شبكة انباء العراق:
2025-02-05@19:13:20 GMT

الحذاء المستعمل/خاطرة حياتية

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

بقلم : د.مظهر محمد صالح ..

في مدينتي الجامعية التي احتلت اخدوداً ساحليا من مقاطعة ويلز في المملكة المتحدة وهي المدينة الصغيرة المسماة ابيرسويث … فان كنيسة مدينتنا هي الاخرى قد احتلت مكاناً شامخا عانقت فيه الساحل الشرقي من البحر الايرلندي الذي مازال يصرخ صمتاً في امواجه.
واللافت في الامر ان سكان مدينتنا قد اعتادوا على التبرع الى كنيستهم بملابسهم المستعملة على الدوام والتي اغلبها مازال في غلافها يوم شراءها ، ليتم عرضها جميعا بشكل منسق في بزار اسبوعي يجري صباح كل يوم سبت بشكل مستمر ،سواء في باحة الكنيسة او داخلها وتعرض المواد المتبرع بها من الملابس المستعملة ( اللنكة) للبيع باثمان رمزية، ومن ثم تذهب عائدات البيع للكنيسة نفسها .

وبالغالب يَقدم
على الشراء النساء والرجال من الطبقة المتوسطة او دونها لكونها تثمن باسعار رمزية !! واللافت ان بقايا الملابس غير المباعة تمنح مجاناً لاي محتاج بعد الساعة 12 ظهرا وحتى ساعة غلق البزار في ذلك اليوم التعاوني الانساني الرائع.
وهناك متجر في سوق مدينتنا الجامعية الجميلة في ابيريسوث، عائد لمنظمة خيرية بريطانية تسمى Oxfam يفتح يومياً من التاسعة صباحًا وحتى السادسة مساءً عدا يوم الاحد، وتجد في كل صباح اكداس من الملابس المتبرع بها من اهالي المدينة لتوضع امام بوابة المتجر قبل ان يفتح المكان ابواب رزقه ، اذ تتولى ادارة المتجر تنظيف الملابس واعدادها وعرضها للبيع …وان عوائد البيع تمثل موارد المؤسسة الخيرية المذكورة .
ولا اخفي سرا اضطرني الحال التفكير بشراء حذاء يقارع الطبيعة (ذلك في يوم اشتدت الامطار فيه وتعالت رطوبة الجو ) وهو حال الجزر البريطانية التي لا تتوقف امطارها الا بهدنة مؤقتة قصيرة طوال العام ، كي اتوجه من فوري نحو المتجر المذكور لشراء حذاء مستعمل شديد الثبات ، عسى ان يعوضني عن شراء حذاء جديد كل ثلاثة اشهر ومن النوعيات الرخيصة السريعة الهلاك والتي تناسب مدخولاتي الشهرية كطالب وقت ذاك ، ففي ذلك اليوم العاصف اخذت ارجلي تسحبني مضطراً نحو متجر Oxfam للملابس المستعملة طالبا حذاءً قاسيا ً يقيني الظروف الجوية و امطار بريطانيا شبه المستمرة والرطوبة العالية التي لم ترحمنِ طوال العام، اذ قام احد الباعة ،الذي قدر ظرفي ،بعرض حذاء متين اصطنع من
جلد صارم لم يذق طعم الراحة دون ان يستوفي التفكير في كافة وجوهه ومقوماته دوافع شراءه واغراءات سعره الذي لم يفلت عن خمس جنيهات استرلينيا، ما أضطرني الحال وانا اقلب الذهن تحت تاثير اعاصير الوجود الى شراءه دون تردد .
واستقر حذائي بجلده البقري القوي يمسك نفسه على ارض باردة رطبة وهو يقارع ما تفشى في تلك الاجواء المثلجة مياه اسالت الارض من كون بارد مجهول قارعته ارجلي بنشوة جنونية و دفئ لم اعهده من قبل .
ظل زميلي (عماد ) الشخصية العراقية الرائعة الذي كان يحضّر
الدكتوراه في علوم الرياضيات والاحصاء ، يمازحني في كل مناسبة عن مصدر الحذاء العملاق المقاوم لمصاعب الحياة وكيفية الحصول علية لكونه موديلًا قديماً ولكنه حامياً للارجل ،وكنت امازحه ايضا بروح الكناية البغدادية : بالقول ان (المرحوم ) كان صاحب ذوق …في اقتناء الأشياء الجميلة والمقاومة لظروف الطبيعة وان ارثه استمر بعد وفاته وكنا نقصد من تبرع به اصلاً !!! وعندها نضحك سويةً …….واستمر امر الحذاء (الفقير )في الاستعمال وهو يقاوم مصاعب الحياة لثلاث سنوات دون انقطاع ولم (( اغادره ))الا بعد حصولي على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد والعودة الى الوطن وانا احتذي هذه المرة حذاءً جديداً لامعاً غالي الثمن يناسب طريق عودتي الى الوطن …!!
وهنا لم تكتمل سعادتي حتى دخلت بلادي ،غداة وصولي ،باشهر قليلة حرب حافية الارجل وحصار اقتصادي قاسي خلع الناس يومها ما تبقى لديهم من شيء، وظل الجميع يحسدني هذه المرة على نظارة حذائي لجمال لونه ونعومة جلده وعلامته التجارية ومن اين مصدر اقتناءه !!! ؟؟؟ وانا فرح في حذائي الجميل ولم ارتديه الا بالمناسبات التي يستحقها في اعوام الرمادة ، ولكن فجأة هو الذي ((غادرني ))هذه المرة قبل ان اغادره !!!! اذ تمت سرقته من فناء واحدة من دور العبادة اثناء الصلاة في مساء يوم داكن وعدت الى داري حافي القدمين وانا اتذكر بحسرة على حذائي الجامعي الصارم الاول المستعمل الذي (غادرته ) بنفسي مثلما تحسرت على حذائي اللامع الجديد الذي (غادرني) دون استئذان مغتربا الى الابد.
انها ازمنة مختلفة مراراتها واحدة، و ذكرى من بين آلاف الذكريات الضائعة التي تجيش فيها صدورنا بعد ان تعبت اقدامنا في السعي نحو سبل الحياة ولكن بحذاء ….سيظل مستعملا ً.!!!

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

تجفيف الملابس في الشتاء.. معاناة موسمية تبحث عن حلول

فبراير 5, 2025آخر تحديث: فبراير 5, 2025

المستقلة/- مع دخول الأشهر الباردة وهطول الأمطار الغزيرة، يواجه الكثيرون صعوبة في تجفيف الملابس في الهواء الطلق، مما يدفعهم للبحث عن بدائل أكثر كفاءة. إذ تفرض العواصف الشتوية والغيوم المستمرة تحديات تجعل نشر الملابس في الخارج خيارًا غير مجدٍ، ما يضطر البعض للاعتماد على وسائل تجفيف داخلية قد لا تكون فعالة دائمًا.

في العديد من المنازل، يصبح نشر الملابس داخل الغرف أو قرب مصادر التدفئة الحل الأكثر شيوعًا، لكنه قد يؤدي إلى زيادة الرطوبة داخل المنزل، مما يساهم في تكوّن العفن والروائح غير المرغوبة. في المقابل، يلجأ آخرون إلى المجففات الكهربائية، لكنها تمثل عبئًا إضافيًا على استهلاك الطاقة وتكاليف الكهرباء.

ولتجاوز هذه المشكلة، ينصح الخبراء بزيادة التهوية داخل المنازل عند تجفيف الملابس، واستخدام رفوف التجفيف القابلة للطي، إضافة إلى اختيار دورات العصر القوية في الغسالات لتقليل نسبة الرطوبة قبل نشر الملابس. كما يمكن الاستفادة من مزيلات الرطوبة التي تساهم في تسريع عملية التجفيف داخل الغرف المغلقة.

في ظل استمرار التغيرات المناخية، يبدو أن تجفيف الملابس في الهواء الطلق خلال الشتاء أصبح تحديًا موسميًا يتطلب حلولًا مبتكرة تجمع بين الفعالية والكفاءة، لضمان الحفاظ على الملابس نظيفة وجافة دون التأثير على راحة المنزل.

مقالات مشابهة

  • “خطر خفي”.. كيف يؤثر تجفيف الملابس داخل المنزل على صحتنا؟
  • تجفيف الملابس في الشتاء.. معاناة موسمية تبحث عن حلول
  • سوق المستعمل.. رينو لوجان سعرها 350 ألف جنيه
  • آخر ما كتبه شاب أربعيني قبل وفاته ببني سويف: بعتذرلكم وياريت تسامحوني وتدعولي
  • عاطف عبداللطيف: الكتاب يوثق تجربة حياتية فى بقعة مقدسة من أرض مصر
  • بعت فيديوهاتي وأنا عارية لزميلي وللمحامي.. فضيحة زوج وزوجة بالمعادي
  • بـ 180 ألف جنيه .. سيارة اقتصادية بحالة الفبريكا | سوق المستعمل
  • أسعار الملابس تزامنا مع بدء الأوكازيون الشتوي.. تخفيضات تصل لـ70%
  • بهذا السعر.. الكشف عن أول حذاء مصمم بالذكاء الاصطناعي
  • أقل من 200 ألف جنيه .. سيارة يابانية مناسبة للمبتدئين | سوق المستعمل