غزة- "نزحنا على أساس يومين وسنعود، ومضى على نزوحنا شهر، يا رب ما يتحول نزوحنا إلى نكبة جديدة"، بحزن كبير يغلب عليه القهر تحدثت إسعاد عبد الله عن تجربة نزوحها وأسرتها من منزلهم في حي النصر بمدينة غزة إلى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.

لم يكن البعد عن بيتها ليومين كما اعتقدت بحاجة لحمل أشياء كثيرة بما فيها الملابس الشتوية، وتقول للجزيرة نت "لم يخطر لي أن نزوحنا سيستمر كل هذه المدة، لقد مضى على خروجنا من منزلنا مجبرين أكثر من شهر".

بالملابس الخفيفة التي ترتديها إسعاد وزوجها وأطفالها الأربعة، وحقيبة صغيرة تحتوي على الوثائق المهمة، نزحت هذه الأسرة إلى مدينة رفح، حيث تقيم في واحدة من المدارس التي حولتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى مراكز إيواء.

مراكز الإيواء بمدارس أونروا تفتقر لوسائل تدفئة للتغلب على برودة الطقس (الجزيرة) نزوح إجباري

وتقدر "أونروا" أن أكثر من 900 ألف فلسطيني، جُلّهم من النساء والأطفال وكبار السن، يقيمون في مراكز الإيواء داخل مدارس ومرافق أخرى تابعة لها في قطاع غزة، غالبيتهم في مدن جنوب القطاع.

ومع اشتداد حدة الغارات الجوية على مدينة غزة وشمالها، وتنامي التهديدات الإسرائيلية لسكان تلك المناطق، رأت إسعاد أن أمان أسرتها يستدعي النزوح جنوبا.

غير أن تجربتها وغيرها من النازحين، تثبت أن "لا مكان آمنا في قطاع غزة"، تقول إسعاد التي فقدت عددا من أقاربها النازحين من غزة في غارة جوية استهدفت مربعا سكنيا في مخيم البريج للاجئين وسط القطاع.

ورغم ما تعانيه في مركز الإيواء التابع لأونروا، فإنها أفضل حالا وحظا من محمد المصري، النازح إلى رفح منذ 5 أيام سيرا على الأقدام من مركز إيواء تابع للوكالة في حي الزيتون في مدينة غزة.

وكانت الطريق سالكة أمام أسرة إسعاد للنزوح بسيارتها الخاصة، قبل سيطرة دبابات الاحتلال وآلياته على "مفترق الشهداء" على شارع صلاح الدين، وإغلاقه شارع الرشيد الساحلي، وهما شارعان رئيسان يربطان شمال القطاع بجنوبه.

وتضيف إسعاد، "لم تكن الأمور واضحة وأنها ستؤول إلى ما نعيشه اليوم، وألوم نفسي لعدم تعبئة السيارة بكل مستلزماتنا المهمة والضرورية، بما فيها ملابسنا الشتوية".

وتتابع "ثم أعود وأقول، إن الأجواء كانت مشمسة، ولا أحد كان يتوقع أن يطول بنا المقام خارج منازلنا"، وصمتت لوهلة وجالت ببصرها في أرجاء الغرفة المدرسية، واستدركت بالقول، "الله أعلم إذا ضايل لنا منزل في غزة".

بين ليلة وضحاها انقلب حال أسرة إسعاد التي كانت تقيم في منزل مستقل مكون من طابقين، وسط حديقة صغيرة مزروعة ببعض أشجار الحمضيات وأنواع مختلفة من الزهور، وتتشارك منذ نزوحها الاضطراري مع نحو 30 آخرين من النساء والأطفال غرفة داخل مدرسة تضم آلاف النازحين.

مئات الآلاف نزحوا من شمال قطاع غزة إلى جنوبه بلا أمتعة أو ملابس شتوية (الجزيرة) "شقاء السنين"

ولا تعلم المتحدثة ذاتها شيئا عن مصير منزلها الذي لم يمض سوى 3 أعوام على بنائه، وتخشى أن يكون واحدا من بين آلاف المنازل التي حولتها غارات جوية إسرائيلية إلى ركام، وأصابت أصحابها في مقتل، بالصواريخ أو بالقهر حزنا على ما وصفته بـ "شقاء السنين".

وبالنسبة لإسعاد التي تنحدر من عائلة لاجئة من بلدة المسمية في الداخل المحتل، وكثير من النازحين، فقد تكرر استخدامهم كلمة "نكبة" لوصف ما آلت إليه أحوالهم بسبب النزوح الإجباري، وتقول، "نعيش فصلا جديدا من فصول النكبة الممتدة منذ 1948″.

وتضطر إسعاد إلى "لف" أصغر أبنائها أحمد (عامان) ببطانية لتدفئته خلال ساعات الليل شديدة البرودة، حيث تفتقر المدرسة إلى وسائل التدفئة داخل الغرف، بينما يلجأ الرجال الذين يقضون الليل في خيام نصبوها في ساحة المدرسة، إلى إشعال النار بما يتوفر من بعض الورق وقطع الخشب الصغيرة، للتغلب على برودة الطقس.

وعصفت أجواء شتوية قاسية، خلال اليومين الماضيين، بالنازحين في المدارس، وقد اكتظت الأسواق والمحال التجارية بهم، بحثا عن ملابس يتغلبون بها على البرد، فاصطدموا إما بنفادها، وإما بغلاء فاحش بالأسعار.

وقالت إسعاد، إنها بعد نهار كامل في السوق، لم تشتر خلاله سوى قطعتي ملابس لطفلها أحمد الذي يعاني مرضا لا يقوى معه على تحمل البرد الشديد وظل يرتجف ليلة كاملة، ولم تجد أمامها من حل سوى لفه ببطانيتها الوحيدة.

وبسبب غلاء الأسعار وعدم توفر ما يناسب أطفالها، اضطرت إسعاد إلى الشراء -لأول مرة- من الملابس المستعملة، ولم تكن كذلك أسعارها مناسبة بالنسبة لغالبية النازحين الفارين من الموت بلا أموال أو ممتلكات.

لكنها لم تكن المرة الأولى بالنسبة لمحمد المصري، الذي بحث عن هذه الملابس المستعملة لكسوة أبنائه الستة، واقتصد في الشراء، عندما فوجئ بالأسعار. ويقول مستغربا للجزيرة نت، "قطعة ملابس لا يتجاوز سعرها 10 شيكل (دولاران ونصف) قبل الحرب، ارتفع سعرها 3 أضعاف".

وبعد نحو شهر من النزوح في مدرسة تابعة لأونروا في حي الزيتون، اضطر محمد للنزوح بأسرته إلى مدينة رفح بعد ليلة وصفها بالمرعبة، تشاركت خلالها الطائرات الحربية مع المدفعية في قصف محيط المدرسة بوابل من الصواريخ والقذائف.

النازحون يواجهون أزمة نفاد ملابس الشتاء والارتفاع الهائل في أسعار الملابس الحديثة والمستعملة (الجزيرة) برد وجوع وعطش

ولا يبعد منزل محمد عن تلك المدرسة سوى بضع مئات من الأمتار، لكنه لم يتجرأ على العودة إليه لجلب بعض المستلزمات والملابس الشتوية، لشدة القصف الجوي والمدفعي. ومشى بأسرته برفقة حشود من النازحين، سيرا على الأقدام، نحو 10 كيلومترات، ويتساءل، "كيف لنا أن نحمل أمتعة لهذه المسافة الكبيرة؟".

ويضيف "لقد خرجنا ونحن لا نرجو من الله سوى النجاة بأرواحنا، وأصوات الانفجارات تدوي في كل مكان".

ويتابع "كان الدمار على امتداد البصر طوال الطريق من حي الزيتون، وهو أحد محاور التوغل البري الإسرائيلي، وحتى ما بعد "مفترق الشهداء" حيث تتمركز الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية في المدخل الجنوبي المؤدي لمدينة غزة".

ويقيم محمد بأسرته مع آلاف الأشخاص جُلّهم من حي الزيتون وبلدة بيت حانون في شمال القطاع، في مدرسة حكومية، بعدما يئسوا من العثور على شواغر في مدارس أونروا.

ويقول، "نعيش حياة مأساوية دون أي مقومات، نعاني من البرد والجوع والعطش، وقضينا أول ليلتين على البلاط، النساء والأطفال داخل الفصول الدراسية، بينما اكتظت ممرات المدرسة بالرجال، وسط أجواء شتوية شديدة البرودة".

وحسب بيانات أونروا فإنها وجدت نفسها -بسبب تداعيات الحرب- مسؤولة عن نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة، بينهم مواطنون أصليون، إضافة إلى مسؤوليتها التقليدية عن زهاء 70% من سكان القطاع ويقدّر عددهم بنحو 2.2 مليون نسمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حی الزیتون مدینة غزة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

أونروا: حظر إسرائيل مساعدتنا للفلسطينيين اقترب

سرايا - حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، السبت، من أن الوقت يمر لدخول الحظر الإسرائيلي على الوكالة حيز التنفيذ ما سيمنعها من تقديم خدماتها لملايين اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

جاء ذلك على لسان مديرة التواصل والإعلام في الأونروا جولييت توما في مقابلة مع راديو وتلفزيون أيرلندا (RTE)، نقلت فحواها الوكالة على حسابها عبر منصة إكس.


ويأتي التحذير الأممي قبل أقل من شهر وبالتحديد بنهاية يناير/كانون الثاني الجاري، على دخول قرار إسرائيلي حيز التنفيذ بحظر عمل وكالة الأونروا، في مناطق سيطرتها، بعد تصويت الكنيست على القرار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.


وقالت المسؤولة الأممية: "الوقت يمر لفرض حظر محتمل على الوكالة ما يمنعها من تقديم خدماتها الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة، بما في ذلك القدس الشرقية".


وشددت توما أن "الأمم المتحدة لا تخطط لاستبدال الوكالة بالأراضي الفلسطينية، ويجب أن يتراجع الكنيست (البرلمان) "الإسرائيلي" عن قرار حظرها".


وفي 28 أكتوبر الماضي، أقر الكنيست "الإسرائيلي" بشكل نهائي، حظر نشاط الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويدخل القرار حيز التنفيذ بعد 3 شهور من التصويت، أي نهاية يناير 2025.

وادعت إسرائيل أن موظفين عاملين في الوكالة، كانوا جزءا من هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.


ويعني القرار الإسرائيلي، أن الوكالة لن تكون قادرة على ممارسة عملها في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بما يشمل غلق مكاتبها وأية حسابات مصرفية لها داخل" إسرائيل".


والأونروا، تأسست بعد النكبة الفلسطينية عام 1948 بفترة وجيزة، بهدف مساعدة اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا بعد النكبة إثر إعلان قيام دولة "إسرائيل".


وتنشط الأونروا حاليا في خمس مناطق رئيسية، وهي قطاع غزة، والضفة الغربية، والأردن، وسوريا ولبنان، وتخدم اليوم قرابة 5.9 ملايين فلسطيني، بحسب بياناتها الرسمية.


وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 154 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.


وتواصل "إسرائيل" مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

إقرأ أيضاً : "إف بي آي" يكشف تفاصيل جديدة عن انفجار لاس فيجاسإقرأ أيضاً : مراسم وداع جيمي كارتر تبدأ في الولايات المتحدة السبتإقرأ أيضاً : كوريا الجنوبية تجمع نص التسجيل الصوتي للطائرة المنكوبة

 





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 353  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 04-01-2025 01:57 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
مصرع 6 أشخاص وإصابة 32 جراء سقوط حافلة في البيرو بسبب شطيرة .. امرأة تقتل عامل بريد في مطعم أمريكي دولة متقدمة تخسر 13500 متجر تجزئة خلال 2024 بسبب تفشي السرقات! إمرأة باعت طفلتها بمساعدة حارسيّ مستشفى! الحكومة تكشف عن آلية العقود الجديدة والمكافآت... شخصية عسكرية مهمة في عهد الأسد بقبضة الأمن إسرائيل تسلم حماس قائمة بـ34 محتجزًا “ذئاب بشرية” تقتحم منزل عائلة في العقبة .. وهذا ما... الملك يشارك في تشييع جثمان الأميرة ماجدة رعد - صور "إف بي آي" يكشف تفاصيل جديدة عن انفجار...مراسم وداع جيمي كارتر تبدأ في الولايات المتحدة السبتكوريا الجنوبية تجمع نص التسجيل الصوتي للطائرة...الدفاع السورية تعلن بدء ضم الفصائل المسلحة في...محكمة ترفض إلغاء إدانة ترامب بقضية شراء الصمتشخصية عسكرية مهمة في عهد الأسد بقبضة الأمنبايدن يختتم ولايته بصفقة أسلحة مع الاحتلال الإسرائيليالاحتلال يواصل تدمير مستشفيات غزة ويحرم 40000...مسؤول أممي: 7 بالمئة من سكان غزة قتلوا أو أصيبوا... نيكول كيدمان تكرم والدتها الراحلة في حفل بالم... تسوية طلاق براد بيت وأنجلينا جولي .. والسر في خطة... بسبب خروف .. تفاصيل مثيرة حول وفاة شعبان عبد الرحيم اعتقل بحملة مطاردة "فلول النظام" ..... أحمد العوضي يرد على طلب شريف دسوقي عرض سعودي لـ يزن النعيمات فليك متفائل لكن "غير سعيد" بسبب مسألة أولمو يزن النعيمات يقترب من العودة إلى تدريبات العربي القطري ميلان يسقط يوفنتوس بـ "4 دقائق" في نصف نهائي السوبر الإيطالي ريال مدريد يقلب الطاولة على فالنسيا ويعتلي الصدارة مؤقتًا رغم طرد فينيسيوس عرّاف بريطاني يتبأ بنشوب الحرب العالمية الثالثة خلال 2025 ماليزيا تفرض قيودًا جديدة على منصات التواصل الاجتماعي اكتشاف آثار أقدام ديناصورات من العصر الجوراسي في إنجلترا العالم يتجاوز 8 مليارات نسمة في 2024 .. نمو في إفريقيا وتباطؤ عالمي اكتشاف أكبر موقع لآثار أقدام ديناصورات في بريطانيا شيشة في غرفة النوم .. حل لغز وفاة زوجين مصريين في سريرهما العثور على امرأة بعد 52 عاما من فقدانها خبير يُحدّد موعد بدء شهر رمضان .. وهذا ما كشفه عن عيد الفطر تشهد إقبالا كبيرا .. "غرف الغضب" تنتشر في هذا البلد حلّ لغز إشارة فضائية غامضة أثارت الجدل

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • 72 ساعة دموية في غزة تحت القصف الإسرائيلي
  • حظر أونروا.. قرار إسرائيلي لتصفية الشاهد على النكبة
  • أونروا: حظر إسرائيل مساعدتنا للفلسطينيين اقترب
  • منسقية النازحين واللاجئين: الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يقصفان مخيمين بشمال دارفور
  • إبادة وبرد وجوع.. احتار الغزيون أيَّها يقاومون
  • تفاصيل لقاء السفيرة هايدي سري بأبناء ورموز الجالية المصرية في فرنسا
  • رشيد جابر: هدفنا إسعاد الجماهير وأن تتكلل جهودنا بالتتويج
  • الهجرة الدولية: نزوح 22 ألف يمني خلال عام 2024 لأسباب أمنية واقتصادية
  • شاهد.. آثار القصف الإسرائيلي على خيام النازحين بمنطقة المواصي
  • البرد والجوع يقتلان الأطفال وكبار السن والحوامل في دارفور .. متحدث باسم النازحين: الناس يأكلون أوراق الأشجار وأعلاف الحيوانات