تناول مراسل البيت الأبيض لصحيفة "نيويورك تايمز" في مقال الجهود التي بذلتها خلية سرية مشكلة من كبار مساعدي الرئيس الأمريكي جو بايدن للتوصل إلى هدنة وصفقة تبادل أسرى جزئية بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس.

وقال مسؤولو البيت الأبيض، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة الأسابيع الخمسة من المفاوضات الحساسة التي أدت إلى التوصل إلى اتفاق، إن الاتفاق سيشمل إطلاق سراح ثلاثة أمريكيين: امرأتان وطفل صغير.

وقال المسؤولون إنهم سيواصلون الضغط من أجل إطلاق سراح جميع الرهائن الأمريكيين.

وجاءت الموافقة الأولية لمجلس الوزراء الإسرائيلي على الصفقة بعد أن عملت "خلية سرية" من كبار مساعدي الرئيس بايدن بجهد على مدى الأسابيع القليلة الماضية على شبكة من المفاوضات التي تشمل قطر ومصر و"إسرائيل"، وهو جهد أعاقه انقطاع الاتصالات في غزة. وسلسلة من الخلافات في اللحظة الأخيرة التي أخرجت المحادثات عن مسارها.


وتشير الصحيفة إلى أن اتفاق الهدنة والتبادل هو أحدث دليل على اتساع الفجوة بين البيت الأبيض ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن رد "إسرائيل" الساحق على هجمات حماس؛ فعلى مدى أسابيع، حاول بايدن، علنا وسرا، إقناع نتنياهو بوقف قصف غزة مؤقتا للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.

وقد رفض نتنياهو باستمرار النظر في وقف واسع النطاق للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ما لم يؤد ذلك إلى إطلاق سراح الرهائن.

وقال مسؤولو البيت الأبيض إنه على مدى الأسابيع القليلة الماضية، خلص بايدن إلى أن إقناع نتنياهو بقبول تعليق القتال لمدة أيام – بدلا من فترات توقف محدودة لعدة ساعات في المرة الواحدة – سيتطلب ربط ذلك باتفاق لتحرير الأسرى.

وقال المسؤولون إن بايدن طرح هذه القضية بإلحاح متزايد مع نتنياهو خلال 13 مكالمة هاتفية منذ هجمات حماس واجتماعا وجها لوجه في "إسرائيل"، مما يؤكد رغبة الرئيس في زيادة الضغط على نتنياهو. تطور احتضان بايدن الكامل لحق "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها في الساعات التي تلت هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى دعوات متكررة لضبط النفس من قبل القوات الإسرائيلية في غزة.

وقال مساعدون إن الرئيس يأمل أيضا في أن يكون إطلاق سراح الأسرى خطوة مبكرة نحو سلام أوسع في المنطقة بمجرد انتهاء الأزمة المباشرة. وفي مقال رأي نُشر في صحيفة "واشنطن بوست"، الأحد، وصف بايدن إلى أي مدى تمتد طموحاته إلى ما بعد وقف القتال لمدة أربعة أيام المتفق عليه يوم الثلاثاء.

وأوضح نتنياهو، الثلاثاء، أنه يعتزم استئناف العمليات العسكرية بمجرد إطلاق سراح الرهائن بموجب الاتفاق.

وقال نتنياهو: "ستستمر الحرب".

لكن بعض كبار المسؤولين الأمريكيين أشاروا إلى أنهم لن يصابوا بخيبة أمل إذا أصبح وقف إطلاق النار أكثر ديمومة. إذا حاول البيت الأبيض استخدام صفقة الأسرى للضغط من أجل وقف إطلاق النار على المدى الطويل والبدء في التحرك نحو الأسئلة الأكبر حول الاحتلال وحل الدولتين، فإن ذلك قد يضع بايدن على مسار تصادمي آخر مع نتنياهو. عندما يكون من المقرر استئناف القتال.

وقال مسؤول كبير في الإدارة، أطلع الصحفيين الثلاثاء في الساعات التي سبقت الانتهاء من الاتفاق، إن وقف القتال كان خطوة نحو الدفع في نهاية المطاف نحو السلام. لكن المسؤول حذر من أن مثل هذا الاحتمال بعيد المنال.

وقال المسؤول شريطة عدم الكشف عن هويته إنه على المدى القصير، يقول الرئيس ومساعدوه إنهم يركزون على ضمان وفاء حماس بالوعود التي قطعتها الجماعة المسلحة خلال أسابيع من المفاوضات التي بدت في كثير من الأحيان محكوم عليها بالفشل.

جاءت أولى علامات التقدم في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، عندما تلقى المسؤولون الأمريكيون كلمة عبر وسطاء في قطر ومصر مفادها أن حماس قد تقبل صفقة لإطلاق سراح النساء والأطفال. وفي المقابل، أرادوا من "إسرائيل" إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، وإيقاف القتال، وتأخير الغزو البري.

ومع احتشاد القوات الإسرائيلية خارج غزة، ناقش المسؤولون في "إسرائيل" والولايات المتحدة ما إذا كانوا سيقبلون الصفقة. ولم يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن حماس جادة بشأن العرض ورفضوا تأجيل الهجوم البري. ورفضت حماس تقديم أي دليل على أن الأسرى على قيد الحياة وتعثرت المفاوضات.

وفي البيت الأبيض، واصل بايدن وفريقه للسياسة الخارجية الضغط. وفي 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، تضخم الأمل مرة أخرى بعد أن اتصل نتنياهو بالرئيس ليقول له إنه يمكن أن يقبل العرض الأخير من حماس. ولكن بعد ساعات فقط من المكالمة، اقتحمت القوات العسكرية الإسرائيلية مستشفى الشفاء في غزة، الذي قالوا إنه كان بمثابة مركز قيادة لحماس. وفجأة توقفت الاتصالات بين حماس والمسؤولين في قطر ومصر. وعندما عادت حماس إلى الظهور بعد ساعات، أوضحت أن الصفقة قد ألغيت.

ولعدة أيام، طالبت حماس القوات الإسرائيلية بالانسحاب من المستشفى، وهو ما رفضته "إسرائيل". واستغرق الأمر عدة أيام لاستئناف المحادثات، بعد مكالمة هاتفية من بايدن إلى أمير قطر.

وواصل مسؤولو الإدارة الضغط على "إسرائيل"، ومن خلال وسطاء، على حماس. وبعد مكالمة بايدن، التقى كبار المساعدين، بما في ذلك مدير وكالة المخابرات المركزية، مع أمير قطر لمراجعة المسودة الأخيرة، وهو نص من ست صفحات يتضمن خطوات مفصلة للتنفيذ من كلا الجانبين.


وفي غضون أسبوع، أتى الضغط الدبلوماسي بثماره. وفي مساء الثلاثاء، عندما أجرت الحكومة الإسرائيلية تصويتها النهائي للموافقة على الصفقة، توجه بايدن خارج واشنطن لقضاء عطلة عيد الشكر لمدة خمسة أيام مع عائلته في جزيرة نانتوكيت.

ومن شأن القرار الإسرائيلي، الذي أعلنه مكتب نتنياهو، أن يسمح بتوقف القتال في غزة لمدة أربعة أيام على الأقل. وإذا صمد، فسيكون ذلك أطول وقف للأعمال القتالية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وفي بيان صدر مساء الثلاثاء، تعهد بايدن بالعمل مع القادة الإقليميين "لضمان تنفيذ هذه الصفقة بالكامل. ومن المهم أن يتم تنفيذ جميع جوانب هذه الصفقة بالكامل".

ولكن حتى مع وجود الاتفاق، يواجه بايدن تحديات في المستقبل. ولا يزال الأمريكيون محتجزين في غزة، ولا تظهر التوترات في الولايات المتحدة، وداخل حزبه، إلا القليل من علامات التراجع.

وقال المسؤولون إنهم يدركون تمام الإدراك أن الرعب الذي تعانيه عائلات أولئك الذين ما زالوا في الأسر في غزة لن ينتهي حتى يعود أحباؤهم إلى ديارهم.

بالنسبة لبايدن، لا يمكن أن يحدث ذلك في وقت قريب بما فيه الكفاية.

وقال بايدن في بيانه: "كرئيس، ليس لدي أولوية أعلى من ضمان سلامة الأمريكيين المحتجزين كرهائن حول العالم"، مضيفا: "اتفاق اليوم يجب أن يعيد المزيد من الرهائن الأمريكيين إلى الوطن، ولن أتوقف حتى يتم إطلاق سراحهم جميعا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة هدنة تبادل أسرى غزة امريكا غزة هدنة تبادل أسرى صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البیت الأبیض إطلاق سراح فی غزة

إقرأ أيضاً:

محللون: جيش الاحتلال أدرك أن المقاومة أصبحت واقعا يجب التعايش معه

يقول خبراء ومحللون إن تصريحات الجيش الإسرائيلي بشأن صعوبة القضاء على كتائب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يعكس حالة التضارب التي تعيشها إسرائيل بين السياسيين والعسكريين.

فقد أكد قائد اللواء الـ12 الإسرائيلي العامل في رفح، هيفري الباز أن القضاء على حماس في رفح يتطلب عامين على الأقل، وأن الحركة تدير حرب عصابات مستقلة في المدينة.

وقال القائد العسكري الإسرائيلي إن من يعتقد أن صفارات الإنذار ستتوقف خلال العامين المقبلين فهو "يذر الرماد في العيون"، في حين أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مواصلة الحرب هي السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى من القطاع.

وتعليقا على هذا التضارب في التصريحات، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي إن كل سياسي في إسرائيل يحاول ترجمة كل شيء على أنه نصر له، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حاولت تحقيق هدفين في القطاع، لكنها فشلت في ذلك.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال جبارين إن الجيش حاول تدمير القطاع للقضاء على حماس عسكريا وإداريا دون منح نتنياهو فرصة استغلال هذا الأمر سياسيا للبقاء ملكا على رأس إسرائيل. لكن الأمور -كما يقول جبارين- خرجت عن السيطرة وكأن السحر قد انقلب على الساحر بالنسبة للجيش.

تاريخان مهمان

ووفقا لجبارين، فإن نتنياهو حاليا يقترب من تاريخين مهمين أولهما 28 يوليو/تموز المقبل وهو موعد انتهاء دورة الكنيست والتي يحاول رئيس الوزراء الوصول إليه دون سقوط الحكومة مهما كان الثمن الذي ستدفعه إسرائيل، وثانيهما السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل وهو الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى والتي لا يمكن له بلوغه، في حين أن الأسرى الإسرائيليين ما زالوا في غزة.

ويرى جبارين أن نتنياهو يدرك جيدا أنه لن يتمكن حتى من مواجهة اليمين المتطرف الداعم له إذا وصل إلى 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل دون القضاء على حماس واحتلال غزة وإعادة الاستيطان فيه.

وخلص جبارين إلى أن نتنياهو -المعروف بمهارته السياسية- صنع فخا (تعزيز قوة اليمين) لكنه وقع فيه "لأن العسكريين يضعون خططا إستراتيجية ويحتاجون قيادات سياسية للاستفادة منها، وهو ما لم يحدث خلال هذه الحرب".

الرأي نفسه ذهب إليه الباحث السياسي سعيد زياد بقوله إن جيش الاحتلال أدرك أنه لن يكون قادرا على المقاومة التي فشل في القضاء عليها بعد استخدام كل ما لديه من قوة ودعم أميركي، مؤكدا أن الجميع في إسرائيل -باستثناء نتنياهو- بات يتعامل مع حماس كأمر واقع يجب التعايش معه كما هي الحال مع إيران، وفق تعبيره.

وأكد زياد أن تصريحات قائد اللواء 12 تكتسب أهمية كبيرة "لأنها صادرة على قائد لواء له باع في الحروب الإسرائيلية السابقة منذ نكبة 1948، وتؤكد قناعة الاحتلال أن ما كان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لن يكون كما بعده أبدا".

ويرى زياد أن إسرائيل تبحث عن آلية للخروج لكنها في الوقت نفسه تعاني التشرذم وغياب الرؤية، مشيرا إلى أن وزير الدفاع يوآف غالانت هو الوحيد الذي يطرح خططا لما بعد الحرب "لكنها خطط فاشلة"، حسب وصفه.

في المقابل، يقول زياد إن المقاومة -وباعتراف الإسرائيليين- "قادرة على التكيف مع الواقع الميداني وتغيير خططها ومواجهة جيش قوي لكنه بطيء، فضلا عن أنها سلبته الزخم الناري وأصابته بعمى استخباري وأصابته بالذعر وجعلته عاجزا عن الدخول إلى مكان دون استخدام قصف سجادي (تدمير جوي ومدفعي كامل) لتمهيد عملية الدخول".

وفي ظل هذه المعطيات، فإن فرص التوصل لاتفاق عبر المفاوضات أصبحت ضعيفة جدا ما لم تتزايد الضغوط الميدانية والإقليمية والدولية على نتنياهو لدفعه إلى وقف الحرب، كما يقول زياد.

المقاومة لا تزال قوية

ومن الناحية العسكرية، يقول العقيد ركن حاتم الفلاحي إن رفح كانت المعركة الوحيدة التي شارك فيها اللواء الـ12، وبالتالي فإن تصريحات قائده تعكس ما وجده على الأرض من حرب عصابات.

وفسر الفلاحي حديث قادة إسرائيل العسكريين بأنها دليل على قناعتهم بأن الحرب استنفدت أهدافها وأن استمرارها يعني مزيدا من استنزاف القوة دون مقابل، مشيرا إلى حديث عضو مجلس الحرب المستقيل غادي آيزنكوت الذي قال إن مواصلة الحرب تخدم نتنياهو ولا تخدم إسرائيل.

وأكد الفلاحي أن "كل الإنجازات التكتيكية التي حققها جيش الاحتلال تآكلت بسبب طول أمد الحرب وعدم استغلالها سياسيا، وأن بقاءه في القطاع قد يغرقه تماما".

ويرى الخبير العسكري أن نتنياهو يحاول مواصلة الحرب من أجل تحقيق أهدافه المعلنة متجاهلا حديثه عن أن معركة رفح -التي قال إنها المحطة الأخيرة قبل النصر المطلق- لم تحقق شيئا.

وختم بالقول إن تفكك مجلس الحرب الإسرائيلي والاتهامات الموجهة لرئيس الأركان بالخيانة والفشل وحديث الجيش عن صعوبة القضاء على حماس "دليل على حالة الخلاف الكبيرة بين نتنياهو والمؤسسة العسكرية"، مؤكدا أن أهداف الحرب حاليا "أصبحت سياسية بامتياز، لأنه لم يعد بالقطاع مكان لم يذهب إليه جيش الاحتلال".

وخلص الفلاحي إلى أن المرحلة الثالثة من الحرب التي تتحدث عنها إسرائيل غير منطقية، لأن المقاومة أعادت بناء قوتها في المناطق التي خرجت منها قوات الاحتلال في الشمال والوسط، فضلا عن السعي لإيجاد قوات أميركية وعربية يتناقض مع المواقع التي يقول إن المقاومة لا تزال موجودة فيها بقوة على الأرض.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: إسرائيل تتقدم إلى نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس في غزة
  • الكشف عن الكلمة الوحيدة التي تُصر إدارة بايدن على تغييرها في المقترح “المُعدل” لوقف إطلاق النار بقطاع غزة
  • نتنياهو يؤكد أن موقفه من الصفقة لم يتغير .. لا بديل عن النصر
  • نتنياهو يؤكد أنه موقفه من الصفقة لم يتغير .. لا بديل عن النصر
  • تفاصيل رفض الاحتلال أي تعديلات على مقترح بايدن لوقف القتال في غزة
  • مسؤول إسرائيلي .. ننتظر إشارة “هامة” من حماس لإبرام الصفقة معها وفقا لمقترح بايدن
  • مسؤول إسرائيلي: تل أبيب ترصد إمكانية تغير موقف حماس من مقترح صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة
  • محللون: جيش الاحتلال أدرك أن المقاومة أصبحت واقعا يجب التعايش معه
  • إسرائيل ترفض أي تعديلات على مقترح بايدن لوقف القتال في غزة
  • صياغة جديدة لمقترح «بايدن».. محاولات أمريكية لإتمام اتفاق بين إسرائيل وحماس (فيديو)