سلطت الباحثة في العلوم السياسية بجامعة أنتويرب، كلوثيلد فاكون، الضوء على موقف فرنسا من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، الذي دخل يومه الـ 47، واصفة إياه بأنه يرقى إلى مستوى "الشراكة الصامتة" في الإبادة الجماعية الجارية بالقطاع.

وذكرت كلوثيد، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن المبدأ التوجيهي للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، كان هو "الدعم الثابت وغير المشروط لتل أبيب"، في إطار الترويج "لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، ثم أيدت باريس، وفي وقت لاحق، قرارا بمجلس الأمن يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة، لكن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض ضده.

ومنذ ذلك الحين ذهب ماكرون إلى أبعد من ذلك، ودعا إلى وقف إطلاق النار، لكن هذا الموقف جاء متأخرا للغاية، فمن خلال دعمها لإسرائيل، رغم عدم التناسب في ردها على هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، منحت فرنسا فعلياً الحكومة الإسرائيلية ترخيصاً لارتكاب مذبحة ضد آلاف المدنيين.

واعتبرت كلوثيد أنه "لا توجد كلمات مناسبة لوصف الفظاظة التي أظهرها زعماء العالم الغربي، الذين استمروا في غض الطرف عن جرائم الحرب الإسرائيلية وأعمال الإبادة الجماعية في غزة" في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى الترويج لمبادئها الإنسانية، وخاصة خلال مؤتمر مساعدة غزة الأخير في باريس.

وأكدت أنه كان من الممكن إنقاذ عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا جراء القصف الإسرائيلي على غزة لو أن هذه القوى احترمت التزاماتها تجاه القانون الإنساني الدولي، لكنها فعلت العكس، ووفرت الغطاء السياسي والاقتصادي والعسكري لطموحات إسرائيل الاستعمارية والإبادة الجماعية، وجردت الفلسطينيين من إنسانيتهم.

مساحة محدودة

وأشارت إلى أن فرنسا، منذ انتخاب ماكرون، تعيش حالة من "الانجراف الاستبدادي" مع إقرار سياسات مناهضة للمجتمع واستمرار عنف الشرطة وإفلاتها من العقاب، وقمع الاحتجاجات، ونشر كراهية الإسلام بشكل منهجي.

وأضافت أن التحول اليميني المتطرف للسياسة الخارجية الفرنسية يتولد من خارج الضوابط الديمقراطية والبرلمانية، فرغم أن البرلمان لها رأي في الشأن الخارجية، إلا أنه نادراً ما يترجم ذلك إلى معارضة ملموسة، إذ إن الدستور والممارسات المؤسسية يمنحان الرئيس صلاحيات واسعة للغاية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وليس للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي تأثير كبير على عمليات صنع القرار، كما أن النشاط التشريعي محدود في هذا المجال.

ولذا لا يتمتع البرلمان الفرنسي بفرصة كبيرة للنأي بنفسه عن الحكومة في القضايا الدبلوماسية، ولم يفعل ذلك أبدًا، بحسب كلوثيد.

وفي دعمهم الأعمى لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي، الذي ينفذ مشروعاً استعمارياً عرقياً قومياً، يتواطأ القادة السياسيين في فرنسا مع اليمين المتطرف، بل إن ماكرون ذهب إلى حد اقتراح توسيع مهمة التحالف العالمي المناهض لتنظيم الدولة ليشمل حماس أيضًا.

اقرأ أيضاً

سفيرة فلسطين في فرنسا: فقدت 58 من أفراد عائلتي بقصف غزة

وهنا تشير كلوثيد إلى أن الرفض الغربي للقانون الدولي باسم "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" يلعب دوراً في نوع خبيث من الاستبداد، مشيرة إلى أن مثل هذا الطرح يخرج عن سياق واقع الاحتلال الاستعماري ويخفيه، ويخلط بين الفلسطينيين والجهاد العالمي الذي لا يشاركون فيه.

وهذا النوع من الخطاب الحضاري، الذي يذكرنا بنظرية "صراع الحضارات" التي يتبناها المحافظون الجدد، يرتكز على خطاب يميني متطرف ينزع عن الفلسطينيين الإنسانية، كما أن الرفض الغربي للقانون الدولي باسم "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" يلعب دوراً في تعزيز نوع خبيث من الاستبداد، وتعزيز رؤية عالمية خالية من الحس الأخلاقي، بحسب كلوثيد.

وأشارت الباحثة إلى أن فرنسا بلغ بها المدى في تجريم التضامن مع الشعب الفلسطيني إلى حد تجريم معارضة الإبادة الجماعية من خلال حظر الاحتجاجات، وطرد النشطاء، واستهداف حملات المقاطعة المناهضة لإسرائيل.

وفي السياق الحالي، فإن أي انتقاد لسياسة الحكومة الفرنسية الداعمة لإسرائيل يتم تأطيره على أنه "إرهاب"، بحسب كلوثيد، واصفة ذلك بأنه أشبه بعمليات الأنظمة الاستبدادية.

الدعم الأعمى

لكن حجم الاحتجاجات التضامنية الأخيرة مع فلسطين شكلت تحديًا للنظريات الكلاسيكية التي تفترض اللامبالاة العامة تجاه الصراعات الدولية.

وتنبع عمليات التعبئة هذه جزئيًا من قوة وسائل التواصل الاجتماعي المضادة للهيمنة، والتي يمكن أن تعطل الخطابات الرسمية السائدة وتؤدي إلى تآكل السلطة العامة.

وفي أوقات الأزمات الدولية، تمتلك الدولة أداتين للتأثير على الرأي العام: السيطرة على المعلومات العامة، ومراقبة شرائح معينة من السكان الذين يعتبرون "خطرين"، وبالنسبة لفرنسا فإنها تستفيد من الأمرين: الأول من خلال تركيز وسائل الإعلام في أيدي عدد قليل من المليارديرات، والثاني من خلال قمع المتظاهرين.

ورغم ذلك فإن الاحتجاجات في فرنسا ضد الإبادة الجماعية في قطاع غزة مستمرة في التوسع، ما يعكس رفض المواطنين العميق للسياسة الخارجية الفرنسية، ورغبتهم في وضع هذه السياسة في قلب المناقشة الديمقراطية.

وترى كلوثيد أن دعم فرنسا الأعمى للجيش الإسرائيلي هو خيار سياسي وليس نتيجة حتمية، كما يتضح من المواقف المتباينة لدول أخرى، مثل أيرلندا واسكتلندا وإسبانيا، مشيرة إلى مواقف أكثر شجاعة أبدتها دول مثل جنوب أفريقيا وبوليفيا، اللتين استخدمتا النفوذ الدبلوماسي لممارسة الضغوط المباشرة على إسرائيل.

وتميل وسائل الإعلام الغربية إلى التقليل من شأن ردود الفعل هذه باعتبارها "حساسية مناهضة للاستعمار"، لكنها في الحقيقة دليل على التزام حقيقي ومتماسك بحقوق الإنسان؛ الالتزام بالتطبيقات المؤسسية والقانونية لمدونة الأخلاق الدولية، وتشير إلى أن هذه البلدان إلى الطريق إلى الأمام، حسبما ترى كلوثيد.

واختتمت الباحثة مقالها بالإشارة إلى أن فرنسا، ذات يوم، كان بوسعها أن تتباهى بمثل هذا الالتزام العالمي بحقوق الإنسان في الخارج، لكن هذا العهد يبدو أنه قد ولى بوضوح.

اقرأ أيضاً

السيسي يبحث أوضاع غزة مع وزيرة خارجية فرنسا ويؤكد: نرفض العقاب الجماعي

المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فرنسا إيمانويل ماكرون غزة إسرائيل تل أبيب الإبادة الجماعیة من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

واتس آب يطور ميزة جديدة لتنظيم المحادثات الجماعية

بغداد اليوم - متابعة

يختبر تطبيق "واتس آب" ميزة جديدة في دردشات المجموعات، تم تصميمها لتسهيل تتبع الردود على رسائل محددة في الدردشات، ما يجعل المراسلات أكثر تنظيما وسهولة في الفهم.

وبدلا من التمرير عبر الدردشة بحثا عن ردود متفرقة، ستقوم الميزة الجديدة بتجميع كل الردود على رسالة معينة في محادثات منفصلة عن الدردشة الرئيسية، وهذا من شأنه أن يسهل رؤية الرسائل وضمان وصول ردودك إلى عدد أكبر من الأشخاص في الدردشة الجماعية.

وسيتمكن المستخدمون من النقر ببساطة على سلسلة محادثات لرؤية جميع الردود المتعلقة بها في مكان واحد. وهذا سيساعدك على متابعة المحادثات بسهولة دون الحاجة للتمرير طويلا للعثور على رد معين.

وتم اكتشاف هذه الميزة من قبل WABetaInfo، الذي يبحث عن التحديثات الجديدة  في "واتس آب" المملوك لشركة "ميتا".

ويوضح موقع WABetaInfo: "بدلا من التمرير عبر قائمة طويلة من الردود الفردية، سيتمكن المستخدمون من متابعة وعرض جميع الردود ذات الصلة في سلسلة محادثات مخصصة، ما يحافظ على تنظيم المحادثة وسهولة متابعتها. وفي دردشات المجموعات، حيث يمكن أن تصبح المناقشات سريعا مربكة، ستوفر هذه الميزة على المستخدمين عناء التمرير عبر سجل الدردشة بالكامل للعثور على رد محدد. حيث يمكنهم بسهولة التنقل عبر سلاسل المحادثات والتركيز على المحادثات ذات الصلة دون فقدان السياق".

وهذه الميزة شبيهة بميزة يقدمها iMessages من "آبل"، وكذلك تطبيق "مسنجر" من "فيسبوك".

وقال WABetaInfo: "من المتوقع إصدار هذه الميزة في تحديث مستقبلي للمحادثات الفردية، ودردشات المجموعات، والمجتمعات، والقنوات". ولكن لا يوجد ما يضمن وصول هذه الميزة إلى النسخة النهائية من التطبيق، حيث تم اختبارها فقط حتى الآن.

المصدر : وكالات

مقالات مشابهة

  • حماس: إسرائيل تنقلب على وقف إطلاق النار وتستأنف الإبادة الجماعية بغزة
  • البيضاء.. مسيرات جماهيرية حاشدة تنديداً بمحاصرة غزة والعدوان الأمريكي على اليمن
  • من بدر الأمس إلى ابن البدر اليوم: اليمن في مواجهة العدو الإسرائيلي والعدوان الأمريكي
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: إذا تجرأ الأعداء على رفع أيديهم ضد دولة إسرائيل مرة أخرى، فستُقطع هذه اليد
  •  المقابر الجماعية..هذا القاتل من ذاك السفاح
  • واتس آب يطور ميزة جديدة لتنظيم المحادثات الجماعية
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل التهجير والعدوان الممنهج في طولكرم وجنين
  • «الخارجية» الفلسطينية: إسرائيل تتعمد إطالة أمد الحرب عبر سلاح التجويع
  • علامات تحذيرية من النوبة القلبية الصامتة.. لايمكن تجاهلها
  • كاتب إيطالي: إسرائيل تلعب ورقة الطائفية كما فعلت فرنسا قبل قرن