قال الباحث السياسي معين مناع إن التوصل إلى الاتفاق على هدنة إنسانية في قطاع غزة -الذي أعلن اليوم الأربعاء- يمثل ثمرة انتصار للمقاومة الفلسطينية التي استطاعت أن تحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي في بقعة محددة وأن تستنزفها، بما يمثل إهانة "للكيان الصهيوني"، وتهديدا للنفوذ الأميركي في المنطقة، ووضع الجهود البريطانية والفرنسية التي استمرت 200 عام في مهب الريح.

وأضاف مناع -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- "أن الأسبوع الأخير من العدوان الإسرائيلي كان أسبوع استنزاف بحت، وحتى وتيرة القصف والمجازر التي ارتكبها العدو كانت تؤشر على حالة المأزق التي يعيشها، وحالة النزف الغزير التي وقعت فيها قوات الاحتلال على مستوى الآليات العسكرية؛ سواء الدبابات أو المركبات أو ناقلات الجند، فضلا عن جنود النخبة وضباط النخبة".

وأشار الباحث السياسي إلى أن انتصار المقاومة تحقق على عدة مستويات:

المستوى الأول: "إهانة الكيان الصهيوني، لأنه عندما يتم إخراج فرقة بأكملها من الخدمة واجتياح المستوطنات، وهما الدعامتان الأساسيتان لفكرة المشروع الصهيوني؛ فإن نموذج المشروع الصهيوني يكون قد انهار، وتمت إهانة الكيان وإخراجه من مكانة الثقة الغربية والأميركية، ومكانة الثقة الإقليمية؛ وبالتالي أي رهان أميركي وغربي على الكيان الصهيوني في المرحلة القادمة لن تكون له أي مصداقية".


المستوى الثاني:  تهديد نفوذ أميركا في المنطقة من خلال فقدانها الوكيل الرئيسي المعتمد، وأصبح وضع معظم الأنظمة التابعة للولايات المتحدة في الإقليم والتي تنتمي إلى المعسكر الغربي مهددا بشكل أو بآخر.

المستوى الثالث: جهد نحو 200 عام من قبل بريطانيا وفرنسا وضع على مهب الريح، و"الخطورة في هذا المشهد أنه توجد قوى إقليمية منافسة للمشروع الغربي والنفوذ الأميركي وتتمثل في تركيا وإيران، ووجدت قوى دولية جاهزة ومرشحة لتقاسم النفوذ الدولي والمشروع الدولي حتى على المستوى الحضاري، وهي روسيا والصين؛ وهذا هو الإنجاز الحقيقي الذي قدمته المقاومة".

المستوى الأخير: "أن المقاومة الفلسطينية أوصلت رسالة واضحة بأن الشعب الفلسطيني ومقاومته قادرين على إنجاز المهمة في تحرير فلسطين، ولكن بشرط أن تتوفر بيئة إقليمية، وهذه البيئة الإقليمية المساندة جزء منها متوفر والجزء الآخر المتعلق بالأنظمة العربية لا يعد غير موجود فقط، بل هو يعمل عكس الاتجاه".

يذكر أن دولة قطر أعلنت نجاح جهود الوساطة المشتركة مع مصر والولايات المتحدة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ إذ أسفرت عن التوصل إلى اتفاق على هدنة إنسانية في قطاع غزة تستمر 4 أيام قابلة للتمديد، وسيتم الإعلان عن توقيت بدئها خلال 24 ساعة المقبلة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ورطة الكيان الصهيوني بغزة

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

لا شك أنَّ طوفان الأقصى شكَّل مِفصلًا تاريخيًا حادًا ليس للصراع العربي الصهيوني فحسب؛ بل للكيان الصهيوني على وجه الدقة؛ حيث وجد هذا الكيان نفسه مُجبرًا على المواجهة في عدد من الجبهات، أولها عسكري بغزة ومن جنوب لبنان واليمن والعراق، وعلى صُعد أخرى لم يحسب لها أي حساب وتمثلت في الحشود الشعبية الجارفة، والمناصرة لفلسطين في أوروبا وأمريكا، إضافة إلى تهافت دول العالم على إنكار جرائم الكيان وإدانته عبر محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية. ولم يتوقف الأمر أو ينحصر بهذا؛ بل تعددت هزائم الكيان العسكرية والفكرية والاستخباراتية والاقتصادية، ولعل ما يخفف من وطأتها اليوم هو أن الكيان مازال تحت تأثير صدمة السابع من أكتوبر ولم يستوعب بعد كل ما جرى له في ذلك اليوم.

لن يستوعب الكيان كل ما جرى له من هزيمة شاملة في طوفان الأقصى، إلّا بعد صمت البنادق والمدافع، حينها فقط سيعمل على تقليب مواجعه وتقييم خسائره وهزائمه على مختلف الجبهات.

الغرب المُسانِد والمُؤيِّد بقوة للكيان الصهيوني وعلى رأس قيادته أمريكا، وجد نفسه في ظل الطوفان مُكرهًا على مواجهة العالم بأسره، وهذا ما هدَّد مصالحه بقوة مُعاكِسة، وجعل العالم يُعيد النظر ليس في سرديات الغرب البالية من حقوق وحريات وقانون دولي وما على شاكلتها؛ بل وحتى في جدوى المُنظمات الدولية التي تُمثل الشرعية الدولية والسلم والأمن الدوليين.

خروقات الغرب وتجاوزاته الرعناء منذ الحرب الأوكرانية لمواجهة روسيا، كشفها الطوفان أكثر وأكثر وانضجَ حتمية وضرورة أن ينتصر العالم الحُر لقيم الحُرية والسلام والعدل وفق المفهوم الإنساني الشامل، ووفق القواعد التي ارتضتها الأسرة الدولية وعبرت عنها عهود ومواثيق المنظمات الدولية.

الحرب في أوكرانيا سوَّقها الغرب وكأنها من فصول الحرب الباردة بين مُعسكَريْن وانطلت على البعض ممن توقف عندهم التاريخ، وسُلبت عقولهم من قبل الغرب وخرافاته في توصيف الخصوم، ولكن "طوفان الأقصى" برهن على أن المسألة أبعد من الحرب الباردة، وأنها هوية الغرب الحقيقية حين يتعلق الأمر بمصالحه؛ حيث الغاية تُبرِّر الوسيلة، والنتيجة تلمع قذارة كل فعل مُشين لهم.

أدرك الغرب اليوم أنَّ غزة لا تُحارب لوحدها، وأن رديفها ليس محور المقاومة فحسب؛ بل العالم بأكمله، فغزة اليوم هي ضمير العالم، والنواة الحقيقية التي ستتشكل من خلالها ملامح العالم لقرن قادم، لهذا تهافت المتبصرون بحتمية التاريخ حول العالم إلى ركوب سفينة الطوفان قبل الغرق، فغزة اليوم ليست جغرافية صغيرة من فلسطين المُحتلة؛ بل رمزية تاريخية وبوصلة بشرية للتحرر من العبودية والفساد بأنواعه، والانتصار للحق وللقيم الإنسانية.

قبل اللقاء.. سبب الدعم الغربي السخي للكيان اليوم، ليس كله بدافع الحب له؛ بل استشعارًا وتحسبًا لزواله الحقيقي، ولأول مرة، وهذا يعني عودتهم من فلسطين مُكرهين كل إلى موطنه الأصلي، وبالنتيجة عودة الفساد والإفساد واللوبيات والنفوذ مجددًا!

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • باحث: خلافات بين المستويين السياسي والأمني في إسرائيل تؤجل إعلان الهدنة
  • إيران تؤكد دعمها للمقاومة الفلسطينية وتلميحات بعملية “الوعد الصادق 2” ضد “إسرائيل”
  • الصواريخ الدقيقة.. تأثير الذكاء الاصطناعي والتحديات الهجومية للمقاومة اللبنانية
  • فخاخ العسل.. استراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني
  • 30 يونيو | باحث: الجماعة الإرهابية ماتت إكلينيكيًا
  • المقاومة الفلسطينية تواصل التصدي لقوات العدو الصهيوني بغزة
  • الحرب على غزة وصمود المقاومة
  • ورطة الكيان الصهيوني بغزة
  • مديرية الجراحي بالحديدة تشهد مسيرا لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة
  • مسير لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة بمديرية الجراحي بالحديدة