بوابة الوفد:
2024-11-08@12:53:48 GMT

موسم الهجرة إلى الجنوب!

تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT

ربما لو كان الأديب السودانى الطيب صالح – رحمه الله – يعيش بين ظهرانينا الآن لجادت قريحته بعمل أعظم وأجل مما قدمه فى رائعته «موسم الهجرة إلى الشمال» ولقدم لنا عملا مفعما بالإنسانية -  المقهورة فى القرن الحادى والعشرين–عن ذلك الحدث الذى نحياه ونعيشه على وقع الحرب الجارية على غزة يرصد فيه ملامح ما يمكن وصفه بـ «موسم الهجرة إلى الجنوب».

بعيدا عن الأجواء التى قد تبدو لك مخملية فى الهجرة إلى الشمال، فإن الهجرة إلى الجنوب تكتسى بأجواء بالغة الكآبة وتقطّع القلب كما يقولون، تجعلك تعيش القرون الوسطى وأكثر، التى من المؤكد أنك لم تعشها ولم ترها.

فى موسم الهجرة إلى الجنوب يعمل الفلسطينيون على مواجهة غوائل الزمن، وجبروت المحتل دون جدوى فيسيرون على غير هدى إلى اللامكان! يخرج النازحون قسرا من شمال غزة عن طريق صلاح الدين الذى يربط الشمال بالجنوب سيرا على الإقدام لأن العدو فرض حظرا على تزويدهم بالوقود، لا يحملون شيئا من الممتلكات سوى ما قد يغطى أجسادهم وأطفالهم بأيديهم أو على أكتافهم!

وفى عربات تجرها الجياد، بسبب نفاد الوقود، تلك العربات التى ربما لم تعد تشاهدها سوى فى الأفلام التى تقدم لك ملامح من عصور فاتت وانقضت يجلس الفلسطينى القرفصاء مادا بصره إلى السماء على أمل أن يزوده الله بالقوة التى تعينه على مواجهة مصائب الدهر وبطش العدو وعجز الأشقاء. 

مليون و100 ألف فلسطينى يواجهون خطة التهجير والرحيل إلى الجنوب على أمل النفاذ بأرواحهم وأرواح اطفالهم وسط شكوك بنوايا العدو المخادع، وفى بالهم أن تلك ربما تكون الرحلة الأولى وليست الأخيرة على طريق الخروج نهائيا من الوطن فى نزوح  قسرى إلى دول الجوار العربى أو إلى الشتات، حيث يعيش ملايين آخرين من الفسطينيين اندمجوا وذابوا فى المجتمعات التى خرجوا إليها.

فى رحلة الطريق إلى الجنوب تشاهد ملامح الهلع على سيدات وأطفال لا يملكون سوى توجيه دعوات ميئوس منها بالتدخل لعالم أصم آذانه عن الاستماع لأنينهم. ترى بعضهم يرفع رايات بيضاء تفاديًا لهجوم غادر، فيما دبابة إسرائيلية تظهر فى الأفق البعيد. وما أن يستقر بهم المقام إلا ويجدوا أمامهم خياما مكتظة مع قليل من الطعام ان استطاعوا العثور عليه حيث إن الكثير منهم لا يأكل فى بعض الأيام على الإطلاق. ولتقريب الصورة لك أن تعرف ان مجموع المدارس التى تشرف عليها الأونروا وتقدر بـ94 مدرسة – آسف ملجأ – تضم بين جنباتها نحو 670 ألف شخص، وان لكل 125 شخصا حماما واحدا ولكل 700 شخص مكان استحمام واحد.

فى مواجهة المأساة ربما يتفتق ذهنك عن ان النازحين أمامهم البحر فيما العدو خلفهم!! ومن قال لك إنهم لم يفعلوا فهم يستخدمون ماء البحر لكل شيء.. لغسل الملابس وتنظيف أوانى الطبخ وحتى للشرب حينما لا يجدون ماء نظيفا لشربه ويتوسلون للبحارة لمنحهم سمكة أو سمكتين للأطفال.

يقولون ان التاريخ يعيد نفسه.. عندما بدأ الأسبان فى طرد المسلمين من الأندلس عبر المتوسط إلى الجنوب حيث المغرب العربى توجهت كل الآمال إلى الإمبراطورية العثمانية آنذاك ومصر القوية فى تلك الفترة بل وارسلوا رسلا فى طلب النجدة، ولكن خاب املهم بعد ان بدا أن رد الفعل على تلك الطلبات هو أنه لا حياة لمن تنادى.. ووسط أهوال وفظائع تعيدنا إلى ما كان يرتكب فى ذلك العصر، فإن العرب، كل العرب، يبدو أنهم فى كل واد يهيمون إلا وادى إنقاذ النازحين!

اللهم انصر اخواننا فى فلسطين.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تأملات الطيب صالح

إقرأ أيضاً:

مصطفى بكري: ترامب سيكون حريصا على وقف الحرب وفقا لشروط إسرائيل وبما يخدم مصالحها

أكد الإعلامي مصطفى بكري، أنه من المؤكد أنه سيكون هناك دعم مطلق لإسرائيل عسكريا وسياسيا واقتصاديا، من الإدارة الأمريكية الجديدة، مشيرا إلى أنه ربما نشهد إطلاق يد إسرائيل في ارتكاب المزيد من الجرائم سواء في فلسطين أو في لبنان.

مصطفى بكري يكشف تفاصيل غرق باخرة تجارية مصرية قبالة سواحل ليبيا بكري: جيشنا لا يتعاون مع أحد إلا دفاعا عن أمن مصر والعرب

وقال مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج “حقائق وأسرار”، عبر فضائية “صدى البلد”، أن المسألة لن تتوقف عند إقرار هدنة من عدمه وإنما ربما سنشهد تشجيع وتأييد أمريكي لمخطط التهجير، وإنهاء الحرب قد يكون أولوية بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة ليكون إنجازا دوليا.

 

وتابع مقدم برنامج “حقائق وأسرار”، أن ترامب بالتأكيد سيكون حريص على أن يتم وقف الحرب وفقا لشروط إسرائيل وبما يخدم مصالحها.

مقالات مشابهة

  • ليلة أفغانية في مينيابوليس: ويبقى ما ينفع الناس .. تقرير عن ليلة ثقافية أفغانية في مدينة منيابوليس
  • مصطفى بكري: ترامب سيكون حريصا على وقف الحرب وفقا لشروط إسرائيل وبما يخدم مصالحها
  • دراسة: تقنيات استبدال الركبة ربما تحتاج بعض المواءمة
  • العدوان مستمر على الجنوب والبقاع.. هذه آخر المستجدات هناك (فيديو)
  • توتّر في ميدان الجنوب... اشتباكات وقصف على هذه البلدات
  • تحقيق الجيش حول البترون: انتهاك للسيادة!... هذا هو الوقع الميداني على الجبهة
  • بيانٌ من غرفة عمليات حزب الله.. تفاصيل مهمة عن حرب الجنوب
  • العثور على قبر غريب لسيدة من العصر لحديدي بالسويد
  • رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية في زيارة ميدانية لمدارس أسوان
  • مدير عام قوات الشرطة يلتقى بنظيريه الجنوب سودانى والرواندى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للإنتربول بمدينة غلاسكو