هوامش ومتون.. صورة لها فعل الرصاصة
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
خلال قراءتي في تاريخ السينما الفلسطينية وجدت أنّ المخرج مصطفى أبو علي، وهو من روّاد السينما الفلسطينية، أخرج سنة 1973 فيلمًا بعنوان «مشاهد من الاحتلال في غزة» مدته 13 دقيقة، ويتحدّث عن معاناة سكان غزة، محاولا من خلال الفيلم تصوير الأوضاع المأساوية التي يعيشها أبناء قطاع غزة، في ذلك الوقت، واليوم بعد نصف قرن، تتكرّر المأساة فـ«ما أشبه الليلة بالبارحة»!، كلّ هذا يجري وسط صمت عالمي مريب، وهو العالم نفسه الذي صمت على جرائم المحتل الصهيوني منذ بداية الاحتلال في 1948، وهو لم ينكر هذه الجرائم، وإذا أنكر، فالصور شاهدة على الجرائم، تلك المشاهد دوّنتها الكاميرا، ضوئيا، فوفّرت لنا ذاكرة بصريّة تدين العدوان، وتوثّق الجرائم التي ارتكبها بحقّ الأبرياء، والنساء والأطفال.
فالسينما الفلسطينية واكبت الأحداث، وأكّدت أنّ الصورة مثل الكلمة، لها فعل الرصاصة، لذا استخدمها السينمائيّون سلاحا في المعركة، فوقفت بصلابة بوجه أكاذيب وسائل إعلام الصهيونية العالمية، متصدّية له، موثّقة الكثير من الأحداث، معرّفة العالم بأبعاد القضية، وكانت بحقّ سينما ثوريّة، تنطلق من أفكار وأيديولوجيا، فقد انطلقت سينما الثورة الفلسطينية مع انطلاق الثورة المسلحة التي أعلنت في 1/ 1/ 1965م فوقفت الكاميرا إلى جانب البندقية، إيمانا من المقاومة بأهمية الصورة، التي قدّمت وثيقة عن تلك الجرائم، وكذلك أظهرت بطولات المقاومة، والعمليات التي قامت بها، وبدون الصورة لن تبلغ الثورة أهدافها، ولن تكون بدون تضحيات، فسقط العديد من السينمائيين والمصورين في ساحات القتال، من بينهم المخرج والمصور السينمائي الفلسطيني هاني جوهريه أحد مؤسسي السينما النضالية الذي استشهد في جبال عينطورة اللبنانية عام 1976م، أثناء قيامه بتصوير فيلم عن الثورة، يقول زميله توفيق خليل: كان هاني يرقص فرحًا عندما يصور كادرًا ويقول أصبحت لدينا وثائق عن ثورتنا عن قضيتنا تعالوا شوفوا هذا الفيلم عن القضية.
ورغم كل الإنجازات التي حققتها السينما الفلسطينية يشعر السينمائيون بالمرارة لأن أفلامهم غير مسموح لها بالعرض داخل الأراضي المحتلة، لأن المحتلين أرادوا قطع صلة التواصل بين السينمائيين والجمهور المستهدف فمنعوها من العرض داخل فلسطين، وكذلك منعت من العرض في بعض البلدان العربية، وهذا أثّر على تسويقها، فصارت سينما مهرجانات وأسابيع ثقافية، ورغم ذلك فللسينما الفلسطينية جمهور، ومنذ بداية تفتح وعينا، كانت تستهوينا مشاهدة الفيلم الفلسطيني رغم أن السينما الفلسطينية، اقترنت بالوجع والوضع الإنساني المأساوي وغالبا ما تكون تلك الأفلام تسجيلية، وكانت تقام في بغداد مهرجانات خاصة بتلك الأفلام، الطويلة والقصيرة التي يخرجها سينمائيون فلسطينيون وعرب، وأحيانًا أجانب، فلم يقتصر هذا الاهتمام علينا نحن الذين اختلط الجرح الفلسطيني بحليب أمهاتنا، بل نالت اهتمام الجمهور في العالم، لأنّها سينما قضية وموقف، وليس من المستغرب أن تحتلّ اليوم مكانة مرموقة في السينما العربية، بل وحتى على المستوى الدولي، وقد أكّدت هذه المكانة مشاركاتها في مهرجانات سينمائية عالمية، وحصولها على جوائز دولية، ويكفي أن فيلم «الجنة الآن» لهاني أبو سعد قد رشّح لجائزة الأوسكار، ونال أكثر من جائزة في مهرجانات دولية، مثلما نال فيلمه «عمر» اهتماما نقديا، وينطبق الكلام على أفلام محمد بكري، وميشيل خليفي وإيليا سليمان وعلي نصار وتوفيق أبو وائل وليانة بدر، هذه المكانة جاءت نتيجة تراكم خبرات، فالمعروف أن فلسطين عرفت فن السينما قبل النكبة 1948م، ورغم أن أرشيف السينما الفلسطينية اختفى في لبنان 1982 مع اجتياح إسرائيل لبيروت لكن مما لا ينسى أن أولى المحاولات السينمائية بدأت في عام 1935م مع تجارب إبراهيم سرحان صاحب فيلم «أحلام تحققت» و«معركة في جرش» الذي أخرجه سنة 1957 وفيلم «وطني، حبي» للمخرج الفلسطيني عبدالله كعوش وهو من إنتاج سنة 1964، وفي سنة 1969، أخرج عبدالوهاب الهندي فيلميه «كفاح حتى التحرير» و«الطريق إلى القدس» ولا يمكن نسيان المخرج الرائد مصطفى أبو علي الذي درس في الستينيات فن السينما في بريطانيا.
ولم يقف المخرج الفلسطيني وحيدا في الميدان فقد وقف إلى جانبه مخرجون عرب كثيرون وأخرج السينمائي العراقي قاسم حول عدة أفلام تسجيلية إلى جانب فيلمه الروائي «عائد إلى حيفا» الذي أعدّه عن رواية غسان كنفاني بالاسم نفسه وأخرجه عام 1982م، كما أخرج المصري سمير سيف عام 1979 فيلم «شناو» عزت العلايلي ماجدة الخطيب، أديب قدورة وأخرج العراقي قيس الزبيدي «صوت القدس»، «وطن الأسلاك الشائكة»، «ملف مجزرة»، وكذلك أخرجت أنعام محمد علي فيلم «الطريق إلى إيلات» 1993 الذي تحدّث عن عملية نفذتها الضفادع البشرية في ميناء إيلات الحربي، والكثير من المخرجين الغربيين بالثورة مثل فانيسا رديغريف وجون لوك جودارد، والمخرج السويسري ريشارد ديندو، لأنهم عرفوا أن القضية عادلة، فوقفوا موقفا مشرّفا، وقاتلوا إلى جانب أصحاب الأرض بالصورة التي لها فعل الرصاصة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السینما الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
في صدارة الإيرادات.. كم حقق فيلم الحريفة 2 بعد 21 يوما عرض في دور السينما؟
للأسبوع الثالث على التوالي يحافظ فيلم الحريفة 2 على تواجده في صدارة شباك تذاكر الأفلام، محققًا إيرادات مرتفعة توازي حجم النجاح الجماهيري الذي حققه الفيلم منذ طرحه في دور العرض السينمائي، إذ حقق الفيلم على مدار الأسبوع الماضي في السينمات إيرادات تقدر بـ16 مليونا و839 ألف جنيه، وذلك بحسب تقرير الإيرادات الأسبوعية الصادر عن الموزع محمود الدفراوي مسئول التوزيع في غرفة صناعة السينما.
ووصل إجمالي إيرادات فيلم الحريفة 2 على مدار 3 أسابيع في دور السينما لـ87 مليون و921 ألف جنيه، وهو ما يسجل تراجعًا طفيفًا عن الإيرادات التي حققها الفيلم الأسبوع الماضي، والتي بلغت 30 مليون جنيه، بينما حقق في أسبوعه الأول في دور العرض السينمائي إيرادات بلغت 41 مليون جنيه، ويقترب الفيلم من كسر حاجز الـ100 مليون جنيه خلال أسبوعه الرابع في السينمات الذي يتزامن مع أعياد الميلاد وبداية العام الجديد.
البرومو الدعائي لـ فيلم الحريفة 2 تفاصيل فيلم الحريفة 2ويجمع فيلم الحريفة 2 في بطولته مجموعة من الشباب الذين حققوا حالة من النجاح الجماهيري بعد طرح الجزء الأول من الفيلم في يناير الماضي، إذ ارتبط بهم قطاع كبير من الجمهور، وهم: نور النبوي، أحمد غزي، أحمد بحر (كزبرة)، خالد الذهبي، بالإضافة إلى نور إيهاب، وهو من تأليف إياد صالح وإخراج كريم سعد.