من أروع المؤلفات التى راقت لكثيرين من مثقفى العالم العربى، كتاب «حكمة الغرب» للمفكر والفيلسوف الإنجليزى برتراند رسل (1872 - 1970)، والذى صدر فى جزءين متضمناً عرضاً لتاريخ الفلسفة والفكر الغربى من سقراط وحتى القرن العشرين، والمفكر الإنجليزى برتراند رسل هو بالأساس عالم منطق ورياضيات ومؤرخ وناقد اجتماعى، ويصنف برتراند رسل من الليبراليين الاشتراكيين، ومن دعاة السلام والتسامح، برغم قوله فى نهايات حياته التى امتدت ثمانية وتسعين عاماً بأنه لم يكن أياً من هؤلاء.
تراث الحكمة فى الغرب تعبر عنه حياة وفكر كثيرين من بدايات العصر الإغريقى الكلاسيكى (القرن السادس قبل الميلاد) وفلاسفته - سوفوكليس ويوربيدس وأريستوفانز - وصولاً إلى فلاسفة ومفكرى عصر النهضة.
التاريخ الفكرى والفلسفى الأوروبى، يعبر فعلياً عن الحكمة وثورة العلوم والأفكار التى غيرت وجه الحياة فى أوروبا من عصور الظلام إلى عصر النور، هنا تتجلى حكمة الغرب التى انتقلت بآدابها وعلومها للعالم كله تقريبا، مؤثرة فيه، ومغيرة من واقع الحياة فى أرجاء الدنيا حتى يومنا هذا.
الوجه الآخر للغرب، هو الوجه الأحمق الاستعمارى البغيض.. هنا يبدو الغرب غربين.. غرب الحكمة الممثلة بالمفكرين والفلاسفة، والمجتمعات التى تأثرت بهم، وغرب الحماقة والجريمة والبشاعة الممثل فى أنظمة وحكام أقرب للمجرمين والعصابات المنظمة.
وعلينا ألا ننسى أن هذا الغرب المفتون بالتوسع والاعتداء على الآخرين خارج حدوده، قد بدأ إجرامه ودمويته بداخله أولاً، وتذكرنا الحروب الأوروبية - الأوروبية بأبشع المجازر وأقبح المواجهات التى راح ضحيتها الملايين عبر تاريخ من القبح والحماقة.
فى أعقاب الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، والتى استخدمت بنهايتها وبوقاحة القنبلة النووية، رأى الغرب أن تكون حروبه القادمة بالوكالة.. هنا كان إعلان قيام المشروع الغربى الاستعمارى الممثل فى الكيان الصهيونى (مايو 1948)، إسرائيل ليست سوى قاعدة عسكرية استعمارية غربية فى قلب المشرق العربى، وعندما هرول الرئيس الأمريكى المعتوه إلى إسرائيل فى أعقاب طوفان الأقصى، وحضر اجتماع مجلس الحرب إلى جانب عصابات الحكم فى تل أبيب، وتبعه حكام بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لم يكن المشهد سوى تعبير عن عصر استعمارى جديد، وقوى غاشمة حمقاء تتاجر بدعاوى حقوق الإنسان، ثم ترقص فوق جثث الشعوب ما دام الضحايا مستضعفين، وملونين، ويا حبذا لو كانوا ينتمون لعقيدة دينية يصمها الغرب بالإرهاب.
ما حدث فى غزة «هولوكوست غربى صهيونى»، وعلى مصر تحديدا أن تزيد من تسلحها وتحالفاتها الجديدة، وأن تظل فى صلب عقيدتها السياسية والعسكرية، أن إسرائيل هى العدو الاستراتيجى الذى سيظل الصراع معه طويلاً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح
إقرأ أيضاً:
حقوق الإنسان.. ورقة الغرب لابتزاز الأنظمة
ومنذ إطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1948، تحولت مضامينه إلى مفاهيم مركزية وصار موضوع حقوق الإنسان معيارا يقاس به تقدم الدول وتراجعها، وتنتهك سيادة الدول ويتدخل في شؤونها تحت رايته.
وحسب الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية سعود الرمضاني، فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاء نتيجة صراع كبير ونتيجة مصالحة تاريخية للإنسانية، مشيرا إلى أن هذا الإعلان صالح لأن يكون قاعدة عامة للبشرية جمعاء، لأنه مقدمته تتحدث عن الإنسان والبشر بغض النظر عن العرق والدين واللون والجنس.
في حين يعتقد المفكر المغربي محمد جبرون أنه بالرغم من النزعة العالمية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن نزعته تعكس منظورا غربيا للإنسان وللحقوق وللكرامة.
وعن إغفال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لبعض الحقوق الجماعية وفي مقدمتها حق تقرير المصير، يوضح أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت علي الدوسري -في مداخلته لبرنامج "موازين"- أن موضوع حق الدولة في تقرير مصيرها غير موجود في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنه نوقش في الأمم المتحدة، وتم إقراره في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وعن التوظيف السياسي لمسألة حقوق الإنسان، يرى المفكر المغربي أن هناك ازدواجية غربية في التعامل مع موضوع حقوق الإنسان، إذ تستعمل ورقة حقوق الإنسان في ابتزاز الأنظمة، خاصة في العالمين العربي والإسلامي، ويتم السكوت عن انتهاكات تحدث في دول تجمعها مصالح وتحالفات مع بعض القوى الغربية.
وقال إن الدول الغربية تستعمل ورقة حقوق الإنسان حسب مزاجها وحسب مصالحها وأجندتها السياسية، مشيرا إلى أنه لا يمكن التعويل على هذه الدول لكي يتحسن الوضع الحقوقي في البلدان العربية.
ودعا المفكر المغربي العرب إلى التخلص مما سماها النظرة الرومانسية للمنظمات الحقوقية الغربية، لأن بعضها تكيل بمكيالين في قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بخروقات واختلالات في العالم العربي، وقال إن هذه المنظمات لا تختلف عن الأنظمة.
ومن جهته، أشار الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية -في حديثه لبرنامج "موازين"- إلى أن المنظمات الغربية ليست كلها منظمات تحترم حقوق الإنسان، كما أن هناك منظمات حقوق الإنسان في العالم العربية تساند الأنظمة المتسلطة.
وبشأن الرؤية الإسلامية والعربية المتعلقة بالحقوق والحريات، تحدث الرمضاني عن مستويين: الأول أن تكون للعرب ثقافة عربية إسلامية لها بعد أخلاقي أساسا، وتكون هي المرجعية في العلاقات الاجتماعية.
والمستوى الثاني هو أن الثقافة العربية والإسلامية ليس فيها تأكيد على الحرية الفردية، حرية المواطن في أن ينتخب ويكون له الحق في أن يكون حرا في دينه.
13/11/2024