الجزيرة:
2024-11-26@12:13:46 GMT

الخيل والحمير.. بديل أهل غزة للتنقل في يوميات العدوان

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

الخيل والحمير.. بديل أهل غزة للتنقل في يوميات العدوان

غزة – لا يخفي أحمد السويركي خشيته على صحة حصانه المرهق من عبء المهمة الجديدة التي كلّفه بها، وهي نقل الركاب بدلا من البضائع.

لكن إغواء "الفرصة" التي أتاحتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لمالكي العربات التي تجرها الحيوانات، يدفعه للاستمرار.

ومشهد تكدّس مئات المواطنين على جانبي الطريق بعد أن تقطعت بهم السبل، دفع مالكي العربات البدائية، التي يسميها الغزيون "الكارو"، إلى ملء الفراغ الذي أحدثه غياب السيارات والحافلات جراء نفاد وقودها.

ويذكر السويركي، في حديثه للجزيرة نت، أنه بدأ قبل نحو أسبوعين، كغيره من مالكي العربات، في نقل الركاب مقابل أجرة مالية.

ورغم العائد المادي الجيد الذي تدره هذه المهنة الجديدة، فإنها مرهقة للدواب التي تجر العربات ولم تعتد على العمل طوال النهار ودون توقف. ويقول السويركي "إذا تعب الحصان، أو إذا شعرت أن هذا العمل سيؤثر عليه، سأتوقف فورا، إنه يدي وقدمي ولا أستغني عنه".

في السابق كان حصان السويركي يعمل عدة ساعات في النهار، تتخللها فترات جيدة من الراحة، إلا أن نقل الركاب يحتاج إلى العمل بشكل متواصل.

وزاد هذا الواقع الجديد من أسعار الخيول والحمير إلى الضعف تقريبا، حيث يقول السويركي إن الكثير من الناس لا يتوقفون عن سؤاله خلال التنقل عما إذا كان يريد بيع الحصان، وهو ما يقابله بالرفض التام.

ويقول مالكو عربات إنهم تلقوا عروضا تبلغ 8 آلاف شيكل (الدولار= 3.7 شيكلات) ثمنا للحصان، وأقل من ذلك للحمار.

السويركي: نقل الركاب يحتاج إلى العمل بشكل متواصل (الجزيرة) مواقف وتسعيرات

يبدأ السويركي عمله قرابة الساعة السادسة صباحا بخلط نحو 3 كيلوغرامات من الشعير بكمية من التبن كي يقدمها وجبة إفطار لحصانه الأحمر النحيل، مصحوبة بدلو ماء للشرب. وبعد أن يجهز العربة لتركيبها على ظهر الحصان، ينطلق لبدء عمله في نقل الركاب.

وقبيل الحرب، كان السويركي يسكن مدينة غزة شمالي القطاع، ويعمل لصالح بلديتها في مجال النقل، ومع استمرار الغارات الإسرائيلية الوحشية، نزح برفقة حصانه إلى دير البلح، حيث يقيم مؤقتا لدى بعض أقاربه.

ورغم حداثة هذه الظاهرة، فإنها سرعان ما تطلبت قوانين تنظم أمورها، فأصبحت هناك "مواقف" للعربات وطرقات تمر عبرها ويعرفها السكان جيدا. كما توافق مالكو العربات على "تسعيرات" (أثمنة) خاصة حسب مسافة النقل.

ويشكو المواطنون من ارتفاع تكلفة النقل عبر العربات، حيث يضطرون -على سبيل المثال- لدفع مبلغ 5 شكيلات (1.3 دولار) للانتقال من مخيم النصيرات إلى دير البلح، وهو تقريبا ضعف ما كانوا يدفعونه لسيارات الأجرة.

وفي المقابل، يرى مالكو العربات أن الأسعار عادلة، خاصة مع تضاعف تكلفة طعام الحيوانات، والإرهاق الذي يصيبها في التنقل بين الأحياء والمدن. وفي هذا الصدد، يقول السويركي إن سعر الشعير والتبن تضاعف 3 أو 4 مرات بسبب الحرب.

ويضيف "كنا نشتري رطل (3 كيلوغرامات) الشعير بـ5 شيكلات، والآن أصبح سعره 20 شيكلا، ويصل إلى 25 شيكلا، ويحتاج الحصان إلى رطلين منه يوميا، بالإضافة إلى التبن".

وتكمن المشكلة في أن الشعير، وهو الطعام الوحيد الذي يمنح الحصان "الطاقة" للعمل، على وشك النفاد من أسواق القطاع نظرا إلى كونه سلعة مستوردة، مما قد يؤدي إلى توقف العربات عن العمل، حسب قوله.

ويلفت سائق العربة إلى أن الكثير من الركاب لا يملكون المال، ويقول إنه يضطر إلى نقلهم مجانا رأفة بهم. ودعا الركاب "المتذمرين" من ارتفاع الأسعار"ألا ينسوا أن العربات تخفف الكثير من معاناتهم في ظل عدم توفر أي بديل للنقل".

ويتكون راكبو العربات من خليط غير متجانس يضم الفقراء والأغنياء والعمال والأكاديميين وغيرهم من الفئات. ويقول السويركي "يركب معي أغنياء، ومعهم جيبات وسيارات حديثة، لكن لا يوجد بنزين ولا سولار، وضعوا سياراتهم في الشارع ويركبون معي.. لا يخجلون الآن".

توافق مالكو العربات على أثمنة خاصة حسب مسافة النقل (الجزيرة) نادٍ للسياسة والحكي

يعمل السويركي على مسار واحد ذهابا وإيابا، يبدأ من مخيم دير البلح غربي المدينة وصولا إلى شارع صلاح الدين شرقا. وخلال الطريق، يستمع سائق العربة إلى قصص السكان المروعة والمأساوية مع الحرب، ولا يخلو الحديث بالتأكيد من نقاشات طويلة في السياسة وتطورات الأوضاع.

ويذكر السويركي أن غالبية الركاب هم من النازحين الذين يتحدثون كثيرا عن مناطقهم الأصلية التي أجبروا على الرحيل منها. و"يقولون إنهم من غزة أو الشمال أو (منطقة) مستشفى الشفاء و(حي) النصر و(المستشفى) الإندونيسي.. منازلنا مهدمة، والجثث في الشوارع".

وتروي سيدة أربعينية، ترتدي عباية سوداء، قصة شاب في إحدى المناطق التي اجتاحها جيش الاحتلال في غزة، كان يدفع أمه المقعدة على كرسي متحرك. وتضيف أن جنديا إسرائيليا طلب منه عبر مكبر صوت من داخل دبابة أن يتركها ويذهب، لكنه رفض وقال له "إنها أمي"، فأطلق الجندي النار على الأم وقتلها، وقال له الجندي "الآن تستطيع أن تتركها".

قاطعها راكب آخر "معقول؟"، فأجابت فورا "أقسم بالله هذا حدث".

نقاشات في السياسة وحكايات الحرب لا تنتهي بين ركاب العربات (الجزيرة)

وتنتقل السيدة ذاتها للحديث عن غلاء الأسعار الفاحش بسبب قلة البضائع، فتخرج من حقيبتها السوداء الكبيرة كيسا صغيرا به كمية قليلة من البُن، وتقول "هذه 50 غراما من البن بخمسة شيكلات، الأوقية بـ30 شيكلا، اشتريتها لأن القهوة عندي أهم من الخبز".

ودون أن تتوقف لحظة، واصلت ساردة البضائع التي تضاعفت أسعارها "هل تصدقون أن كيلوغرام الملح أصبح بـ20 شيكلا بعد أن كان بشيكل واحد، علبة الخميرة بـ65 شيكلا، كيس الطحين بـ200 شيكل (..)".

ثم يتحول الحديث فجأة نحو السياسة، فيتجادل الركاب كثيرا حول مآلات الحرب والأهداف الإسرائيلية والأميركية منها، وما إذا كانت إسرائيل ستسمح لهم بالعودة إلى منازلهم في شمال القطاع أم لا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نقل الرکاب

إقرأ أيضاً:

صارع السرطان والاحتلال.. رحلة صمود فلسطيني من مخيم جباليا إلى مصر.. شاهد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

باسم إسماعيل أبو غبن، مواطن فلسطيني من مخيم جباليا في غزة، يجسد بصموده وكفاحه واحدة من أعمق القصص الإنسانية التي خلفتها الحرب، فهو مريض سرطان واجه المرض والاحتلال في آن واحد، أجبره الاحتلال على النزوح من بيته إلى رفح هربًا من القصف، ليفقد خلال العدوان الإسرائيلي على مخيم جباليا أكثر من 50 فردًا من عائلته، بينهم زوجته وشقيقه.

ويروي المواطن الفلسطيني باسم أبو غبن لـ "البوابة نيوز" قصة معاناته خلال العدوان الإسرائيلي على مخيم جباليا وتدمير منزله، والتي تختصر وجع وطن بأكمله.

وداع مؤلم 

يقول المواطن الفلسطيني باسم أبو غبن: " منذ بداية الحرب في غزة وانقلب حالنا وأصبحنا نعيش حياة صعبة مؤلمة"، مضيفا: الاحتلال طالبنا بترك بيوتنا والنزوح إلى رفح وبالفعل قمنا بترك مخيم جباليا على أمل العودة إلى بيوتنا مرة أخرى ولكن انقلب الحال وأثناء نزوحنا إلى رفح تم قصف منزل بجانبنا واستشهدت زوجتي وأصيبت أنا وابني الصغير".

وتابع: "لقد فقدت خلال هذا العدوان الغشيم أكثر من 50 فردا من عائلتي، بينهم زوجتي وشقيقي، الذي كان يعمل في الأونروا"، مشيرا الى انه  "لا يوجد مكان آمن في غزة، الجميع تحت خطر الموت".

رحلة علاج

وأوضح باسم أبو غبن: "بعد تدمير المستشفيات في القطاع، قدمت طلب للسلطات من أجل تلقي العلاج خارج غزة، لانني مريض سرطان وكنت اتلقي علاجي قبل الحرب ولكن بعد هذا العدوان أصبحت لا اتلقى العلاج وتدهورت صحتي"، متابعا: "استغرق الأمر ستة أشهر من الانتظار حتى حصلت على الموافقة للسفر إلى مصر، ولكن  في لحظة وداع مؤلمة، مُنعت ابنتي من مرافقتي عبر معبر رفح، وبقي معي ابني الصغير "علي"، البالغ من العمر 16 عامًا، والذي يعاني هو الآخر من إصابات جراء العدوان الاسرائيلي.

وأضاف: "وصلنا إلى مصر وتم إُرسالنا مباشرة إلى مستشفى سوهاج لتلقي الكيماوي، حيث قضيت شهرًا ونصفًا قبل أن نُنقل إلى مدينة العبور، حيث تكفلت السلطات المصرية بتوفير سكن لنا ورعاية كاملة، والشعب المصري لم يقصر معنا أبدًا وله جزيل الشكر".

وتابع: أنا الآن صحتي أصبحت أكثر استقرارا ومازالت أتلقى العلاج بمستشفى سوهاج، وبالفعل تم تحديد اجراء عملية زرع نخاع بمعهد ناصر، بتكلفة تُقدر بـ 250 ألف جنيه، والتي تم تغطيتها من جانب السفارة الفلسطينية.

  الحلم الذي لا يموت

وتابع "أبو غبن" قائلا: " أصبحت أنا في مصر أعيش الآن بأمان واتلقى العلاج ولكن قلبي هناك مع أولادي الذين يعانون يوميا من القصف الاسرائيلي، أدعو لهم كل يوم أن يبقوا بخير، ووسيلة الاتصال الوحيدة بيني وبينهم هي الإنترنت، الذي غالبًا ما ينقطع".

وأضاف: " رغم شعوري باليأس والحلم انتهى بالنسبة لي، إلا أنني لازلت أتمنى العودة إلى بلدي، انتهاء الحرب".

رسالة شكر

ووجه المواطن باسم ابو غبن رسالة للعالم العربي والاسلامي قائلا: نحن ندافع عن حقوقنا وعن حقوق المسلمين جميعًا، يجب على الشعوب العربية والإسلامية أن تتكاتف لوقف المجازر، الحرب طالت، والوضع يزداد سوءًا مع الحديث الإسرائيلي العلني عن بناء مستوطنات جديدة،  نحن لا ندافع فقط عن فلسطين، بل عن كرامة الأمة كلها".

واختتم حديثه قائلا: أشكر الشعب المصري والحكومة المصرية على كل ما قدموه لنا من دعم وكرم ضيافة، المصريين لم يقصروا معنا وشكر خاص لأهل سوهاج المحترمين".

مقالات مشابهة

  • حصيلة شهداء وإصابات الحرب على غزة في يومها الـ 417
  • أبوظبي للتنقل: منع دخول المركبات الثقيلة وحافلات العمال إلى جزيرة أبوظبي من 1حتى 3 ديسمبر
  • يوميات شاقة للحصول على الغذاء والخبز في غزة / شاهد
  • صارع السرطان والاحتلال.. رحلة صمود فلسطيني من مخيم جباليا إلى مصر.. شاهد
  • صباغ : سورية تجدد إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية السافرة على دول المنطقة وشعوبها، وإدانة جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني
  • أوكرانيا تخسر 40% من الأراضي التي سيطرت عليها في مقاطعة كورسك الروسية
  • صناعة الفخار تنتعش في غزة لتعويض النقص جراء العدوان
  • أصغر خيال بقنا.. "محروس" عشق الخيل صغيرا فشارك في "المرماح" بالموالد والأفراح
  • صحة غزة تعلن أحدث حصيلة لعدد شهداء وإصابات الحرب
  • الدفاع المدني ينشر مجمل الخسائر التي تكبدها جرّاء الحرب على قطاع غزة