بروفيسور بجامعة «ويتواترسراند» يستشهد بآراء الخبراء: الاستدامة وحدها لا تكفي!
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
طه حسيب (أبوظبي)
في القضايا الكبرى، وما تتطلبه من حلول عالمية، نحتاج دوماً لآراء الخبراء، وقضية التغير المناخي وامتدادها المتشعب والمرتبط بمصطلح الاستدامة، لا تزال تتفاعل علمياً وأكاديمياً من أجل إنضاج مضامين قابلة للتحقيق على أرض الواقع، وتحريك الوعي العالمي بضرورة التحرك الآن وليس غداً لحماية كوكبنا ومستقبل الأجيال المقبلة.
في عام 1987، عرفت «لجنة برونتلاند» التابعة للأمم المتحدة الاستدامة بأنها «تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة».
واليوم، يأتي التغير المناخي كمصدر تهديد للموارد وخطر على الأجيال المقبلة، هناك ما يقرب من 140 بلداً نامياً في العالم تبحث عن سبل لتلبية احتياجاتها الإنمائية، ما يعني في التحليل الأخير أن التغير المناخي يهدد أسس الاستدامة ويعصف بجوهرها.
البروفيسور ديليب مينون، أستاذ التاريخ بجامعة «ويتواترسراند» في جوهانسبيرج جنوب أفريقيا، ومدير «مركز الدراسات الهندية» في أفريقيا، لديه رؤية جديدة بشأن الاستدامة. «مينون» تلقى تعليمه بجامعات دلهي وأكسفورد وكامبريدج وحصل على درجة الدكتوراه من كامبريدج. «الاتحاد» حاورت «مينون» على هامش حضوره فعاليات «الكونجرس العالمي للإعلام» في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وطرحت عليه تساؤلات، لاستطلاع رؤيته حول الاستدامة وأيضاً استقراء توقعاته وآماله تجاه النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف الموقعة على الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ «كوب28».
*كيف ترون أهمية مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في نشر الوعي البيئي، خاصة وأنه ينعقد خلال أيام قليلة في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
**يرى «مينون» أن النجاح المنشود لمؤتمر «كوب28» مرتبط بجلب منظور دول الجنوب العالمي لقضية الاحتباس الحراري وتغير المناخ، ويقصد بها (دول أفريقيا ودول أميركا اللاتينية ودول منطقة البحر الكاريبي ودول آسيا باستثناء كوريا الجنوبية واليابان، ودول أوقيانوسيا من دون أستراليا ونيوزيلندا)، مشيراً إلى أنه رغم التوصيات الجديرة بالثناء بشأن احتواء الانبعاثات الكربونية، والحفاظ على الاحتباس الحراري العالمي عند مستوى أقل من 1.5 درجة مئوية، والتعجيل بالتخلص التدريجي من الفحم على مدى السنوات السابقة، فإننا بحاجة إلى رؤية جديدة الآن.
ويفسر «مينون» ملامح هذه الرؤية في «التفكير بوعي كوكبي»، وليس مجرد وعي عالمي، وهو ما يعني الانتقال من التفكير فيما وراء المركزية البشرية والترتيبات الحالية المتعلقة بضوابط الرأسمالية، إلى التفكير في الكوكب بكل كائناته الحية. وهذا يعني التفكير في أمور تطال جميع أشكال الحياة على الأرض وكذلك الحياة البحرية.
ويدعو «مينون» إلى تطوير طريقة التعامل مع ظواهر مثل ارتفاع مستويات المحيطات، ولكن أيضاً بشأن الحياة بجميع أنواعها في المحيط. وألا يقتصر التفكير على انبعاثات الكربون فقط ولكن أيضاً في صحة غاباتنا وثرواتنا الطبيعية وموائلنا. وأبدى «مينون» إعجابه بالإكوادور» التي اتجهت خلال الآونة آلأخيرة إلى الاعتراف في دستورها بحقوق الطبيعة.
*زيادة الوعي بخطورة تغير المناخ جعلت مفهوم الاستدامة أكثر تعقيداً. ما نصيحتك لوسائل الإعلام التي تستهدف نشر الوعي البيئي في العالم النامي؟
**أكد مينون أن مجرد التفكير في الاستدامة لم يعد كافياً، يجب على وسائل الإعلام أن تعمل بمفردات أحدث، مثل «الكوكب» وليس «العالم». «القابلية للسكن والحياة» بدلاً من «الاستدامة»، و«حقوق الطبيعة» إلى جانب «حقوق الإنسان». وفي معرض إجابته تطرق إلى مساهمات معرفية لعلماء يؤكدون خلالها ضرورة الاهتمام بالكائنات الأخرى ومدى«قدرتها على الحياة في كوكبنا، ليصبح ليس موطناً لنا فحسب، بل موطنا لكل مخلوق وكل شكل من أشكال الحياة بدءاً من الفطريات، وذلك من وجهة نظر ميرلين شيلدريك عالم الأحياء وخبير علوم النبات والأحياء الدقيقة والبيئة وتاريخ وفلسفة العلوم، والحاصل على درجة الدكتوراه في علم البيئة الاستوائية من جامعة كامبريدج لعمله على الشبكات الفطرية تحت الأرض في الغابات الاستوائية في بنما، حيث كان زميلاً باحثاً قبل الدكتوراه في معهد سميثسونيان للبحوث الاستوائية. وهو باحث مشارك في جامعة فريجي أمستردام. ويدعو «مينون» إلى أن دائرة الاهتمام يجب أن تتسع لتتضمن الأشجار، وذلك في إطار رؤية تدافع عنها «سوزان سيمارد»، العالِمة الكندية وأستاذة علوم الغابات بجامعة «كولومبيا البريطانية».
ويدعو ستيفان هيلمريش أستاذ الأنثروبولوجيا الثقافية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى توسيع دائرة الاهتمام لتصل إلى الميكروبات. إن التفكير في الكوكب يتطلب منا أن نتجاوز مجرد الحلول الحكومية إلى تفكير جديد يجلب خيالا آخر مثل المعرفة الأصلية والتقاليد الفلسفية الخاصة بفكر الجنوب العالمي، الذي يركز في بحث مساعدة البلدان الواقعة في نصف الكرة الجنوبي على العمل، بالتعاون معها في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والتقنية.
*من وجهة نظرك، هل تعتقد أن الوعي بالاستدامة يتطلب تعريفاً جديداً للاستدامة؟
**لدى «مينون» قناعة بأنه لا يمكن التركيز على الاستدامة فقط كشعار لنا في الأوقات الحرجة، لأنها تعني العمل كالمعتاد مع الاستغلال الأمثل للموارد. ولا تزال هذه الكلمة تضع البشر واحتياجاتهم في لب التفكير حول الكوكب، بينما تتعامل فقط بشكل محدود مع مسألة الجشع الرأسمالي.
وأكد «مينون» أن التفكير في الكوكب والوعي الكوكبي يتطلبان منا، حسب رؤية «ديبيش تشاكرابارتي» أستاذ التاريخ ودراسات جنوب آسيا في جامعة شيكاغو، أن نضع مسألة الصلاحية للسكن في المقام الأول، وأن نوفر إجابات مقنعة لتساؤلات من بينها: هل كوكبنا صالح لنمو أشجارنا وحياتنا البرية وصالح لضمان تنوعنا البيولوجي، خاصة بعد الأضرار التي يلحقها الإنسان بالبيئة؟ كيف يمكن للبشر أن يفكروا في مسؤوليتهم تجاه كوكب الأرض بدلاً من مجرد التفكير في العالم الذي ينطوي على اهتمامات سياسية واقتصادية استراتيجية؟ هذه أسئلة ذات أهمية كبيرة وتحتاج إلى طرحها. نحن بحاجة إلى تغيير المفاهيم الموروثة والتفكير بمفاهيم جديدة أكثر إلحاحاً من أجل خطة عمل جديدة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الاستدامة الإمارات المناخ كوب 28 قمة المناخ مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ التفکیر فی
إقرأ أيضاً:
نادى أدب أسيوط يحتفل باليوم العالمي للغة العربية
شهد قصر ثقافة اسيوط ملتقى ثقافى ادبى بعنوان جماليات اللغة العربية ضمن الإحتفال باليوم العالمي للغة العربية،بمقر القصر،ضمن برامج وزارة الثقافةوجاء ذلك تحت رعاية الدكتور احمد فؤاد هنو وزير الثقافة والكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة،ضمن باقة من الفاعليات الثقافية والفنية التي يقدمها إقليم وسط الصعيد الثقافي بفرع ثقافة أسيوط،ونفذها قصر ثقافة اسيوط برئاسة صفاء حمدان ضمن برنامج الإبداع لنادى أدب قصر ثقافة أسيوط برئاسة الدكتور سعيد أبو ضيف
وحاضر فيها كلا من عبد الحفيظ السيد رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة أسيوط،وسعيد حامد استاذ البلاغة والنقد بكلية الآداب بجامعة أسيوط واسماء عبدالحميد قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة أسيوط وبحضور عبدالناصر البدرى،و الشاعر محمد جابر المتولى، والشاعر اشرف الخطيب والشاعر الدكتور أحمد النمكى،والاديب ايمن رجب،والدكتورة وئام عصام،والاديب رأفت عزمى ونخبة من أدباء وشعراء ومثقفى أسيوط
وبدأت فعاليات الملتقي بالسلام الوطني،بينما رحب الأديب الدكتور سعيد أبو ضيف بالحضور،منوها بدور الأدب في نشر الوعي،واهمية الاحتفاء باللغة العربية،وابراز جماليات اللغة العربية
وأدارات الملتقى حنان ابو القاسم بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة أسيوط
وقال عبد الحفيظ السيد أبرز جماليات اللغة العربية هو غناها اللفظي موكدا أنها تمتلك اللغة العربية معجمًا ضخمًا يتيح التعبير عن أدق الأحاسيس وأعقد الأفكار بكلمات محددة ودقيقة وأن هذا الغنى اللفظي يمنح المتحدث مرونة كبيرة في التعبير، ويظهر بشكل خاص في الشعر العربي، حيث تتنوع المفردات المستخدمة لتعبر عن نفس المعنى بظلال مختلفة.
ومن جانبه أشار سعيد حامد حول بلاغة اللغة العربية،صعيد البلاغة، فاللغة العربية غنية بالصور البيانية والمحسنات البديعية فنون مثل التشبيه، والاستعارة، والجناس، والطباق، تضيف عمقًا وجمالًا للنصوص، وتمنح المتلقي تجربة لغوية فريدة فهذه الجماليات جعلت اللغة العربية وسيلة مثالية لسرد القصص ونقل المشاعر وتصوير الطبيعة
واضافت اسماء عبد الحميد ان اللغة العربية ليست مجرد لغة، بل هي إرث ثقافي وحضاري يعكس روح الأمة وتاريخها،منوهة جمالياتها لا تنحصر في جانب واحد، بل تمتد إلى كافة عناصرها، مما يجعلها مصدرًا للفخر والإلهام لكل من يتحدث بها أو يدرسها.
وبينما اختتمت فعاليات الملتقى بمداخلات ثرية،القى خلالها نخبة من الأدباء باقة من القصائد الشعرية التي تنوعت ما بين الفصحى والعامية كما شاركت المواهب الأدبية الشابة بباقة من القصائد الشعرية الوطنية التى نالت إعجاب الحضور