شدد محللون وخبراء على أهمية الهدنة المؤقتة لوقف الحرب على قطاع غزة خاصة الجانب الإنساني وانتكاسة مشروع تهجير الغزيين، وسط تشكيك حول إمكانية تمديدها في ظل تعقيد المشهد وأزمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية الدكتور إبراهيم ربايعة -خلال حديثه لبرنامج "غزة.

. ماذا بعد"- إن الهدنة المؤقتة تمثل انتكاسة إسرائيلية لمشروع تهجير سكان غزة بسبب الضغط الإقليمي والدولي المعاكس، إلى جانب غياب أي إنجاز عملياتي على الأرض يعطي جيش الاحتلال دفعة للذهاب في المخطط بعيدا.

وشدد على أهمية الهدنة للأطراف الدولية الفاعلة كونها واجهت ضغوطا داخلية قلصت لديها هامش المناورة، حيث تشكل إنقاذا لواشنطن وحلفائها الغربيين، وكذلك الحكومة الإسرائيلية، وأشار إلى أن الأجواء ليست مهيئة نحو حل سياسي، بسبب الواقع السياسي المعقد.

وبشأن أبرز مكاسب حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من الهدنة، يقول ربايعة إنها كسرت خطاب ربطها بالإرهاب والقضاء عليها، وكذلك تثبيت قاعدة أسرى مقابل أسرى بعدما كانت إسرائيل قد انتهجت سابقا سياسة تخفيف الحصار، فضلا عن الجانب الإنساني المتصل بتمكين صمود الفلسطينيين وهو ما يجعل حماس صاحبة اليد العليا.

ويعتقد ربايعة أن تمديد الهدنة مرتبط بعاملين الأول ميدانيا خاصة في حال حدوث اختراقات مما قد يؤدي إلى انهيارها، علاوة على تأثير الضغط الداخلي في إسرائيل إذ تعتقد الأخيرة أنها قدمت ثمنا تستطيع من خلاله تمديد الحرب لأجل الحصول على "صورة نصر".

مشيرا إلى وجود جدل في إسرائيل حول إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من الفئة الثانية -في إشارة للأسرى ذوي المحكوميات العالية والمؤبدة- خلافا للنساء والأطفال، وهو ما قد يعقد الأمور أكثر بشأن مستقبل الحرب.

وأكد ربايعة أن الجانب الإنساني مهم، ولكنه رأى أن الهدنة المؤقتة لن تكون كافية بسبب حجم الكارثة والاحتياجات الهائلة على مستوى القطاع الطبي والدفاع المدني والمساعدات العاجلة.

لملمة جراح

بدوره، شدد الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة على أهمية البعد الإنساني في الصفقة المركبة من وقف إطلاق نار وتبادل أسرى بعد 48 يوما من الإبادة وجرائم الحرب والحصار والتجويع.

وأكد عفيفة أن الهدنة بمثابة استراحة محارب والتقاط أنفاس ولملمة جراح وتلبية نداءات بعدما كان المدنيون المتضرر الأكبر من الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على غزة.

وتطرق إلى جزئية النساء والأطفال المسجونين لدى إسرائيل بعدما كان الضوء مسلطا على الأسيرات المحتجزات في غزة، وأشار إلى أن إسرائيل لديها أطفال فلسطينيون في سجونها، وكذلك قتلت الآلاف من الأطفال في الحرب خلافا للمفقودين تحت الأنقاض.

ويعتقد عفيفة أن اتفاق الهدنة كافٍ بالحد الأدنى، رغم أن حماس تنظر إليه بعين الريبة والشك، وهو ما يفسر -بحسب قوله- إصرارها على سلوك الاحتلال الاستخباري خاصة طائرات الاستطلاع وإمكانية حدوث تماس مع القوات الإسرائيلية على الأرض مما قد يؤدي إلى خروقات.

ولفت إلى حاجة الاحتلال لـ"صورة نصر"، وهو ما قد يدفعه لاستغلال أي فرصة لاصطياد "صيد ثمين"، في إشارة منه إلى اغتيالات قد ينفذها بحق قادة مقاومة بارزين خاصة أن أزمة نتنياهو لا تزال قائمة واقتناع شركائه بأنه قد ورطهم بحرب انطلقت بدون رؤية.

انفراجة ومخاوف

أما وليام لورانس -أستاذ العلاقات الدولية والمسؤول السابق بالخارجية الأميركية- فأكد أهمية الهدنة خاصة أنها تمثل انفراجة إنسانية، وشدد على ضرورة فتح مختلف معابر غزة بأسرع وقت وليس معبر رفح فحسب.

ومع ذلك يعتقد لورانس أن هناك عدم وضوح في بعض بنود الهدنة، ومدى إمكانية احترامها من مختلف الأطراف، وأبدى تشكيكه في إمكانية تمديدها في ظل المفاوضات الصعبة التي سبقت إعلانها ووجود أسرى لدى جهات أخرى غير حماس.

وأشار إلى أن مسيرة نتنياهو وصلت إلى نهايتها، وأضاف أنه كان بوضع سيئ قبل الحرب والآن يلومه معظم الإسرائيليين بعد هجوم حماس، خاصة أن حكومته انقسمت وضعفت سياسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وهو ما

إقرأ أيضاً:

القضية الأمنية تتفاعل.. نتنياهو أحبط اتفاق تبادل أسرى عبر تزوير وتسريب وثائق

تتكشف يوما بعد يوم تفاصيل "القضية الأمنية" التي شغلت الأوساط السياسية والإعلامية في "إسرائيل" طيلة الفترة الماضية.

وتحقق النيابة العامة الإسرائيلية بما أطلقت عليها وسائل الإعلام "القضية الأمنية الجديدة"، والتي اعتُقِل خلالها موظف كبير في مكتب رئيس الوزراء.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن القضية تتعلق بإحباط اتفاق تبادل أسرى مع حركة حماس، من خلال تسريب وثائق مزورة إلى صحيفتي "بيلد" الألمانية و"جويش كرونكل" البريطانية.

ولا يزال أمر حظر نشر حول تفاصيل القضية وهوية الضالعين فيها ساريا حتى الآن. وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو، الأحد، أن الأخير توجه إلى المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، "طالبا الانضمام إلى الدعوى التي تطلب إزالة أمر حظر النشر في القضية التي تسمى "قضية أمنية خطيرة" حسب الادعاء"، بحسب تقرير لموقع "عرب48".


ونشرت وسائل إعلام أجنبية، بينها "جويش كرونكل"، تقارير نقلا عن مصدر وُصف بأنه "مسؤول استخباراتي إسرائيلي"، وجاء فيها أن 20 رهينة إسرائيلية في غزة على قيد الحياة، وأنها لن تحرر أبدا لأنها تحيط بزعيم حماس، يحيى السنوار.

لكن الاستخبارات الإسرائيلية لم تقدر أبدا أن الوضع بهذا الشكل، واعتقدت أن "هذه تقارير كاذبة"، وفق ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأحد.

إلا أن نتنياهو استخدم تقرير "جويش كرونكل" خلال خطاب ألقاه في 2 أيلول/ سبتمبر الماضي، وقال إن هذه "وثيقة كتبها أحد قادة حماس بكل تأكيد، وقد عُثر عليها وتشمل تفاصيل إستراتيجية حرب نفسية ضد إسرائيل". وأكدت "يديعوت" على أن الاستخبارات الإسرائيلية لم تكن تعلم أبدا من الذي كتب الوثيقة، وأن هذه الوثيقة لا تلائم خط يد أي من قادة حماس المعروفين لـ"إسرائيل".

وأفاد محلل الشؤون الاستخباراتية في "يديعوت"، رونين بيرغمان، الأحد، بأن الشبهات بشأن "القضية الأمنية الجديدة" بدأت تتعالى في أعقاب خطاب نتنياهو، وتعززت في الأيام التالية. "وكان واضحا أن إدارة "جويش كرونكل" تدعم تقارير تعزز موقف نتنياهو. وبعد ذلك تقرير "بيلد" التي لديها علاقات عميقة مع مكتب رئيس الحكومة، الأمر الذي عزز الشبهات بأنه توجد هنا عاصفة من الأكاذيب".

وأضاف بيرغمان أن التقارير في الصحيفتين الأجنبيتين بدأت تُنشر عندما تبين أن المفاوضات حول تبادل أسرى باتت قريبة من اتفاق، وحينها نشر نتنياهو "رسالة التوضيحات"، التي تحدثت عن أهمية بالغة لمحور فيلادلفيا، "رغم أن لا أحد في جهاز الأمن، ولا في أجهزة الاستخبارات، ولا حتى نتنياهو نفسه، كانوا يعتقدون طوال تسعة أشهر أن للمحور أي أهمية".

وتابع أن مطالبة نتنياهو ببقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا "جاء في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل وحماس قريبتان جدا من اتفاق"، بينما "الجمهور الإسرائيلي تحول إلى ضحية لحملة أكاذيب وتضليل متواصلة ومنعته من فهم ما يحدث. وقد أضاف نتنياهو إلى "رسالة التوضيحات" عقبات جعلت التوصل إلى اتفاق مستحيلا". ووصف أحد أعضاء وفد المفاوضات الإسرائيلي هذه الرسالة بأنها "رسالة الدماء".

ونقل بيرغمان عن مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل التحقيق قوله إنه "من أجل عدم التوصل إلى مرحلة التصويت (على مقترح اتفاق تبادل أسرى) وكي لا يهتز الائتلاف، جلس أشخاص لأيام وليال من أجل نسج خرافة فيلادلفيا. ومن أجل العثور على الوثائق التي بإمكانهم تزويرها أو تشويهها من أجل إثبات الخرافة، والتأكد من أن تُنشر بشكل واسع".

وأفادت "القناة 12" بأنها مع وسائل إعلام إسرائيلية أخرى طلبت نشر الوثائق التي نشرتها "بيلد"، لكن الرقابة الإسرائيلية رفضت وفرضت حظرا على نشرها لأنها تنطوي على "خطر أمني".

وأضافت القناة أن هذه القضية لا تنطوي على تسريب معلومات فقط، ونقلت عن مصادر رفيعة قولها إنه "في مركز التحقيق سرقة الوثائق السرية من منظومات الجيش الإسرائيلي وتوزيعها بدون صلاحية أو مصادقة"، فيما قال مسؤول قضائي إنه "على الأرجح أن القضية لن تنتهي بذلك المتحدث ومستشار نتنياهو"، وأن "هذه التقديرات تفسر سبب تشاور مقربين من نتنياهو مع محامين".

وادعى مكتب نتنياهو في بيان، أن "المتحدث المذكور لم يشارك أبدا في مداولات أمنية، ولم يطلع أو يحصل على مواد سرية، ولم يشارك في جولات سرية. ونشهد منذ بداية الحرب طوفانا من التسريبات الممنهجة والجنائية من اجتماعات سرية. ومستغرب جدا لماذا من بين جميع هذه التسريبات، يتم التحقيق في هذه الوثيقة بالذات، التي كان مضمونها معروفا للجميع وساعدت دولة إسرائيل، بهذا الشكل الهجومي والمضلل".

ورغم نفي مكتب نتنياهو اعتقال أي من موظفي المكتب، إلا أن المتحدث ومستشار نتنياهو المذكور، الذي يحظر نشر اسمه، معتقل وهو المشتبه المركزي في القضية، وعمل في السنة الأخيرة كمستشار لنتنياهو.

ونقلت "القناة 12" عن مقرب من هذا المستشار المشتبه قوله، إنه "خصص حياته من أجل رئيس الحكومة، الذي ألقى به تحت العجلات. وكان المشتبه على استعداد أن يخاطر بنفسه من أجل نتنياهو، الذي يكذب ويقول إنه لم يعمل عنده. وليس فقط أنه عمل لدى نتنياهو، وإنما كان يتواجد يوميا في مكتبه، ورافق نتنياهو في جميع الجولات، وشارك في كافة المشاورات، وسافر معه في قافلة رئيس الحكومة، وكان نتنياهو يتصل به شخصيا بشكل يومي، ليرسله إلى مهمات والتشاور معه".


من جهته قدر المحلل المعروف عاموس هرئيل أن نتنياهو سينجو هذه المرة كذلك من هذه الفضيحة.

وقال في "هآرتس": "في مكتب نتنياهو هناك بشكل عام طبقة كثيفة من التمايز والحماية التي تهدف إلى تمكين رئيس الحكومة من ادعاء البراءة ونفي أي صلة فعلية له بما ينسب لموظفيه".

 وتوقع هرئيل أنه بعد العثور على جثث ستة أسرى الذين قتلوا على يد حماس في رفح، حدث ضغط كبير من قبل الجمهور على الحكومة من أجل استئناف العمليات من أجل التوصل إلى صفقة. ويبدو أن التسريب المشوه هدف إلى صد هذا الضغط وإلقاء كل المسؤولية على الجمود في الاتصالات وعلى زعيم حماس يحيى السنوار.

  ويتهم هرئيل نتنياهو، كما يظهر من التحقيقات التي أجريت معه، أنه يهتم بشكل عام في عدم إبقاء أي شهادة موثقة عن العمليات، التي يمكن أن يتضح بأنها غير قانونية.

مقالات مشابهة

  • بلينكن: حماس ترفض إطلاق أسرى مقابل وقف النار
  • رئيس الموساد لعائلات أسرى الاحتلال: فرص التوصل لاتفاق تبادل ضئيلة
  • اللواء سمير فرج: مصر تلعب دورًا رئيسيًا في دعم القضية الفلسطينية
  • سمير فرج: اقتراح تأسيس لجنة لإدارة قطاع غزة مستقبلا إنجاز لمصر
  • محللون: خطة تحصين الشمال مؤشر إسرائيلي لإطالة أمد الحرب
  • القضية الأمنية تتفاعل.. نتنياهو أحبط اتفاق تبادل أسرى عبر تزوير وتسريب وثائق
  • حزب الجيل: لجنة الإسناد الفلسطينية قد تجبر إسرائيل على السلام وإنهاء الحرب
  • انطلاق اجتماع بين حماس وفتح بالقاهرة وتواصل جهود هدنة غزة  
  • حماس: مقترحات الهدنة لبضعة أيام لذر الرماد في العيون
  • بحماس: مقترحات الهدنة لا تتضمَّن وقفاً للعدوان ولا انسحابا من قطاع غزة