الذكرى الحزينة... ولكن هؤلاء مصرّون
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
في ثمانين ذكرى نيل لبنان استقلاله كان الحزن هو المسيطر. لا احتفالات، ولا مهرجانات، ولا زغاريد، ولا رشّ أرز وورد، ولا أناشيد تُنشد، ولا أغاني وطنية تصدح. بل اعتداءات إسرائيلية تزرع الموت والدمار. فلولا الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى قلعة راشيا، و"أمر اليوم" لقائد الجيش، ووضع الاكاليل على نصب رجالات الاستقلال لمرّت هذه الذكرى مرور الكرام من دون أن يشعر فيها المواطنون بأنهم مستقّلون حقيقة.
ومع تزايد هموم المواطن اليومية تبدو المعالجات "على قدّ الحال"، خصوصًا أن "عين الحكومة بصيرة لكن يدها قصيرة". فهي حاولت أن تكون موازنة العام 2024 من "حواضر البيت" فجوبهت بـ "بركان" من الاعتراضات من كل حدب وصوب وكأن الحكومة الحالية "نائمة" على منجم ذهب. فالمعترضون على "موازنة الممكن" إنما يعترضون انطلاقًا من اعتبارات سياسية، وليس من اعتبارات ما يُعتبر مصلحة عليا للبنان، الذي يمرّ بأزمات غير مسبوقة تتطلب قامات سياسية يفتقدها لبنان على مستوى مساحته السياسية والجغرافية. فلو عاد كل واحد منا نحن المخضرمين بالزمن قليلًا إلى الوراء، إلى أيام العزّ والبركة والبحبوحة والطمأنينة وراحة البال، لرأينا كيف كان اللبنانيون يحتفلون بذكرى الاستقلال، يوم كان تلفزيون لبنان يبث في المناسبة "يومًا تلفزيونيًا طويلًا"، وكانت الصورة بالأسود والأبيض، ولكن جميع القلوب كانت بيضاء. كان لهذه الذكرى "طعم" آخر. ولهذا هي باقية في الوجدان والضمائر الذكرى الأجمل. وكانت تعني لنا الكثير.
أمّا اليوم فإن هذه الذكرى لا تعني الشيء الكثير لجيل الانترنت. وقد لا يكون الحق عليهم بقدر ما نتحمّل نحن مسؤولية عدم اكتراثهم باستقلال لا يسمعون عنه سوى بالقصائد والأغاني. لم يلمسوا ما يعبّر حقيقة عن أننا نقلنا إلى هذا الجيل، الذي لا همّ له سوى التفتيش عن فرصة عمل خارج البلاد، ما يجعله يتعلق بوطن الأباء والأجداد. لم نكن ذاك المثل الصالح في الوطنية، لم ننجح في تقديم الصورة الناصعة عن وطن كان الجميع يتمنون أن يكون لهم فيه "مرقد عنزة".
فالوطن الذي حاول الرحابنة أن يبنوه لنا، ولو في احلامنا، لم يعد موجودًا بما يرمز إليه من عيش تكاملي بين عائلاته الروحية، ومن توق إلى الارتقاء به إلى مصاف الأوطان، التي يكون فيها المواطن محترمًا ومتساويًا في الواجبات والحقوق. ولكن وعلى رغم هذه السوداوية التي تظلل حياتهم كيفما اتجهوا لا يزال اللبنانيون بمختلف فئاتهم العمرية، وبالأخصّ الشبابية منهم، مصرّين على أن يرسموا ملامح وطن لا يشبه الوطن الحالي بشيء؛ وطن لا يكون فيه محسوبيات؛ وطن الكفاءات العلمية والأخلاقية؛ وطن تسقط فيه كل الأمثال الشعبية الموروثة من حقبات الاحتلال والاستعمار؛ وطن يشبه طموحات الشباب العاشق للحياة والحرية والعيش بسلام. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حين ينقلب الولاء لله ورسوله وأوليائه إلى عبودية للشيطان
المعتصم محمد العزب
إن أخطر ما يواجهه الإنسان في مسيرة حياته هو تزييف الحقائق، وتشويش البوصلة الداخلية التي تهديه إلى سواء السبيل. فإذا اختل معيار الولاء، وانحرف مسار البوصلة، تحول الإنسان إلى أدَاة طيعة في يد قوى الشر، يخدم مصالحها دون وعي، ويعادي من يجب أن يكون حليفًا له وفي صفه.
إن بعض الناس، الذين لم يصحّحوا ولاءهم لله ورسوله وأولياء الله، والذين لم يرسخوا في قلوبهم حبَّ الحق والعدل والمسؤولية، يسهل عليهم الانزلاق إلى خدمة الصهاينة، ومعادَاة أعداء أمريكا وإسرائيل. يصبحون وقودًا لنار الباطل، وأدوات لتنفيذ مخطّطات تهدف إلى تدمير الأُمَّــة وتمزيق وحدتها.
وقد وصف الله تعالى هؤلاء في كتابه الكريم بأبلغ تصوير، فقال عنهم: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَو تَتْرُكْهُ يَلْهَث} (الأعراف: 176). هذا هو حالهم، لا يهدأون ولا يستقرون، سواء حُمِّلوا بالمسؤولية أم تُركوا وشأنهم، فهم دائماً في حالة لهث وراء الدنيا الزائلة، وتلبية لرغبات النفس الأمارة بالسوء.
إنهم ينشدون إلى الدنيا التي هي زائلة، وإلى الملذات الفانية، ويبيعون آخرتهم بعرض قليل من الدنيا. ينسون أن الحياة الحقيقية هي الحياة الآخرة، وأن السعادة الأبدية لا تتحقّق إلا بطاعة الله ورسوله، والوقوف في وجه الظالمين والمستكبرين.
ومنهم من هو كالـ {حِمَارٍ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}.
يحملون أفكارًا ومعلومات لا يفقهون معناها، ولا يدركون خطورتها، ويستخدمهم الصهاينة لتمرير مخطّطاتهم الخبيثة، وهم لا يعلمون شيئاً. إنهم كالبهائم، يساقون إلى، حَيثُ يريدون، دون أن يكون لهم رأي أَو إرادَة.
يثقفوهم الصهاينة ضد أولياء الله، ويصورون لهم الحق باطلًا، والباطل حقًا، فينقادون إليهم طائعين، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتحقيق. إنهم كالـ (الحمار)، يحمل أثقالًا لا يدري ما فيها، ولا يعرف قيمتها.
وكلاهما، الحمار والكلب، على نفس القدر من البؤس والشقاء. فرغم ما قد يتمتع به الكلب من ذكاء ووفاء، إلا أنه يبقى منبوذًا أكثر عند الناس، لأنه يمثل الخسة والدناءة. وهكذا هم هؤلاء الذين يبيعون ضمائرهم للصهاينة، فإنهم وإن حقّقوا بعض المكاسب الدنيوية، إلا أنهم يبقون منبوذين في أعين الشرفاء، وملعونين في الدنيا والآخرة.
وكذلك هم أُولئك الصهاينة المتسترون بعباءة “العمل لأمريكا، الذين يبيعون أوطانهم ويخونون أمتهم، مقابل قليل من الدولارات. إنهم لا يختلفون كَثيراً عن الكلاب والحمير، فهم مُجَـرّد أدوات في يد قوى الشر، تستخدمهم لتحقيق أهدافها الخبيثة.
إن هؤلاء جميعاً قد فقدوا بوصلة الولاء الصحيحة، وانحرفوا عن طريق الحق، فاستحقوا غضب الله ولعنته. إنهم عبرة لمن يعتبر، ومثل لمن يتعظ.
فلنحرص جميعاً على تصحيح ولائنا لله ورسوله وأولياء الله، ولنتمسك بالحق والعدل، ولنقف في وجه الظالمين والمستكبرين، ولنكن جنودًا لله في أرضه، حتى ينصرنا الله ويؤيدنا، ويجعلنا من الفائزين في الدنيا والآخرة.