موقع 24:
2024-11-16@23:19:41 GMT

الإقليم والقسمة الغائبة في غزة

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

الإقليم والقسمة الغائبة في غزة

المخاوف الأمريكية من اتساع نطاق الحرب في غزة، تبددت. وهو ما أتاح الفرصة لتوغل إسرائيل في سفك الدماء. الطمأنينة منحتها قدرة أكبر على توجيه الصواريخ إلى مراكز الإيواء لأونروا.

حبل الانتقام من المدنيين الفلسطينيين يطول، بمقدار ما يطول حبل القناعة بأن أحداً لن يهدد إسرائيل بشيء آخر، ليفرض وقفا لإطلاق النار بالقوة.


خيارات القوة في الإقليم كانت مستبعدة أصلاً. العديد من دول المنطقة اختارت طريق الدفاع عن الحقوق الفلسطينية بوسائل سلمية. وهو خيار عملي مفتوح، منذ اتفاقات كامب ديفيد. ولقد مرت على هذا الخيار اختبارات، أو امتحانات، كثيرة وعصيبة، إلا أنه صمد أمام عواصفها مجتمعة. لماذا؟ من ناحية، لأن القسط الأكبر من الفلسطينيين اعتبروه خيارا عمليا لأنفسهم أيضا. ومن ناحية أخرى، لأن القناعة التي تقول إنك لا تستطيع أن تحرر شعبا إذا لم تكن أنت نفسك حرا، أثبتت قوتها.

الفلسطينيون حتى وإن انقسموا حول خيار السلام، فإن انقسامهم نفسه ظل يدور حول سؤال البدائل من دون أن يلقى جوابا موحدا. والعرب حتى وإن انقسموا على الموقف من العلاقات مع إسرائيل، إلا أن كلا منهم ظل يواجه تحدياته الخاصة.
دول “"لصمود" مثل الجزائر، وسوريا، والعراق، مأزومة بنفسها. ودول السلام ترى منعطفا اقتصاديا عاصفا وتخشى أن تخسر السباق فيه، فيضيع كل شيء لمئة عام مقبلة أو أكثر. ترى بوضوح أن الفرص المتاحة اليوم سوف تختفي في غضون ربع القرن المقبل، وهي ما لم تتدارك اليوم، فإنها لن تتدارك غدا. سيكون القطار قد فات.
وهناك، ضمن هذا الفريق دول مثل الأردن، ومصر، تواجه معضلات اقتصادية لا تتعلق بتدبير شؤون الغد، وإنما بشؤون خبز اليوم، حصرا.
الأردن، في هذا السياق، اكتفى بتحديد خطوطه الحمر، على اعتبار أن تنفيذ سياسة تهجير جماعية للفلسطينيين في غزة سوف يؤدي إلى سياسة تهجير جماعية في الضفة الغربية، مما يهدد الوجود الكياني للمملكة. وهو ما اعتبره الأردن “إعلان حرب”، لأنه سيكون كذلك بالفعل.
بمعنى آخر، أرجأ الأردن التدخل في الحرب إلى حين أن تصبح حربا فعلية عليه. وهو يضغط باتجاه إحياء "حل الدولتين"، لتجنب تلك الحرب.
مصر، المأزومة بجبل من الديون، حولت الحرب إلى فرصة للحصول على إعفاءات وقروض ميسرة. خبز 100 مليون إنسان حاجز إستراتيجي لا يمكن تجاهله. ولو أن الدول المانحة هي التي ضغطت على هذا الحاجز، من دون حرب على غزة، لكان الوقوف وراء اندلاعها خيارا معقولا من الناحية الإستراتيجية.
إيران وحلفاؤها كانوا هم الوحيدين من حملة السلاح الذين يريدون تحرير فلسطين، ويوجهون الإنذارات لإسرائيل، أربع مرات كل خمس دقائق، هذا، لو أنك أحصيت ما يُدلى به من التصريحات الرسمية وغير الرسمية والميليشياوية. ولكن انتهى الأمر بأن قبض الولي الفقيه ثمن الصمت، صمت السلاح، لا صمت الضجيج، على ذبح غزة. بضعة مليارات من الدولارات، كانت كافية لجعل هذا الصمت مدويا. ولكن بقيت للضجيج مناوشات على جبهة الشمال، تساعد في إبقائه ضجيجا حيا.
الأسئلة في إيران، ولدى ميليشياتها، هي: وماذا نفعل إن لم ندّع أننا نريد الموت لإسرائيل؟ وبما نغطي مشروعنا الطائفي في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن؟ وما الذي يوفر المبرر لمجازرنا الخاصة التي ارتكبناها هنا وهناك وهنالك؟

حماس نفسها تعرف الآن أن "وحدة الساحات" مع إيران وحزب الله كانت وهما ليس أقل دويا من قصف الصواريخ لغزة. تعرف أكثر أن الرهان على مشروع طائفي تسبب بسلسلة طويلة من المجازر في العراق وسوريا، وكان رهانا أرعن. لا توجد كلمة أفضل من هذا الوصف.
وحدة الساحات الحقيقية التي كان يجدر الرهان عليها، هي الساحات الفلسطينية بالذات. ليس ساحة الضفة الغربية، والقدس وحدهما، وإنما ساحة الداخل الفلسطيني أيضا. هذه الساحات وإن كانت هي مصدر القوة الحاسمة في التغلب على المشروع الصهيوني، فإنها تتطلب جرأة أكبر من إطلاق الصواريخ على العدو المشترك. كانت تتطلب جرأة على تقديم خيار وطني، نضالي مشترك، يعيد تقسيم المواقف والبدائل الإستراتيجية، على قاسم أعظم.
هذه الجرأة هي التي ظلت ناقصة. وليس من المتوقع أن تتوفر قريبا.
بحرب أم من دونها، غزة لا يمكنها أن تحقق نصرا من دون ساحاتها الداخلية. لا يحتاج الأمر فهما معقدا. سبعة ملايين فلسطيني هم الظهير الوحيد الذي يمكن التعويل عليه. وما لم يقتسم الفلسطينيون قسمتهم المشتركة، فيما بينهم، على وجهة إستراتيجية، غالبة على الأقل إن لم تكن موحدة، فلا تعجب لماذا تتحول سلطة محمود عباس في الضفة الغربية إلى مسخرة، كما لا تعجب لماذا تتحول سلطة حماس في غزة إلى مجزرة. كما لا تعجب كيف يسود الخوف والرهبة في أوساط فلسطينيي 48. في ظروف أخرى، كان فلسطينيو الداخل هم السباقين في المواجهة مع الاحتلال والعنصرية.

"يوم الأرض"، الذي يحتفل به الفلسطينيون في كل مكان، هو يوم للمقاومة أقامه ويديمه فلسطينيو الداخل. أين هم اليوم؟ حتى أنك لن تعثر على تظاهرة!
هذه مفارقة. ولكن عجز حماس عن الانخراط في القسمة، وإيمانها القاطع بأن طريقها وحده هو الصحيح، هما اللذان يقفان وراءها.
حسن تماما أن تتمكن من تكبيد عدوك خسائر "فادحة". ولكن كم هي "فادحة" حقا؟ ألف، ألفان، ثلاثة آلاف جندي، زائد ناقص، هل سيغير الكثيرَ بالنسبة للمشروع الصهيوني، أو لمن يقف خلفه؟ وعشرة أو عشرون أو خمسون مليار دولار من الخسائر الاقتصادية، هل تشكل معضلة لإسرائيل فعلا؟ هل أدلّك على شركة واحدة في الولايات المتحدة تستطيع تعويض هذا المبلغ من دون الحاجة إلى طلب دعم من الكونغرس؟

إسرائيل لا تخوض حربا في غزة. الحرب بدأت وانتهت، كما يقول القيادي الفلسطيني محمد دحلان، يوم 7 أكتوبر. كل ما بقي منها هو الانتقام. كل ما بقي هو سفك الدماء الذي لا يُفضي إلى شيء أكثر من سفك الدماء نفسه. لا سياسة، ولا أفق، ولا حتى مفاوضات على أي شيء يتعدى تبادل الأسرى.
معادلة حماس اللاتوافقية، أو التي ظلت تمتنع عن القبول بالقسمة بين الخيارات الفلسطينية، انتهت إلى صفر سياسي وإستراتيجي كبير.
هذا أمر لا علاقة له بالموقف البطولي الذي يواجه به المسلحون الفلسطينيون قوات الاحتلال في غزة. إذا كنت تبحث عن "دفاع عن النفس"، فهذا هو الدفاع عن النفس. إنه شيء تفعله تلقائيا، وبديهيا، من دون أي اعتبارات سياسية أو فكرية. أعط أي غزاوي بندقية ودعه يتصرف، من دون أن تسأله عن أي انتماء آخر غير أنه ابن تلك الأرض فقط.
إذا كان ثمة تعويض جدير بأن تنحني له الظهور، ولكل ما تم تقديمه من ضحايا، فهو السعي لبناء إستراتيجية قسمة فلسطينية مشتركة، قسمة تراهن على سبعة ملايين فلسطيني، وتكف عن الرهان على إيران وحزب الله، أو على مشروع ميليشياوي طائفي كان وراء مقتل وتهجير ما لا يقل عن 18 مليون إنسان في العراق، وسوريا وحدهما، فما بالك بجوع لبنان، وخراب اليمن.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی غزة من دون

إقرأ أيضاً:

السوداني يدعو إلى الإسراع في تشكيل حكومة الإقليم

آخر تحديث: 14 نونبر 2024 - 9:43 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أبدى رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، أمس الأربعاء، استعداد الحكومة الاتحادية لتقريب وجهات النظر بين قوى الاقليم، فيما أكد حرصه على الإسراع في تشكيل حكومة إقليم كردستان العراق.وذكر بيان لمكتبه ، أن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، التقى رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، بحضور نائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق قوباد طالباني، وذلك خلال زيارته الى محافظة السليمانية التي وصلها مساء امس الأربعاء، ضمن زيارته للإقليم”.وقدم السوداني، “تهانيه بمناسبة نجاح العملية الانتخابية في الإقليم، وما عكسته من نتائج ينتظر منها تشكيل حكومة تلبي تطلعات مواطني الإقليم، وتستكمل التفاهمات والتعاون لتسوية جميع الملفات”.وأكد السوداني، أن “الفوز الأكبر يتمثل بالمشاركة الواسعة في الانتخابات، والتي تعد بمثابة رسالة مهمة يتحتم على القوى السياسية عدم التفريط بها”، مبيناً أن “أمام القوى الفائزة استحقاقا آخر يتمثل بالتفاهمات لتشكيل الحكومة التي نأمل أن تنجز سريعاً”.وأبدى، “استعداد الحكومة الاتحادية العمل لتقريب وجهات النظر بين مختلف القوى السياسية في الإقليم”، مؤكداً أن “المواطن سيقيم مشاركته في ضوء ما سينجز على الأرض من البرامج الانتخابية”.وأشار السوداني إلى “ما تمر به المنطقة من منعطف حرج بسبب استمرار العدوان الصهيوني على غزّة ولبنان، ما يستدعي بذل الجهود وتوحيد الصف الوطني لمواجهة الخطر الذي يهدد دول المنطقة”.من جانبه أشاد رئيس الاتحاد الوطني، بـ”موقف رئيس مجلس الوزراء الذي وصفه بالمحايد، ودعمه لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق”، مؤكداً “إسناده ودعمه الكامل للحكومة الاتحادية في مختلف الاستحقاقات”.وبين طالباني “حرصه على الإسراع في تشكيل حكومة الاقليم، بهدف تنفيذ التفاهمات مع الحكومة الاتحادية”، لافتاً إلى “دعم الجهود الرامية الى تبني رؤية مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بهدف تحقيق التوازن والفوائد الأفضل في استثمار الثروة النفطية”.

مقالات مشابهة

  • ما الدور الذي يمكن أن يلعبه ترامب في حرب روسيا بأوكرانيا؟ زيلينسكي يعلق
  • شاهد بالفيديو.. أحد أفراد الدعم السريع يحكي قصته مع صديقه الذي ساعده على الخروج مع أسرته وتفاجأ به بعد أيام وهو يشمت في زميله المقتول “انجغم”
  • زيارة السوداني إلى الإقليم: دعم للحوار أم ضغط سياسي؟
  • برز في «فيرمونت وسفاح التجمع».. ماهو عقار GHP الذي كانت تتعاطاه الإعلامية الشهيرة؟
  • إيران: مستعدون للعمل مع وكالة الطاقة الذرية لإزالة الغموض المزعوم
  • النفط النيابية:حكومة الإقليم وراء تأخر إقرار قانون النفط والغاز
  • السوداني:استقرار الإقليم قوة للحكومة الإتحادية
  • الكشف عن تفاصيل الكمين الذي قُتل فيه ضابط وخمسة جنود (إسرائيليين) جنوبي لبنان .. صورة
  • السوداني يدعو إلى الإسراع في تشكيل حكومة الإقليم
  • أحمد حسين: الحرب الإعلامية التي تمارسها الميليشيا عن تحركاتها في الأطراف الشرقية لمدينة الفاشر محاولة “