القضية قضيتنا.. إجراء عاجل من قادة الدول العربية بشأن ما يحدث في غزة
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
لا تزال القضية الفلسطينية على رأس أولويات أجندة الدولة المصرية، وتعمل القيادات السياسية العربية والمصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورؤساء الدول العربية ما بوسعهم من جهود كبيرة إزاء دعم فلسطين.
يعقد وزير الخارجية سامح شكري ووزراء دول عربية وإسلامية، لقاء مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، وذلك ضمن الجولة الوزارية العربية والإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة.
وترأس اللجنة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، فيما شارك في الاجتماع أعضاء اللجنة الوزارية، وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، ووزير الخارجية سامح شكري، ووزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزراء خارجية دول إسلامية، وفق ما نقل موقع (المملكة).
يبحث الاجتماع تطورات الأوضاع في غزة، وأهمية وقف الحرب وضمان حماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية والعاجلة للقطاع، وضرورة حماية المنشآت الحيوية وخاصة دور العبادة والمستشفيات.
ورحب الاجتماع، بجهود الوساطة المشتركة لجمهورية مصر العربية ودولة قطر، والولايات المتحدة، التي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق لهدنة إنسانية في قطاع غزة سيتم الإعلان عن توقيت بدئها خلال 24 ساعة وتستمر لأربعة أيام قابلة للتمديد، مع التأكيد على ضرورة البناء على الهدنة الإنسانية وصولاً لوقف كامل ومستدام لإطلاق النار في أسرع وقت.
وشدد أعضاء اللجنة الوزارية على أهمية اتخاذ أعضاء مجلس الأمن والمجتمع الدولي إجراءات فاعلة وعاجلة للوقف الكامل لإطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدين أن ذلك يعد أولوية لجميع الدول العربية والإسلامية.
وطالب أعضاء اللجنة الوزارية، بريطانيا، بالقيام بدور متوازن بما يتسق مع القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتنفيذ كافة القرارات الدولية ذات الصلة.
كما شدد أعضاء اللجنة الوزارية على أهمية ضمان السلام العادل والدائم والشامل، من خلال تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحل الدولتين، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي والباحث السياسي جمال رائف، إن القاهرة مازالت تمارس دورها الأصيل في دعم القضية الفلسطينية، من خلال الاتصالات المكثفة للقيادة السياسية مع مختلف قادة دول العالم، إلى جانب الجهود الدبلوماسية الكبيرة للخارجية المصرية.
وأوضح رائف ـ أن الجهود المصرية تهدف لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد، بالإضافة إلى دعم المسار الإنساني في نفاذ المساعدات لقطاع غزة من خلال التحالف الوطني للعمل الأهلي والهلال الأحمر المصري.
وأشار إلى أن الدولة المصرية تستخدم جميع أدواتها الدبلوماسية والسياسية مع مختلف بلدان العالم للضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل عبور أقصى حد ممكن من المساعدات يوميا.
دعم الدول العربية لفلسطينوأضاف أن الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية لم ولن تتغير، خاصة فيما يتعلق بالتهجير القسري لسكان غزة أو الضفة الغربية وتصفية القضية على حساب مصر أو دول الجوار.
فيما رفض الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي، الأربعاء، بشكل قاطع دعوات تهجير سكان قطاع غزة، مؤكداً على دعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه. وترأّس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، اجتماعاً عاجلاً مفتوح العضوية للجنة التنفيذية للمنظمة على المستوى الوزاري، بمقر الأمانة العامة في جدة، وذلك لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة، محذراً من تصاعد اعتداءات جيش الاحتلال وإرهاب المستوطنين في القدس الشريف والضفة الغربية.
وجدد البيان الختامي للاجتماع التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للأمة الإسلامية جمعاء، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئين، وفي الاستقلال، وتجسيد دولة فلسطين، مشدداً على أهمية أن يضطلع المجتمع الدولي بدوره لمنع أي محاولات تهجير خارجية لسكان غزة، وترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين الذين يجب تلبية حقهم في العودة والتعويض، في إطار حل شامل للصراع.
وطالبَ المجتمع الدولي بالمسارعة في تقديم المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية العاجلة، وفتح ممرات إنسانية آمنة بشكل فوري لإيصالها إلى غزة، وتوفير المياه والكهرباء، محمّلاً إسرائيل المسؤولية الكاملة عن مصير المدنيين في القطاع وما يتعرضون له من مأساة حقيقية تحت القصف والحصار والتجويع، بلا كهرباء أو غذاء أو مياه نظيفة، مع إجبارهم على هجر منازلهم.
وشدد البيان على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ووقف العدوان الهمجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي عليه والرفع الفوري للحصار المفروض على غزة، مؤكداً أهمية المحافظة على أرواح المدنيين كافة، وعدم استهدافهم بأي شكل من الأشكال لما في ذلك من تناف مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والشرائع السماوية.
وأدان بشدة الاستهداف الإسرائيلي السافر للمستشفى الأهلي المعمداني في غزة الذي أدى إلى قتل وجرح مئات المرضى والمصابين والنازحين من المدنيين الأبرياء، مستنكراً فشل مجلس الأمن، وعدم قدرته على الاضطلاع بمسؤولياته باتخاذ قرار حاسم في سبيل إيقاف جرائم الحرب التي تنفذها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد البيان على دعم حكومة فلسطين على كل المستويات وحراكها الدولي والقانوني لوقف الجرائم البشعة بما فيها ارتكاب سلطات الاحتلال الإسرائيلي جريمة الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، مطالباً الأمم المتحدة، ومجلس الأمن بتحمل المسؤولية، باتخاذ جميع الإجراءات العاجلة التي تضمن وقف العدوان الغاشم والهمجي.
جدير بالذكر، أن المملكة العربية السعودية عقدت قمة عربية إسلامية استثنائية في العاصمة السعودية الرياض، وأعرب خلالها قادة الدول عن رفضهم للعملية العسكرية في قطاع غزة، وشددوا على ضرورة وقفها والتمكن من توزيع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين عبر معبر رفح، وطالبوا أيضا "بحل شامل للأزمة الفلسطينية".
رفض قادة الدول العربية والإسلامية توصيف حرب إسرائيل في غزة بأنها تأتي "دفاعا عن النفس"، واصفين تلك الحرب بأنها "انتقامية". كما طالبوا مجلس الأمن الدوليّ بقرار "حاسم ملزم يفرض وقف"، ما وصفوه بـ"العدوان" الإسرائيلي في غزة، خلال قمة مشتركة لقادة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الرياض. كما أكّدوا مطالبتهم بالتوصل إلى "حل شامل" يضمن وحدة غزة والضفة الغربية "أرضا لدولة فلسطينية"، على ما جاء في البيان الختامي المشترك.
وجاءت الاجتماع الطارئ المشترك للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من شهر بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، إثر هجوم إرهابي نفذته حماس في السابع من أكتوبر داخل الدولة العبرية، أدى حسب إسرائيل إلى مقتل 1200 شخص حسب حصيلة جديدة وخطف 239 رهينة.
وأدت حملة القصف العنيف والهجوم البري الإسرائيلي منذ ذلك التاريخ، إلى مقتل أكثر من 11078 شخصا، بينهم أكثر من 4506 أطفال، حسب حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية فلسطين وزير الخارجية سامح شكري غزة قطاع غزة أعضاء اللجنة الوزاریة القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الدول العربیة وزیر الخارجیة فی قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل سويسرا محايدة حقا تجاه القضية الفلسطينية؟
في أعقاب الحروب النابليونية التي عصفت بأوروبا، اجتمع القادة الأوروبيون في مؤتمر كبير في فيينا عام 1815، وتقرر جعل سويسرا منطقة محايدة عازلة بين النمسا وفرنسا، ومن حينها عرفت البلد بحيادها تجاه القضايا الخارجية.
وحافظت سويسرا إلى حد كبير على سياسة الحياد خلال الكثير من الأحداث العالمية المعاصرة وخصوصا الحربين العالميتين بل دفعها حيادها إلى عدم الانخراط في التكتلات الأوروبية، فهي ليست حتى الساعة عضوا في الاتحاد الأوروبي ولا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ولم تنضم للأمم المتحدة إلا في عام 2002.
لكن حياد سويسرا يتعرض دائما لاختبار حقيقي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والقضية الفلسطينية، بل إن هذا الحياد يكاد يصبح من الماضي إزاء الحرب العدوانية التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة.
فقد ارتبط اسم البلد مبكرا بالصراع في الشرق الأوسط، حيث احتضنت المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل في أغسطس/آب 1897 والذي مثل النواة الأولى لعمليات تهجير اليهود إلى فلسطين تمهيدا لإقامة الكيان الإسرائيلي.
وبعد أسبوع من انعقاد ذلك المؤتمر، كتب صاحب مبادرة إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية ورئيس المؤتمر ثيودور هرتزل "في بازل أسّستُ الدولة اليهودية".
لكن سويسرا، بحسب دراسة للباحثين إيف شتاينر وساشا زالا بعنوان "سويسرا والصراع العربي الإسرائيلي"، ظلت تعلن على مدى تاريخ هذا الصراع تمسكها بسياسة متوازنة تجمع بين الحياد والالتزام الإنساني ودعم قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط. فهل كانت حقا محايدة تجاه القضية الفلسطينية؟
محطات تاريخية في علاقة سويسرا بالقضية الفلسطينية: في عام 1927 أنشأت سويسرا قنصلية لها في يافا التي كانت آنذاك مدينة فلسطينية ذات أغلبية عربية. بعد الحرب العالمية الثانية، ازدهرت العلاقات الاقتصادية والقنصلية بين سويسرا وفلسطين تحت الانتداب البريطاني مع إنشاء غرفة التجارة السويسرية الفلسطينية. بعد قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين وإعلان قيام الكيان الإسرائيلي عام 1948 أرجأت الحكومة الفدرالية السويسرية اعترافها بالكيان الجديد، تجنّبا -حسب الدراسة المذكورة أعلاه- لتصنيفها منحازة إلى أحد طرفي الصراع. بعد توقيع اتفاقيات الهدنة التي أوقفت حرب 48 بين العرب والإسرائيليين، منحت سويسرا كلا من إسرائيل والأردن اعترافها الرسمي في يناير/كانون الثاني 1949. في عام 1956، تولت سويسرا نقل قوات حفظ السلام بواسطة الخطوط الجوية السويسرية إلى مصر وتحديدا منطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. في عام 1964، وقعت سويسرا وإسرائيل اتفاقية إلغاء التأشيرة وهذا مكّن من زيارة العديد من الشخصيات الإسرائيلية إلى سويسرا، وتطوير العلاقات التجارية بين الطرفين. بعد حرب 1967 دعمت سويسرا بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة "إينيتسو"، فوفرت طائرات وساهمت في الإشراف على تبادل أسرى الحرب. بعد حرب 1973 تعرض حياد سويسرا لاختبار جديد حيث أبدت تعاطفها مع إسرائيل، وأوقفت دعمها المالي لليونسكو في أعقاب قرارات لتلك المنظمة الدولية أزعجت إسرائيل، لكن صحيفة تايم لاين السويسرية أرجعت ذلك الموقف إلى تأثر سويسرا حينها بهجمات نفذها مسلحون فلسطينيون على الأراضي السويسرية ضد أهداف إسرائيلية. ياسر عرفات أثناء مبادرة جنيف في سويسرا 2012 (الفرنسية) في نفس الفترة تحدثت مصادر صحيفة عن اتفاق سري بين سويسرا ومنظمة التحرير الفلسطينية وقعه بيير غرابر وفاروق القدومي يقضي بتقديم سويسرا الدعم الدبلوماسي للمنظمة مقابل ضمانات بعدم شنّ هجمات فلسطينية ضد المصالح الإسرائيلية على الأراضي السويسرية. في عام 1975، كان افتتاح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في جنيف. في عام 1979 دعمت سويسرا قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية ليست لها أي شرعية قانونية. تزامنا مع مفاوضات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كونت سويسرا مجموعة من الدبلوماسيين مختصة في الصراع في الشرق الأوسط. في أكتوبر/تشرين الثاني 2003 أطلقت سويسرا "مبادرة جنيف" التي أشرف عليها الدبلوماسي السويسري ألكسيس كيلر وتضمنت مقترح اتفاق سلام يتناول قضايا الصراع الرئيسة (القدس، واللاجئون الفلسطينيون، وترسيم الحدود)، وتم التوقيع عليه من قبل شخصيات أكاديمية إسرائيلية وفلسطينية لكنها لا تمثل الجهات الرسمية، ورغم الدعم الدولي، ظلت تلك المبادرة تراوح مكانها من دون أن تحقق خرقا في مواقف الأطراف. بعد فوز حماس بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية في 2006، ظلت سويسرا على تواصل معها، حتى إن وفدا من حماس زار سويسرا عام 2012 لحضور جلسة للاتحاد البرلماني الدولي، ومقرّه جنيف، كما حضر الوفد مؤتمرا جامعيا حول غزة بعنوان "غزّة.. حتى لا ننسى". خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة من 2008 إلى 2021، كان موقف سويسرا هو تقديم المساعدات الإنسانية والدعوة إلى وقف إطلاق النار، وامتنعت سويسرا تاريخيا عن تصنيف حماس منظمةً إرهابية. مشير المصري ترأس وفد حركة حماس الذي زار سويسرا 2012 لحضور جلسة للاتحاد البرلماني الدولي (الأناضول – أرشيف) 7 أكتوبر والتخلي عن الحياديعتبر الباحث فيليب بوجلين -في مقال في صحيفة "لي تامب" السويسرية- أن سويسرا تخلت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023 عن حيادها وتقاليدها الإنسانية، إذ أعلنت نيتها حظر حماس وحجبت التمويل عن وكالة اللاجئين الفلسطينية (الأونروا).
ويرى الباحث أنه إن كان حصل شبه إجماع من الأطراف السياسية على إدانة هجوم حماس على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي من بينهم اثنان يحملان الجنسية السويسرية، إلا أن هذا الإجماع النسبي تحطم بسرعة بسبب الرد الإسرائيلي الوحشي في غزة، والذي أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين معظمهم من الأطفال والنساء.
وفي صحيفة سلات الفرنسية يتساءل الباحث ليو بيير هل ما زالت سويسرا محايدة حقا على الساحة الدولية؟ إذ يعتبر أن البلد تمكنت بحيادها من لعب دور رائد في العديد من قضايا العالم، مثل دورها في توقيع اتفاقيات إيفيان بين فرنسا والجزائر عام 1962، وفي عملية إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم القوات الثورية الكولومبية (فارك)، وفي الوساطة بين تركيا وأرمينيا، إلا أن حياد سويسرا فضحه الصراع الروسي الأوكراني وفضحه بشكل أكبر الصراع في الشرق الأوسط.
ففي الحرب الإسرائيلية على غزة، لم تستطع سويسرا الخروج عن المواقف الغربية المشتركة مثل تعليق المساعدات للأونروا، وعدم الاعتراف بفلسطين؛ فعندما أتيحت فرصة التصويت لصالح انضمام فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة في العاشر من مايو/أيار 2024، فضلت سويسرا الامتناع عن التصويت.
وفي وقت تتزايد فيه الدعوات لوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة يستمر التعاون العسكري بين سويسرا وإسرائيل وتتبادلان بيع المعدات العسكرية بعضهما البعض، حسب الباحث لييو بيير.
وفي ذات السياق، يرى أستاذ القانون الدولي الإنساني السويسري إيف ساندوز في مقال له أنه يجب على سويسرا إعادة التوازن إلى موقفها تجاه الصراع في الشرق الأوسط وأن تتصرف بموضوعية ونزاهة في الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وأن تعمل على وقف الأعمال العدائية الجارية في غزة التي تسببت في معاناة لا توصف للسكان وانتهاك صارخ للقانون الدولي.
وأضاف ساندوز، أنه لا مراء في أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يأتي في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي وصفه بـ"المدان"، لكن أستاذ القانون الدولي الإنساني يرى أنه من الخطأ النظر إلى العدوان الإسرائيلي من زاوية الدفاع عن النفس، بل يجب اعتباره حلقة دموية من صراع لم يتوقف قط، وإنما ينفجر بوحشية على فترات منتظمة مثل بركان خامد.
ويخلص ساندوز أنه حتى لو نظرنا من زاوية الدفاع عن النفس، فإن الهجوم الإسرائيلي الحالي على غزة يتجاوز كل الحدود التي وضعها القانون الدولي.
قانون حظر حماسفي سبتمبر/أيلول 2024، أقرت الحكومة السويسرية مشروع قانون يقضي بحظر حركة حماس ويعتبرها منظمة إرهابية، كما يحظر القانون كل المنظمات والجماعات التي تعمل نيابة عن حماس أو باسمها.
ويأتي إقرار القانون استجابة لعريضة وقعها برلمانيون ورؤساء أحزاب ومنظمات سويسرية موالية لإسرائيل تطالب بتصنيف حماس منظمة إرهابية، وتعتبر أن احتفاظ سويسرا باتصالات مع منظمة تهدف إلى تدمير "دولة ذات سيادة" أمر مزعج إلى أقصى حد ويضر بالسياسة الخارجية لسويسرا.
ورأت هذه الشخصيات السويسرية أن إلقاء نظرة على ميثاق حماس يكفي للتأكيد على أن أهدافها تتطابق من حيث المبدأ مع أهداف تنظيم الدولة الإسلامية "الله مرتكزها، والنبي قدوتها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها والموت في سبيل الله أغلى أمانيها".
وتضيف هذه الشخصيات أن حماس صنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى -بما فيها حتى دول عربية وإسلامية- على أنها "جماعة إرهابية، فكيف لا تفعلها سويسرا؟".
ووفقا للقانون الجديد الذي نشرت الصحف السويسرية بعض فقراته، فإن حركة حماس هي منظمة فلسطينية إسلامية تتألف من جناح سياسي وجناح مسلح تأسست بعد اندلاع الانتفاضة عام 1987 على يد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وحصلت حماس على أغلبية أصوات الفلسطينيين في الانتخابات التي أجريت في مناطق الحكم الذاتي عام 2006.
وفسر القانون ذلك النجاح بتنامي "التطرف" نتيجة استمرار الصراع في الشرق الأوسط لعقود من الزمن من دون حل، إضافة إلى ما وصفه بالالتزام الاجتماعي الذي ميز حماس في مقابل الفساد المستشري في حركة فتح.
وزعم القانون الجديد أن الميثاق التأسيسي لحركة حماس يدعو إلى قتل اليهود وتدمير دولة إسرائيل، كما ترفض حماس اتفاقات أوسلو وتعتبرها خيانة.
وإن كان القانون أشار إلى أن حماس عدلت ميثاقها عام 2017 بأن خففت موقفها تجاه إسرائيل، وتحدثت عن قبولها فكرة إقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967، إلا أنه أوضح أن حماس ما تزال ترفض الاعتراف بإسرائيل وما زال قادتها يدعون إلى تدمير دولة إسرائيل.
والغريب أن القانون الذي يحظر حماس يؤكد أنه لا يحتمل في الوقت الحالي القيام بأي عمل إرهابي مخطط له من قبل حماس في سويسرا، وأنه ليس لدى جهاز المخابرات الفدرالية السويسرية أي معلومات تشير إلى أن حماس تمتلك الوسائل العملياتية لتنفيذ هجمات في سويسرا ولا في أوروبا كلها.
لكنه يضيف أن الوضع قد يتطور اعتمادا على الصراع، كما أن نقل أحداث الحرب الجارية عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في سويسرا، قد يؤدي إلى ما وصفه القانون بزيادة الأعمال المعادية للسامية في البلاد.
وكانت وزيرة العدل السويسرية إليزابيت شنايدر أوضحت في تصريح سابق أن إقرار قانون حظر أنشطة حركة حماس من شأنه أن يسهّل طرد من وصفتهم بالأشخاص "الخطرين" ويسرع الإجراءات الجنائية ضد "الإرهابيين المحتملين".
كاسيس أثار غضب الفلسطينيين عام 2018 بإعلانه أن وكالة الأونروا تشكل عقبة أمام السلام في الشرق الأوسط (غيتي)وأضافت شنايدر أن الحكومة السويسرية تدرك أن حظر حركة ما يشكل اعتداء كبيرا على الحقوق الأساسية ويمكن أن يؤثر على مجال المناورة المتاح لسويسرا في السياسة الخارجية، غير أن الحكومة تعتبر مصالح الأمن الداخلي وضرورة مكافحة "تمويل الإرهاب" تعلو فوق الاعتبارات الأخرى.
اعتبر باحثون سويسريون أن حظر حماس خطأ كبير فهي لا تخضع لعقوبات من مجلس الأمن الدولي يمكن لسويسرا أن تستند إليها كما هو الحال مع تنظيمي القاعدة و"داعش".
ونقلت صحيفة "لا ليبرتي" السويسرية عن البروفيسور في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط ريكاردو بوكو أن سويسرا ترتكب "خطأ كبيرا وفادحا" بتصنيفها حركة حماس كمنظمة إرهابية، مضيفا أن مثل هذا الحظر سيقطع الحوار مع الفلسطينيين.
واعتبر بوكو أنه لا يفهم سبب رغبة سويسرا في اتخاذ موقف لصالح إسرائيل بعد أن كانت سويسرا الدولة المحايدة التي تعمل من أجل السلام في أحلك الظروف، مثلها في ذلك مثل النرويج التي ما تزال ترفض تصنيف حماس على قائمة الإرهاب.
ونقلت الصحيفة عن محللين سويسريين آخرين انتقادهم لسياسات وزير الخارجية الحالي إينياتسيو كاسيس، الذي يعتبرونه جزءا من مجموعة مؤثرة مؤيدة لإسرائيل، ويذكرون أنه كان قد أثار غضب الفلسطينيين عام 2018 بإعلانه أن وكالة الأونروا تشكل عقبة أمام السلام في الشرق الأوسط.
أخيرا يتفق أغلب الباحثين أن المواقف الجديدة لسويسرا المنحازة لإسرائيل مدفوعة بالتأثير المتنامي للاتجاه اليميني في البلاد، وأن هذه المواقف ستؤدي إلى تآكل القوة الناعمة لسويسرا في المنطقة والعالم ككل، تلك القوة التي كانت تعتمد على سياسة الحياد وتمكنت من خلالها من لعب أدوار مختلفة على الساحة الدولية.