صحيفة المرصد الليبية:
2025-02-24@01:38:48 GMT

من صيدا وتونس إلى سواحل البرازيل!

تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT

من صيدا وتونس إلى سواحل البرازيل!

البرازيل – يمتلئ التاريخ بالمفاجآت، ولعل فرضية وجود علاقة بين صيدا أو تونس وسواحل البرازيل واحدة بارزة في هذا الطريق. عدة خبراء متخصصون يرجحون هذا الاحتمال ويجدون له ما يعدونها أدلة قوية.

الحديث يدور حول الفينيقيين الذين يعدون من أمهر البحارة في العصور القديمة، فقد اكتشفوا الكثير من الأراضي الجديدة وأسسوا العديد من المستعمرات على طرق التجارة البحرية القديمة.

يعرف بشكل واسع عن الفينيقيين دولتهم العتيدة في قرطاجة بتونس الحالية ومقارعتهم الرومان في سلسلة من الحروب البونيقية التي انتهت بتدمير الرومان لقرطاجة وحرثها بالملح!

أما الجانب الآخر للحضارة الفينيقية، فهو انخراطها في تنافس محموم بشأن أولوية اكتشاف العالم الجديد وتحديدا البرازيل، إلى جانب الفايكنغ والسكان البولينيزيين الأصليين.

خبراء في علم الآثار والحضارات كرسوا حياتهم لإثبات أن الفينيقيين الكنعانيين لم تبحر سفنهم في مياه المتوسط فقط، بل وامتدت إلى مساحات واسعة من المحيطيين الأطلسي والهندي، وأنهم أبحروا حول القارة الإفريقية، وكانوا الأكثر مهارة في الملاحة البحرية في عصرهم.

لغز نقش “بارايبا” الحجري:

أنصار فكرة اكتشاف الفينيقيين المبكر لمناطق من جنوب القارة الأمريكية اللاتينية وخاصة البرازيل وبيرو، يجدون في نقش اكتشف في عام 1873 على حجر بمنطقة “جواو پيسوا”، الواقعة بشمال شرق البرازيل، أنصع دليل على ذلك.

جدل واسع ثار بين العلماء ولا يزال حول حقيقة النص المكتوب باللغة الفينيقية على ذلك الحجر قبل ضياعه نهائيا. بعض الخبراء رجحوا أنه مزور مثل عدة عملات فينيقية كان عثر عليها في المنطقة، إلا أن علماء بارزين أكدوا أن النص الفينيقي حقيقي وليس مزيفا.

العالم والمستشرق الألماني قسطنطين شلوتمان خلص بعد دراسة النقش في عام 1874 إلى القول: “إذا كان هذا مزيفا، فلا بد أن الفاعل كان خبيرا ممتازا في اللغة الفينيقية ولديه موهبة كتابية كبيرة، لأن السمات الفردية للنقش ليست فينيقية فحسب، بل ومن صيدا بلا شك. من الصعب افتراض أن مثل هذا الخبير في لهجات اللغة الفينيقية يعيش في البرازيل، حتى في أوروبا لا يوجد من مثل هؤلاء الكثير”.

لاحقا أكد سايروس غوردون، وهو خبير أمريكي شهير صحة النص الفينيقي على الحجر “البرازيلي”، وبحكم خبرته في فك شفرة اللغة الفينيقية توصل في عام 1960 إلى ترجمة ذلك النص المنقوش على الحجر.

ترجمة النص الفينيقي تقول: “نحن أبناء كنعان من صيدا، مدينة ملكنا. نحن، البحارة التجار، ألقينا بالبحر إلى هذا الساحل البعيد لبلد جبلي. ذهبنا إلى البحر، ونضحي بشبابنا ونمتدح الآلهة، في السنة التاسعة من عهد ملكنا حيرام. رفعنا أشرعة سفننا العشر في ميناء إيزيونجيبر على البحر الأحمر. لمدة عامين كاملين أبحرنا إلى الحافة الجنوبية لأرض حام (إفريقيا، لكن عاصفة قوية من يد الإله بعل قسمت السفن، وفقدنا رفاقنا. وهكذا وصلنا إلى هنا إلى هذا الشاطئ ونحن 12 رجلا و3 نساء”، أتاح الاسم المذكور للملك حيرام للخبراء إمكانية تحديد تاريخ النقش في الفترة بين 553 إلى 533 قبل الميلاد.

بنهاية القرن التاسع عشر، عثر على آثار مادية تعود للفينيقيين على سواحل القارتين الأمريكيتين، من ذلك اكتشاف حبات خرز فينيقية في مقاطعة لانكستر بساوث كارولينا، كما عثر في ولاية بنسلفانيا على نقوش حجرية فينيقية في عام 1949، واكتشف حجر مماثل في ولاية أوهايو في عام 1956، وعثر على نقوش فينيقية حجرية أيضا في  ولاية فرجينيا، والقائمة تطول.

مع تواصل الجدل في الأوساط العلمية حول صحة الآثار الفينيقية في العالم الجديد، عثر سكان محليون في عام 1978 بمقاطعة بوياكا الكولومبية على ألواح طينية عليها نقوش فينيقية.

صمود هذه الرواية على مر الزمن، وتمسك العديد من الخبراء الكبار بها، جعل منها احتمالا قائما، وعلى الرغم من أن زيارة الفينيقيين القدماء إلى العالم الجديد لم تصبح بعد بمثابة فرضية مقبولة على نطاق واسع، إلا أنها بلا شك لم تعد هامشية.

المصدر: RT

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

قيمة الانتماء في مجموعة بنكهة البرزخ للشاعر يونس البوسعيدي

يُعدُّ الانتماء حالة وجودية عميقة ترتبط بهويته وثقافته وتاريخه. الشاعر يعيش الانتماء كجزء أساسي من تكوينه الإبداعي، حيث يصبح هذا الانتماء مصدر إلهامه وقوة تعبيره. الانتماء أيضًا يخلق لدى الشاعر مسؤولية تجاه مجتمعه، فهو لا يكتب لنفسه فقط، بل يصبح صوتًا يعبر عن آمال وآلام الجماعة التي ينتمي إليها. من خلال شعره، يمكن أن يعبر عن قضايا وطنه، يدافع عن قيمه، أو حتى ينتقد ما يراه معيقًا لتقدمه. هو الجسر الذي يربطه بماضيه وحاضره، وهو البوصلة التي توجه إبداعه نحو المستقبل. يُعدُّ الشاعر صاحب قضية، كما يُعدُّ الثائر بطبيعة الحال؛ فهو يعكس حال وواقع مجتمعه وأمته وظواهر هذا المجتمع وما فيه وما يعاني، وهو بصورة تامّة يرسم بوعيه الجمالي صورة واضحة المعاني الجمال، ويكون ذلك عفواً؛ أي من خلال إيمانه بقضيته التي يتحدث عنها، ولا يلبث الشاعر إلا أن يتبنى من ضمن هذه القيم الجمالية قيمةَ الانتماء؛ فهو لا يغفل عن هذه القيمة لما لها من أثر جمالي يصنع كينونته الشعرية وتفاعله الإنساني مع مجتمعه ووطنه؛ فهو عندما يخلّد هذا الانتماء –ونعني الانتماء الوطني – يعكس صورة جمالية لذاته بوعي مختلف عن القيم الأخرى، ولعلَّ هذه القيمة من أهمّ القيم لما تعنيه في فكر الشاعر وهويته ويمه الأخرى؛ فالشاعر عندما يبرز انتماءه لوطنه، فهو يجمع أغلب القيم الثانية: (الحزن والحب والألم والحياة والموت والسعادة)، ويمكننا أن نشاهد هذه القيمة في الشعر العماني المعاصر الذي عزّز هذه القيمة من خلال شعرائه الذين أولوها كلّ أهمية؛ فالشاعر يونس البوسعيدي يُعدُّ مثالاً ممتازاً جسَّد هذه القيمة بصورة حداثية جمالية جديدة بعيداً عن الاستعمال العادي المستهلك، إنَّما بقالب تتداخل فيه نكهات العام والخاص، فنجده يقول في قصيدة "أحجية في مرآة امرأة هولندية" من مجموعه بنكهة البرزخ:

"مسقطُ أحجيةٌ في مرآة امرأة هولندية

قالت:

((مسقطُ أمُّ الناسِ

الناسُ بمسقط مرجُ زهور يُسقى من حبٍ واحدْ

في مقهى في ((شطّ القرم)) و ((سوق السيب))

كما أسنان المشطِ

هنا الإنسانُ هو الميزانْ"

مسقطُ بنت الحبِّ، وبنت الحصنِ، وبنت النخل، وبنت البحر، وتلبس خنجر كالتنورْ

و (المريول) كأقفاصٍ من ذهبٍ لعصافير الفستانْ

مسقط يرمقها الحصنُ

ولكن يغفو في شاطئها الحورْ

مسقطُ بنت السمت الذهبي المتلألئ ...

وهي العذراءُ التختلس الرقص الشرقيَّ إذا سدرتْ في الخلوةِ والألحانْ

كالصوفيّ ينادمُ في محبسه السّجّانْ".

يظهر في هذا النصّ قيمة الانتماء بصورة سامية وذكية، يستخدم فيها الشاعر شيفرات سيمائية تقرّب القيمة الجمالية إلى النصّ، وتسبغ عليها طابعاً دلالياً جديداً محمّلاً بالحوار والدهشة والرمز؛ إننا نلحظ هذا منذ العنوان الذي كان حداثياً جداً، الأحجية هي السرُّ الذي يدور حوله موضوع الانتماء الذي يديره على لسان امرأة (هولندية )، ولعلّ اختياره لكونها هولندية ينبع من رغبته في أن يكون الحديث على لسان غريب، فهو لم يقل عمانيّة، ليكون الحديث أصدق، وليدلل على أنَّ الجميع يحبّون عمان ليس فقط أولادها، وأنَّ الحديث على لسان امرأة يعطي النص عاطفةً أصدق، فالشاعر بدأ الحديث بلسان المرأة ليعطي النص صدقه وعاطفته. في قوله (مسقط أم الناس) إشارة إلى أنّ مسقط وطنٌ جامع، يلمّ شمل الإنسانية جمعاء، يكتمل المشهد في حديثها فترى الإنسان في عمان حراً والناس جميعاً سواسيةً لا يفرق أحدهم عن الآخر في شيء، يسود العدل في النظر إليهم بشراً في وطن يحترم إنسانيتهم، وذكر الأماكن في النص دليل على قوة هذه الفكرة؛ المقهى والسوق أهم مكانين يجتمع بهما الناس من كل لون ، لا يلبث الشاعر العماني يطرح فكرة انتمائه لوطنه، ولا ينسى أن يصور محيطه ومكانته في داخل هذا الانتماء الاجتماعي والثقافي الذي يكوّنه ويتعايش معه وقد يختلف عنه أحياناً؛ فهو مع إبراز عاطفته التي تظهر في اعتزازه بهذا الانتماء، يظهر كينونته الاجتماعية داخل مجتمعه وما يعكس داخل هذا المجتمع، وأيضاً يصور حاله فيه وما يجابهه، وما يحاوله في رسمه الذي يستخدم فيه الكلمات:

"مسقط يشجر فيها الرعدُ بصوت النهّام

يصعد فيها المخيال لأعلى من نخلة فرضٍ بسمائلْ

والشاعرُ يطفو كبلادٍ بمدار السرطانِ

على أصداءِ قبائلْ

ويكسّر أسر الكلماتِ ليحيي سربَ أيائلْ

والمعنى جرحٌ خمريٌّ سائلْ

والرؤيا جوهرةٌ

تظهر دلالات قيمة الانتماء الجمالية في النص من خلال لمحات بلاغية بيانية، فعلى صعيد المعنى نجد فكرة الانتماء حاضرة بقالب بياني يؤكد فيه الشاعر على ذكر ضمير الـ (نا) أي نحن، ليؤكد فكرة الاتحاد والانصهار مع الجماعة، وهذا التوكيد مهم جداً، لا سيّما أن الانتماء الذي يتطرق إليه الشاعر انتماءٌ وطني يمثل هوية الشاعر ونزعاته وعواطفه:

"شرفات الحصن أمّي أثّثتها

بالحكايات: (ألا ياما.. وياما)

أفقها القاني كما التاريخ سرٌّ

دمُنا للأفق قد كان مُقاما

والسماوات لنا قد أرسلتنا

للطواغيت قياماتٍ ضراما

نحن معنى قولهم (ذات عمادٍ)

بالعمانيين دين الحبِّ قاما

ويظهر الشاعر متحدثاً باسمه المنصهر مع اسم الجماعة التي ينتمي إليها وهم أبناء وطنه، يصفهم ويفصل في صفاتهم وعاداتهم ومواقفهم وأيامهم، ولا ننسى أنَّ العلاقة بين الإنسان والانتماء علاقةٌ تلازمية، يتنوّع فيها التلازم (الانتماء) بتنوّع العلاقات الإنسانية في مكان وزمان محددين، فهو ظاهرة إنسانية قُدمى يرقى تاريخها إلى بداية تاريخ الوجود الإنساني نفسه. وإنَّ الرابط الأولى الذي يربط بين المرء وانتمائه هو الحب؛ فبتجربة الشاعر الإنسان لا بد من ظهور العاطفة التي تعدّ ركيزة من ركائز الانتماء الذي يمثّل جملةً من العواطف.

* فاطمة حيدر العطاالله شاعرة وروائية سورية

مقالات مشابهة

  • 8 قواعد لاستخدام رمز الريال السعودي
  • مسلسلات رمضان 2025| صدقي صخر فنان برتبة «صاغ» في «النص» | فيديو
  • قيمة الانتماء في مجموعة بنكهة البرزخ للشاعر يونس البوسعيدي
  • ضبط 70 مهاجرًا غير شرعي على سواحل شبوة
  • تعرف على عصابة أحمد أمين فى النص.. تفاصيل
  • بعد مادونا.. ليدي غاغا تقيم حفلاً غنائياً مجانياً في البرازيل
  • البرازيل..مقتل 12 طالباً جامعياً إثر تحطهم حافلتهم
  • البرازيل تحرم نيمار من أسطول سياراته!
  • بقوة 3.6 درجة.. زلزال عنيف يضرب مدينة عربية
  • أمطار على مسندم .. وفرص لنزول الغيث على سواحل بحر عمان