ما التداعيات الاقتصادية لاحتجاز الحوثيين للسفينة الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قامت قوات عسكرية تابعة لـجماعة الحوثي باليمن باحتجاز سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي تُسمى "غالاكسي ليدر"، على إثر التداعيات الخاصة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما تعرض له الشعب الفلسطيني هناك من انتهاكات وعمليات إبادة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وقال قيادي بالجماعة إن "اقتيادنا للسفينة نصرة لأهلنا المظلومين بغزة".
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن اختطاف سفينة الشحن من قبل الحوثيين قرب اليمن جنوب البحر الأحمر "حدث خطير للغاية عالميا"، موضحا أن "السفينة المختطفة غادرت تركيا في طريقها للهند بطاقم مدني دولي دون إسرائيليين، كما أنها ليست إسرائيلية".
وتعد هذه الخطوة واحدة من إرهاصات الواقع الجديد الذي فرضته عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ أتت عملية احتجاز السفينة تنفيذا لتهديد سابق من قبل جماعة الحوثيين، من أنها سوف تحتجز أي سفن خاصة بإسرائيل، وحذرت باقي الدول من التعامل مع السفن الإسرائيلية.
وهو ما سيضع عملية مرور التجارة الدولية عبر المياه التي يطل عليها اليمن، أمام معادلة جديدة تتعلق بالتكلفة وتأمين عمليات التجارة.
والحدث يطرح عدة قضايا لها دلالاتها السياسية والاقتصادية، وتعني هذه السطور بالتداعيات الاقتصادية والتجارية.
وقبل أن نشير إلى هذه التداعيات، المرتبطة بالحدث، سوف نتناول بعض البيانات الخاصة بتجارة إسرائيل، وما يرتبط منها بالنقل عبر البحر.
الأسطول البحري الإسرائيلي
قاعدة بيانات البنك الدولي، تشير إلى أن التجارة السلعية لإسرائيل تمثل نسبة 34.6% من ناتجها المحلي وفق بيانات عام 2022، حث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في العام نفسه، وحسب المصدر ذاته 522 مليار دولار.
كما تفيد بيانات البنك الدولي، أن الصادرات السلعية الإسرائيلية بلغت عام 2022 نحو 73.8 مليار دولار، وأن واردتها السلعية بلغت 107.2 مليارات دولار، ويعني ذلك أن الميزان التجاري لإسرائيل يظهر عجزا قيمته، 33.7 مليار دولار.
أما دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فتشير عبر تقريرها الموسوم بـ"إسرائيل بالأرقام 2022″ إلى أن موانئ إسرائيل في عام 2022 فرغت بضائع حمولتها 40.6 مليون طن، وأنها حملت للخارج بضائع بلغت حمولتها 18.2 مليون طن.
أما عن الأفراد الذين مروا عبر الموانئ التجارية لإسرائيل، فقد تم تقديرهم بنحو 378 ألف مسافر، في 2022. وهو ما قد يدفع لفقد إسرائيل جانبا مهما من حصتها في نقل الأفراد بحريا، سواء كان ذلك بغرض التجارة أو السياحة.
والتجارة البحرية لإسرائيل، لا تجري فقط من خلال سفنها فقط، ولكن قد تتم من خلال سفن مملوكة لدول أو شركات أخرى.
التداعيات الاقتصادية للحدث
ثمة خريطة جديدة ذات تضاريس مختلفة، من بينها التضاريس التجارية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، بل والعالم بعد طوفان الأقصى، فالعلاقات التجارية لإسرائيل مع دول منطقة الشرق الأوسط التي ترتبط معها باتفاقيات سلام، أو نشاط تجاري طبيعي (تركيا، والإمارات، ومصر، والمغرب، والبحرين) معرضة للتراجع خلال الفترة القادمة، بسبب التداعيات السلبية التي تركها العدوان الإسرائيلي على غزة.
ومن بين تلك التداعيات، ما حدث من احتجاز الحوثيين لسفينة "غالاكسي ليدر".
فوفق أرقام خاصة لبيان صحفي لبنك إسرائيل المركزي صدر في مارس/آذار الماضي، تبين أن قيمة تجارة إسرائيل السلعية مع تلك الدول بنهاية 2022 بلغ قرابة 11.3 مليار دولار، منها 8.2 مليارات دولار واردات إسرائيل من تلك الدول، و3.17 مليارات دولار صادرات سلعية من إسرائيل لتلك الدول.
وتمثل واردات إسرائيل من تلك الدول 7.7% من إجمالي وارداتها الإجمالية، كما تمثل صادراتها السلعية لتلك الدول 4.4% من إجمالي صادراتها الإجمالية.
يشار إلى أن مضيق باب المندب الذي تشرف عليه اليمن يمر عبره 10% من التجارة البحرية الدولية سنويا من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة. كما يمر عبره 6 ملايين برميل من النفط يوميا.
ومن شأن تهديد الحوثيين للسفن المتعاملة مع إسرائيل، والتي تمر عبر باب المندب أن يؤثر على تجارتها مع الشرق، لا سيما مع آسيا.
وسوف تكون هناك تكلفة عالية لعمل السفن الإسرائيلية التي تمر من المياه القريبة من اليمن، خلال الفترة القادمة، إما لمخاطر عمليات احتجازها، أو ارتفاع رسوم التأمين عليها، وهو ما يعني ارتفاع تكلفة عمل هذه السفن ورفع الأجور التي تحصل عليها سواء من الشركات الإسرائيلية، أو من قبل الغير، الذي يقبل أن يتعامل مع الشركات أو الأفراد الذين يمتلكون السفن الإسرائيلية.
وفي حال استمرار المخاطر في مضيق باب المندب، وتعرض التجارة البحرية والسفن الإسرائيلية لمخاطر الاحتجاز، قد يكون البديل، هو النقل الجوي أو البري، وهو ما يعني ارتفاع التكاليف بشكل أكبر، وهو ما سينعكس سلبا على تجارة إسرائيل الخارجية.
استهداف الاستثمارات الإسرائيلية
احتجاز السفينة الإسرائيلية من قبل جماعة الحوثيين، قد يشجع جماعات المقاومة الأخرى للنيل من الاستثمارات الإسرائيلية، سواء كانت تلك الاستثمارات إسرائيلية خالصة، أو مشتركة.
وبعد حادثة السفينة قد تضطر الكثير من الشركات التي لها تجارة تمر عبر مضيق باب المندب، أو من مناطق قريبة من فصائل مقاومة، لتجنب التعامل مع السفن الإسرائيلية، مما يعني منع مرور السفن الإسرائيلية، وخسارة حصتها من تجارة النقل.
ختاما، ما حدث من احتجاز جماعة الحوثيين للسفينة الإسرائيلية نقلة نوعية في إطاره التجاري والاقتصادي، وبخاصة في ما يتعلق بخسائر إسرائيل وإمكانية عجزها عن حماية مصالحها التجارية والاقتصادية في المحيط الإقليمي والدولي.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اسرائيل السفينة الاسرائيلية الحوثي اقتصاد السفن الإسرائیلیة ملیار دولار باب المندب تلک الدول وهو ما من قبل
إقرأ أيضاً:
وفد الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية يلتقي بالأمين العام لجامعة الدول العربية
التقى الدكتور محمود محيي الدين رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في مقر الجامعة بالقاهرة. وقد ضم وفد الجمعية في اللقاء الدكتور أشرف العربي أمين عام الجمعية وكل من الدكتور خالد حنفي والدكتورة سارة الجزار عضوي مجلس الإدارة.
كما حضر اللقاء السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية.
وهذا اللقاء يأتي تنفيذًا لتوصية المشاركين في المؤتمر العلمي الثامن عشر للجمعية الذي عقد مؤخرًا بالتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بجامعة الملك محمد السادس بمدينة الرباط بالمملكة المغربية، ومع المعهد العربي للتخطيط، تحت عنوان "مستقبل الاقتصادات العربية: المربكات المفروضة والإصلاحات المنشودة"، وذلك بهدف عرض أهم النتائج والتوصيات التي انتهى إليها المؤتمر على السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية.
75 مليار جنيه.. القطاع الصحي يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية مصر 2030مصر بوابة لنفاذ الاستثمارات والصادرات الأوزبكية للشرق الأوسط وأفريقيا
وقد تمت الإشارة خلال اللقاء إلى أن المؤتمر العلمي للجمعية قد تضمن ست جلسات عمل على مدى يومين، شارك فيها أكثر من مائة من كبار الاقتصاديين والخبراء العرب، وتم خلالها استعراض ومناقشة العديد من الأوراق العلمية في موضوعات مثل: الآثار الاقتصادية للصراعات المسلحة في الوطن العربي، رأس المال البشري والتنّوع الاقتصادي، الذكاء الاصطناعي والتوظيف، التنمية المالية والتنّوع الاقتصادي، تأثير تحول الطاقة على السكان والأطفال العرب، المربكات والطريق إلى الصلابة والصمود، مشاركة المرأة في سوق العمل، التكاليف الاقتصادية لعدم المساواة بين الجنسين في سوق العمل، والوطن العربي بين مطرقة المربكات وسندان السياسات.
كما أوضح أمين عام الجمعية أنه قد تم خلال المؤتمر إطلاق تقرير التنمية العربية لعام ٢٠٢٤ والذي تعدّه الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية بالتعاون مع المعهد العربي للتخطيط بالكويت ومعهد التخطيط القومي بالقاهرة تحت عنوان "دور البيانات وتوافرها في دعم عملية التنمية في الدول العربية".
وجدير بالذكر أنه في ختام أعمال المؤتمر، تم عقد جلسة نقاشية ركزت على عدة قضايا أهمها: محرّكات وممّكنات العقد المقبل في الدول العربية، وأزمة الديون في الدول العربية، ومستقبل التكامل والتجارة البينية بين الدول العربية، والخروج من المآزق والتغلب على التحديات من أجل الانفتاح على الإصلاحات في الوطن العربي، والسياسات المقترحة للدول العربية، للتعامل مع ما هو معروف وما هو غير معروف من مربكات التنمية خلال السنوات القادمة.
وقد أكّد ممثلو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية على أنها على أتم الاستعداد للتعامل بشكل مؤسسي مع الجامعة العربية لدعم جهودها لتفعيل تلك التوصيات وغيرها من الخطط والبرامج التنموية العربية.
ومن جانبه رحب أحمد أبو الغيط بهذه المبادرة، مثمنًا الجهود التي تقوم بها الجمعية، وما توصّل إليها مؤتمرها من نتائج وتوصيات هامة، وطالب سيادته وفد الجمعية باقتراح تصور لتفعيل ما توافق عليه الحاضرون في هذا اللقاء من أهمية التعاون المؤسسي بين الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية من جهة وجامعة الدول العربية -ممثلة في قطاع الشؤون الاقتصادية- من جهة أخرى، بحيث يتم البدء في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه اعتبارًا من عام ٢٠٢٥.