جمعية الصيادين تفند تهمة الصيد الجائر وتُحمِّل أطرافًا دولية مسؤولية تناقص الثروة الحيوانية
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
مع انخفاض الثروة الحيوانية وتناقصها خلال السنوات الماضية بفعل عوامل التغير المناخي والجفاف، حمّل البعض أسباب تفاقم الأزمة إلى الصيد الجائر الذي يمارسه بعض الصيادين للطيور والأسماك واستخدامهم أساليب غير مشروعة في الصيد.
وحول هذا الأمر، أكد حنون العطواني، المتحدث باسم جمعية الصيادين العراقيين، أن الصيد في العراق لا يندرج ضمن إطار الصيد الجائر، فهناك تعليمات صادرة من قبل جمعية الصيادين العراقيين تحث على الحفاظ على البيئة وتشدد العقوبات بحق غير الملتزمين.
وذكر العطواني في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” “إن الصيد في كثير من الأحيان لا يتعدى حيوانًا أو اثنين وهذه الكمية لا تندرج ضمن الصيد الجائر”، مؤكدًا أن “العراق يحاول الحفاظ على البيئة، فالطيور المهاجرة تأتي للعراق بحثًا عن الدفء والطعام”.
وأشار إلى أن “هناك محاولات من جهات دولية للقضاء على الثروة الحيوانية في البلاد من خلال نشر السموم في مجاري الأنهار واستخدام المتفجرات وأصابع الديناميت والصعق في صيد الأسماك، الذي يقتل كل الكائنات الحية داخل الأنهار ولا يقتصر على الأسماك وحدها”.
وبيّن أن “انخفاض الثروة الحيوانية خلال السنوات العشر الماضية يعود إلى ظاهرة تهريب الحيوانات إلى خارج العراق بالإضافة إلى قتل الأسماك أو صيدها بطرق غير قانونية بالإضافة إلى الجفاف”، داعيًا “الجهات الحكومية إلى الالتفات إلى هذه الثروة وإيلائها أهمية قصوى فإنها لا تقل أهمية عن باقي ثروات البلاد”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
كلمات دلالية: الثروة الحیوانیة الصید الجائر
إقرأ أيضاً:
الشاي المر… عندما يصبح الرزق تهمة
في شوارع الخرطوم ومدن السودان المختلفة، تقف “ستات الشاي” كأيقونة صبر ومقاومة، يسعين خلف لقمة العيش في بلد أثقلته الأزمات والحروب. ومع أن ما يقمن به لا يتجاوز إعداد كوب شاي أو قهوة، إلا أنهن كثيرًا ما وجدن أنفسهن في مواجهة تُهم جاهزة، ووصم مجتمعي لا يستند إلى دليل. لطالما ارتبط اسم “ستات الشاي” في أذهان البعض بمخاوف أمنية أو مخالفات قانونية، دون أن تُضبط إحداهن متلبسة بجريمة تخل بالأمن العام أو تستحق العقوبة الجنائية إلا فيما ندر. جل ما يُسجل عليهن هو مخالفة أوامر المحليات، وهي في الغالب ترتبط بعدم الترخيص أو الجلوس في أماكن غير مصرح بها.
لكن السؤال الأهم هنا: هل وفرت الدولة لهن بيئة قانونية أو بدائل آمنة للعمل؟ أم أننا نمارس عليهن تضييقًا دون أن نفتح لهن أبوابًا للرزق المشروع؟ لسنا ضد تنظيم العمل أو فرض ضوابط تشغيلية تحافظ على المظهر العام وتراعي مقتضيات الأمن، والصحة. نعم، يمكن حصر العاملات، وتحديد مواقع مناسبة، وضمان شروط النظافة والسلامة. لكن ما لا يجب أن يحدث هو أن يصبح التنظيم مرادفًا للإقصاء، أو أن تُقطع أرزاق الناس دون بدائل تحفظ كرامتهم. هناك فارق كبير بين الحفاظ على النظام، وبين القسوة غير المبررة.
ولفهم هذا التوتر بين الأمن والرزق، نحتاج إلى التوقف عند مفهومي “الأمننة” (Securitization) و”اللامننة” (Desecuritization) في تناول القضايا الاجتماعية. حين تُدرج قضية اجتماعية، كعمل ستات الشاي، في خطاب أمني وتُقدَّم كتهديد للنظام العام، تُصبح “مؤمننة” (Securitized)، وتُعالج عبر آليات الردع والملاحقة، لا عبر الفهم والمعالجة. أما “اللامننة” (Desecuritization)، فهي النظر إلى هذه القضايا كظواهر مجتمعية تستوجب حلولًا تنموية وحقوقية. والتحدي الحقيقي يكمن في المزاوجة بين الأمرين: أن نحمي الأمن دون أن نضرب الإنسان في لقمة عيشه. يمكن تحقيق ذلك بتحليل دقيق لطبيعة الظاهرة، وتقنينها بدل تجريمها، وإشراك المجتمع المدني والجهات التنموية مع الأجهزة الأمنية، وتوفير بدائل حقيقية قبل أي تدخل زجري. كما أن للخطاب الإعلامي دورًا محوريًا في خلق بيئة تفهم هذه التوازنات، لا تذكي نار الشك والتخوين.
في الحديث الشريف، دخلت امرأة النار في هرة، لا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض. فكيف إذًا بعشرات النساء اللواتي يطاردن في أرزاقهن دون أن نوفر لهن سندًا أو نترك لهن فسحة للعيش؟ أليس في ذلك ظلم نخشى أن نحاسب عليه؟
ولنا في سيدنا عمر بن الخطاب أسوة حسنة، وهو القائل: “إن هذا الأمر لا يصلحه إلا لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف.” وقد كان مزيجًا فريدًا من الحزم والرحمة، والقوة واللين، فقد عُرف بالشدة في الحق، لكنه كان أيضًا رقيق القلب، وكان يقول: “لو أن بغلة عثرت في العراق، لكنت مسؤولًا عنها لمَ لمْ أُمهّد لها الطريق؟” — تعبير عميق عن الإحساس بالمسؤولية والشفقة على كل مخلوق. وهي الروح التي يجب أن تسود في تعاملنا مع قضايا الهشاشة، لا سيما حين يتعلق الأمر بأرزاق من لا سند لهم.
ستات الشاي لسن مجرمات، بل ضحايا ظرف قاسٍ، نساء يحملن عبء أسرهن فوق رؤوسهن، في صبر لا يُضاهى. ومن واجب الدولة والمجتمع أن يحتوِيَهن لا أن يطردهن، أن يُقنِّن لهن لا أن يُجرّمهن، أن يُنصفهن لا أن يُخَوِّنهن. قبل أن نضيق عليهن أكثر، فلنسأل أنفسنا: ماذا تركنا لهن من خيارات؟ وماذا نقول حين نحاسب على أرزاق قطعناها دون حق؟
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢٥ أبريل ٢٠٢٥م