لماذا تستورد تركيا النفايات الأوروبية؟
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
(زمان التركية)-نشر موقع إكوال تايمز الأوروبي مقالة هامة عن إعادة تدوير النفايات الأوروبية وتقع تركيا في مركز هذا المقال باعتبارها المستورد الرئيسي للنفايات الأوربية ولكن هل هذا شيء جيد أم أنه يؤدي إلى مزيد من المعضلات البيئية هذا ما تبحثه المقالة والتي كتبتها الكاتبة والصحفية المتخصصة في الشؤون الشرق أوسطية مارجا زامبرانا، وقد جاء في المقال:
يصف الناشطون والعلماء تصدير القمامة من الاتحاد الأوروبي إلى المشتري الرئيسي لها تركيا بعبارة “استعمار النفايات” فلقد ثبت أن هذه النفايات لها عواقب وخيمة على صحة الإنسان والبيئة، ويصعب إخفاءها لأن رحلتها عبارة عن رحلة ذهاب وعودة، حيث أن تركيا تساهم بنسبة 16 في المائة من التلوث البلاستيكي في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وفي حين يمثل البلاستيك الخطر البيئي والصحي الأساسي بين النفايات الأوروبية التي تستقبلها تركيا، فإنه يمثل 4 في المائة فقط – أو 400 ألف طن – من إجمالي 14 مليون طن من النفايات، بينما يتكون الباقي من الخردة المعدنية (13 مليون طن) والورق (400 ألف طن) وتجدر الإشارة إلى أن تركيا تعد أيضًا واحدة من الدول الرائدة في إنتاج البلاستيك في العالم.
ولقد أدى القرب الجغرافي لتركيا من أوروبا وعضويتها المشتركة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى جانب سياساتها البيئية المتراخية إلى جعل البلاد مكانًا لنفايات الاتحاد الأوروبي منذ أن حظرت الصين واردات البلاستيك في عام 2018. وفي عام 2021، صدّرت أوروبا 33 مليون طن من النفايات، ذهب نصفها تقريبًا إلى تركيا، أي ضعف ما كانت عليه قبل الحظر الصيني.
مشكلة ذات أبعاد عالمية
إن البلدان الأكثر تقدما في العالم – بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا واليابان والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، جميعها لديها سياسات بيئية صارمة – إلا أنها ترسل نفاياتها إلى الاقتصادات الناشئة مثل تركيا، ماليزيا واندونيسيا وفيتنام، وهكذا أصبح كوكبنا غارقًا في النفايات البلاستيكية، تلك النفايات التي تمثل إحدى أهم العقبات الرئيسية أمام الحد من تغير المناخ.
ولقد تلقت تركيا 122,898 طنًا من النفايات البلاستيكية من المملكة المتحدة، وهو ما يمثل 27 في المائة من صادرات البلاستيك في المملكة المتحدة. وفي الوقت نفسه، تعد تركيا ثاني أكبر مصنع للمواد البلاستيكية في أوروبا (بعد ألمانيا فقط) وسابع أكبر شركة في العالم، حيث تنتج حوالي 10 ملايين طن سنويًا، وفقًا لبيانات عام 2021 الصادرة عن PAGEV المنظمة القطاعية للبلاستيك في تركيا. إلا أن الأبحاث التي أجرتها وكالة التحقيقات البيئية التابعة للمنظمات غير الحكومية في المملكة المتحدة كشفت أن تركيا أنتجت 3.9 مليون طن من النفايات البلاستيكية المحلية في عام 2021 بينما استوردت ما مجموعه 682208 أطنان.
وقد علق جوزدي سيفينتش، مسؤول تطوير في منظمة السلام الأخضر بتركيا، لإيكوال تايمز بقوله “إن حقيقة استمرار تركيا في شراء النفايات البلاستيكية من الاتحاد الأوروبي بينما تنتج الكثير من البلاستيك بنفسها ترجع إلى نمو قطاع إعادة التدوير. ولكن هناك أيضًا مشكلة أخرى هنا، حيث تظهر الأبحاث أن 9% فقط من البلاستيك المنتج حتى الآن يمكن إعادة تدويره” ولذلك فقرابة 90 في المائة المتبقية يكون مقرها في مدافن النفايات غير القانونية على الشواطئ والأنهار والحقول، وبالتالي تنتقل جزيئات البلاستك إلى الخضروات والأطعمة البحرية.
وبينما يرسل الاتحاد الأوروبي أسوأ نفاياته إلى تركيا، دون أي اهتمام بالعوامل البيئية أو ظروف العمل لعمال إعادة التدوير؛ فإن كيفانج إلياجيك، رئيس العلاقات الدولية في DISK اتحاد النقابات العمالية الثورية في تركيا يعلق على الوضع قائلًا: “هذا ما نسميه استعمار النفايات”.
إعادة التدوير الخطيرة وغير المنضبطة
يتم توزيع حاويات النفايات الأوروبية على مصانع إعادة التدوير في جميع أنحاء تركيا بعد وصولها إلى مينائي إسطنبول ومرسين، ويتركز حوالي 2000 منها، أو عُشر مصانع إعادة التدوير المرخصة في البلاد، في مدينة أضنة الجنوبية. وفي تقرير صدر عام 2021 بعنوان “الأمر كما لو أنهم يسمموننا”، دقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” (HRW) ناقوس الخطر بشأن آثار النفايات البلاستيكية الأوروبية في تركيا. وقد أوضح التقرير، الذي يضم شهادات وتحاليل كيميائية وتقارير طبية من العاملين في المصانع والسكان القريبين، بالتفصيل كيف يعاني العديد من هؤلاء العمال من الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى.
وكما يوضح إلياجيك فإن النقابات العمالية في تركيا تناضل من أجل ساعات عمل محدودة، ومعايير الصحة والسلامة، والأجور اللائقة نظرا لأن “معظم العاملين في هذا القطاع غير مسجلين ويفتقرون إلى الضمان الاجتماعي”، ووفقاً للاجئين السوريين والأفغان الذين يعملون في مصانع المعالجة، فقد وقعت حوادث خطيرة وحتى حالات وفاة، وقد أوضح كل من تقرير “هيومن رايتس ووتش” وتقرير منظمة السلام الأخضر المنشورين في العام التالي كيف تطلق عملية إعادة التدوير مجموعة من المواد الكيميائية السامة التي يمكن أن تسبب أمراض الغدد الصماء وأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو، وكذلك السرطان وحتى الطفرات الجينية. علاوة على ذلك، تنتهي هذه السموم، ومعظمها من الديوكسينات والمعادن الثقيلة والبوليمرات، في الفواكه والخضروات المنتجة في وادي تشوكوروفا، وهو أحد أكثر الوديان خصوبة في العالم، والتي يتم توزيعها بعد ذلك للاستهلاك المحلي والتصدير.
لماذا تستورد تركيا النفايات من الاتحاد الأوروبي؟
لا يعد فرز النفايات جزءًا من عملية جمع النفايات البلدية في تركيا. وبدلاً من ذلك، يتم تنفيذها من قبل جيش مكون من نصف مليون من جامعي النفايات في الشوارع، وهم في أسفل سلم إعادة التدوير التركية، ويأتي جامعو النفايات غالبا من مدن مثل نيده أو هكاري، واليوم يكافح اللاجئون السوريون والأفغان الفارون من الصراع في بلدانهم الأصلية من أجل الحصول على عمل، إنهم باختصار أفقر الفقراء، ويعملون من شروق الشمس إلى غروبها ويبيعون ما يجمعونه إلى مصانع إعادة التدوير مقابل مبلغ زهيد يتراوح بين 0.10 إلى 0.20 يورو للكيلو الواحد، أما أفضل الأرباح تنتهي في جيوب الوسطاء والمعالجين.
وفي تقرير أكاديمي صدر عام 2021، أشار عالم الأحياء سيدات غوندوغدو من جامعة تشوكوروفا إلى أن أسعار النفايات البلاستيكية الأوروبية والمحلية متشابهة (حوالي 0.20 يورو): “إن الزيادة في واردات النفايات البلاستيكية في السنوات الأخيرة تثير الشكوك حول المبلغ الذي تفرضه شركات إعادة التدوير مقابل واردات البلاستيك. ” وفي حديثه لصحيفة إيكوال تايمز، يزعم غوندوغدو أن المصدرين الأوروبيين يقومون بتزييف وثائق التصدير، حيث لا يتم فرز صادرات النفايات في كثير من الأحيان كما هو معلن، ويرى أن هناك ربحا غير معلن -أو بيعا بأقل من السعر المعلن- يتراوح بين 50 و100 يورو للطن، لأن الشركات المصدرة، وتحديدا الأوروبية، ترسل حاويات تحتوي على مواد من المستحيل إعادة تدويرها مقابل ذلك. ونحن نطلق على هذا اسم التجارة غير المشروعة والتوثيق المضلل والتوثيق الاحتيالي”.
ووفقا لغندوغدو، يتم إعادة تدوير 1 في المائة فقط من الإنتاج الوطني للبلاستيك، في حين ينتهي الباقي في البحر، الساحل الجنوبي لتركيا المشهور بمياهه الفيروزية، إلا أنه هو الأكثر تلوثا في البحر الأبيض المتوسط، حيث يحتوي على 3 إلى 4 أضعاف الجسيمات الدقيقة الموجودة في بقية البحر. وكما يشرح إلياجيك من DISK فإن الأزمة الاقتصادية هي سبب آخر يجعل الحكومة تتطلع إلى الاتجاه الآخر: “إن تركيا تبتلع جميع أنواع الأدوية المرة لإنعاش اقتصادها، وذلك يشمل مغازلة الشركات متعددة الجنسيات. يقولون: استثمر هنا، فالعمالة رخيصة، ولا توجد نقابات عمالية، وساعات العمل طويلة، والنتيجة النهائية هي إلقاء القمامة. هكذا تحاول الحكومة تجاوز أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
خطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح
وبينما تراكمت القمامة على شواطئ تركيا التي كانت جميلة في الأيام الأخيرة من الصيف، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إعلان النوايا الحسنة العالمي لصفر نفايات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام في 18 سبتمبر، بهدف تحقيق “حياة أنظف وأكثر اخضرارًا وأكثر ملاءمة للعيش للأجيال القادمة”. ولم تعلق المصادر التي تمت استشارتها في هذا التقرير على هذا الإعلان. وفقًا للمجموعات البيئية، في حين أن أهداف التشريع التركي صحيحة على الورق، إلا أن هناك حاجة إلى قوانين وتنفيذ أكثر تحديدًا.
ولذلك يطالب DISK بروكسل بإدراج مواد تضمن الحقوق الاجتماعية وحقوق العمال في الاتحاد الجمركي واتفاقيات التجارة الحرة، بما يتماشى مع أولويات النقابات العمالية الأوروبية لانضمام تركيا المحتمل إلى الاتحاد.
كما يدعو حزب الخضر التركي إلى الاستثمار بكثافة في إعادة التدوير وإدارة النفايات، وكذلك في التعليم المدني، حيث يفتقر السكان أنفسهم إلى ثقافة احترام البيئة، من جانبها تطالب منظمة السلام الأخضر أنقرة بوقف الواردات والتركيز على إدارة وفرز النفايات البلدية.
وتحت ضغط من دعاة حماية البيئة، وافق البرلمان الأوروبي في أوائل عام 2023 على حظر تصدير النفايات الأوروبية خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفض المبيعات داخل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في غضون أربع سنوات، ولذلك فمن الناحية النظرية، يمكن ذلك أن يحرر تركيا من نفايات الاتحاد الأوروبي بحلول النصف الثاني من هذا العقد، ومع ذلك لا يزال دعاة حماية البيئة الأتراك متشككين بشأن تنفيذ التدابير الأوروبية والمحلية فيما يتعلقب النفايات البلاستيكية
Tags: النفايات الأوروبيةتركياالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: تركيا النفایات البلاستیکیة الاتحاد الأوروبی إعادة التدویر من النفایات فی المائة فی العالم فی ترکیا ملیون طن عام 2021 إلا أن
إقرأ أيضاً:
الحزمة الـ 15..الاتحاد الأوروبي يقر عقوبات جديدة على روسيا
أقر وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، اليوم الإثنين، الحزمة الـ15 من العقوبات ضد روسيا، منذ غزو أوكرانيا في فبراير(شباط) 2022.
وتهدف الإجراءات الاقتصادية الجديدة للحد من التحايل على العقوبات الأوروبية المفروضة بالفعل وإضعاف الجيش وصناعة الدفاع في روسيا.
⚡️ EU adopts 15th package of sanctions against Russia.
The Council of the EU adopted on Dec. 16 its 15th package of sanctions against Russia, targeting the Russian shadow fleet of tankers and the military-industrial complex.https://t.co/oeCHtVXrSA
وقالت مفوضة الخدمات المالية ماريا لويس ألبوكيركيه: "مع كل جولة من العقوبات، نحسن الكفاءة ونقضي على الفجوات، وسنستمر في ذلك ضمن التزامنا الراسخ بدعم أوكرانيا وشعبها".
ويأتي تبني الوزراء للعقوبات رسمياً في أعقاب اتفاق توصل إليه السفراء الأوروبيون في الأسبوع الماضي.
كما أضيفت 52 سفينة لقائمة السفن التي يشتبه في أنها جزء مما يطلق عليه "أسطول الظل " الروسي الذي يضم ناقلات نفط، ممنوعة من الحصول على مجموعة واسعة من الخدمات ودخول موانئ.
وجاء في بيان صحافي "أمكن التوصل إلي أن هذه السفن مشاركة في ممارسات شحن عالية الخطورة حيث تنقل النفط أو المنتجات النفطية الروسية، ولتوصيل الأسلحة وسرقة الحبوب، أو دعم قطاع الطاقة الروسي".
EU adopts 15th sanctions package against Russia for its continued illegal war against Ukraine.
The focus of this package is to keep cracking down on Russia's shadow fleet, as well as combating sanctions' circumvention.https://t.co/uKHlZhXqic pic.twitter.com/XWY2znigRP
وأضاف الاتحاد الأوروبي أنه استهدف 32 شركة بعقوبات عند التصدير "لمساهمتها في التعزيز التكنولوجي لقطاع الدفاع والأمن بروسيا".
كما جمدت أصول 84 شخصاً وكياناً في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى فرض حظر على السفر "لارتكابهم أعمالاً تقوض الوحدة الإقليمية وسيادة واستقلال أوكرانيا".