يعاود أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت نشاطهم امام قصر العدل اليوم للمطالبة من مجلس القضاء الأعلى تشكيل الهيئة الإتهامية بأسرع وقت، ومن القاضي حبيب رزق الله البدء بالتحقيق بعد انقضاء العطلة القضائية.

وبحسب ما كتبت مارلين وهبة في"الجمهورية"، فان تحرك الشباب لم يأتِ من عبث، بل انّ العامل الأساس الذي حرّك الملف وأعاده الى الواجهة هو قرار مجلس الشورى الذي أبطل القرار الصادر عن وزير الداخلية والبلديات لناحية منعه الضابطة العدلية من تبليغ الاوراق القضائية الصادرة فقط عن المحقق العدلي القاضي طارق بيطار.


الاّ انّ مجلس شورى الدولة اصدر بتاريخ 7/11/2023 قراراً مميزاً وجريئاً أبطل بموجبه قرار وزير الداخلية، ورسّخ بموجبه القواعد القانونية الملزمة ووضع حداً لاستنسابية السلطة التنفيذية في تطبيقها للنصوص والأحكام من جهة، وفي تعاطيها مع السلطات القضائية من جهة اخرى، وهذا ما اشار اليه البيان الذي وزّعه مكتب الادّعاء في نقابة المحامين في بيروت الخاص بفاجعة 4 آب 2020، بعد تلقّيه قرار الإبطال الذي اتخذه مجلس الشورى.
الجدير ذكره، انّ مجلس الشورى كان جريئاً في اتخاذ قراره المميز بإجماع من قِبل هيئة مجلس الشورى برئاسة القاضي فادي الياس، بناءً على تقرير محبك أعدّه القاضي كارل عيراني الذي يُشهد له بإعداد التقارير «المبكّلة» قضائياً وقانونياً، وهو القاضي الذي كان قد أصدر قراراً عاجلاً في تموز الفائت، ألزم فيه وزارة المالية بتسليم تقرير التدقيق الجنائي ونشره فوراً ومن دون ابطاء...
 
أما بالعودة الى الوقائع التي استندت الهيئة الحاكمة إليها نبّهت في مضمونها الى «انّ قرار وزير الداخلية من شأنه ان يشكّل سابقة خطيرة في تنفيذ الضابطة العدلية للمذكرات الصادرة عن القضاء، معتبراً انّ إعطاء الصلاحية للضابطة العدلية بتقدير الوضع السياسي وملاءمته لتقدير تنفيذ التبليغات الصادرة عن الجهات القضائية المختصة، يخرج بالكامل عن صلاحياتها ومن شأنه ان يؤدي الى عرقلة سير العدالة وشلّ المرفق القضائي».وإيرادها في الصفحة التاسعة من القرار، انّه عندما «يُصدر القاضي او الهيئة الحاكمة قراراً باسم الشعب اللبناني يكلّفان من خلاله الدولة لإبراز مستند او ملف او امراً معيّناً، فإنّ هذا القرار ليس مجرد تمنٍ على الادارة او مجرد مراسلة داخلية... بل هو قرار قضائي ملزم وواجب التنفيذ، ولا يعود للإدارة ترف استنساب تنفيذه من عدمه...».
 
وهذا النص هو بالتحديد ما اشار اليه مكتب الادّعاء في نقابة المحامين في بيروت في بيانها الذي اصدرته بعد اطلاعها على قرار مجلس الشورى الذي وجدته قد أنصف مكتب الادعاء الذي تقدّم بالمراجعة، كما أنصف اهالي ضحايا انفجار المرفأ، وأعاد ثقتهم بالقضاء، علماً أنّ تحرّكهم غداً الخميس جاء بناءً على هذا القرار، الذي من شأنه تحريك التحقيق في ملف تفجير المرفأ وملاحقة المسؤولين.
كيف طعن الشورى بالقرار؟
 
في المعلومات، انّ الشورى طعن بقرار وزير الداخلية عندما تمنّع المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان عن تكليف الضابطة العدلية، اي الدرك، بتنفيذ قرار القاضي بيطار، الذي أراد تحييد الأمن الداخلي وعدم إقحامهم بالسياسة. الّا انّ قرار مجلس الشورى وضع حداً لهذه الاستنسابية وتحديداً الى استنسابية الوزراء، الذي اعتبر بعضهم انّ لديه سلطة او «صلاحية الاستنسابية»، الامر الذي صوّبه قرار الشورى عندما منع عن الوزراء استخدام هذه السلطة، وأمرهم بالتوقف عن مصادرة هذا الحق.
 
وفي السياق، تشير مصادر قضائية لـ«الجمهورية»، إلى انّه ليس هناك من سلطة استنسابية مطلقة للوزير، والاّ تتحوّل سلطته الى سلطة كيدية واعتباطية، وهو بالتالي مجبر على تبرير عدم تجاوبه امام المحكمة بإعطاء اسباب وجيهة وقانونية وحقيقية لاتخاذه اي قرار».
وفق مندرجات القرار تبيّن انّ القاضي «المقرّر» أي عيراني كلّف وزير الداخلية إبراز الاسباب كما إبراز مطالعة مدير عام قوى الامن الداخلي التي استند اليها وزير الداخلية لعدم التجاوب مع القرارات القضائية، فكان الجواب بأنّ للوزير سلطة استنسابية. كما انّه تجاهل إرسال مطالعة عثمان لمجلس الشورى للإطلاع عليها والبناء عليها...! وبناءً على ما تقدّم، رتّب الشورى نتائج قانونية مقابل عدم تنفيذ ما كلّف به الوزير، فأبطل بالتالي القرار المطعون به.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ قرار مجلس الشورى لن يبقى معزولاً بل سيُستتبع بقرارات لاحقة يستطيع التسلّح بها الآن او في المستقبل أي قاض يتسلّم ملف 4 آب، لأنّه سينطلق منه، وعدم تنفيذ هذا القرار من شأنه ايضاً ان يؤدي الى تداعيات اقلّها عدم سكوت اهالي الضحايا، وادّعائهم على كل فرد رفض التنفيذ، لأنّهم اصبحوا يملكون قوة قضية من خلال قرار صادر من اعلى محكمة ادارية في لبنان.


المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: قرار مجلس الشورى وزیر الداخلیة من شأنه

إقرأ أيضاً:

حزب البشير يواجه انقساماً جديداً .. صراع محتدم بين «مجموعة تركيا» و«السجناء السياسيين»

تضاربت البيانات المنذرة بانشقاق كبير بين قيادات حزب «المؤتمر الوطني» الإسلامي الذي حكم السودان برئاسة عمر البشير لثلاثين عاماً، قبل إسقاطه بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019، وقالت مصادر إن خلافاً خرج إلى العلن بين مجموعة «السجناء السياسيين» بقيادة أحمد هارون ومجموعة (تركيا) بزعامة رئيس الحزب إبراهيم محمود، وكان الحزب قد انشق للمرة الأولى إبان سنواته في الحكم، عندما تصارعت مجموعة بقيادة البشير ومجموعة عراب الحركة الإسلامية في السودان الراحل حسن الترابي. وعُرف ذاك الانشقاق حينها بـ«المفاصلة».

غير أن المجموعتين المتصارعتين الآن تتفقان في دعمهما للجيش في حربه ضد «قوات الدعم السريع»، في حين يرى الكثيرون أن حزب «المؤتمر الوطني» الإسلامي هو العقبة الرئيسية أمام التفاوض من أجل وقف الحرب، وهو يرغب في العودة إلى السلطة مجدداً عبر تحالف مع الجيش. وكان الحزب قد وصل إلى الحكم أصلاً في عام 1989 عبر انقلاب عسكري نفته مجموعة الضباط الإسلاميين داخل الجيش، عندما انقلبوا على حكومة منتخبة ديمقراطياً.

وبعد عودة رئيس الحزب إبراهيم محمود من تركيا، برزت الصراعات بين رؤساء الحزب السابقين؛ إذ اتهم مكتب الحزب القيادي، الموالي لإبراهيم محمود، في بيان مساء الأربعاء، «قيادات»، لم يُسمّها، بالضلوع في مؤامرة أدت إلى سقوط حكم الحزب في عام 2019، وأيضاً بالسعي لشق صف الحزب بالدعوة لعقد اجتماع لـ«مجلس شورى الحزب»، في مخالفة لنظام الحزب الداخلي وقرارات مؤسساته.

«شق صف الحزب»

وقرر المكتب القيادي، كما جاء في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، عدم الاعتراف بأي قرارات تصدر عن اجتماع مجلس الشورى، واعتبرها مخالفة للنظام الأساسي، وطالب أعضاء مجلس الشورى بعدم الاستجابة للدعوة، لتجنب «شق صف الحزب».

ويضم فصيل إبراهيم محمود، كلاً من القيادي السابق نافع علي نافع وما يُعرف بـ«مجموعة تركيا»، إضافة إلى عدد من القادة، أبرزهم نائب البشير الأسبق الحاج آدم. أما المجموعة الثانية فعلى رأسها رئيس الحزب الذي كلفه البشير نائباً له قبيل أيام عدة من سقوط نظام حكمه، وهو أحمد محمد هارون، وتضم كلاً من الأمين العام للحركة الإسلامية علي أحمد كرتي، وعمر البشير نفسه، ويطلق عليهم مجموعة «السجناء السياسيين» الذين أُلقي القبض عليهم بعد سقوط نظام البشير، ثم خرجوا من السجون بعد اشتعال الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023.

من جانبها، دعت مجموعة «السجناء السياسيين» إلى عقد اجتماع لمجلس الشورى، لكن مجموعة إبراهيم محمود رأت أن الاجتماع ينعقد دورياً، واستثنائياً بطلب ثلث أعضائه، وهذا غير ممكن بسبب الحرب، وأن المكتب التنفيذي يعتمد ما يصدر عن مجلس الشورى.

واشترطت هذه المجموعة تنقيح العضوية وإسقاط عضوية من انتموا إلى حزب آخر، خصوصاً «حزب حركة المستقبل»، الذي أنشأه أعضاء في «المؤتمر الوطني» ليكون واجهة جديدة لهم، مدعية أن الوقت غير مناسب لانعقاد مجلس الشورى؛ لأن عضويته منشغلة بالقتال إلى جانب الجيش، وأن عقد الاجتماع سيخلق استقطاباً حاداً بين العضوية، بما يهدد وحدة الحزب.

التآمر على الحزب

ووجَّه البيان اتهاماً مبطناً للمجموعة الأخرى بالتآمر على الحزب انتهى بسقوط حكمه وزج قياداته في السجون، ومنعه من الوصول لموارده المالية، قائلاً: «هم الذين يعملون الآن لشق وحدة صف الحزب بالإصرار على إقامة اجتماع لمجلس الشورى»، ودعاهم إلى التركيز على المعركة ضد «قوات الدعم السريع»، متوعداً بعدم الاعتراف باجتماع لمجلس الشورى.

وعلى ما يمكن وصفه بأنه «انحناءة للريح»، أعلن رئيس مجلس الشورى عثمان محمد يوسف كبر تأجيل انعقاد اجتماع المجلس بسبب ما أسماه الاستقطاب والخلافات وسط العضوية، وتحت ذريعة أن الظرف يتطلب وحدة الصف وتوحيد الجهود لدعم الجيش. لكن تسريبات على صفحة القيادي الإسلامي عمار السجاد، ذكرت أن مجلس الشورى عقد بسرية تامة اجتماعه واختار أحمد هارون رئيساً، واعتبر بيان المكتب القيادي خروجاً على التراتبية الحزبية.

ويرجع رئيس تحرير جريدة «الجريدة» الصحافي أشرف عبد العزيز، وهو إسلامي سابق، الصراع داخل حزب «المؤتمر الوطني» إلى اختلالات تنظيمية بدأت منذ الأيام الأخيرة لحكم البشير، الذي كلف أحمد هارون نائباً لرئيس الحزب. وبعد سقوط حكم البشير ودخوله السجن، كلف مجلس الشورى وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور رئاسة الحزب، وبُعيد اعتقاله هو الآخر كلف المجلس إبراهيم محمود رئاسة الحزب.

خروج قيادات من السجن

وقال عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إن الصراع على رئاسة الحزب بدأ منذ خروج أحمد هارون وبقية القيادات المعتقلة من سجن بعد اندلاع الحرب. ومع اختفاء البشير عن الواجهة، فإن نائبه أحمد هارون هو الرئيس الفعلي للحزب، بينما يتمسك إبراهيم محمود بأنه مكلف من مجلس الشورى، أعلى هيئة حزبية.

وفي تفسيره لأسباب الصراع، يرى عبد العزيز أن تيار إبراهيم محمود يريد «التخلص من الحمولة الثقيلة» للمجموعة التي تواجه «اتهامات جنائية» داخلية وخارجية؛ إذ إنهم يواجهون المحاكمة بتدبير انقلاب يونيو (حزيران) 1989، وثلاثة منهم هم - عمر البشير، وأحمد هارون وعبد الرحيم حسين - مطلوب القبض عليهم من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب الاتهامات الداخلية.

كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس  

مقالات مشابهة

  • مجلس الشورى ينظم فعالية خطابية إحياءً للذكرى السنوية للشهيد
  • العيدروس يعزي في وفاة عضو مجلس النواب الدكتور عبد الباري دغيش
  • مجلس الشورى.. مسيرة مضيئة من العمل التشريعي تحقيقا لمتطلبات العمل الوطني وتطلعات المواطنين
  • المشهداني:العراق وإيران جسدان في روح واحدة
  • نص مشروع القرار حول حماية المدنيين في السودان الذي وزعته بريطانيا على أعضاء مجلس الأمن للتصويت عليه غداً الاثنين
  • رئيس مجلس الشورى يلتقي بعثة فريق نادي سيئون لكرة القدم
  • أستاذ قانون: حكم الدستورية العليا بشأن الإيجار القديم ملزم ولا رجعة فيه (فيديو)
  • "اليماحي" يثمّن جهود المملكة في دعم البرلمان العربي
  • 40 عاما في السجن.. من هو جورج عبد الله الذي أفرجت عنه فرنسا رغما عن أمريكا؟
  • حزب البشير يواجه انقساماً جديداً .. صراع محتدم بين «مجموعة تركيا» و«السجناء السياسيين»