سعيد الجمال.. قصة كفاح من أجل لقمة العيش
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
كتب / د. الخضر عبدالله:
يتجول بشكل يومي في شوارع وأحياء مديرية الشيخ عثمان بمدينة عدن (جنوبي اليمن)، على عربة يقودها جمل، بملامحه السمراء وتجاعيده التي تلخص قصة كفاح من أجل لقمة العيش، أصبح جزءًا من يوميات أحياء الشيخ عثمان بطيبته وخدماته وتعامله المثالي مع الناس.
إنه الخمسيني سعيد الجمال، صاحب عربة الجمل وبائع أعلاف المواشي، الذي يمتهن هذا العمل -كما يقول- منذ أكثر من 15 سنة.
كل يوم وبصوته الجهوري المتميز، وعبارات الترويج التي يُطلقها بعفوية لتسويق بضاعته منذ الصباح الباكر، يتجول الجمال في الأحياء التي يمتلك أهلها أغنامًا، لبيع الأعلاف، بكل شغف وبهجة، رغم شدة أجواء عدن المشمسة والحارة في فصل الصيف.
كفاح من أجل لقمة العيش
وفي حديثه لـ”عدن الغد”، يعتبر الجمال سعيد، أن العمل في بيع الأعلاف على عربة يقودها جمل، مشقة كبيرة، والعمل -حسب وصفه- رحلة كفاح من أجل رزق حلال. ورغم ما تسببه له من تعب وألم في جسمه، فهي تهون كما يقول “مقابل أن يعيش الإنسان عزيزًا لا يمد يده لأحد، ولا يعتمد على الغير”.
أكثر من 15 سنة من العمل في أحياء مديرية الشيخ عثمان، أصبح سعيد يحتل محبة وحضورًا مميزًا لدى السكان، وبخاصة الأطفال. يقول إن عمله يعكس فرحة عند الأطفال وسعادة غامرة حينما يشاهدون الجمل يجر العربة ويلتفون حوله بإعجاب، حسب تعبيره.
العمل في بيع الأعلاف مصدر رزق مناسب حسب سعيد، يوفر له متطلبات المعيشة له ولأطفاله الأربعة.
يقول: “الإقبال على شراء الأعلاف يتفاوت من يوم إلى آخر، وهناك زبائن معروفون لديَّ، يأتون لشرائها منتصف أو نهاية الأسبوع، ويتراوح سعر “حزمة” العلف الواحدة من 500 إلى 1000 ريال، والعائد المادي يتفاوت من يوم لآخر”.
ويضيف: “عند بيع الأعلاف كاملة أقوم بعمل آخر، وهو توصيل حاجيات المواطنين الاستهلاكية التي يشترونها من المحلات التجارية، إلى منازلهم القريبة”.
وحول المعوقات التي تعوق أحيانًا عمله على العربة التي يقودها الجمل، هي الازدحام في الشوارع، الذي يعوق سرعة تنقله وعمله بشكل أسرع.
يعمل العشرات من الأشخاص في عدن، على عربات الجمال، لكن ما يعانيه العاملون على تلك العربات هو زحمة السيارات ومضايقة رجال المرور وبعض السائقين، بخاصة في الأماكن المزدحمة.
أمنية
وفي ختام حديثه، الجمال سعيد يقول: “ينتابني الحزن والأسى بسبب ما وصل إليه الحال في البلاد، وأتمنى أن يعم السلام في اليمن، وتعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت، وأن يحدث ذلك خلال المستقبل القريب إذ لم يعد أحد يحتمل الوضع الحالي”.
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
التمسوا الصفاء وحلاوة الإيمان في رحاب الطبيعة البكر!
الدكتور الخضر هارون
✓ كنت قد أشرت إلي ما قاله الأستاذ مصطفي ◦ صادق الرافعي رحمه الله عن أهمية البيان في الحياة وأنه يضفي علي الجماد في حياتنا حيوية وحركة تحيله كائنا حياً بين الأحياء نأنس بوجوده الذي يضيف لحياتنا معان شتي!
◦ وإلا لم خاطب كثير عزة جبل التوباد حيث كانت اللقيا ومراتع الصبا مع المحبوبة:
جبل التوباد حياك الحيا
وسقي الله صبانا ورعي
وأشار النبي الأعظم إلي جبل أحد : هذا الجبل يحبنا ونحبه.
وجاء في التنزيل قول المولي تعالي " فما بكت عليهم السماء والأرض.".قالوا في ذلك أن أماكن صلاة المسلم ومواضع سجوده للخالق تحن إليه وتبكي عند رحيله عن هذه الفانية إلي دار البقاء. ألا يخلق ذلك شعوراً جميلاً في النفس؟!
وغلبت علي عاشق سوداني الصبابة فأقسم لعشيقته معاتبا هجره مقسما قسما غليظا أنه أرسل إليها الرسائل مع طيور الجنة:
لا طيور الجنة ليك أترسل لي
الحنينات كلمنك وجن حكن لي
أي عن صدودها وإدبارها ..
وصب آخر جام غضبه برحيلها علي الغراب المسكين!
غراب البين حل بدارنا فبكي لصوت نحيبه باكينا وتصدي منصف يرفع العتب عن الغراب محملا جريرته حيواناً مسكيناً آخر لا ذنب له هو الجمل.
ما فرق الأحباب بعد الله إلا الإبل
وما غراب البين إلا ناقة أو جمل!
وينصح الرافعي مواطنيه في مصر وفي تلك البلدان التي يلوذ فيها الناس بالبحر في الصيف يودعون البحر، رهق شهور الكد في طلب الرزق في المدن الصاخبة المكتظة بالبشر والمركبات، أن يفرغوا رؤوسهم هناك من شوائب وهموم تلك المدائن ويقبلوا علي الطبيعة في زرقة الماء وجمال الطبيعة حيث الجمال فيها ليس مجلوباً بتطرية كما هو في الحواضر ولكي تصفوا دواخلهم فتعانق صفاء الطبيعة.
ونحن الذين لا نعرف المصايف، نفزع في عطلاتنا إلي قرانا المستجيرة (ببحرنا ) الذي هو النيل فعلي ضفافه نفائض تصنع الجمال : رمال حمراء ونخيل باسق الطول وجزائر تكسوها ا الخضرة يسكنها الأوز. وعند العشيات تعود القماري إلي أوكارها جزلة فرحة فقد عادت بطانا يطربنا سجعها أيما طرب!
يقول الرافعي في ذلك :
( إذا كنت في أيام الطبيعة فاجعل فكرك خاليا وفرغه للنبت والشجر والحجر والمدر والطير والحيوان والزهر والعشب والماء والسماء ونور النهار وظلام الليل، حينئذ يفتح العالم بابه ويقول : أدخل… (أول ما رأي البحر قال): ما أجمل البحر علي حاشية الأزرقين البحر والسماء يكاد الجالس هنا يظن نفسه مرسوماً في صورة إلاهية.
نظرت إلي هذا البحر العظيم بعيني طفل يتخيل أن البحر قد ملئ بالأمس وأن السماء كانت إناء له، فانكفأ الإناء فانزلق البحر وتسرحت (من السرحان) مع هذا الخيال الطفلي الصغير فكأنما نالني رشاش من الإناء…إننا لن ندرك روعة الجمال في الطبيعة إلا إذا كانت النفس قريبة من طفولتها، ومرح الطفولة ولعبها وهذيانها….( أي أنها تكون أقرب إلي طبيعتها السوية لم تعرف الأثرة والكراهية والبغضاء التي تبني في رحابها قصوراً تحجب الخير فكل مولود يولد علي الفطرة…) لطف الجمال صورة أخري من عظمة الجمال، عرفت ذلك حينما أبصرت قطرة من الماء تلمع في غصن فخيل إليّ أن لها عظمة البحر لو صغُر وعُلق علي ورقة..
في لحظة من لحظات الجسد الروحانية حين يفور شعر الجمال في الدم، أطلت النظر إلي وردة في غصنها زاهية عطرة، متأنقة، متألقة فكدت أقول لها أنت أيتها المرأة ، أنت يا فلانة..
أليس عجيبا أن كل إنسان يري في الأرض بعض الأمكنة كأنها أمكنة للروح خاصة فهل يدل هذا علي شئ إلا خيال الجنة منذ آدم وحواء، لا يزال يعمل في النفس الإنسانية؟).
اللهم نعم أيها الشيخ الجليل، عليك من الله شآبيب الرحمات. قاله حمزة بن عبد المطلب كمقدمة لدخوله الإسلام وقد كان فارساً يصطاد الأسود ، كلما تجولت وحيدا في الصحراء بين الوحوش والآكام أدركت عظمة الله !
التعقيد في إلتماس السبل السليمة لإدارة الحياة وقيادة خطام الحياة يتطلب بالفعل تغليب الرأي وكثرة المشورة لكن الفلاسفة التمسوا التعقيد في بداهة البحث عن الخالق ووجوده مع انها محفورة في دواخل كل مخلوق! حار بعضهم في ذلك السر العجيب الذي يربط المادة بالروح. لما عظمت الشقة بين هذا التوأم أو خافوا أن يصبحوا مضغاً علي الألسن بأنهم تجمدوا في عالم الدروشة والأوهام ولم يدركوا عوالم العلم المطلق تقيمه الحواس الخمس ! ومع ذلك جاء ديكارت ثم امانويل كانط وعلي استحياء وتخوف لفوا ودوروا ليقولوا هناك معارف قبلية تحدث المعرفة. ومن هول ما أنفق كانط من الحروف والعبارات والجمل المعقدة لتعريف تلك المعرفة القبلية وليؤكد أنه لا يعني الغيب المفضي للدين ،جعل نيتشة يصف مراوغات فلسفة كانط بالفلسفة الصينية أي أنها عسيرة علي الفهم مثل اللغة الصينية . استعصي علي كانط أن يوقن بأن الإحساس الداخلي مطية سهلة لمعرفة الله لا ما ذهب إليه بأن الحياة فقط بحاجة للدين لتقوم الأخلاق ، وهي لازمة للحياة ،في كنفه .ولو تأمل نيتشه في نفسه فقط لعرف السر الإلهي المودع في كل كائن ولما نطق بالكفر البواح بأن الله قد مات !
سألني طفل في الخامسة والمطر يتهاطل بقوة: هل من رجل في السماء يصب علينا هذا الماء ! سببية فطرية في الإنسان لا تخطئ. وتأمل رجل عنقودا من عنب وسبيط ، شرموخ من رطب يقطر عسلاً وقال لشاب متقعر هل جاءا هكذا بلا صانع؟! ورأي إسبينوزا أن الصانع والمصنوع شئ واحد وتلك هرطقة تروم الجمع بين الماء والنار.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا!
Sent from my iPhone
abuasim.khidir@gmail.com