إعداد: بوعلام غبشي إعلان اقرأ المزيد

توصلت إسرائيل وحماس فجر الأربعاء إلى اتفاق حول هدنة إنسانية لأربعة أيام، من المقرر أن يتم خلالها تبادل رهائن محتجزين لدى الحركة منذ هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ولعبت قطر إلى جانب مصر والولايات المتحدة دورا محوريا في هذا الاتفاق.

فما هي أبرز مضامينه؟ وما هو دور الدوحة فيه؟ 

بعد أيام طويلة من المفاوضات على وقع الحرب الدائرة في غزة والقصف الإسرائيلي المتواصل للقطاع الذي أسفر عن مقتل أكثر من 14 ألف شخص حسب حصيلة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تنفس فلسطينيو غزة ومعهم عائلات الرهائن المحتجزين لدى حماس الصعداء مع توصل طرفي النزاع الأربعاء إلى هدنة إنسانية بوساطة قطرية، ساهمت فيها مصر وأمريكا، ولقيت ترحيبا دوليا واسعا. 

وتحتجز حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى 240 شخصا منذ الهجوم الدامي على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والذي أدى إلى مقتل 1200 شخص، بحسب السلطات الإسرائيلية. وردت تل أبيب منذ ذلك الحين، بقصف مدمر على قطاع غزة أوقع 14128 قتيلا بينهم 5840 طفلا، وفق آخر حصيلة أعلنتها حكومة حماس.  

وستدوم هذه الهدنة الموقتة، الأولى من نوعها في هذه الحرب المميتة والمدمرة، أربعة أيام فقط. وسيتم بموجبها الإفراج عن 50 من النساء المدنيات والأطفال المحتجزين في غزة، مقابل إطلاق سراح 150 فلسطينيا يقبعون في سجون إسرائيل بالإضافة إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الموجود تحت الحصار.

تفاصيل الاتفاق 

كشفت وزارة الخارجية القطرية عن المزيد من التفاصيل حول الاتفاق، وكانت كالآتي: 

- تبادل 50 من الأسرى من النساء المدنيات والأطفال في قطاع غزة في المرحلة الأولى، مقابل إطلاق سراح عدد من النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، على أن تتم زيادة أعداد المفرج عنهم في مراحل لاحقة من تطبيق الاتفاق.

- دخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية. 

- الإفراج عن الرهائن الخمسين سيكون موزعا على أيام الهدنة الأربعة. 

- "وقف حركة الطيران في الجنوب على مدار الأربعة أيام، ووقف حركة الطيران في الشمال لمدة ست ساعات يوميا من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الرابعة بعد الظهر" حسب بيان لحماس.

- لا تشمل عملية الإفراج عن الرهائن العسكريين الإسرائيليين. 

وستتم عملية تبادل الرهائن بالأسرى بمساعدة موظفين في الهلال الأحمر على الأرض فضلا عن مسؤولين من إسرائيل وحماس وقطر، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري. وأكد الأنصاري أن الهدنة "ستحتاج إلى بعض الوقت لتحضيرها على الأرض". 

ونقلت وكالة رويترز عن وسائل إعلام إسرائيلية أنه من المتوقع بدء عملية إطلاق سراح المحتجزين الخميس. كما أضافت أن تقارير تفيد أن تنفيذ الاتفاق يجب أن ينتظر لمدة 24 ساعة لمنح المواطنين الإسرائيليين فرصة مطالبة المحكمة العليا بمنع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. 

وفي تصريح لرويترز، قال قدورة فارس رئيس هيئة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية برام الله إن من بين أكثر من 7800 أسير فلسطيني في سجون إسرائيل نحو 85 امرأة و350 قاصرا. وأضاف أن معظمهم اعتقلوا بدون اتهامات أو بسبب حوادث مثل رشق جنود إسرائيليين بالحجارة وليس لشن هجمات مسلحة. 

ونقلت الوكالة عن مسؤول أمريكي، وصفته بـ"الكبير"، أنه "من المتوقع أن يكون من بين المحتجزين الذين سيفرج عنهم في هذه الصفقة ثلاثة أمريكيين، بما في ذلك طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، كان والداها من بين القتلى خلال هجوم حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول". 

وبحسب الحكومة الإسرائيلية، بالإضافة إلى المواطنين الإسرائيليين، فإن أكثر من نصف المحتجزين يحملون جنسيات أجنبية ومزدوجة من حوالي 40 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة وتايلاند وبريطانيا وفرنسا والأرجنتين وألمانيا وتشيلي وإسبانيا والبرتغال. 

وفي تصريح له، قال محمد الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية وهو كبير المفاوضين القطريين في محادثات اتفاق الهدنة، إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ستعمل داخل غزة لتسهيل إطلاق سراح المحتجزين. 

وأضاف: "(ستكون) فترة مكثفة إذ سنكون على اتصال مباشر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والطرفين، للتأكد من أننا نحقق عملية إطلاق سراح الرهائن بشكل مثالي". 

امرأة تنظر إلى صور الرهائن، ومعظمهم من المدنيين الإسرائيليين الذين تم اختطافهم خلال هجوم حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر. رمات غان إسرائيل 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. © أسوشيتد برس تمديد الهدنة؟ 

وتأمل قطر في أن تتحول هذه الهدنة الموقتة إلى وقف إطلاق نار مستدام، حيث عبر رئيس الوزراء وزير خارجية الإمارة الخليجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن ذلك على منصة "إكس" بالقول: "نأمل في أن تؤسس هذه الهدنة لاتفاق شامل ومستدام، يوقف آلة الحرب ونزيف الدماء ويفضي إلى محادثات جادة لعملية سلام شامل وعادل وفقا لقرارات الشرعية الدولية".  

ومن جانبه، أكد كبير المفاوضين القطريين الخليفي لرويترز أن الهدنة تعني أنه "لن يكون هناك أي هجوم على الإطلاق. لا تحركات عسكرية، لا توسع، لا شيء". وتابع أن قطر تأمل أن يكون الاتفاق "نواة لاتفاق أكبر ووقف دائم لإطلاق النار. وهذه هي نيتنا". 

وأشادت الدوحة بالجهود التي بذلتها كل من القاهرة وواشنطن كذلك لدعم جهود الوساطة التي أثمرت هذا الاتفاق، مشددة على أن الدوحة ستواصل "مساعيها الدبلوماسية لخفض التصعيد وحقن الدماء وحماية المدنيين". 

ولتمديد الهدنة لأكثر من أربعة أيام، ستكون حماس مدعوة للإفراج عن رهائن آخرين في الأيام القادمة. وفي هذا السياق يقول الأنصاري "إن تعهد الفلسطينيون بالإفراج عن عدد إضافي يمكن تمديد الهدنة". مضيفا أن الإفراج "عن كل المدنيين في ظل هذه الظروف سيستغرق وقتا كما أن تأكيد العدد المتبقي سيستغرق وقتا". 

لكن نتانياهو يبدو مصرا على مواصلة الحرب. وقال في رسالة مسجلة في بداية اجتماع للحكومة إن مهمة إسرائيل الأشمل لم تتغير. "نحن في حالة حرب وسنواصل الحرب حتى نحقق كل أهدافنا. تدمير حماس واستعادة جميع الرهائن وضمان عدم تمكن أي كيان في غزة من تهديد إسرائيل". 

وباللغة نفسها، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إذ حذر مساء الثلاثاء بأن اتفاق الهدنة لا يعني نهاية الحرب في قطاع غزة، مشيرا إلى أن الجيش سيستأنف العمليات "بكامل قوته" بعد الهدنة من أجل "القضاء" على حركة حماس و"تمهيد الظروف اللازمة لإعادة الرهائن الآخرين". 

وبنفس اللهجة أيضا، عبرت حماس في بيان لها عن استعدادها لمواصلة الحرب: "إننا في الوقت الذي نعلن فيه التوصل لاتفاق الهدنة، فإننا نؤكد أن أيدينا ستبقى على الزناد، وكتائبنا المظفرة ستبقى بالمرصاد للدفاع عن شعبنا ودحر الاحتلال والعدوان". 

وحتى اليوم، لم تفرج حماس سوى عن أربعة محتجزين فقط وهم الأمريكيتان جوديث رعنا (59 عاما) وابنتها ناتالي رعنا (17 عاما) في 20 أكتوبر/ تشرين الأول "لأسباب إنسانية" والإسرائيليتان نوريت كوبر (79 عاما) ويوشيفيد ليفشيتز (85 عاما) في 23 أكتوبر/ تشرين الأول. 

وقالت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، التي شاركت في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مع حماس، في وقت متأخر من الثلاثاء إن إسرائيلية احتجزت في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول توفيت. وقالت سرايا القدس على قناتها على تطبيق تلغرام: "سبق وأبدينا استعدادنا إطلاق سراحها لأسباب إنسانية، ولكن مماطلة العدو أدى إلى فقدان حياتها". 

دور قطر "الناجح" في الوساطة 

وظل ملف الرهائن حاضرا بقوة في الحرب بين إسرائيل وحماس. "منذ اليوم الأول الذي أعلنت فيه إسرائيل عن الحرب، قامت بتشكيل وفد رسمي بأمر من نتانياهو لإدارة ملف الأسرى والمفاوضات من جانبها، في لعبة حاولت فيها الالتفاف على الرأي العام الإسرائيلي تحت مسميات عدة"، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، مشيرا إلى "الدور الذي برز في هذه المفاوضات لقطر على الرغم من تواجد الكثير من اللاعبين".  

ويرى جبارين أن الدوحة "كان لها طبعا دور ناجح بامتياز ليس فقط بما يتعلق بالإفراج عن الأسرى بل حتى الهدنة وتبعياتها، والتي من الممكن أن تؤدي في الصف الأخير إلى عملية وقف إطلاق نار كاملة. والمشهد السياسي في داخل إسرائيل محتدم وواهن، الأمر الذي من شأن أية هدنة أن تنقل النيران العسكرية في داخل القطاع إلى نيران سياسية انتخابية، وبهذا فطنة وحنكة قطرية".

وفي نفس السياق يتابع: "بطبيعة الحال قطر هي الدولة الوحيدة التي تمكنت من إتمام الصفقة، إذ أنها تلعب دورا مهما في كونها القناة الوحيدة الواصلة ما بين إسرائيل وحماس، ومن هنا كان الحجيج لها من قبل الإدارة الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء". 

لافتا إلى أن "كواليس" الصفقة والأجواء التي دارت فيها "ما زالت غامضة للجميع". فيما يبقى أكبر سؤال معلق اليوم، إن كانت هذه الهدنة ستنفخ فيها حياة جديدة بعد انتهاء عمرها المحصور في أربعة أيام، أم ستعود الحرب بأهوالها إلى غزة وسكانها بمجرد انقضائه؟

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج إسرائيل وحماس غزة الحرب بين حماس وإسرائيل حماس إسرائيل رهائن هدنة فلسطينيون النزاع الإسرائيلي الفلسطيني قطر إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حماس الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا السابع من أکتوبر إسرائیل وحماس تشرین الأول هذه الهدنة أربعة أیام الإفراج عن إطلاق سراح

إقرأ أيضاً:

يديعوت أحرونوت: 3 قضايا غير قابلة للتفاوض بالنسبة لإسرائيل

نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مقالا يقول إن هناك 3 أمور غير قابلة للتفاوض بالنسبة لإسرائيل في المرحلة الثانية من صفقة الرهائن.

وأوضح كاتب المقال رون بن يشاي أن الأمور الثلاثة هذه هي: ضمان تجريد قطاع غزة من السلاح، وعدم تسليم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السيطرة على القطاع، وعدم إطلاق سراح الرهائن في المستقبل في مشهد للعامة.

وقال لا يمكن لإسرائيل أن تسمح للمنظمات المسلحة بالحفاظ على وجود عسكري في قطاع غزة، مضيفا أنه لضمان سلامة المواطنين الإسرائيليين، ولا سيما في النقب الغربي، يجب التعبير عن مطالب عملية وواضحة بوقف الأعمال العدائية، أما المصطلحات الغامضة مثل" إسقاط حماس" أو "النصر الكامل" فهي شعارات مجردة تناسب الأدب والشعر، وليست أهدافا واقعية لحكومة مسؤولة تواجه خصما "أيديولوجيا وحشيا".

تفكيك البنية التحتية العسكرية

واستمر يقول إنه في حين أن إسرائيل لن تتمكن من القضاء على كل ناشط لحماس أو طرد قيادتها بالقوة، فإنها تستطيع ويجب عليها المطالبة بنزع السلاح من غزة. ويشمل ذلك تفكيك جميع الهياكل الأساسية؛ من الأنفاق وقاذفات الصواريخ وقذائف الهاون والأجهزة المتفجرة. وإذا لم تتمكن أي هيئة دولية من تنفيذ ذلك، فسيتعين على الجيش الإسرائيلي القيام بهذه المهمة، حتى لو استغرق الأمر أكثر من عام.

إعلان

وأما المطلب الثاني فهو إبعاد حماس من السلطة في غزة، وقال الكاتب إن هذا ربما لا يتطلب جهدا كبيرا من إسرائيل، فقد أشارت حماس مرارا وتكرارا، وكذلك مؤخرا، إلى أنها لا ترغب في تحمل مسؤوليات الحكم المدني في غزة، مفضلة عليه العمل ككيان سياسي مسلح يشبه حزب الله في لبنان. وفي ظل هذا النموذج، ستواصل حماس أنشطتها كحركة "مقاومة" مع تجنب أعباء تلبية احتياجات السكان. وعلى إسرائيل أن ترحب بتخلّي حماس عن دورها في الحكم، لكن عليها أن تعارض أي ترتيب يسمح لها بالاحتفاظ بالأسلحة بموجب موافقة دولية ضمنية.

وعاد الكاتب ليقول إن هذين المطلبين الأساسيين يجب أن يشكلا حجر الزاوية في نهج إسرائيل في المرحلة الثانية من المفاوضات، مشيرا إلى أنهما من المرجح أن يحظيا بدعم الإدارة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب والمجتمع الدولي الأوسع، مضيفا أنه لا يمكن لأي طرف "أن يعارض بشكل معقول دعوة إسرائيل إلى غزة منزوعة السلاح".

بعيدا عن أعين الجمهور

وثالثا، يجب على إسرائيل الإصرار على إطلاق سراح الرهائن في المستقبل بعيدا عن أعين الجمهور، مبررا بأن حماس استغلت إطلاق سراح النساء الثلاث كفرصة لعرض علني للقوة، قائلا إن هذا المشهد، الذي وصفه بالفوضوي، شكل مخاطر غير ضرورية على سلامة الرهائن الإسرائيليين.

وختم بالقول إنه يجب على إسرائيل أن تطالب الوسطاء، بما في ذلك الصليب الأحمر، بضمان أن تتم عمليات التسليم في المستقبل في أماكن آمنة وسرية، بعيدا عن الحشود الجامحة.

مقالات مشابهة

  • اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلّق بخيط رفيع
  • بعد أن دخل حيز التنفيذ.. 3 أسئلة توضح هل ينهي اتفاق غزة الحرب نهائيا؟
  • غارديان: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلق بخيط رفيع
  • يديعوت أحرونوت: 3 قضايا غير قابلة للتفاوض بالنسبة لإسرائيل
  • ترامب: أشك في استمرارية اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس
  • محلل سياسي: حماس لم تقدم قائمة بأسماء الرهائن الـ33 الإسرائيليين
  • هكذا تناولت أبرز الصحف الإسرائيلية اليوم الأول من وقف إطلاق النار
  • عاجل - هل يخرق نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد يوم من سريانه؟
  • إعلام إسرائيلي: فشل مدوٍ للجيش وحماس حققت أهدافها
  • فرنسا تدعو إسرائيل وحماس لاحترام وقف إطلاق النار في غزة