فرنسا والعدوان الإسرائيلي على غزة.. شراكة صامتة في الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
سلطت الباحثة في العلوم السياسية بجامعة أنتويرب، كلوثيلد فاكون، الضوء على موقف فرنسا من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، الذي دخل يومه الـ 47، واصفة إياه بأنه يرقى إلى مستوى "الشراكة الصامتة" في الإبادة الجماعية الجارية بالقطاع.
وذكرت كلوثيد، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن المبدأ التوجيهي للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، كان هو "الدعم الثابت وغير المشروط لتل أبيب"، في إطار الترويج "لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، ثم أيدت باريس، وفي وقت لاحق، قرارا بمجلس الأمن يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة، لكن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض ضده.
ومنذ ذلك الحين ذهب ماكرون إلى أبعد من ذلك، ودعا إلى وقف إطلاق النار، لكن هذا الموقف جاء متأخرا للغاية، فمن خلال دعمها لإسرائيل، رغم عدم التناسب في ردها على هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، منحت فرنسا فعلياً الحكومة الإسرائيلية ترخيصاً لارتكاب مذبحة ضد آلاف المدنيين.
واعتبرت كلوثيد أنه "لا توجد كلمات مناسبة لوصف الفظاظة التي أظهرها زعماء العالم الغربي، الذين استمروا في غض الطرف عن جرائم الحرب الإسرائيلية وأعمال الإبادة الجماعية في غزة" في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى الترويج لمبادئها الإنسانية، وخاصة خلال مؤتمر مساعدة غزة الأخير في باريس.
وأكدت أنه كان من الممكن إنقاذ عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا جراء القصف الإسرائيلي على غزة لو أن هذه القوى احترمت التزاماتها تجاه القانون الإنساني الدولي، لكنها فعلت العكس، ووفرت الغطاء السياسي والاقتصادي والعسكري لطموحات إسرائيل الاستعمارية والإبادة الجماعية، وجردت الفلسطينيين من إنسانيتهم.
مساحة محدودة
وأشارت إلى أن فرنسا، منذ انتخاب ماكرون، تعيش حالة من "الانجراف الاستبدادي" مع إقرار سياسات مناهضة للمجتمع واستمرار عنف الشرطة وإفلاتها من العقاب، وقمع الاحتجاجات، ونشر كراهية الإسلام بشكل منهجي.
وأضافت أن التحول اليميني المتطرف للسياسة الخارجية الفرنسية يتولد من خارج الضوابط الديمقراطية والبرلمانية، فرغم أن البرلمان لها رأي في الشأن الخارجية، إلا أنه نادراً ما يترجم ذلك إلى معارضة ملموسة، إذ إن الدستور والممارسات المؤسسية يمنحان الرئيس صلاحيات واسعة للغاية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وليس للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي تأثير كبير على عمليات صنع القرار، كما أن النشاط التشريعي محدود في هذا المجال.
ولذا لا يتمتع البرلمان الفرنسي بفرصة كبيرة للنأي بنفسه عن الحكومة في القضايا الدبلوماسية، ولم يفعل ذلك أبدًا، بحسب كلوثيد.
وفي دعمهم الأعمى لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي، الذي ينفذ مشروعاً استعمارياً عرقياً قومياً، يتواطأ القادة السياسيين في فرنسا مع اليمين المتطرف، بل إن ماكرون ذهب إلى حد اقتراح توسيع مهمة التحالف العالمي المناهض لتنظيم الدولة ليشمل حماس أيضًا.
اقرأ أيضاً
سفيرة فلسطين في فرنسا: فقدت 58 من أفراد عائلتي بقصف غزة
وهنا تشير كلوثيد إلى أن الرفض الغربي للقانون الدولي باسم "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" يلعب دوراً في نوع خبيث من الاستبداد، مشيرة إلى أن مثل هذا الطرح يخرج عن سياق واقع الاحتلال الاستعماري ويخفيه، ويخلط بين الفلسطينيين والجهاد العالمي الذي لا يشاركون فيه.
وهذا النوع من الخطاب الحضاري، الذي يذكرنا بنظرية "صراع الحضارات" التي يتبناها المحافظون الجدد، يرتكز على خطاب يميني متطرف ينزع عن الفلسطينيين الإنسانية، كما أن الرفض الغربي للقانون الدولي باسم "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" يلعب دوراً في تعزيز نوع خبيث من الاستبداد، وتعزيز رؤية عالمية خالية من الحس الأخلاقي، بحسب كلوثيد.
وأشارت الباحثة إلى أن فرنسا بلغ بها المدى في تجريم التضامن مع الشعب الفلسطيني إلى حد تجريم معارضة الإبادة الجماعية من خلال حظر الاحتجاجات، وطرد النشطاء، واستهداف حملات المقاطعة المناهضة لإسرائيل.
وفي السياق الحالي، فإن أي انتقاد لسياسة الحكومة الفرنسية الداعمة لإسرائيل يتم تأطيره على أنه "إرهاب"، بحسب كلوثيد، واصفة ذلك بأنه أشبه بعمليات الأنظمة الاستبدادية.
الدعم الأعمى
لكن حجم الاحتجاجات التضامنية الأخيرة مع فلسطين شكلت تحديًا للنظريات الكلاسيكية التي تفترض اللامبالاة العامة تجاه الصراعات الدولية.
وتنبع عمليات التعبئة هذه جزئيًا من قوة وسائل التواصل الاجتماعي المضادة للهيمنة، والتي يمكن أن تعطل الخطابات الرسمية السائدة وتؤدي إلى تآكل السلطة العامة.
وفي أوقات الأزمات الدولية، تمتلك الدولة أداتين للتأثير على الرأي العام: السيطرة على المعلومات العامة، ومراقبة شرائح معينة من السكان الذين يعتبرون "خطرين"، وبالنسبة لفرنسا فإنها تستفيد من الأمرين: الأول من خلال تركيز وسائل الإعلام في أيدي عدد قليل من المليارديرات، والثاني من خلال قمع المتظاهرين.
ورغم ذلك فإن الاحتجاجات في فرنسا ضد الإبادة الجماعية في قطاع غزة مستمرة في التوسع، ما يعكس رفض المواطنين العميق للسياسة الخارجية الفرنسية، ورغبتهم في وضع هذه السياسة في قلب المناقشة الديمقراطية.
وترى كلوثيد أن دعم فرنسا الأعمى للجيش الإسرائيلي هو خيار سياسي وليس نتيجة حتمية، كما يتضح من المواقف المتباينة لدول أخرى، مثل أيرلندا واسكتلندا وإسبانيا، مشيرة إلى مواقف أكثر شجاعة أبدتها دول مثل جنوب أفريقيا وبوليفيا، اللتين استخدمتا النفوذ الدبلوماسي لممارسة الضغوط المباشرة على إسرائيل.
وتميل وسائل الإعلام الغربية إلى التقليل من شأن ردود الفعل هذه باعتبارها "حساسية مناهضة للاستعمار"، لكنها في الحقيقة دليل على التزام حقيقي ومتماسك بحقوق الإنسان؛ الالتزام بالتطبيقات المؤسسية والقانونية لمدونة الأخلاق الدولية، وتشير إلى أن هذه البلدان إلى الطريق إلى الأمام، حسبما ترى كلوثيد.
واختتمت الباحثة مقالها بالإشارة إلى أن فرنسا، ذات يوم، كان بوسعها أن تتباهى بمثل هذا الالتزام العالمي بحقوق الإنسان في الخارج، لكن هذا العهد يبدو أنه قد ولى بوضوح.
اقرأ أيضاً
السيسي يبحث أوضاع غزة مع وزيرة خارجية فرنسا ويؤكد: نرفض العقاب الجماعي
المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فرنسا إيمانويل ماكرون غزة إسرائيل تل أبيب الإبادة الجماعیة من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
منذ حرب الإبادة بغزة.. نادي الأسير: إسرائيل اعتقلت 435 فلسطينية
القدس المحتلة - قال نادي الأسير الفلسطيني، الاثنين 25نوفمبر2024، إن السلطات الإسرائيلية اعتقلت أكثر من 435 سيدة فلسطينية منذ بدء حرب الإبادة في قطاع غزة، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بعموم فلسطين.
جاء ذلك في بيان للنادي (غير حكومي) استعرض أبرز المعطيات عن واقع النساء الفلسطينيات وحال الأسيرات في السجون الإسرائيلية، تزامنا مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يوافق 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام.
وأشار التقرير إلى أن "السلطات الإسرائيلية اعتقلت أكثر من 435 فلسطينية في الضّفة الغربية بما فيها القدس، ومن الأراضي المحتلة عام 1948 (إسرائيل)"، منذ بدء حرب الإبادة في قطاع غزة.
ولفت التقرير إلى أنه "لا يوجد تقدير واضح لأعداد النّساء اللواتي اعتقلنّ من قطاع غزة، حيث أفرج عن عدد منهن لاحقا، إلا أنه من المؤكد أن هناك نساء ما زلن معتقلات في معسكرات الاحتلال، ورهن الإخفاء القسري".
وذكر التقرير أن "94 سيدة لا يزلن رهن الاعتقال، بينهن أربع أسيرات من غزة".
وأضاف: "ومن بين الأسيرات 31 معتقلة إداريا (دون محاكمة)، و33 أما، و25 طالبة جامعية، و6 صحفيات، ومحاميتان، ومن بين الأسيرات زوجات لأسرى، وأمهات لأسرى وشهداء، وشقيقات لشهداء".
وقال النادي إن "النساء الفلسطينيات يواجهن المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الصراع، إلى جانب مواجهتهن جملة من الجرائم والانتهاكات الجسيمة غير المسبوقة بحقّهن، مع تصاعد الاعتقال واعتداءات شملت اعتداءات جنسية شكّلت الحلقة الأبرز في إفادات الأسيرات وتحديدا أسيرات غزة".
وأضاف أن "المفاهيم التي أقرتها المنظومة الدولية في وصفها لواقع النساء تحت مصطلح (العنف) لم يعد كاف لتوصيف المرحلة التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات في ظل حرب الإبادة، وسياسات السّلب والحرمان المهولة".
وزاد: "منذ بدء حرب الإبادة صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيليّ من عمليات الاعتقال الممنهجة بحقّ النّساء الفلسطينيات، في كافة الجغرافيات الفلسطينية".
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة، كما وسّع المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم، ما أسفر عن 795 قتيلا، ونحو 6 آلاف و450 جريحًا، واعتقال 11 الفا و800 فلسطيني وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
Your browser does not support the video tag.