• بعد تفجر ثورة ديسمبر المباركة مباشرةً، وتحديداً في يوم 17 يناير 2019م، وهو نفس اليوم الذي أُستشهد فيه الدكتور بابكر عبد الحميد وهو يعالج المتظاهرين الثوار تحت وابل الرصاص، في ذلك اليوم بالضبط أُعلن عن ميلاد منظمة سابا SAPA في الولايات المتحدة الأمريكية، والإسمُ هو إختصارٌ لمنظمة الأطباء السودانيين الأمريكان، وتحوي في داخلِها كل المهن الطبية السودانية المتواجدة بأمريكا.

لقد وضعت (سابا) ضمن أهدافها عند الميلاد (أن تساعد في نقل الخبرات الطبية والمهنية والعملية إلى السودان، بشتى الأشكال، وأن تعمل على تفعيل الحياة المدنية، ودعم الديموقراطية في البلاد ضمن أهدافٍ أخرى)..

• وفور ميلادِها بدأت المنظمة العملَ مباشرةً مع الثوار الشباب على الأرض، وقدمت دعماً غير محدود لإعتصام القيادة، وساهمت بشكلٍ مباشر في علاج جرحى الثوار ودعم أسرهم لإستمرار الثورة على النظام البائد !
وبعد إنتصار الثورة، وفي نفس العام، واصلت SAPA عملها الرائع في دعم وتأهيل المستشفيات، والمؤسسات الصحية والطبية في السودان، والتي كان بعضُها منهاراً، وبعضها متوقفاً تماماً عن العمل فأهَّلت على سبيل المثال كلاً من:
مستشفيات الجنينة والدايات،
وجعفر بن عوف للأطفال،
بالإضافة لبناء أول مصنع للاكسجين في ولاية جنوب دارفور، في مدينة نيالا، وفي مدن أخرى لاحقاً..وبسبب عمل SAPA في مجال (تشبيع) المستشفيات بالأكسجين الطبي إستطاعت وحدها أن ترفع إنتاجية البلاد منه بنسبة 25٪ من جملة الإنتاج الكلي للبلاد من الأكسجين!!

• وعندما ضربت COVID-19 العالم في أول العام 2020م ساهمت SAPA بما يقارب (المليون دولار) في توفير العلاجات، والمعينات الطبية، وكل وسائل منع إنتشار الجائحة ومعالجة آثارها بالبلاد.

• ومنذئذٍ، وكلما يمر عامٌ على SAPA تزداد هذه المنظمة مِنعةً وقوةً وإنتشاراً ونفعاً بين الناس هنا في أمريكا، وفي داخل السودان ..

• وفي هذا العام إنعقد المؤتمر الخامس للمنظمة بمدينة أورلاندو، التي تحتضن عالم ديزني لاند، بولاية فلوريدا في الفترة من 17-19 نوڤمبر الجاري، وكان الحضور كبيراً وباهياً وجميلاً، وناقش المجتمعون أجندةً متفرقة كلها متعلقةً بكيفية إخراج البلاد من (الورطة) الوطنية السحيقة الراهنة التي تتردى فيها، وبخاصة في المجالات التي تعمل فيها SAPA!

• لقد أدهشني فعلاً أن (سابا) أستطاعت أن تحشد طيفاً واسعاً من السودانيين خلفها، في مدةٍ قصيرة وبخاصة شبابنا من الجيل الثاني الذي أظهر قدراتٍ مدهشة في التغلغل وسط المجتمع الأمريكي، وإجتذاب تبرعاتٍ ضخمة تقدر بالآلاف، والأهم من ذلك، ولتمكنهم من العمل في الوسائط الإسفيرية المختلفة استطاعوا أن يكتسبوا أصدقاء ومحبين للسودان، وأن يشرحوا القضية السودانية في فضاءاتهم بصورةٍ غير مسبوقة !

• لقد أفضى الأمين المالي للمنظمة (د. جمال عبد الحليم) متحدثاً عن لجنة تنفيدية مدهشة يرأسها الدكتور الذرِب (ياسر الأمين) عن إنجازات المنظمة في الستة الأشهر الآخيرة فقط فوقف جميع الحضور لهم تصفيقاً وإحتراماً وسط إندهاش وإعجاب كبيرين !!

• قال د. جمال في إيجازه المختصر عن تلك الإنجازات أنه قد تم تقديم الخدمات الطبية والعلاجية والجراحية لأكثر من 300,000 مستفيد خلال هذه المدة، كما تم تأهيل ودعم 13 مستشفى ومركزٍ صحيٍ في السودان، وشملت هذه الخدمات 6 ولايات هي ( الخرطوم، الجزيرة، الشمالية، كسلا، البحر الأحمر وجنوب دارفور) وتم إرسال ما يقارب من 57 طناً من الأدوية والمعدات الطبية والمعينات، وتم إنشاء مستشفيً كاملاً مكتملاً بالجزيرة من الألف إلى الياء، وتم تأسيس غُرفتي عمليات مكتملتين كاملتين بواد مدني، وتم تقديم الخدمات الطبية والعلاجية لأكثر من 25 ألف نازح، وتم تقديم الدعم النفسي والعلاجي لما يقارب ال 70 ألف محتاج، وغير ذلك كثير، وهذا كله في الستة أشهر الآخيرة فقط !!

• ثم ختم دكتور جمال هذا الإدهاش قائلاً إن (سابا) وفي يناير من هذا العام 2023م كان في خزينتها بالضبط 56 ألف دولار، ولكن ولكونها قد حازت على ثقةٍ في المجتمع، وبأثر الضغط الرهيب الذي فرضته هذه الحرب الملعونة الدائرة الآن، تمكنت المنظمة من جمع تبرعات سخية من محبي وأصدقاء السودان زادت عن 20 مليون دولار (شفتَ كيف) !! ولقد تم وسيتم توجيهها كلها في الأوجه التي تتبنى سابا العملَ فيها !!

• آخيراً، والحال كذلك، فإننا نقول إنه قد آن الأوان الآن أن تقفز هذه المنظمة الفتية، وبكل هذه الثقة العالية التي أحتازت عليها، إلى آفاق أرحب في مجال دعم (وإستيلاد) الديموقراطية -وهي من صميم أهدافها التي تبنتها عند ميلادِها- وفي مجال بناء وإشاعة ثقافة السلام والتحمل والتعايش في المجتمعات المتنوعة..

• كما أنه قد آن لنا (ولسابا) أن نستوعب أنه لن تنموَ ديموقراطيةٌ بلا سلام، ولن يسود السلام قبل أن يصبح ثقافةً سائدة وعقيدةً مرعية لدى الناس كافة..

• وأننا، في المستقبل القريب جداً، سنتمكن من تفعيل هذه الفقرة وسنبدأ بأن نسأل أنفسنا هذا السؤال المحرج:
(إلى متى يظل دورنا حبيس إغاثة المرضى والجوعى وترميم المستشفيات وتوفير الأدوية على الرغم من عظمة هذه الأعمال وشديد الإحتياج لها) ؟!

(إلى متى نظل ننتظر أن يقوم جنرالٌ متهور بإفساد الحياة لنقوم نحن بجمع التبرعات للقيام بالترميم والإغاثة) ؟!

الواجب علينا أن نذهب خطواتٍ أبعد، ونحن مؤهلون لذلك، بأن نمنع الجنرالات من التخريب الدائري المستمر، وذلك بالعمل على إشاعة الديموقراطية، وإشاعة ثقافة السلام والتصالح والتحمل، والمساعدة في بناء أمةٍ سودانية ناهضة، ذات مشروع، بطريقةٍ علمية، تؤهلها لتبوء مكانها اللائق بين الأمم الناهضة..

براڤو (سابا)..

•••

bashiridris@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

هل لا يزال حزب الله قادراً على التعافي؟

كان حسن نصر الله، الذي قتلته إسرائيل الجمعة في غارات جوية مكثفة على المقر السري لحزب الله قرب بيروت، الوجه والعقل المدبر للحزب.

ردود فعل الحزب على الهجمات الإسرائيلية على مدى الأسبوعين الماضيين كانت أقل كثيراً من تقديرات إسرائيل

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن نصرالله خطط لهجمات وأعطى الضوء الأخضر لها وتفاوض على تحالفات سياسية، وعمل شخصية كاريزمية بين أعضاء المجموعة وأتباعها، حيث أقنعهم في خطابات متكررة بصحة نضالهم ضد إسرائيل، وطمأنهم على أن النصر قادم.
وكانت الضربة التي وجهتها إسرائيل للحزب عميقة لدرجة أنها أثارت تساؤلات حاسمة عن قدرة قواته المتبقية قادرة على الرد على إسرائيل. شخصية ماكرة

لطالما اعتبرت إسرائيل أن نصر الله ليس إرهابيا فحسب، بل أيضاً الشخصية الماكرة وراء أحد أكثر التهديدات المباشرة لأمنها القومي. ووصف المسؤولون الإسرائيليون تصعيدهم السريع ضد المجموعة، والذي بلغ ذروته باغتيال نصر الله، بأنه نوع من حملة الصدمة والرعب، التي تهدف إلى إلحاق الضرر بحزب الله بسرعة كبيرة، بحيث لا تحتاج إسرائيل إلى إرسال قوات برية عبر حدودها الشمالية لتحقيق أهدافها في إضعاف المجموعة.

Hassan Nasrallah died while planning terror attacks and hiding under civilians. Lived and died like a coward.

I doubt they can even pay their fighters right now. Management and middle management have been efficiently taken out. Their entire HQ is gone. Whoever has access to any… pic.twitter.com/Aqw8BZIvb3

— Imtiaz Mahmood (@ImtiazMadmood) September 28, 2024

ومع رحيل نصرالله، لم يعد هناك زعيم آخر للحزب ليحل محله ويقترب منه من حيث المكانة والخبرة. ومع ذلك، فإن المسؤولين والمحللين في الولايات المتحدة، رغم اعترافهم بأن مقتله ألحق الضرر بالجماعة، حذروا من التقليل من خطر حزب الله بسرعة كبيرة.
وأشاروا إلى غزة، حيث قاتلت إسرائيل 11 شهرًا لكسر حماس، الخصم الأقل تطوراً، دون تحقيق نصر حاسم وبكلفة عالية للغاية في الأرواح.

شبكة الأنفاق

وتقول الصحيفة إن شبكة الأنفاق الواسعة لحماس عطلت تحرك القوات الإسرائيلية، وأن لحزب الله شبكاته. في الواقع، تعلمت حماس ما تعرفه عن الأنفاق من حزب الله، كما قال المسؤولون الأمريكيون. وأطلق أحد المسؤولين على حزب الله لقب "الأخ الأكبر" لحماس.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن إسرائيل هاجمت أنفاق حزب الله بضربات مدفعية لكنها لم تحدث سوى القليل من الضرر. وقالت دانا سترول، نائب مساعد وزير الدفاع السابق للشرق الأوسط، في مقابلة، إن أي جهد أكبر يتطلب قنابل أثقل وأكثر تدميراً، ومن المرجح أن تتبعها حملة برية لتطهيرها من المقاتلين ومواقع إطلاق الأسلحة.
وقالت سترول، التي تشغل الآن منصب مديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "لبنان منطقة مختلفة تمامًا. إنها منطقة جبلية، لذلك من السهل إخفاء الأشياء. لقد كان هؤلاء الرجال يحفرون في الصخور".

#NYT1000本斬り
1099/2000
Can Hezbollah Recover From the Death of Its Most Commanding Leader? https://t.co/xhDBEahQFs

— carina ???????????? (@carina38925315) September 29, 2024

وقال اللواء يعقوب عايش، القائد السابق لمديرية العمليات العسكرية الإسرائيلية، إن إسرائيل عثرت في السابق على أنفاق بقرب الحدود يبلغ عمقها 65 ياردة تحت الأرض، وأكد أن تدمير الأنفاق في جنوب لبنان عملية "معقدة" تتطلب متفجرات كبيرة.
قبل أن تبدأ الحرب في غزة في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، ويبدأ حزب الله مهاجمة شمال إسرائيل تضامناً مع حماس، كان يعتقد أن حزب الله هو إحدى أفضل القوى العسكرية غير الحكومية تجهيزاً في العالم. وكان لديه عشرات الآلاف من المقاتلين وترسانة تضم أكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة، بالإضافة إلى أسلحة أكثر تطوراً، بينها الطائرات دون طيار والصواريخ الموجهة بدقة والأسلحة المضادة للطائرات.

ردود فعل الحزب

ولكن ردود فعل الحزب على الهجمات الإسرائيلية على مدى الأسبوعين الماضيين كانت أقل كثيراً من تقديرات إسرائيل وتهديدات الحزب، فلم تشن قوات كوماندوز حزب الله هجوماً عنيفاً على المجتمعات الإسرائيلية، ولم تلحق الصواريخ الموجهة الضرر بالبنية التحتية الحساسة. وبالإضافة إلى وابل الصواريخ المنتظم، أطلقت المجموعة صواريخ باليستية أكبر حجماً يمكنها الوصول إلى عمق إسرائيل، لكنها لم تسبب أضراراً تذكر، إما لأن دفاعات إسرائيل أسقطتها، أو لأنها سقطت في مناطق مفتوحة.
ويشير هذا إلى أن الضربات الإسرائيلية للحزب على مدى الأشهر الماضية والتي تسارعت الأسبوع الماضي، والتي أسفر عن  أكثر من 700قتيل، وفق وزارة الصحة اللبنانية، قللت من قدراتها بتفجير المخزونات، وقتل وجرح المقاتلين وتعطيل الاتصالات.
ولا يكشف الحزب قدراته العسكرية ولم يعلن عدد مقاتليه الذين قتلوا في الأسابيع الأخيرة. ولا تميز وزارة الصحة بين المقاتلين والمدنيين.
ورغم براعة حزب الله، الذي يدير أيضا المدارس والمستشفيات ويقدم الخدمات الاجتماعية لمؤيديه في لبنان، فإنه لم يعد قياديين آخرين في مكانة نصر الله.

مقالات مشابهة

  • مصر تستعد لرئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي وتسعى لدفع الجهود لحل الأزمة السودانية
  • الشاوش: تعيين محافظ جديد للمصرف ونائب له جاء استجابةً للظروف الخانقة التي تمر بها البلاد
  • الأزمة الخفية للاختفاء القسري في السودان
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان
  • من الإخوان الإرهابية.. إلى السودان.. لكِ الله يا مصر ( ٩ )
  • هل لا يزال حزب الله قادراً على التعافي؟
  • وزير الخارجية يخاطب اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي
  • تشخيص الصناعة في السودان: ملخص لدراسة منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية
  • هيئة الأمم المتحدة للمرأة: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي خاص على النساء والفتيات
  • تقرير أممي: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي على النساء والفتيات