التقدمي: لإحياء الاستقلال بتحصين المؤسسات عبر منع الفراغ في الرئاسة
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
ترأس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط اجتماعين متتاليين لمجلس قيادة الحزب، حيث جرى نقاش مختلف التطورات السياسية والأمنية، إلى أمور متعلقة بمتابعة العديد من القضايا والملفات الحزبية والمحلية.
ودعا مجلس قيادة الحزب إلى مزيد من الحراك الشعبي والسياسي المحلي والعربي والدولي لنصرة الشعب الفلسطيني وحقوقه، ووقف الإبادة التي ترتكب بحقه في غزة والضفة الغربية، وتطبيق وقف إطلاق النار وتحييد المدنيين خصوصًا الأطفال وإدخال المساعدات إلى القطاع دون شروط، مُديناً استمرار الإجرام الإسرائيلي في فلسطين ولبنان والاعتداء الفاضح على المدنيين والصحافيين، مُقدماً التعازي بالشهداء، كما حيّا صمود الجنوبيين في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، وطالب الحكومة اللبنانية بتحرك رسمي فاعل حيال العدوان الإسرائيلي.
وفي مناسبة ذكرى الاستقلال، توجّه مجلس القيادة بدعوة إلى جميع اللبنانيين، سياسيين ومواطنين، إلى إحياء الاستقلال في روحية العمل الوطني وتعزيز المواطنة، وفي تحصين المؤسسات الدستورية والرسمية التي بوجودها ودورها يترسخ الاستقلال، وذلك عبر منع الفراغ والشلل والتعطيل فيها، بدءا من رئاسة الجمهورية الى الجيش كما سائر المؤسسات الأخرى.
كما أكد مجلس القيادة أن الحزب التقدمي الإشتراكي لن يألو جهداً في سبيل إطلاق العمل على المسار الاقتصادي لإخراج البلد من أزمته، والتشديد كما في كل مرة على اتفاق الطائف وضرورة الالتزام بمندرجاته وتطبيقها، وعلى أهمية التنوع في لبنان والحفاظ على قيم الحرية لا سيما في التعليم، مهيباً بالجميع الحفاظ على المستوى التربوي العالي في لبنان والحفاظ على المؤسسات التربوية في البلد بعيداً عن حملات التشويه التي تتعرض لها بعض المؤسسات العريقة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
مثلث حمدي أم مثلث ماكمايكل؟
(2010)
نقترب من الذكرى السادسة والخمسين لذكرى الاستقلال. وبدا لي من مناقشات أخيرة في مناسبة صدور كتابي "بخت الرضا: الاستعمار والتعليم" أن تنصلنا من الاستقلال ربما أكتمل. والتنصل مفهوم أذعته منذ سنوات. وهو ظاهرة فكرية لم يعد بها الاستعمار استعماراً بالمعني المعروف، بل من أهل الدار. فيسأل بعضنا إن كنا أهلاً للاستقلال أو دفعنا مستحقه. بل سمعت من قال أكنت تريدنا بدون الإنجليز نعيش في عصر الخليفة عبد الله وورثته إلى يوم الناس هذا بغير شكسبير وأضرابه؟
قال لي أحدهم إذا كانت بخت الرضا مؤسسة استعمارية فهل مشروع الجزيرة منشأة استعمارية كذلك. فقلت له "بلحيل". وربما كان مشروع الجزيرة ترتيباً استعمارياً بأكثر من بخت الرضا. وطلبت منه فقط تأمل احتجاج ناشطي الهامش على "مثلث حمدي" لتعرف أن حمدي بريء من المثلث. فتاريخه بدأ مع الإنجليز الذين استثمروا في الشمال النيلي الأكثر عائداً. فلم يكونوا دولة وطنية ملزومة (نظرياً إن لم يكن عملياً) بخدمة السودانيين قاطبة. وبلغت من ذلك أن أعلنت المناطق التي لن تطالها، ولا ترغب في ذلك، مثل الجنوب "مناطق مقفولة" تركتها لحالها أو عهدت للتبشير المسيحي فيها بخدمات الصحة والتعليم والروح. وجاء الإنجليز بآخرة جداً بمشروع الزاندي في آخر الأربعينات بمثابة الاعتذار للجنوب الذي اختار أن يلحق بالشمال في تطوره الدستوري.
فمثلث حمدي هو نفسه ما وصفناه في أدبنا اليساري ب"النمو غير المتساوي الاستعماري". فالمستعمر كالموت يختار الجياد أي المناطق التي ينتفع من الاستثمار فيها ويترك غيرها للإهمال. وطرقنا هذه المسألة ودعونا إلى تفكيك البنية الاستعمارية وتوسيع نطاق التنمية إلى مناطق صارت في الوطن وستطلب حقوقها كما لم تفعل مع الإنجليز الغاصبين. فطلبنا أن يتنازل مثلث حمدي من امتيازه التاريخي الزائف وأن يعتبر القطر كله في تنمية متسارعة وصفناها ب"الطريق غير الرأسمالي". ولكن من يسمع؟ كان أول ما سمعناه من الزعيم الأزهري، اول رئيس وزراء في 1954، إنه إنما جاء للتحرير لا التعمير. ويعني بذلك أنه يريد استكمال تحرر الوطن لا تنميته. وهنا أصل المأساة. فلم تقم الدولة المستقلة بتنمية تجعل مثلث حمدي أثراً بعد عين. وبقي فينا بجزيرته وسكك حديده وغردونه وبخت رضاه.
لقد اقام الأزهري تناقضاً زائفاً بين التحرير والتعمير كأن التحرير سيكتمل في يوم معلوم ما ليبدأ التعمير. وكأن هناك من طلب الاستقلال لذاته لا لعائده أيضاً. ومن أطرف ما سمعت عن زيف هذا التناقض المزعوم ما رواه أحد أشد المخلصين للرجل. فقال إنه تنادى أهل مدينة بربر لبناء مستشفاهم. واتصلوا بأزهري ليعين. فقال لهم بالحرف الواحد إنه جاء محرراً لا معمراً. ولكنهم بالطبع لم يسمعوا من ذلك واستخدموا نفوذهم عنده ليبنوا مستشفاهم الذي هو باب في التعمير والتحرير معاً.
ibrahima@missouri.edu