قمة المعرفة تناقش أهمية التنمية الاقتصادية في بناء مدن المعرفة
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
عقدت على هامش فعاليات الدورة الثامنة من “قمة المعرفة” جلسة نقاشية بعنوان “بناء الغد: مخطط لإنشاء مدن المعرفة” وتناولت العديد من المواضيع أبرزها دور التنمية الاقتصادية في النهوض بمدن المعرفة وتطويرها وعلاقة تحقيق أهداف التنمية المستدامة بتطور المدن إضافة إلى إمكانية بناء مدن المعرفة اعتماداً على رأس المال البشري.
وشارك في الجلسة كل من معالي الدكتور يونس سكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات في المملكة المغربية والدكتور عبدالله الدردري الأمين العام المساعد في الأمم المتحدة والمدير المساعد ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وفخامة البروفيسورة أمينة غريب فقيم الرئيسة السابقة لجمهورية موريشيوس وأدارت الجلسة شنتال صليبا أبي خليل مذيعة أخبار في قناة سكاي نيوز عربية.
وتحدث الدكتور عبدالله الدردري حول التنمية الاقتصادية هي أساس بناء مدن المعرفة وأن التنمية المستدامة تتعلق في تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها القضاء على الفقر والبطالة والأمراض وحماية البيئة.
وأضاف: “لكي تتمكن المدن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة فإنها بحاجة إلى وضع خطط وبرامج استراتيجية تدعم تحقيق هذه الأهداف ولا بد من الإشارة إلى أهمية الاستثمار في التعليم والصحة والبيئة وأهمية التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني فضلاً عن أهمية مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار.”
وأشار الدردري إلى أن المنطقة العربية تحتاج إلى نحو 5 تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 وأن السبيل الوحيد لتحقيق هذه الأهداف هو في زيادة الإنتاجية حيث إنَّ معدل النمو وسطياً في المنطقة اليوم أقل من 3 بالمائه في حين إنها تحتاج للوصول إلى نسبة 4.5 بالمائة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من جانبه أكد معالي الدكتور يونس سكوري على ضرورة وجود التصميم المؤسساتي المبنى وفق نهج شمولي وتكاملي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة مع اعتماد استراتيجيات تضمن تفاعلا فعالا ما بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأوضح معالي سكوري أنه يمكن دمج التكنولوجيا بشكل فعَّال في مدن المعرفة من خلال تطبيق استراتيجيات وتقنيات محددة تسهم في تحسين جودة الحياة وتعزز التنمية المستدامة .
من جهتها أكدت البروفيسورة أمينة فقيم على أن المعرفة لها تأثير كبير على حياة المجتمعات وأنها تسهم في تعزيز التواصل وتفاعل المجتمعات حيث يمكن للأفراد المستفيدين من المعرفة المشتركة تبادل الأفكار والخبرات ما يعزز الفهم المتبادل ويؤدي إلى تعزيز التضامن الاجتماعي وتمكين المجتمعات من مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والفقر والأوبئة من خلال تبادل المعرفة والابتكار.
وشددت فقيم على أهمية إدارة الاستثمار في رأس المال البشري الذي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق رؤية مدن المعرفة وتطويرها حيث يعد العامل البشري العنصر الأكثر أهمية في بناء وتعزيز البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المعرفية.
وأشارت فقيم إلى أن المرأة تلعب دوراً أساسياً في تطوير مدن المعرفة فهي تمتلك قدرات إبداعية كبيرة وتعتبر قوة دافعة للابتكار وتطوير حلول جديدة وأنه من الضروري تشجيع مشاركة المرأة في جميع جوانب المجتمع لتحقيق التنوع والشمول ما يعزز قدرة المجتمع على تحقيق التحول نحو اقتصاد المعرفة.
يذكر أن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تنظم فعاليات الدورة الثامنة من “قمَّة المعرفة” بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت شعار “مدن المعرفة والثورة الصناعية الخامسة” وذلك في مركز دبي التجاري العالمي على مدى يومي 21 و22 نوفمبر الجاري و23 نوفمبر عبر جلسات افتراضية بمشاركة مجموعة واسعة من الخبراء والقادة والمسؤولين الحكوميين والمتخصصين في مجالات مختلفة من جميع أنحاء العالم.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
المحتوى المحلي.. محور النهضة الاقتصادية
د. طارق عشيري
نجاح الدول الصناعية الكبرى يعتمد على كيفية الاستفادة من المحتوى المحلي للدولة؛ حيث تتبنى الرؤية الاستراتيجية للدولة على إمكانياتها بالنهوض المحلي أولًا ثم الانتقال إلى العالمية، وبما أن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بحلول عام 2030، تتواءم مع رؤية "عُمان 2040"، التي من خلالها تم تعزيز التنمية المستدامة بكل جوانبها الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية التي تسعى لتحقق الاكتفاء الذاتي والذي بدوره يعزز الأمن الغذائي والدوائي والتقليل من المخاطر الناتجة على الاعتماد على الآخرين، ومن هذا المنطلق يمثل المحتوى المحلي في رؤية السلطنة نقطة تحول في اقتصادها.
ورؤية "عُمان 2040" هي خطة استراتيجية تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط والغاز، مع التركيز على تعزيز المحتوى المحلي في مختلف القطاعات الاقتصادية؛ حيث تشمل أهداف الرؤية دعم الصناعات المحلية، تنمية القطاع الخاص، تعزيز الابتكار، والاستثمار في رأس المال البشري.
وقد حققت الرؤية نجاحات ملموسة، منها زيادة الاعتماد على المنتجات المحلية، والعمل على نمو الصناعات التحويلية، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. كما شملت النجاحات تطوير الصناعات الزراعية والسمكية ودعم الابتكار التكنولوجي.
ومع ذلك، تواجه الرؤية تحديات مثل: ندرة بعض الموارد، الحاجة إلى مزيد من الاستثمار في التحول الرقمي، والتأثر بالأزمات الاقتصادية العالمية، ولتحقيق أهداف الرؤية يتطلب الأمر تعاونًا مستمرًا بين القطاعين العام والخاص.
المحتوى المحلي في سلطنة عُمان يهدف إلى تعزيز استخدام الموارد الوطنية، توفير فرص العمل للمواطنين، وتقليل الاعتماد على الواردات. يتم تحقيق ذلك من خلال سياسات حكومية داعمة، مثل برنامج القيمة المحلية المضافة (ICV)، الذي يُركز على الاستثمار المحلي، تطوير الصناعات الوطنية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتشمل الجهود أيضًا تعزيز التصنيع المحلي في قطاعات مثل التعدين والزراعة، والاستثمار في التعليم والتدريب لتأهيل الشباب العُماني، بالإضافة إلى دعم ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار. كل ذلك يسهم في تنويع الاقتصاد وتعزيز استدامته.
المحتوى المحلي في سلطنة عُمان يمثل جزءًا أساسيًا من الجهود المبذولة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز التنوع الاقتصادي. يركز على استخدام الموارد الوطنية من مواد خام، وخدمات، وكوادر بشرية، لتحفيز النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الواردات.
ويتمثل المحتوى المحلي في تشجيع الشركات على توظيف الكفاءات الوطنية، واستخدام المواد المحلية في الإنتاج، وتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
الحكومة العُمانية وضعت سياسات تهدف إلى زيادة المحتوى المحلي عبر القوانين والمبادرات. تشمل هذه السياسات اشتراط استخدام مواد وخدمات محلية في المشاريع الكبرى، خاصة في قطاع النفط والغاز.
ويُعد المحتوى المحلي أحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في سلطنة عُمان. من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد الوطنية، ودعم الصناعات المحلية، وتمكين الكفاءات العُمانية، تسعى السلطنة إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام يعزز من تنافسيتها العالمية. ورغم التحديات التي تواجه تحقيق هذه الأهداف، فإن الالتزام بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في الابتكار والتعليم، سيضمن تحقيق رؤية عُمان 2040 وجعل المحتوى المحلي محورًا رئيسيًا في نهضتها الاقتصادية.
ويعد تطوير المحتوى المحلي في سلطنة عُمان هدفًا استراتيجيًا لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الوطني، ومع التوجه نحو التنويع الاقتصادي ضمن رؤية "عُمان 2040"، يبرز المحتوى المحلي كعنصر رئيسي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وهناك ركائز مستقبلية لتطوير المحتوى المحلي؛ منها: تشجيع إنشاء المصانع والشركات المحلية، مع تقديم الحوافز للمستثمرين ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة الإنتاج الوطني.
ولا شك أن توسيع برامج التدريب والتأهيل لرفع كفاءة الكوادر المحلية وتزويدها بالمهارات اللازمة للمساهمة في الإنتاجية، مما يضمن تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، إلى جانب تبني تقنيات حديثة لتعزيز الإنتاج المحلي، مثل الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد، والاستثمار في البحث والتطوير لدفع عجلة الابتكار، وكذلك بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم سلسلة التوريد المحلية وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، علاوة على تشجيع المنتجات المحلية على دخول الأسواق الإقليمية والعالمية من خلال تحسين الجودة ودعم العلامات التجارية العُمانية.
في المقابل، هناك تحديات مُحتملة، مثل تحدي التمويل بتوفير قروض ميسرة وحوافز ضريبية لدعم المشاريع المحلية، ووضع سياسات تحمي الصناعات المحلية دون الإضرار بالتجارة الحرة، وإطلاق حملات توعوية لتحفيز المواطنين والمقيمين على دعم المنتجات المحلية.
وأخيرًا.. إنَّ تطوير المحتوى المحلي في سلطنة عُمان ليس مجرد خيار؛ بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة، ويمثل ذلك خطوة نحو تحقيق رؤية مستقبلية قوية ومستقرة نحو "عُمان 2040".