الجزيرة:
2024-10-05@09:41:07 GMT

الخيل والحمير.. بديل أهل غزة للتنقل في يوميات العدوان

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

الخيل والحمير.. بديل أهل غزة للتنقل في يوميات العدوان

غزة – لا يخفي أحمد السويركي خشيته على صحة حصانه المرهق من عبء المهمة الجديدة التي كلّفه بها، وهي نقل الركاب بدلا من البضائع.

لكن إغواء "الفرصة" التي أتاحتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لمالكي العربات التي تجرها الحيوانات، يدفعه للاستمرار.

ومشهد تكدّس مئات المواطنين على جانبي الطريق بعد أن تقطعت بهم السبل، دفع مالكي العربات البدائية، التي يسميها الغزيون "الكارو"، إلى ملء الفراغ الذي أحدثه غياب السيارات والحافلات جراء نفاد وقودها.

ويذكر السويركي، في حديثه للجزيرة نت، أنه بدأ قبل نحو أسبوعين، كغيره من مالكي العربات، في نقل الركاب مقابل أجرة مالية.

ورغم العائد المادي الجيد الذي تدره هذه المهنة الجديدة، فإنها مرهقة للدواب التي تجر العربات ولم تعتد على العمل طوال النهار ودون توقف. ويقول السويركي "إذا تعب الحصان، أو إذا شعرت أن هذا العمل سيؤثر عليه، سأتوقف فورا، إنه يدي وقدمي ولا أستغني عنه".

في السابق كان حصان السويركي يعمل عدة ساعات في النهار، تتخللها فترات جيدة من الراحة، إلا أن نقل الركاب يحتاج إلى العمل بشكل متواصل.

وزاد هذا الواقع الجديد من أسعار الخيول والحمير إلى الضعف تقريبا، حيث يقول السويركي إن الكثير من الناس لا يتوقفون عن سؤاله خلال التنقل عما إذا كان يريد بيع الحصان، وهو ما يقابله بالرفض التام.

ويقول مالكو عربات إنهم تلقوا عروضا تبلغ 8 آلاف شيكل (الدولار= 3.7 شيكلات) ثمنا للحصان، وأقل من ذلك للحمار.

السويركي: نقل الركاب يحتاج إلى العمل بشكل متواصل (الجزيرة) مواقف وتسعيرات

يبدأ السويركي عمله قرابة الساعة السادسة صباحا بخلط نحو 3 كيلوغرامات من الشعير بكمية من التبن كي يقدمها وجبة إفطار لحصانه الأحمر النحيل، مصحوبة بدلو ماء للشرب. وبعد أن يجهز العربة لتركيبها على ظهر الحصان، ينطلق لبدء عمله في نقل الركاب.

وقبيل الحرب، كان السويركي يسكن مدينة غزة شمالي القطاع، ويعمل لصالح بلديتها في مجال النقل، ومع استمرار الغارات الإسرائيلية الوحشية، نزح برفقة حصانه إلى دير البلح، حيث يقيم مؤقتا لدى بعض أقاربه.

ورغم حداثة هذه الظاهرة، فإنها سرعان ما تطلبت قوانين تنظم أمورها، فأصبحت هناك "مواقف" للعربات وطرقات تمر عبرها ويعرفها السكان جيدا. كما توافق مالكو العربات على "تسعيرات" (أثمنة) خاصة حسب مسافة النقل.

ويشكو المواطنون من ارتفاع تكلفة النقل عبر العربات، حيث يضطرون -على سبيل المثال- لدفع مبلغ 5 شكيلات (1.3 دولار) للانتقال من مخيم النصيرات إلى دير البلح، وهو تقريبا ضعف ما كانوا يدفعونه لسيارات الأجرة.

وفي المقابل، يرى مالكو العربات أن الأسعار عادلة، خاصة مع تضاعف تكلفة طعام الحيوانات، والإرهاق الذي يصيبها في التنقل بين الأحياء والمدن. وفي هذا الصدد، يقول السويركي إن سعر الشعير والتبن تضاعف 3 أو 4 مرات بسبب الحرب.

ويضيف "كنا نشتري رطل (3 كيلوغرامات) الشعير بـ5 شيكلات، والآن أصبح سعره 20 شيكلا، ويصل إلى 25 شيكلا، ويحتاج الحصان إلى رطلين منه يوميا، بالإضافة إلى التبن".

وتكمن المشكلة في أن الشعير، وهو الطعام الوحيد الذي يمنح الحصان "الطاقة" للعمل، على وشك النفاد من أسواق القطاع نظرا إلى كونه سلعة مستوردة، مما قد يؤدي إلى توقف العربات عن العمل، حسب قوله.

ويلفت سائق العربة إلى أن الكثير من الركاب لا يملكون المال، ويقول إنه يضطر إلى نقلهم مجانا رأفة بهم. ودعا الركاب "المتذمرين" من ارتفاع الأسعار"ألا ينسوا أن العربات تخفف الكثير من معاناتهم في ظل عدم توفر أي بديل للنقل".

ويتكون راكبو العربات من خليط غير متجانس يضم الفقراء والأغنياء والعمال والأكاديميين وغيرهم من الفئات. ويقول السويركي "يركب معي أغنياء، ومعهم جيبات وسيارات حديثة، لكن لا يوجد بنزين ولا سولار، وضعوا سياراتهم في الشارع ويركبون معي.. لا يخجلون الآن".

توافق مالكو العربات على أثمنة خاصة حسب مسافة النقل (الجزيرة) نادٍ للسياسة والحكي

يعمل السويركي على مسار واحد ذهابا وإيابا، يبدأ من مخيم دير البلح غربي المدينة وصولا إلى شارع صلاح الدين شرقا. وخلال الطريق، يستمع سائق العربة إلى قصص السكان المروعة والمأساوية مع الحرب، ولا يخلو الحديث بالتأكيد من نقاشات طويلة في السياسة وتطورات الأوضاع.

ويذكر السويركي أن غالبية الركاب هم من النازحين الذين يتحدثون كثيرا عن مناطقهم الأصلية التي أجبروا على الرحيل منها. و"يقولون إنهم من غزة أو الشمال أو (منطقة) مستشفى الشفاء و(حي) النصر و(المستشفى) الإندونيسي.. منازلنا مهدمة، والجثث في الشوارع".

وتروي سيدة أربعينية، ترتدي عباية سوداء، قصة شاب في إحدى المناطق التي اجتاحها جيش الاحتلال في غزة، كان يدفع أمه المقعدة على كرسي متحرك. وتضيف أن جنديا إسرائيليا طلب منه عبر مكبر صوت من داخل دبابة أن يتركها ويذهب، لكنه رفض وقال له "إنها أمي"، فأطلق الجندي النار على الأم وقتلها، وقال له الجندي "الآن تستطيع أن تتركها".

قاطعها راكب آخر "معقول؟"، فأجابت فورا "أقسم بالله هذا حدث".

نقاشات في السياسة وحكايات الحرب لا تنتهي بين ركاب العربات (الجزيرة)

وتنتقل السيدة ذاتها للحديث عن غلاء الأسعار الفاحش بسبب قلة البضائع، فتخرج من حقيبتها السوداء الكبيرة كيسا صغيرا به كمية قليلة من البُن، وتقول "هذه 50 غراما من البن بخمسة شيكلات، الأوقية بـ30 شيكلا، اشتريتها لأن القهوة عندي أهم من الخبز".

ودون أن تتوقف لحظة، واصلت ساردة البضائع التي تضاعفت أسعارها "هل تصدقون أن كيلوغرام الملح أصبح بـ20 شيكلا بعد أن كان بشيكل واحد، علبة الخميرة بـ65 شيكلا، كيس الطحين بـ200 شيكل (..)".

ثم يتحول الحديث فجأة نحو السياسة، فيتجادل الركاب كثيرا حول مآلات الحرب والأهداف الإسرائيلية والأميركية منها، وما إذا كانت إسرائيل ستسمح لهم بالعودة إلى منازلهم في شمال القطاع أم لا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نقل الرکاب

إقرأ أيضاً:

المعهد الديمقراطي: ندوب الحرب التي دامت عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في اليمن

قال المعهد الديمقراطي إن ندوب الأزمة في اليمن التي دامت قرابة عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في البلاد.

 

وذكر المعهد في تقرير حديث له إن أكثر من أربعة ملايين شخص نزحوا داخليا، وتضررت البنية التحتية العامة الأساسية أو دمرت بالكامل، مما ترك الملايين دون إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة والرعاية الصحية والتعليم.

 

وأضاف "يجب على الشركات ورجال الأعمال، الذين يوفرون فرص العمل وسبل العيش، التعامل مع البنية التحتية المتضررة، والاضطرابات على طول سلاسل القيمة الحيوية، وعدم الاستقرار في القطاع المصرفي، بالإضافة الى عدد من المشاكل الأخرى.

 

وأكد أن مؤسسات الدولة المركزية المسؤولة عن توفير هذه الخدمات الأساسية والبنية التحتية الاقتصادية العامة والاستقرار التنظيمي، قد تشظت في حين تقلصت الموارد المالية بشكل كبير أو اختفت تماما.

 

وذكر أن تخفيف تأثير هذه الصدمات تم من خلال وكالات الأمم المتحدة بدعم من المجتمع الدولي. ولكن بعد عقد من الزمان، لم يعد هذا مستدامًا، ليس فقط لأن التمويل للمساعدات الإنسانية لليمن يتناقص بسرعة، ولكن لأنه يمكن أن يؤثر سلبًا على قدرة مؤسسات الدولة على الاستجابة لاحتياجات مجتمعاتها.

 

وبحسب المعهد الديمقراطي فإن "هذا منحدر خطر، لأنه عندما يفقد المواطنون الثقة بالمؤسسات لتوفير الخدمات الأساسية، تفقد المؤسسات شرعيتها، وينهار العقد الاجتماعي الذي يقوم عليه السلام".

 

 


مقالات مشابهة

  • بين الحاضر والماضي... رحلة النزوح اللبنانية التي لم تنتهِ "ألم يرفض النسيان"
  • كيكل بتحصل جماعتك
  • مستلزمات «الخيل» الإماراتية تبهر المغاربة
  • شاهد: سفينة "ميدلاينز" تنقل مئات الركاب الفارين من الحرب في لبنان إلى ميناء مرسين التركي
  • محمد القس الحصان الرابح في دراما "الأوف سيزون"
  • يوميات أهالي غزة
  • المعهد الديمقراطي: ندوب الحرب التي دامت عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في اليمن
  • ???? تحول مذهل في يوميات الحرب ضد مليشيا التمرد في دارفور
  • مناطق متخصصة في “ويتيكس 2024” تدعم الاستدامة وتعزز الحلول الذكية للتنقل الأخضر
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب