إيكونوميست: رئيس الأرجنتين الجديد يواجه أزمة اقتصادية ثقيلة
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
قال تقرير لصحيفة "إيكونوميست" إن الرئيس الأرجنتيني الجديد خافيير ميلي يواجه وضعا اقتصاديا أصعب بكثير من أي رئيس آخر خلال السنوات الأخيرة.
وأضافت أن كثيرين صوتوا لصالح ميلي الذي يصف نفسه بأنه "رأسمالي فوضوي" ليس بسبب "خطابه التحريضي"، بل لأنه يأتي ضمن وضع يائس.
وأفادت الصحيفة بأن الأرجنتين تعيش وضعا سيئا، إذ يتجاوز معدل التضخم السنوي حاليا 140%، ومن المتوقع أن يصل إلى 200% بحلول أوائل العام المقبل، في حين يعيش 4 من بين كل 10 أرجنتينيين حالة من الفقر.
وذكرت الصحيفة أن الدين العام في الأرجنتين بلغ 90% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، بينما يصل العجز المالي، نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضحت الصحيفة أن السندات الدولارية يتم تداولها بأقل من 33% من قيمتها الاسمية، مشيرة إلى أن البلاد مدينة لصندوق النقد الدولي بمبلغ 44 مليار دولار، في وقت يبلغ احتياطياتها من النقد الأجنبي نحو 10 مليارات دولار، مما يجعلها في المنطقة الحمراء.
ولفتت الصحيفة إلى هناك ما لا يقل عن 15 سعر صرف مختلف في الأرجنتين، موضحة أن سعر الصرف الرسمي يصل إلى 354 بيزو لكل دولار واحد، مقابل 900 في السوق السوداء.
تدابير طارئةحسب الصحيفة سيتعيّن على حكومة ميلي اتخاذ 3 تدابير اقتصادية طارئة.
أولا، التقشف السريع لخفض العجز المالي، وتشكل معاشات التقاعد وإعانات دعم الوقود مجالا واضحا ينبغي استهدافه. ثانيا، تحرير نظام سعر الصرف على الرغم من أن ذلك سيؤدي إلى انخفاض قيمة العملة وتحفيز التضخم. وهذا أمر لا مفر منه فالأرجنتين لم تعد تمتلك كثيرا من الدولارات. تحتاج البلاد إلى إعادة هيكلة ديونها لخفضها إلى مستويات مستدامة، وربما يتطلب هذا من صندوق النقد الدولي الاعتراف بالخسائر أو فرض أسعار فائدة منخفضة، على القروض التي قدمها للأرجنتين، والتي تمثل واحدة من أكبر الأخطاء في تاريخ الصندوق، حسب تعبير الصحيفة. معركة الدولرةكما استعرضت الصحيفة سياسة الدولرة التي ينتهجها ميلي، مشيرة إلى أنه عندما تتدهور المصداقية المالية لدولة ما فإن اعتماد العملة الأميركية بدلا من عملتها المحلية قد يكون منطقيا.
وأشارت إلى أن هناك 8 دول غير الولايات المتحدة تعتمد الدولار كعملة قانونية، منها الإكوادور وبنما، لكنها قالت إن هذه الخطوة تتطلب الوقت الكافي لإجراء الاستعدادات التفصيلية المطلوبة وتعويم أولي كبير للدولار لدعم النظام المصرفي.
من جهتها، نشرت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرا قالت فيه إن خافيير ميلي أعلن أن السيطرة على التضخم في بلاده قد تستغرق ما بين 18 و24 شهرا.
وقال ميلي في مقابلة إذاعية "إذا خفضنا الإصدار النقدي اليوم، فإنّ هذه العملية ستستغرق ما بين 18 و24 شهرا" من أجل "إعادتها إلى أدنى المستويات الدولية".
لكن ميلي أكد أنه لا يعتزم إلغاء الضوابط على الصرف فورا، لأن هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى "تضخّم مفرط".
وجدد الرئيس المنتخب التأكيد على رغبته بإلغاء البنك المركزي الأرجنتيني في نهاية المطاف، متهما المصرف المركزي بأنه "يسرق" المواطنين.
وأضاف "الدولرة ستكون الطريقة لفعل ذلك. العملة ستكون تلك التي يختارها الأرجنتينيون بحريّة. أنت أساسا تقوم بالدولرة للتخلص من البنك المركزي".
ولم يحدد الرئيس المنتخب موعدا لهذه "الدولرة" المرتقبة لاقتصاد البلاد.
الخصخصةوفي مقابلته الإذاعية شدد ميلي على أن البرنامج الذي وضعه لخصخصة كثير من مؤسسات القطاع العام سيكون واسع النطاق و"كلّ ما يمكن أن يكون في أيدي القطاع الخاص سيصبح كذلك".
وتثير رغبة الرئيس المنتخب في خفض الإنفاق العام -تقول وكالة الصحافة الفرنسية- قلقا بشأن الأثر الاجتماعي للخصخصة في بلد يعيش 40% من سكانه تحت خط الفقر و51% من سكانه يتلقون شكلا من أشكال المعونة أو الدعم الاجتماعيين.
لكن ميلي شدّد على أن الخصخصة لن تطال قطاعي التعليم والصحّة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الرئيس المكلف يواجه المطالب... المعايير الموحدّة في عملية التأليف تريح الجميع
قد يكون الرئيس المكّلف القاضي نواف سلام أول المستعجلين لتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزاف عون. ومن دون أدنى شك فإن الإسراع في إتمام هذه الخطوة يُدخل البلاد في مرحلة جديدة تتلاقى أهدافها مع التطورات الإقليمية والدولية، التي بدأت باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ومن ثم انتخاب رئيس جديد بعد طول انتظار، ودخول اتفاق وقف النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، بالتوازي مع ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تسّلمه رسميًا مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأميركية عن سعيه إلى وأد الحرب في أوكرانيا وفي منطقة الشرق الأوسط.
فالرئيس المكّلف في سباق مع الوقت. ومع انقضاء كل يوم لا تتشكّل فيه الحكومة "ينوص" الأمل في إمكانية خروج لبنان من بيت العنكبوت، من دون أن يعني ذلك أن الحكومة لن تبصر النور في أقرب وقت ممكن. ولكن الواقع السياسي، بسلبياته، لا يزال متحكّمًا بمسار الأمور. فكل فريق من الأفرقاء يريد أن يكون له في هذه الحكومة حصّة، وذلك نظرًا إلى ما يمكن أن يستثمره هؤلاء السياسيون على اختلاف توجهاتهم من معنويات الظرف المؤاتي، والذي لم يكن متوافرًا قبل إيجابيات 9 كانون الثاني.
فإذا لم توضع معايير ثابتة وشاملة لأي صيغة حكومية فإن التعثّر قد يكون مرافقًا للخطوات الإيجابية الناتجة عن "اعجوبة" انتخاب الرئيس عون بهذه السرعة، التي لم تكن متوقعة، والتي أصبحت حقيقة أحدثت صدمة شعبية إيجابية. فالمعايير الموحدّة في عملية التأليف من شأنها أن تريح الرئيس المكّلف قبل أن يتوصّل إلى صيغة مقبولة وتضمن أن تنال الثقة على أساس بيانها الوزاري وتركيبتها، وقبل أن توضع في شكلها الأولي على طاولة التشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف، مع العلم أن التواصل قائم على قدم وساق عبر أكثر من قناة بين الرجلين.
فالرئيس المكّلف يعرف تمام المعرفة ما هي توجهات رئيس الجمهورية، وما هي الحقائب التي يفضّل أن يكون له فيها كلمة الفصل، وهي العدل والداخلية والدفاع، من دون أن يعني ذلك أن من سيتولى هذه الحقائب سيحُتسب من الحصة الرئاسية كما كانت الحال في العهود السابقة، ولاسيما في عهد الرئيس ميشال عون.
أمّا إذا خضع الرئيس المكّلف لما يمكن أن تطرح عليه من شروط من قِبل جهة معينة فسيجد نفسه أمام شروط مضادة من قبل الآخرين. وبهذه الخطوة يكون العهد الحالي قد وقع في المحظور، خصوصًا أن خطاب القسم شدّد على أهمية المداورة في الحقائب، أي أن لا حقائب "مطوبة" باسم هذا الفريق أو ذاك. وهكذا يمكن القول إن أولى خطوات العهد ستكون متعثرة، وأن الآمال المعلقة على العهد الجديد ستتبخرّ تدريجيًا، ويكون قد دخل في "بازار" المساومات و"الدعسات الناقصة"، ويكون خطاب القسم مجرد خطاب إنشائي لا أكثر ولا أقل.
اللبنانيون الذين استمعوا إلى ما جاء في خطاب القسم اطمأنوا إلى غدهم، لأنهم شعروا بأن ما سمعوه من رئيس جمهوريتهم قد عبّر عن هواجسهم وتطلعاتهم، وأعطاهم دفعًا من المنشطات، التي كانوا يحتاجون إليها بعد سلسلة من نكبات لحقت بهم نتيجة ما تعرّض له لبنان من اعتداءات إسرائيلية وحشية، وبعد الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي عاشوها على مدى ست سنوات.
ولكن روما من فوق هي غير روما من تحت. وما هو نظري سيتحّول تدريجيًا إلى الحيز العملي. فإذا لم يُعطَ "الثنائي الشيعي" الحقائب التي يطالب بها، وبالأخصّ حقيبة وزارة المالية، وإن تولاها أشخاص غير حزبيين، يدخل الرئيس المكّلف في متاهات سياسية لها أول وليس لها آخر. وإذا قبِل بهذه الشروط فسيجد نفسه محاصرًا بشروط أخرى ومن نوع آخر. وهكذا تكون "التقليعة" على غير صورة الآمال، التي عُلقت على العهد، يكون اللبنانيون قد وقعوا مرّة جديدة في اختبار الخروج من الرمال المتحركة. المصدر: خاص "لبنان 24"