كيف تؤثر حرب غزة على موقف الصين وروسيا في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
نشر "مركز البحوث الإنسانية والإجتماعية" التركي مقال رأي للكاتب عبدالله ألطاي تناول فيه تأثيرات "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" على السياسات الشرق أوسطية لروسيا والصين.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تصدرت جرائم الإبادة الجماعية والمجازر التي ارتكبها نظام الاحتلال في غزة المحاصرة عناوين السياسة العالمية حيث إن الدعم غير المشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لإسرائيل في غزة، تسبب بقتل أكثر من 10 آلاف مدني، بينهم آلاف الأطفال، أمام أعين العالم، ويشير إلى واحدة من أكبر الشروخ بعد الحرب الباردة.
وحسب الكاتب؛ يمثل نهج الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه غزة خيبة أمل كبيرة للجماهير في الشرق الأوسط، كما أنه وضع أنظمة الحلفاء في المنطقة في مواجهة شعوبهم. كذلك، من المهم تقييم وجود روسيا، التي تواجه أيامًا صعبة في أوكرانيا، والصين، التي توسع نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي، في الشرق الأوسط، من أجل فهم مستقبل النزاعات في غزة ومسألة ما إذا كانت الأزمة ستتحول إلى حرب إقليمية أم لا.
الهجمات الإسرائيلية على غزة تخدم المصالح الروسية
وذكر الكاتب أن فريق من قادة حركة حماس زار موسكو في 26 تشرين الأول/أكتوبر، والتقى خلال زيارتهم مع ميخائيل بوجدانوف، مستشار الرئيس الروسي للشرق الأوسط. ووصفت حكومة الاحتلال الإسرائيلي الزيارة بأنها "مؤلمة" ودانتها. وردًّا على ذلك، أكدت موسكو استمرار قنوات الاتصال مع جميع الأطراف.
وبيّن الكاتب أن موسكو تُعتبر سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين فرصة يمكن للقوة العسكرية الغربية نقلها من أوكرانيا إلى قوات الاحتلال. من هذا المنظور؛ يمكن للحرب في غزة تحويل انتباه واشنطن وحلفائها الأوروبيين نحو الشرق، مما يوجه دعمهم العسكري نحو الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يمكن أن يمنع إلى حد ما وصول الأسلحة والمعدات العسكرية إلى أوكرانيا.
وتابع الكاتب أن الحرب في غزة تساهم أيضًا في تعزيز دور روسيا في المنطقة بفضل دعمها لدول الجنوب. ومع انتشار التصادم الروسي- الغربي/ الأمريكي على نطاق أوسع، أصبحت مواقف الولايات المتحدة والنظام الدولي الذي تؤثر عليه غير عادلة في نظر الدول الأخرى. بالإضافة إلى ذلك؛ تقوم وسائل الإعلام الروسية ببث تقارير تعكس وقوفها إلى جانب الفلسطينيين بوضوح، على عكس الدعاية التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية والتي تدعم الاحتلال وتظهر معاناة "المدنيين".
ورأى الكاتب أنه على الرغم من الأحداث السابقة، ستتبع الدبلوماسية الروسية سياسة متوازنة بين المنافسين في الشرق الأوسط. لأن هذا سيزيد أيضًا من مكاسب روسيا؛ التي تريد الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك؛ تحتاج موسكو إلى أن تظل إسرائيل على الحياد في حرب أوكرانيا، خاصةً من خلال عدم تزويد كييف بالأسلحة المتقدمة ورفض الانضمام إلى العقوبات الغربية.
سيناريوهات وجود الصين وروسيا في المنطقة
وأشار الكاتب إلى أن موقف الصين من العملية، بصرف النظر عن الرسائل التي تقدمها عبر القنوات الدبلوماسية، يجب تقييمه في سياق المنافسة مع الولايات المتحدة وحلفائها وليس في سياق "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
ومن خلال إعطاء الأولوية لمصالحها الوطنية، وعلى الرغم من أنها أظهرت موقفًا محايدًا في بداية الأزمة عبر استغرابها من هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن الصين اعتمدت في وقت لاحق إستراتيجية تؤيد الفلسطينيين وتنتقد إسرائيل، متخذة موقفاً ضد الدعم المطلق من الولايات المتحدة وأوروبا للاحتلال الإسرائيلي.
وأكد الكاتب على أن هذا الموقف يؤيد الرؤية التي ترى أنه من الضروري إنشاء نظام عالمي بديل إلى جانب النظام القائم الذي يقوده واشنطن.
وأوضح الكاتب أن الحرب في غزة تمنح الصين فرصة لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، الذي لطالما كان تحت الهيمنة الأمريكية؛ حيث تهدف بكين - في السنوات الأخيرة - إلى موازنة نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة، ولا تستهدف أن يكون هذا التحول في سياستها الخارجية فقط من أجل مصالحها التجارية.
كما أن لدى الرئيس الصيني شي جين بينغ هدفًا أيضًا لتحقيق رؤيته للصين كقائدة للجنوب، الذي يتكون في الغالب من الدول العربية، ووضع نظام دولي جديد لصالح مصالحها في مواجهة واشنطن وحلفائها الغربيين.
باختصار؛ أثرت أزمة غزّة على سياسات المنطقة لدى الصين التي زادت بصمت نفوذها في الشرق الأوسط. فالوجود العسكري المتزايد للولايات المتحدة في المنطقة وسياسات الطاقة لدى دول الاتحاد الأوروبي قد يكونا تطورًا سلبيًا على الخطط الإستراتيجية للصين مثل مبادرة الحزام والطريق، خاصة وأن الصين تتبع إستراتيجية تمتد عبر السنوات من خلال وساطتها والاستثمارات الاقتصادية والتي قد تتجه نحو سياسة أكثر عدوانية في مواجهة سيناريو يمكن أن يؤثر سلبًا على خططها في المنطقة.
فقدان الولايات المتحدة مصداقيتها في المنطقة يعود بالفائدة على الصين وروسيا
ووفق الكاتب؛ فقد أظهرت حرب غزة أن قضية فلسطين تؤثر بشكل مباشر على العديد من الدول العربية، لذلك يبدو أنها ستستمر في أن تكون البند الرئيسي في جدول أعمال السياسة الإقليمية.
وأشار الكاتب إلى أن هذا الوضع سيجعل الدول المعنية تركز على إنتاج حلول نهائية ودائمة بدلاً من الحلول القديمة التي تحاول حل المشكلات الجزئية، وسيؤدي هذا الوضع إلى مراجعة دول المنطقة لعلاقاتها مع الولايات المتحدة والبحث عن حلفاء بديلين مثل روسيا والصين. وبالتالي؛ من المحتمل أن يتطور سيناريوهان محتملان فيما يتعلق بوجود الصين وروسيا في المنطقة، وكلا السيناريوهين سيدعما مصالح روسيا والصين:
السيناريو الأول: زيادة التوجه نحو العمل المشترك بين دول المنطقة بغض النظر عن أجندة الولايات المتحدة، التي لا تفكر في مصالح دول المنطقة ولا تدعم الاستقرار الإقليمي بالطريقة التي تريدها هذه الدول. لا شك أن الولايات المتحدة لا تزال أقوى قوة في المنطقة، ومع ذلك فإن قدرتها على تشكيل جدول الأعمال الإقليمي آخذة في الانخفاض تدريجيًّا في السنوات الأخيرة. لذلك، ستدفع أزمة غزّة دول المنطقة إلى العمل معًا أكثر لتعزيز مصالحها الإقليمية.
السيناريو الثاني: استمرار دول المنطقة في تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين بدلاً من الدول الغربية، نظرًا لأنها بدائل جديدة في هذه الأزمة التي أظهرت تحيزًا غير مسبوق، فلقد انزعجت الدول العربية من ضغوط الدول الغربية على أهالي غزّة للهجرة إلى الدول العربية. وقد أظهر هذا الوضع أن الغرب لا يهتم بأمن حلفائه، وأنه مستعد لحل مشكلة التركيبة السكانية للاحتلال دون مراعاة مصالح الدول الأخرى، وبالمقابل زادت روسيا والصين من جدية نداءات تحقيق وقف إطلاق النار في غزّة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية.
في الختام، أشار الكاتب إلى أن موسكو تعتبر الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة فرصة لتوجيه دعم الغرب العسكري من أوكرانيا إلى إسرائيل، بينما تقوم الصين بتقييم هذه الحرب في سياق المنافسة مع الولايات المتحدة بدلًا من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وبناءً على ذلك، تقدم الصين وروسيا - من خلال حرب غزّة - صورة عن فشل الولايات المتحدة في نظامها الدولي وسياسة الظلم التي تمارسها إسرائيل على دول المنطقة، مما يعرضها على أنها قوة بديلة وداعمة للدول الجنوبية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الفلسطيني غزة روسيا الصين امريكا فلسطين غزة الصين روسيا سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط الدول العربیة الصین وروسیا روسیا والصین دول المنطقة فی المنطقة الکاتب أن روسیا فی من خلال فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة
الجديد برس|
علقت الصين تصدير مجموعة واسعة من المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات وسط حربها التجارية مع الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الخطوة الصينية تهدد بخنق إمدادات المكونات الأساسية لشركات صناعة السيارات والطائرات الفضائية وشركات أشباه الموصلات والمقاولين العسكريين حول العالم.
وتعمل الحكومة الصينية على تطوير نظام جديد لمراقبة الصادرات، مما سيؤدي إلى وقف الشحنات من العديد من موانئها خلال هذه الفترة.
وأضافت الصحيفة أن إمدادات مغناطيسات الأرضية النادرة تمثل حصة صغيرة من إجمالي صادرات الصين وبالتالي لن تسبب أضرارا اقتصادية خطيرة للبلاد، لكنها قد تكون لها عواقب وخيمة على الولايات المتحدة ودول أخرى.
وإذا نفدت مغناطيسات الأرضية النادرة في المصانع في ديترويت الأمريكية وأماكن أخرى فيمكن أن تؤدي إلى توقف تجميع السيارات وغيرها من المنتجات المزودة بمحركات كهربائية. ويتفاوت المخزون الاحتياطي من هذه المعادن لدى الشركات لذلك يصعب التنبؤ بتوقيت انقطاع الإنتاج.
ويأتي الإجراء الصيني كجزء من رد بكين على الزيادة الحادة في الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب والتي بدأت في 2 أبريل الجاري.
وكانت الحكومة الصينية قد فرضت في 4 أبريل الجاري قيودا على تصدير ستة معادن أرضية نادرة ثقيلة، تكرر بالكامل في الصين، بالإضافة إلى مغناطيسات أرضية نادرة، ينتج 90% منها في الصين. ولا يمكن الآن شحن هذه المعادن، والمغناطيسات الخاصة المصنوعة منها، خارج الصين إلا بتراخيص تصدير خاصة.
وحتى العام 2023 كانت الصين تنتج 99% من إمدادات العالم من المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، مع إنتاج ضئيل في منشأة في فيتنام، التي أغلقت العام الماضي بسبب نزاع ضريبي.
كما تستحوذ الصين على 90% من إنتاج العالم من مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة، والتي تقدر بحوالي 200 ألف طن سنويا، بينما تنتج اليابان معظم الكمية المتبقية، وتنتج ألمانيا كمية ضئيلة أيضا، لكنهما تعتمدان على الصين في الحصول على المواد الخام.