آخر تحديث: 23 نونبر 2023 - 9:32 صبقلم: فاروق يوسف بعودة الميليشيات الشيعية إلى قصف القواعد العسكرية الأميركية تؤكد إيران أن حربها بالوكالة يمكن أن تستمر بالرغم من أنها أدارت ظهرها رسميا لحركة حماس وأوقفت حزب الله عند حدود تبادل القصف المدفعي غير المنتظم الذي لا يشكل حرجا لإسرائيل. وإذا ما كانت تلك الميليشيات قد تبنت موقفا منددا بالاصطفاف الأميركي وراء العدوان الإسرائيلي فإنها في الوقت نفسه لم تخرج عن الخطة التي كانت قد نفذت فصولا منها قبل حرب غزة من أجل إزعاج القوات الأميركية وإجبارها على مغادرة الأراضي العراقية بعد أن نجحت في الدفع بمجلس النواب العراقي إلى المصادقة على قرار خروج القوات الأجنبية من العراق.

ولكن الأمر يمكن قراءته من جهة أخرى، بعيدا عن المنطلقات النظرية للمقاومة الإسلامية التي اتضح أنها ليست قابلة للتطبيق في اللحظات الحاسمة. ففي وضع مستقر نسبيا كالذي يعيشه العراق لأول مرة بعد أكثر من عشرين سنة، في ظل غياب كلي للتنظيمات الإرهابية، كان يجب على إيران أن تبحث عن وظيفة لميليشياتها، تؤكد من خلالها ضرورة بقائها واستمرارها قوة رديفة للقوات المسلحة كما نص على ذلك القانون الذي صار بمثابة وثيقة دامغة لا يمكن لدعاة نزع السلاح غير القانوني إلا أن يصمتوا أمامها. تحرير العراق من بقايا القوات الأميركية هو ورقة قابلة للاستعمال في ذلك المجال، وما من أحد من معارضي وجود الميليشيات يمكنه الاعتراض عليها. ولأن القصف بصيغته الجديدة لا يلحق أضرارا بشرية أو مادية وليس المقصود منه القيام بذلك، فإن رد الفعل الأميركي لا يزيد عن فرض عقوبات على شخصيات تقود هذا الفصيل أو ذاك من فصائل الحشد الشعبي. لا تخفي الفصائل المسلحة سخريتها من تلك القرارات التي لا تستحق الرد عليها. ليس لأنها غير مؤثرة وهو أمر مؤكد، بل لأنها تستهدف بشرا قد يكونون من صنع الأوهام ولا وجود لهم على أرض الواقع. ثم إن دولة مثل العراق، كل مؤسساتها مخترقة، يمكن للمرء فيها أن يغير اسمه وكنيته ومكان وزمن ولادته ويحصل على أوراق ثبوتية جديدة بسرعة قياسية. ليس ذلك ما يجهله الأميركان الذين أشرفوا بأنفسهم على بناء تلك الدولة الجديدة بعد غزو عام 2003. ذلك التصرف الأميركي الذي ينطوي على قدر مفضوح من العبث لا بد أن يعيدنا إلى مبدأ التسوية بين الطرفين الأميركي والإيراني في العراق. وهي تسوية تبدو ظاهريا على شيء من الغموض، ذلك لأن الولايات المتحدة تظهر فيها كما لو أنها الطرف الذي خسر حربه في العراق وسعى إلى التسليم بالهيمنة الإيرانية غطاء لهزيمته. وهو ما لا يقره العقل ولا تؤكده الوقائع. فالسفارة الأميركية في بغداد التي تكاد تكون أكبر مؤسسة دبلوماسية أميركية في العالم لا تزال على صلة خفية بالمشهد السياسي وإن كانت لها مهمات هي الأكثر خطورة في إدارة ملفات أخرى لا تسقط عليها العين مباشرة. ما يهم الولايات المتحدة وكان جزءا من مشروعها لاحتلال العراق هو أنها في موقع محصن، لا إيران بميليشياتها ولا الحكومة العراقية بمؤسستها يمكنهما الوصول إليه أو حتى الاقتراب منه. ليست التسوية الأميركية – الإيرانية إلا عنوانا لمشروع تعاون في العراق يتخطى حدود الخلافات بين الدولتين. فكما هو معروف، تختلف إيران مع الولايات المتحدة في كل شيء إلا في المسألة العراقية. هناك اتفاق منهجي مدروس على إخراج تلك الدولة من التاريخ المعاصر واعتبارها حديقة يتنزه فيها الطرفان إذا أرادا وأيضا يصبان فيها نفاياتهما. وليس الحشد الشعبي سوى واحدة من نفايات الحرس الثوري الإيراني. وحين تصدر الخزانة الأميركية قرارات تقضي بفرض عقوبات على زعماء في ذلك الحشد فإنها تعرف جيدا أنها تطلق نكتة، من أجل أن تُضحك الولي الفقيه. لقد تعاون الطرفان على خلق دولة وهمية انتحلت اسم العراق وصارا يقيمان فيها حكومات، هي في حقيقتها مجرد واجهات لواحد من أكبر مشاريع الفساد وأشدها خطورة على المستوى الإنساني. كان الاحتلال الأميركي مريحا لإيران؛ ذلك لأنه خلصها من عدوها صدام حسين ومن العراقيين بطريقة أو بأخرى. وكانت الهيمنة الإيرانية مريحة للولايات المتحدة؛ ذلك لأنها خلصتها من صداع إدارة بلد محتل ووضعت بين يديها ثرواته. وهكذا تحرص الولايات المتحدة على وجود المقاومة الإسلامية في العراق من خلال اعترافها بشخصيات زعمائها الوهميين، وفي المقابل تحرص إيران على ترويض كل فكرة تدعو إلى نزع سلاح ميليشياتها من خلال الاستمرار في التصدي لأميركا التي كانت في الماضي شيطانا أكبر.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی العراق

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الأميركي: جاهزون لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية

أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، اليوم الأحد، أن بلاده لا تزال تأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران لوقف مساعيها نحو امتلاك سلاح نووي، لكنه أكد أن الجيش الأميركي مستعد لتنفيذ ضربات تستهدف العمق الإيراني إن فشلت الجهود السياسية.

وجاءت هذه التصريحات عقب انطلاق محادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عمان يوم السبت، في محاولة لخفض التوتر المتصاعد وطمأنة الغرب بشأن برنامج إيران النووي.

وقال هيغسيث خلال مقابلة مع برنامج "فايس ذا نايشن" على قناة "سي بي إس" الأميركية: "الاتصالات الأولية في عمان كانت مثمرة ونعتبرها خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح"، مؤكدا في الوقت نفسه أن واشنطن لن تتردد في استخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر.

وأضاف: "رغم أن الرئيس دونالد ترامب لا يريد اللجوء إلى العمل العسكري، فإننا أثبتنا قدرتنا على الذهاب بعيدا، والتوغل في العمق، وبقوة. نحن لا نريد أن نفعل ذلك، لكن إذا اضطُررنا، فسنقوم بما يلزم لمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية".

وكانت إيران والولايات المتحدة عقدتا -أمس السبت- مباحثات في مسقط، وصفت بأنها "بناءة" بشأن البرنامج النووي الإيراني واتفقتا على عقد لقاء جديد.

إعلان

وأعلنت إيران الأحد أن المحادثات المقبلة مع الولايات المتحدة والمقرر إجراؤها نهاية الأسبوع المقبل ستبقى "غير مباشرة" بوساطة عمانية، وستركز حصرا على الملف النووي ورفع العقوبات.

وترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، وهو دبلوماسي متمرس وأحد مهندسي الاتفاق النووي الإيراني في 2015، في حين قاد ستيفن ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو قطب عقارات، الوفد الأميركي. وقد التقى الرجلان وجها لوجه لوقت وجيز.

وتعقد جولة أخرى من المحادثات بين واشنطن وطهران السبت 19 أبريل/نيسان.

وفي وقت سابق من الأسبوع، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريحات للصحفيين أن الخيار العسكري "ممكن بالتأكيد" لو فشلت مفاوضات مسقط، مشددا على أن إسرائيل ستكون طرفا رئيسيا وقائدا لأي تحرك عسكري مشترك.

وقال ترامب: "إذا تطلب الأمر عملا عسكريا، فسنقوم بعمل عسكري. من المؤكد أن إسرائيل ستكون منخرطة فيه بشكل كبير".

وكان الرئيس الأميركي قد أطلق تحذيرا صريحا في نهاية شهر مارس/آذار الماضي، أنه إن لم يتم التوصل إلى اتفاق، سيكون هناك "قصف".

وفي عام 2018، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، والذي اعتبره ترامب غير كافٍ لمنع طهران من تطوير قدراتها النووية.

مقالات مشابهة

  • الجولة المقبلة من المحادثات الأميركية-الإيرانية ستجري في روما
  • الخارجية الإيرانية: واشنطن هي التي حرمت مواطنيها من الاستثمار في #إيران عبر وضع قوانين معقدة
  • وزير الدفاع الأميركي: جاهزون لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية
  • رئيس وزراء قطر يرحب بالمفاوضات الإيرانية الأميركية
  • مصر: نأمل أن تؤدي نجاح المفاوضات الأميركية الإيرانية لوقف الحرب بغزة ‏
  • إيران دولة تخاف الحرب
  • انتهاء المحادثات الأميركية الإيرانية غير المباشرة بمسقط
  • وزير الخارجية العُماني: المحادثات الأميركية-الإيرانية جرت في جو ودي
  • بيان من وزير خارجية عمان بشأن المفاوضات الأميركية-الإيرانية
  • القوات الأميركية في الشرق الأوسط .. من العراق إلى الخليج