربی الجدید من الأدویة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
سياسات الحوثيين التعسفية تدفع الآلاف من طلاب اليمن للتسرب من التعليم الجامعي
تتعمد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران استهداف مستقبل الأجيال القادمة في اليمن، في محاولة لترسيخ الجهل واستقطاب الشباب ضمن أجنداتها الطائفية في مشهد يزداد قتامة يوم بعد آخر.
وفرضت المليشيا رسوما جامعية خيالية في الجامعات الحكومية الخاضعة لسيطرتها، في سياق هذا التوجه مما أدى إلى عجز العديد من الطلاب عن مواصلة تعليمهم، وخاصة القادمين من المناطق المحررة القريبة من محافظة إب.
طلاب مديرية المخا، الذين كانت جامعة إب الحكومية وجهتهم نحو المستقبل، وجدوا أنفسهم عاجزين عن متابعة مسارهم التعليمي ودراستهم الجامعية خلال السنوات الثلاث الماضية.
شكى العشرات من طلاب من أبناء المخا التابعة اداريا لمحافظة تعز، لمحرر وكالة خبر، بأنهم أصبحوا غير قادرين على تحمل تكاليف الرسوم الجامعية الباهظة ومصاريف السكن والمعيشة في مدينة إب، والتي تضاعفت على نحو غير مسبوق في ظل سيطرة الحوثيين.
ويروي الطالب أحمد عبادي معاناته اليومية التي أجبرته على الانسحاب من الجامعة، قائلاً: "شركات الصرافة التي تنهب ثلثي المبالغ المحولة إلينا بالتواطؤ مع الحوثيين، تجعلنا في عجز دائم".
وتابع:"عائلتي غير قادرة على تغطية هذه التكاليف بعد أن رفع الحوثيون الرسوم الجامعية إلى خمسة أضعاف رسومها القانونية".
ويضيف أحمد:"أن عائلته تواجه صعوبة بالغة في توفير احتياجاته الأساسية، مما اضطره للعودة إلى مسقط رأسه وترك دراسته للعام الثالث على التوالي والعمل في احدى المحال التجارية".
ويرجع اسباب ذلك إلى تدهور العملة المحلية في المناطق المحررة وفرض رسوم قاسية على التحويلات النقدية، مما يعمق من معاناة الأسر، ويجعلها عاجزة عن إرسال الدعم المالي الكافي لأبنائها الطلاب في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويرى مراقبون في هذا النهج خطة ممنهجة تتعمد فيها مليشيا الحوثي تقليص فرص التعليم أمام الشباب اليمني، متجاوزة كافة الحدود القانونية والإنسانية.
ويأتي رفع الرسوم الجامعية بشكل مضاعف وغير مسبوق، وفقاً للمراقبين، ضمن استراتيجية الحوثيين لتجهيل الشباب اليمني، بغية سهولة استقطاب الأطفال والنشء وتلقينهم الفكر الخميني بهدف بناء جيش مؤدلج ينفذ أجندات سياسية تخدم مصالح خارجية.
إضافة إلى ذلك، يفرض الحوثيون عبر شركات الصرافة إتاوات تصل إلى ثلثي المبالغ المحولة من الأسر في مناطق الشرعية، مما يمثل نهباً غير مشروعا للأموال وتضييقاً على الأسر اليمنية المنهكة اقتصادياً.
هذه السياسات القمعية تستهدف عصب المجتمع اليمني ومستقبله، إذ تدفع الشباب إلى اليأس وترك التعليم، وتدفع الأسر إلى مزيد من الفقر.
وفي ظل هذه المعطيات، تبدو الآفاق قاتمة أمام الجيل الجديد، الذي أضحى مستقبل الجيل القادم رهينة سياسات طائفية تسعى لتجريف الهوية التعليمية والثقافية لليمن.