منظمة ميون: مناطق التماس الأكثر استقطاباً لتجنيد الأطفال
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
دعت منظمة حقوقية يمنية إلى محاكمة دولية للقادة الحوثيين المتورطين في مقتل هشام الحكيمي الموظف في منظمة «إنقاذ الطفولة» في أحد سجون الجماعة، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك بالتزامن مع تأكيدها أن مناطق التماس هي الأكثر استقطاباً لتجنيد الأطفال من قبل الجماعة الانقلابية.
وذكرت منظمة «ميون» لحقوق الإنسان أنها توصلت عبر مصادرها إلى أن القادة الحوثيين صقر الشامي وعلي نور الدين ومالك الشريف ومختار المؤيد وإبراهيم الفلاحي وبشير الرجيمي، تولوا التحقيق مع الحكيمي منذ اختطافه في 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، وحتى إبلاغ عائلته بتسلم جثته في 25 أكتوبر الماضي.
وأضافت المنظمة، في بيان لها، أن القيادي محمد الوشلي المعين وكيلاً لجهاز الأمن والمخابرات الحوثي، تولى الإشراف على التحقيق، مطالبة بتضمين أسماء القادة المذكورين في تقرير فريق الخبراء المعني باليمن التابع للجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي، وإدانة المتهمين وملاحقتهم عبر القضاء المحلي والدولي وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وأدانت المنظمة تجاهل جماعة الحوثي جميع الدعوات الصادرة عن مكاتب الأمم المتحدة في اليمن والمنظمات الدولية العاملة في اليمن ومنظمات المجتمع المدني لإجراء تحقيق شفاف ومستقل للكشف عن ملابسات مقتل مسؤول الأمن والسلامة في منظمة إنقاذ الطفولة في أحد معتقلات الجماعة المسلحة في صنعاء في شهر أكتوبر الماضي.
ونوهت بأن رفض الجماعة الحوثية اتخاذ أي إجراءات تحقيق أو مساءلة للمتورطين في مقتل الحكيمي يشير إلى مسؤوليتها عن ارتكاب الجريمة.
واستنكرت «ميون» في الوقت ذاته إقدام جماعة الحوثي على اعتقال موظف من متطوعي الأمم المتحدة مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، عقب إصدار منسق مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة ديفيد غريسلي بياناً طالب فيه الجماعة بالكشف عن مصير 3 من موظفي الأمم المتحدة لا يزالون محتجزين لديها.
وقالت إن هذا التجاهل التام لسيادة القانون وبهذا الإصرار على اقتراف الانتهاكات بحق العاملين في المنظمات الدولية، بما في ذلك الإخفاء القسري؛ يستوجب موقفاً موحداً من مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن ومنظمات المجتمع المدني، للانتصار لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ولكي لا تستمر معاناة الضحايا وعائلاتهم.
تصعيد واتهامات بالتجسس
وعلمت «الشرق الأوسط» من ناشطين في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن أجهزة مخابرات الجماعة الحوثية كثفت أخيراً من أعمال الرقابة والتجسس على العاملين في المنظمات الدولية والمحلية، وتعتزم تشديد الإجراءات الخاصة بتنقلاتهم، خصوصاً إلى خارج مناطق سيطرة الجماعة، إلى جانب فرض المزيد من القيود على أنشطة المنظمات نفسها.
وعزا الناشطون هذا التصعيد إلى الاحتياطات التي تتخذها الجماعة خوفاً من نزوح الموظفين بعد حادثة مقتل الحكيمي واحتجاز موظفين آخرين يعملون لدى منظمات دولية وأممية أخرى، وتحسباً لاحتمالية نقل المنظمات أنشطتها إلى المناطق المحررة، وخفض أنشطتها في صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة.
وتوقعوا استخدام جهاز مخابرات الجماعة عدداً من الملفات والوثائق والقضايا لابتزاز مسؤولي المنظمات والعاملين فيها، وإجبارهم على البقاء واستمرار أنشطة الجهات الدولية في مناطق سيطرتها.
وطبقاً لروايات عدد من الناشطين؛ فإن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي اتهم الحكيمي بالتعاون مع الحكومة الشرعية وتسريب معلومات إليها، والمساهمة في تخصيص جزء كبير من أنشطة وتمويل المنظمة للمناطق المحررة، الأمر الذي تعده الجماعة «خيانة وعمالة».
وأوضح الناشطون أن الجماعة الحوثية حاولت من خلال جهاز الأمن والمخابرات التوصل إلى معلومات مفترضة عن تعاطي الحكيمي ومسؤولي منظمة «إنقاذ الطفولة» مع الحكومة الشرعية، والحصول على أسرار يمكن لها الاستفادة منها، إلى جانب الكشف عن المسؤولين والمتعاونين داخل المنظمة مع الحكومة.
تجنيد أطفال مناطق التماس
وفيما يخص اليوم العالمي للطفل؛ أكدت منظمة «ميون» استمرار الجماعة الحوثية في تجنيد الأطفال للقتال في صفوفها في عدد من المحافظات، مشددة على مواصلتها رصد هذه الانتهاكات، والعمل على توثيقها في سبيل الوصول إلى موقف لإنهاء استخدام المدارس والبيئات التعليمية والمرافق العامة لاستقطاب وتجنيد الأطفال ونشر خطاب الكراهية والعنصرية.
وحثّت المنظمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة على وضع اعتبار أن السلام المستدام هو ذلك السلام الذي يكون لمصلحة الضحايا من الأطفال والنساء، حيث يعد اليوم العالمي للطفل مناسبة مهمة للتذكير بما يتعرض له أطفال اليمن من انتهاكات جسيمة منذ سنوات دون أي مساءلة للجناة.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة عبده الحذيفي لـ«الشرق الأوسط»: «تعدّ مناطق التماس من المناطق الأكثر استقطاباً للتجنيد واستخداماً للأطفال في الأعمال العسكرية، ولدينا مؤشرات حول أن الأطفال المجندين الذين ينتمون إلى محافظات محررة هم في الغالب من الأسر المقيمة، أو نازحة في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي التي تستغل ظروف أسرهم الاقتصادية وتقوم بتجنيد أطفالهم».
ورصدت «ميون»، وفقاً للحذيفي، عمليات تجنيد للأطفال في مناطق التماس بنسب متفاوتة من منطقة إلى أخرى، لافتاً إلى صعوبة الرصد وتعقيداته في المناطق المغلقة التي لا تسمح للنشاط الحقوقي بالعمل، حيث عملت المنظمة على تطوير شبكة مصادر معلومات، وتدريب أفرادها بشكل مكثف.
واستخدمت المنظمة، بحسب الحذيفي، مصادر المعلومات المفتوحة، مثل الرصد الإعلامي، التي تتعامل معها بوصفها مؤشرات وبلاغات أولية يتم تتبعها والتحقق منها بشكل مستمر وفق معايير موثوقية عالية، إلى جانب استخدام كشوفات وبيانات رسمية وميدانية لتدقيق العمر، ثم الحصول على شهادات المتضررين أنفسهم.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: المنظمات الدولیة الجماعة الحوثیة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
كيف نُعيد الطفل إلى الطبيعة؟
ريتّا دار **
في خضمّ الحياة الرقمية المتسارعة أصبحت الأجهزة الذكيّة تحتلّ مكان المساحات الخضراء؛ حيث يعيش الأطفال اليوم بعيدين عن أبسط أشكال التواصل مع الطبيعة، ما يهدّد توازنهم النّفسي والجسدي، والسّؤال الّذي يفرض نفسه هنا: كيف نُعيد أطفالنا إلى أحضان الطّبيعة قبل أن تفقد مكانتها في وجدانهم؟
تشير الدّراسات إلى أنّ غياب الطّبيعة عن حياة الطّفل ليس تفصيلًا هامشيًّا، بل يؤثّر بشكل مباشر على نموّه وسلوكه. فقد كشف تقرير المجلس العربيّ للطفولة والتّنمية لعام 2020 أنّ 70% من الأطفال العرب يقضون أوقات فراغهم في استخدام الأجهزة الإلكترونية، بينما تقلّ نسبة مشاركتهم في أنشطة بيئية أو رياضيّة في الهواء الطّلق إلى أقلّ من 20%.
وعلى الصّعيد العالميّ، تؤكد منظمة الصّحة العالميّة أن قضاء الأطفال وقتًا منتظمًا في الطّبيعة يحسّن المزاج العام، ويخفض مستويات التوتّر، ويعزز مهارات التّركيز والتعلّم.
كما أظهرت مراجعة علميّة نشرتها مجلّة علم النّفس الأمامي عام 2019 أنّ التّفاعل مع البيئة الطّبيعية يُسهم في تحسين القدرات الاجتماعيّة والحدّ من السّلوكيات العدوانية لدى الأطفال.
وفي هذا السياق نؤكّد أن "العودة إلى الطّبيعة" ليست ترفًا تربويًّا؛ بل ضرورةً حيويةً لصناعة جيلٍ متوازنٍ نفسيًا وجسديًا.
لم تغفل الدّراسات أهمية النشاطات البيئية المباشرة؛ إذ أثبتت دراسة جامعة كولومبيا البريطانية أنَّ زراعة الأطفال للنباتات، حتى في بيئات حضريّة صغيرة، تعزز لديهم الإحساس بالمسؤولية والانتماء، وغرس قيم التعاون والمثابرة.
أما في سلطنة عُمان، فقد أطلقت وزارة التربية والتعليم مبادرة "المدارس الخضراء"، التي تهدف إلى غرس الوعي البيئي في نفوس الطلاب عبر أنشطة عملية مثل الزراعة المدرسية وإعادة التدوير، مما يُعزز العلاقة بين الطفل والبيئة المحيطة به.
ورغم ما قد يبدو من تحدّيات، إلّا أنّ العودة إلى الطبيعة لا تتطلب إمكانيات ضخمة أو استثنائية. يكفي تنظيم نزهة أسبوعية إلى حديقة قريبة، أو مشاركة الطفل في زراعة نبتة بسيطة مثل الحبق أو النعناع على شرفة المنزل؛ والاحتفال بإنجازاته الصغيرة باستخدام بعضٍ مما زرعه والثّناء عليه وتشجيعه. كما يمكن تخصيص "ركن أخضر" في المنزل حيث يتابع الطفل نمو النباتات ويتعلم الصبر والرعاية.
تلعب القدوة دورًا جوهريًا في تشكيل علاقة الطفل بكل ما حوله. الطفل الّذي يرى والديه يهتمّان بالبيئة سيتبنّى هذا السلوك بالفطرة وسيتعلّم أن الأرض كائن حيّ يمنحنا الحياة.
توصي منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" أيضًا بإدخال أنشطة الزراعة البسيطة ضمن الحياة اليومية للأطفال، لترسيخ مفاهيم الاستدامة والمسؤولية البيئية.
إنَّ إعادة الطفل إلى الطبيعة أصبحت مسؤولية حقيقية تقع على عاتق الأسرة والمدرسة والمجتمع بأسره؛ فلنعمل على أن تبقى الطبيعة جزءًا حيًّا في حياة أطفالنا، لا مجرّد صورة رقمية تمرّ عبر الشاشات.
***********
المصادر:
تقرير المجلس العربي للطفولة والتنمية 2020
منظمة الصحة العالمية (WHO)
مراجعة علمية بمجلة علم النفس الأمامي 2019 (Frontiers in Psychology)
دراسة جامعة كولومبيا البريطانية.
مبادرة المدارس الخضراء، وزارة التربية والتعليم في سلطنة عُمان.
منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
** كاتبة سورية