الرئيس الإيراني: عملية “طوفان الأقصى” أدت الى هزيمة عسكرية واستخباراتية للعدو الصهيوني
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
الثورة نت|
أكد الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي هذه الليلة، في تصريحات لخمس قنوات تلفزيونية تابعة لمحور المقاومة ” أن عملية “طوفان الأقصى” أدت الى هزيمة عسكرية واستخباراتية لكيان العدو الصهيوني.
وقال السيد رئيسي في تصريحاته لقنوات المنار والاتجاه وفلسطين اليوم والأقصى والمسيرة: إن عملية طوفان الأقصى غيرت كافة المعادلات وأصبحت القضية الفلسطينية قضية العالم.
وأضاف رئيسي: ما حصل يوم السابع من أكتوبر كان الرد على الظلم الذي قام به العدو الصهيوني ودفاع مشروع عن حقوق الشعب الفلسطيني.. مؤكدا أن رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو مجرم ويجب محاكمته وهو أول ضحية لعملية “طوفان الأقصى” لذلك يريد وأفراد حكومته استمرار الحرب.
وشدد الرئيس الإيراني على أن بلاده تدعم المقاومة لأنها حق مشروع وهي قضية إنسانية ويجب ان نسأل الأخرون لماذا لا تدعمونها؟.
واضاف: أي دولة تساعد الكيان الصهيوني شريكة في جرائمه ودماء شهداء فلسطين أزال قناع النفاق عن الحكومات الغربية.. مشددا على أن عملية طوفان الأقصى غيرت المعادلات في الدول الإسلامية ويجب على الدول أن تقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني.
وتابع: المقاومة الفلسطينية تواصل التصدي للعدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة لليوم الـ47 على التوالي.
كما شدد السيد رئيسي على أن عملية طوفان الأقصى عملية هامة جدًا وقد كسرت هيمنة العدو وأدت لهزيمة عسكرية واستخبارية كبيرة للكيان.
وقال إن عملية طوفان الأقصى هي نتيجة لاستمرار الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، والاعتداءات على الضفة الغربية والأسرى الفلسطينيين.. مشيرا إلى أن هناك كل يوم تدمير للبيوت واستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتوسع للاستيطان واقتحام للمسجد الأقصى، كل ذلك كان من عوامل اندلاع طوفان الأقصى.
وأضاف: إن هناك كل يوم تدمير للبيوت واستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتوسع للاستيطان واقتحام للمسجد الأقصى، كل ذلك كان من عوامل اندلاع طوفان الأقصى.. مشيرا إلى أن كيان الصهيوني عجز عن مواجهة المقاومة الفلسطينية وهو ينتقم بقتل النساء والأطفال في قطاع غزة.
وشدد السيد رئيسي أيضا على أنه بعد يوم السابع من أكتوبر انهار الكيان الصهيوني تماما ما دفع الأمريكيين والغربيين للمجيء وإعادته للحياة.
وقال: إن الأمريكيين والغربيين كانوا قلقين من انهيار الكيان الصهيوني الذي تلقى هزيمة نكراء في السابع من أكتوبر وتدخلوا بأسلحتهم والغطاء السياسي.
وتابع قائلا: إن كيان العدو فشل في السيطرة على غزة وفشل في القضاء على حماس وهو لم يحقق أي انتصار في هذه المعركة سوى قتل النساء والأطفال.
ورأى أن كل العالم بات يرى اليوم حقيقة الكيان الصهيوني وهناك صحوة عالمية في النظرة تجاه هذا الكيان.. لافتا إلى أن شعارات المنظمات الدولية التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان ظهرت أنها ادعاءات كاذبة والعالم بات يعرف أنها مجرد عناوين زائفة.
واعتبر أن تحرير القدس الشريف هو هدف للأمة الإسلامية والمقاومة الفلسطينية تقف في الصف الأمامي لهذا المشروع.. مؤكدا أن القضية الفلسطينية يجب أن تكون القضية الأولى للعالم الإسلامي.. مشددا على أن عملية طوفان الأقصى قامت بتصفية عملية التطبيع مع كيان العدو.
وقال السيد رئيسي: الفلسطينيون أثبتوا أن زمام المبادرة بات بأيديهم، والأعداء سعوا لمحو القضية الفلسطينية من الأذهان عبر التطبيع لكنهم فشلوا في ذلك.
وأضاف: إن الأجواء العالمية تغيرت لصالح الشعب الفلسطيني وقد انهار مخطط إنهاء القضية الفلسطينية أو إخراجها من أولويات شعوب المنطقة والعالم.
وتابع: إن القضية الفلسطينية أصبحت اليوم قضية عالمية والصحوة التي حدثت في العالم أعادت فلسطين إلى صدارة المشهد العالمي.
وأشار إلى أن أكثر من 65 إعلاميًا استشهدوا في معركة طوفان الأقصى بسبب نقلهم للخبر الحقيقي الصحيح الذي أحدث طوفانًا في العالم.
ورأى الرئيس الإيراني أن المقاومة الفلسطينية مظلومة ومقتدرة والكيان الصهيوني لحقت به هزيمة نكراء في الميدان وعلى مستوى الرأي العام العالمي.
وإذ شدد على أنه من الضروري إيصال المساعدات إلى قطاع غزة ورفع الحصار عن القطاع، كشف أن الأمريكيين والدول الغربية تعارض مشاريع الهدنة الإنسانية في مجلس الأمن.
كما اعتبر الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي أن الكيان الصهيوني لم يحقق أي مكاسب وبدلًا من القضاء على المقاومة أصبحت فلسطين قضية عالمية.
وقال: إن الكيان الصهيوني لا يستطيع القضاء على المقاومة فالمقاومة مع مقدراتها العسكرية تملك قوة الإيمان وقد تطوروا من حرب الحجارة إلى حرب الصواريخ
وأضاف: نرى مظاهرات كبيرة في الدول الغربية التي تدعم الكيان الصهيوني حتى في أمريكا، وهذا الرأي العام العالمي يضغط نحو الهدنة ووقف إطلاق النار
وتابع: إن أول من سيعاقب في الكيان الصهيوني بعد انتهاء الحرب هو نتنياهو ولهذا هو يدفع نحو استمرار العدوان.. مشيرا إلى أن الجيش الصهيوني تلقى ضربة كبيرة في العملية البرية وهو لم يكن مستعدًا للمعركة ولم يقرأ المعطيات جيدا.
وأردف السيد رئيسي قائلا: إن استمرار الحرب ليس لصالح الكيان الصهيوني وكل يوم يمر يرتفع فيه علم المقاومة أكثر ونقترب من تحرير القدس.
وأكد حرية فصائل المقاومة في اتخاذ قراراتها.. قائلا: لم نأمر يوما فصائل المقاومة بتنفيذ أي عمل فهي تملك القرار وتنفذ قراراتها الحرة.
إلى ذلك أشار الرئيس الإيراني أن بلاده على تواصل مع مختلف الدول الإسلامية ودول العالم لتحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان على قطاع غزة
واستطرد بقوله إن قوى المقاومة في العالم الإسلامي ترتبط بروحية عقائدية مع المقاومة في فلسطين وواجبنا أن ندافع عن فلسطين والحق والعدالة
كما أكد أن إيران قوية وتتحدث عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية بكل شفافية ونحن ندعم المقاومة الفلسطينية وكل الشعوب الإسلامية يجب أن تدعم المقاومة.
وشدد على أن المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني والجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم هذا الحق بكل وضوح، بل نحن نسأل الساكتين لماذا لا يدعمون هذه المقاومة.
ورأى السيد رئيسي أن 75 سنة من الاحتلال لا تعطي شرعية للكيان الصهيوني في فلسطين ويجب طرد المحتل وأن يدفع الكيان الصهيوني تعويضات للشعب الفلسطيني.. مشددا على أنه يجب أن تقف كل الدول الإسلامية موقفًا موحدًا في رفض الاحتلال ودعم المقاومة الفلسطينية.
واعتبر أن تهجير أهل غزة مستحيل ولن يتحقق، فأهل غزة مقاومون وقدموا الكثير من التضحيات والكيان الصهيوني لن يستطيع السيطرة على غزة أو الضفة الغربية.
وقال: إن الشعب الفلسطيني لا يستسلم ولن يتمكن الكيان الصهيوني من تهجير أهل غزة رغم جرائم الحرب التي يرتكبها.. مضيفا: إن شباب المقاومة في فلسطين ولبنان ولدوا بعد اتفاقيات أوسلو وكامب ديفيد وهم أبناء الأجيال الجديدة، وهذا دليل على فشل اتفاقيات التطبيع في إنهاء روح المقاومة.
وأكد الرئيس الإيراني أن كيان العدو الصهيوني يريد القضاء على المقاومة في أي مكان لكنها تفرض نفسها على الكيان، فالمقاومة تمثل الشعوب ولا يمكن القضاء على هذه الشعوب.
وشدد على أنه لا يمكن القضاء على المقاومة فالمقاومة هي إرادة الشعوب التي تريد الدفاع عن نفسها في وجه الكيان الصهيوني وأمريكا، والمقاومة لا تقهر.. مضيفا: إن الشعب الفلسطيني والشعوب الأخرى صامدة وباقية وتملك الإرادة الصلبة والقوية.
وتابع قائلا: اليوم العالم كله يتحدث عن حقوق الشعب الفلسطيني ويرى الظلم الذي يقوم به كيان العدو، والدول الإسلامية متفقة على هذه النقاط مع اختلاف في تطبيقها.
وقال السيد رئيسي: إن كيان العدو يرتكب جرائم ضد الإنسانية وهذا الأمر أحدث نفورا تجاهه في العالم ولا يجب أن يتجرأ أحد على التطبيع مع الكيان بعد هذه الجرائم.
وتابع رسالتي للدول الإسلامية ودول العالم، يجب أن تقوم كل هذه الدول بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وأي دولة تساعد هذا الكيان في شريكة في الجرائم.
وأردف لا يجب أن نبقى متفرجين تجاه استمرار الأمريكيين والصهاينة في قتل النساء والأطفال، وعلى كل الدول الإسلامية الدفاع عن الشعب الفلسطيني ودعمه.
إلى ذلك أكد الرئيس الإيراني أن مقترح بلاده لتسليح الشعب الفلسطيني في القمة العربية والإسلامية منطقي وقابل للتحقق.. قائلا: نحن سنستمر في دعم الشعب الفلسطيني، والكيان الصهيوني كيان عنصري محتل يرى نفسه أعلى من كل البشر الآخرين.
ولفت السيد رئيسي إلى أن الدول الغربية تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان لكن حديثهم هذا أصبح اليوم نكتة وكل العالم يعرف أنهم يدعمون الكيان الصهيوني العنصري.
وقال الرئيس الإيراني: إن النظام العالمي ظالم والعالم فهم ذلك ويجب تشكيل نظام عادل في العالم ومسألة فلسطين يجب أن تشكل نقطة انطلاق للنظام العالمي العادل الجديد.
وحذر السيد رئيسي من توسع معركة طوفان الأقصى.. قائلا: إن توسع المعركة سيكون نتيجة طبيعية لاستمرار العدوان على غزة فشعوب العالم ينفد صبرها تجاه حجم الجرائم.
وأضاف: إن دماء شهداء فلسطين أزالت القناع المنافق للحكومات الغربية التي تزعم أنها ضد نظام الفصل العنصري.. مردفا نحن مؤمنون بانتصار الشعب الفلسطيني وانهيار الكيان الصهيوني وسنة الله انتصار الحق.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: طوفان الاقصى المقاومة الفلسطینیة القضاء على المقاومة الرئیس الإیرانی أن عملیة طوفان الأقصى القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی الدول الإسلامیة العدو الصهیونی کیان الصهیونی المقاومة فی السید رئیسی کیان العدو فی العالم الدفاع عن قطاع غزة أن عملیة على أنه عن حقوق إلى أن على أن یجب أن
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى: السياسي والإيديولوجي
يمكننا، كما استخلصنا بعض السمات التي أفرزها طوفان الأقصى من جانب تعامل الطغمة الصهيونية والأمريكية معه، نريد التوقف على الجانب العربي بهدف النظر في كيفية تعاطيه مع القضية الفلسطينية عموما، وحدث 7 تشرين الأول/ أكتوبر بصفة خاصة.
لقد تصرف العرب عموما مع الحدث، وكأنه بعيد عن انشغالاتهم وهمومهم بالقدر الذي يتطلبه هذا الحدث العظيم. ولم يطرأ التغيير في مواقفهم منه إلا بعد أن طرح ترامب مسألة تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، حيث بدأت القضية لديهم تأخذ مسارا آخر. فكان الإجماع الذي افتقدته القضية منذ مدة طويلة.
قد تتعدد تفسيرات الواقع العربي، حكومات، وشعوبا، وأحزابا والتحولات التي أدت إلى المواقف من القضية الفلسطينية عكس ما وقع مثلا في 1973. لكني أريد الذهاب إلى البحث في الذهنية التي تتحكم في التصور العربي، ولا سيما لدى من ظلت القضية الفلسطينية تمثل لديهم أولوية في الصراع ضد الاستيطان، والهيمنة الأمريكية. وأقصد بصورة خاصة الأحزاب المعارضة، والنقابات، والمثقفين على اختلاف طوائفهم وألوانهم. وللقيام بذلك سأميز بين الإيديولوجيا والسياسة لأنني أرى هذا التمييز المدخل الطبيعي والضروري لفهم وتفسير ما جرى.
أعتبر السياسة فن إدارة وتدبير الوجود البشري لتحقيق المكاسب. أما الإيديولوجيا فنشر أفكار، والدفاع عنها باستماتة بهدف كسب الأنصار. إن الإيديولوجي الذي يمارس السياسة يعمل بدون وضع الزمن وتحولاته في نطاق ممارسته. إن ما يهمه بالدرجة الأولى هو تقديم تصوره الإيديولوجي الذي يتبناه ويظل يدافع عنه. والعرب لم يكونوا يمارسون السياسة ولكن الإيديولوجيا. إن الإيديولوجيا العربية، أيا كانت منطلقاتها ومقاصدها، هي ما يمارسه العرب في علاقتهم فيما بينهم، فتجد الفرقة بينهم تتخذ بعدا دينيا وطائفيا (سنة، شيعة)، وجغرافيا وحدوديا (شمال وجنوب، وغرب وشرق)، وسياسيا (حكومات وحركات). وكل منهم يرى أن إيديولوجيته هي التي تمتلك الحقيقة، والآخر ضال. وفي ضوء هذا التمايز تتخذ المواقف ضد أو مع ما يجري في الساحة العربية داخل كل قطر عربي، وبين الأقطار العربية. وهذه المواقف هي التي تتحدد في العلاقة مع الصهيونية وأمريكا خارجيا، حيث الرضوخ لهما بدعوى التحالف أو اتخاذ الحياد السلبي، أو التصريحات المجانية.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا، وهو يصطف إلى جانب الأطروحة الصهيونية ــ الأمريكية. لقد تم التعامل مع الحدث على أنه عمل حركة إرهابية هي حماس ضد دولة معترف بها عالميا، ولم يكن التعامل معه باعتباره وليد صيرورة من الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. وأنه لم يأت إلا ضد ما كانت تمارسه السلطات الصهيونية ومستوطنوها في القدس، وما ظلت تقوم به لتصفية القضية نهائيا، وخاصة منذ ولاية ترامب الأولى التي دعا فيها إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مدعيا جعلها عاصمة أبدية لإسرائيل، متنكرا بذلك لكل القرارات الأممية حول القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وحل الدولتين.
أمام عدم انخراط الضفة الغربية في طوفان الأقصى، وهو ما كانت تخشاه إسرائيل، ملأت جبهات الإسناد الساحة، وقامت بدورها في دعم المقاومة في غزة، فبدا طوفان الأقصى وكأنه وليد إملاءات إيرانية، فاستغل هذا عالميا، وخاصة من لدن إسرائيل وأمريكا لتحوير الحرب الحقيقية من كونها قضية وطن إلى حرب بالوكالة لفائدة إيران التي صارت قطب «محور الشر». فكانت الاغتيالات لهنية في طهران، وبعد ذلك لرموز حزب الله وحركة حماس ليست نهاية لطوفان الأقصى بل لتأجيجه ودفعه في اتجاه مناقض لما كانت تحلم به إسرائيل التي توهمت أن القضية الفلسطينية ليس وراءها سوى إرهابيين يكفي القضاء عليهم لإنهاء القضية وإقبارها إلى الأبد.
لكن الصمود الوطني الأسطوري للمقاومة دفعها إلى القبول بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وبعد ذلك في غزة. وخلال هدنة تبادل الأسرى والمختطفين تفرغت الآلة الجهنمية الصهيونية للضفة الغربية مستهدفة تهجير المواطنين وتدميرها كما فعلت في غزة. ومع التحول الذي عرفته سوريا، ونهاية «الممانعة» التي كانت تمنع من المواجهة مع العدو، ها هي إسرائيل تهدد أمن بلد خرج للتو من كابوس مرعب بدعوى السيمفونية النشاز: حماية أمنها القومي؟ إسرائيل شعب الله المختار عليه أن يحافظ على أمنه الذي عليه تكدير أمن «جيرانه» غير المحتملين، وتنغيص الحياة عليهم. هذه هي السياسة الصهيونية التي تنبني على إيديولوجية التسلط والهيمنة.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا،
إن كل هذا نتيجة الخلاف الإيديولوجي بين مكونات المقاومة الفلسطينية الذي ظلت إسرائيل تغذيه وتفرضه طيلة كل عقود الصراع. ولا فرق في ذلك من يحمل السلاح لأنه إرهابي، ومن يخضع للهيمنة الصهيونية باسم سلطة لا حق لها في ممارستها. فكلاهما غير مرغوب فيه لأن إسرائيل للإسرائيليين وليست لأي عربي. هذا الدرس لم يفهمه بعض الفلسطينيين والعرب الذين اتخذوا مواقف مضادة من طوفان الأقصى. وهو الدرس الأكبر الذي يقدمه الطوفان لمن لم يريدوا فهم طبيعة الكيان الصهيوني وأسطورته الإسرائيلية، وهو ما يبدو حاليا بشكل أجلى منذ انتخاب ترامب في ولايته الثانية. وهو ما ظل يصرح به أبدا سموتريتش وبن غفير بوقاحة وجرأة وطغيان وعنصرية مقيتة.
يمارس الفلسطينيون بمختلف تياراتهم واتجاهاتهم السياسة، ومعهم كل الأحزاب والمنظمات الحقوقية والأهلية العربية من منظور حركات التحرر العالمية في الستينيات، أي في ضوء تصورات إيديولوجية معينة. ومواقفهم من بعضهم البعض تتأسس على قاعدة: من ليس معي، فهو ضدي. إنها القاعدة التي لا يتولد منها سوى الحقد الإيديولوجي، والاقتتال الداخلي، والصراع المستدام. إنهم لا يميزون بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية. بل إن ما هو ثانوي يصبح لديهم أساسيا، وفي المستوى الأول، بينما التناقض الرئيسي يقبع في الخلفية. ولذلك نجدهم يُرهِّنون تناقضاتهم الداخلية الخاصة، وتحتل المكانة الكبرى أمام ما تمثله تناقضاتهم مع عدوهم الخارجي التي تصبح وكأنها غير موجودة. يغذي العدو هذه التناقضات، ومن مصلحته إدامتها لبسط هيمنته، وإدارته الصراع بما يخدم مصلحته.
تبدأ ممارسة السياسة لدى الفلسطينيين إذا ما جمدوا تناقضاتهم الداخلية، ووجهوا التناقض نحو العدو المشترك. في هذا التجميد يكمن الحس الوطني الحقيقي في بعده الديمقراطي والوحدوي الذي تهمه قضية الوطن عبر وضعها فوق أي اعتبار. أما تبادل الاتهامات وادعاءات تمثيل الشعب الفلسطيني فليس سوى خطابات جوفاء لا قيمة لها لأنها تعبير عن إيديولوجيا زائفة.
إن الدرس الأكبر الذي نستنتجه من الحدث الأكبر طوفان الأقصى، والذي هو في الحقيقة حلقة من حلقات ما يمكننا تعلمه من تاريخنا الحديث في صراعنا مع الآخر، أي من الاستعمار التقليدي إلى الجديد يدفعنا إلى تأكيد أن ما قلناه عن الفلسطينيين ينسحب على العرب حكومات وشعوبا وأحزابا ومنظمات مختلفة. إن التناقض الرئيسي ليس مع من يختلف معنا، ويعارضنا، إنه ضد التبعية، والتخلف، والتفرقة، والتأخر عن العصر الذي نعيش فيه. إنه ضد الآخر الذي يسعى لإدامة التفرقة بين الدول والشعوب، وإشاعة الفتنة، ونهب ثروات وخيرات البلاد العربية، والحيلولة دون تقدمها. إنه ضد الطائفية والعرقية والظلامية، ومع حرية المواطن وكرامته وعزته في وطنه، ووحدة الأوطان، وتعزيز التعاون والتقارب بينها لما فيه الخير للجميع.
إذا لم تكن السياسة فن إدارة التدبير من أجل الحياة الكريمة فإنها ليست سوى إيديولوجيا توليد التناقضات وتفريخ الصراعات، وإشعال النزعات وإشاعة النزاعات، ويكفي النظر إلى ما يمور به واقعنا لتأكيد أن الإيديولوجي مهيمن في حياتنا على السياسي.
لقد كشف طوفان الأقصى حقيقة واقعنا مع ذاتنا ومع الآخر. فإلى متى يظل يلدغ المؤمن من الجحر مرتين؟