تعتمد الحيتان والدلافين التي تفتقر إلى آذان خارجية، على تقنية تسمى تحديد الموقع بالصدى للتنقل والصيد في الظلام الدامس لأعماق البحار، حيث تصدر هذه الحيوانات أصواتا عالية النبرة ترتد عن الأشياء وتنعكس عليها، مما يسمح لها برسم خريطة لمحيطها.

وما يسمح لتلك الثدييات البحرية بذلك هو أن جماجمها والأنسجة الرخوة قرب فتحة النفخ وداخلها غير متماثلة، مما يعني أن الهيكل الموجود على أحد الجانبين أكبر أو يختلف شكله عن نظيره على الجانب الآخر.

و"عدم التماثل" هذا يمكّنها من إنتاج الصوت، وفي الوقت نفسه ينقل عظم الفك السفلي المملوء بالدهون الموجات الصوتية إلى الأذن الداخلية، مما يسمح للحيوانات بتحديد مصدر الأصوات وتحديد اتجاهاتها، وهو ما يعرف باسم "السمع الاتجاهي".

عدم التماثل في جماجم الدلافين والحيتان المسننة والأنسجة المحيطة يشبه السونار المدمج بداخلها (شترستوك) سونار مدمج في الجماجم

ولفهم تفاصيل كيفية تطوير الحيتان والدلافين لهذا "السونار المدمج" المتطور، شارك باحثون من قسم التشريح بمعهد نيويورك للتكنولوجيا وآخرون من متحف علم الحفريات بجامعة كاليفورنيا، في تقديم دراسة نشرت في دورية "دايفرستي" تقدم رؤية جديدة عن كيفية قيام تلك الثدييات البحرية بالتنقل في عالم البحار باستخدام الموجات الصوتية.

وكما يشير البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ"، قام الباحثون بتحليل مجموعة كبيرة من الحفريات التي شملت نوعين قديمين من الدلافين ضمن جنس "زينوروفوس"، وهذه الأنواع هي بعض الأعضاء في رتبة الحيتان البدائية المسننة، وهي رتبة فرعية من الثدييات البحرية التي تشمل جميع الحيتان والدلافين الحية التي تحدد موقعها بالصدى.

وكان "زينوروفوس" هذا مخلوقا كبيرا يبلغ طوله نحو 3 أمتار، وكان يسبح في مياه شرق أميركا الشمالية منذ 25 إلى 30 مليون سنة، ومن المحتمل أنه كان يتغذى على الأسماك وأسماك القرش والسلاحف البحرية والثدييات البحرية الصغيرة. وكان شكله خارجيا يشبه الدلافين الحديثة، ولكن كان لديه عدة أسنان متشابكة تشبه الأضراس، وتشبه إلى حد كبير أسلاف الثدييات البرية.

وعلى غرار الحيتان المسننة الموجودة اليوم، كان لدى "زينوفوروس" عدم تناسق حول فتحة النفث، كما كان لديه أيضا التواء واضح وتحول في الخطم عدة درجات إلى اليسار. وتشير الدراسات السابقة التي أجريت على الحيتان القديمة البدائية الأخرى إلى أن "انحناء الخطم" هذا قد يكون مرتبطًا بوضع غير متماثل للأجسام الدهنية في الفك، مما يزيد من قدرات السمع الاتجاهي.

التماثل لدى الحيتان والدلافين يشبه ذلك الموجود لدى الخفافيش، مما يمكنها من تحديد المواقع بالصدى (غيتي) عدم التماثل لدى الحيتان والدلافين

وكما يشير الباحثون في البيان الصحفي فمن المعروف أن التماثل البيولوجي، أو تماثل الشق الأيمن والشق الأيسر، هو سمة رئيسية في الحيوانات والبشر. ومع ذلك، تظهر الدراسة التي قام بها الباحثون الدور المهم لعدم التماثل لدى بعض الحيوانات في التكيف مع البيئات المختلفة.

ومن ذلك ما كان في حيوان الزينوروفوس الذي كانت الأجسام الدهنية في فكيه السفليين تعمل مثل الأذنين الخارجيتين في الثدييات البرية، حيث كانت مائلة، مما أدى إلى المبالغة في قدرات السمع الاتجاهي لديه، وهو ما يبدو أنه مشابه لآذان البوم غير المتماثلة، والتي يمكنها اكتشاف الموقع الدقيق للفريسة بناء على أصواتها.

وتشير الأدلة الجديدة التي أظهرتها الدراسة إلى أن "زينوفوروس"، الذي يتمتع بعدم تناسق أقل وضوحا قرب فتحة النفخ، ربما لم يكن ماهرا في إنتاج أصوات عالية النبرة أو سماع ترددات عالية مثل الحيتان السنية الحية الموجودة حاليا. ومع ذلك فإنه كان قادرا على تحديد مواقع الأصوات.

لذلك، فإن "الزينوفوروس" يظهر أنه كان أقوى من أي حوت أو دولفين أو خنازير البحر، سواء أكانت حية أو منقرضة. وهذا يشير إلى أن حيوان الزينوفوروس كان قطعة لغز مهمة في فهم كيفية عمل الحيتان والدلافين وتطور قدراتها على تحديد الموقع بالصدى، كما يقول الباحثون.

وكخطوة تالية، سيقوم الباحثون بفحص أنواع الحيتان المسننة الأخرى والبحث عن الخطم المنحني إلى جانب واحد، ويمكن أن تساعد هذه الدراسات المستقبلية في تحديد ما إذا كانت هذه الميزة منتشرة على نطاق واسع أم لا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الثدییات البحریة

إقرأ أيضاً:

الأخطار الأفدح تحت ركام الحرب..!

بعض الناس لا يزالون لا يدركون حقيقة ما ينتظر السودان وأهله مع استمرار هذه الحرب اللعينة (منزوعة الكرامة) حتى ولو توقفت الآن..!
مثلا انظر إلى هذا الاتجاه الأرعن الخطير لحكومة البرهان الانقلابية التي يسيطر عليها الكيزان (ركبة ورأس) وهي تسعى نحو قطع خدمات الاتصال عن أقاليم غرب البلاد وحرمان مواطنيها وغيرهم من استخراج أو تجديد أوراق الهوية والوثائق الثبوتية وخدمات السجل المدني..بل حرمان أبنائهم من خدمات التعليم وأداء الامتحانات الطلابية القومية..ثم قرار تغيير العملة الذي يصب في ذات الاتجاه؛ بمعنى معاقبة سكان أي منطقة خارج سيطرة عساكر ومليشيات البرهان وهي (لسوء الحظ) مناطق أوسع واكبر بكثير من الرقعة التي تمتد إليها سلطة حكومة الانقلاب الهزيلة الخائرة..!!
ماذا يعنى هذا..؟! هل يعني الحفاظ على حدة الوطن وحماية مواطنيه..والبرهان وأبواقه يردد كل يوم أن الشعب السوداني جميعه يؤيد انقلابه ويبارك مواصلة الحرب..؟!!
هل هي البداية الفعالية لدولة (النهر والبحر) ودولة عبد الرحيم حمدى التي رسم حدودها على سنة العنصرية وشهوة الثروة والمال والاستبداد..!
أليس هذه هي البداية الحقيقية لتشليع الدولة السودانية وفرض التجزئة والتمزيق )فعلاً وواقعاً( بمراسيم وقرارات البرهان والكيزان الذين يقفون خلف كل قرار يصدر باسم حكومته الانقلابية (حكومة العار العارية من كل شرعية ومروءة)..!
فقط وعلى سبيل المثال انظر إلى قائمة السفراء الجديدة التي نشرتها الأسافير لتعرف إنها والقوائم والتعيينات التي سبقتها إنما هي قوائم كيزانية بامتياز (وعلى الفرّازة)..أعادت رجال التمكين فاقدي الأهلية والشرعية الذين يتمخطرون مثل الثعالب القطبية على جثة الدبلوماسية السودانية بعد أن غاب عن الساحة فرسانها وتم إقصاء المؤهلين من أبناء المهنة..أصحاب الكفاءة والضمير والوطنية...!
هل كتب علينا أن تستمر الحرب ونظل في انتظار إحصاء غارات القصف المدفعي والطلعات الجويّة على الأحياء والفرقان، وبيانات لجان الأطباء عن أعداد القتلى وعن الأطراف المبتورة والمصابين والجرحي والمفقودين والمشوهين والناس يتعثرون موتاً وهرباً بين الأطلال المتهدمة والبيوت المحترقة والغرف المبقورة والجثث المتحللة والمقابر الجديدة...وأن نظل في انتظار البيانات التي تتحدث عن استعادة المواقع العسكرية..ثم (إعادة استعادتها) مرة أخرى..!
كل هذه المقتلة الكبرى والفظائع الدموية من اجل أن يصل عسكر البرهان ومليشيا الكيزان إلى التوازن العسكري مع قوات الدعم السريع الني حملها البرهان على كتفه (وهو يلهث) ووضعها في المواقع التي يحاول استعادتها الآن على دماء السودانيين..؟!
ما ينتظرنا حتى إذا توقفت الحرب الآن أعباء ومهام وهوائل اكبر بكثير من نقل الأموال العامة في ظهور السيارات والعودة إلى (تراث الإنقاذ) في الفساد الأكبر وتجويع البشر ونهب الموارد وطباعة العملة وسرقة الإغاثة ولبن الأطفال..!
هذا البلد مشمول بإذن الله بالعناية الإلهية..والثورة باقية وعائدة..فهذا شعب قال عنه شباب الملحمة وشهداؤها (الفيك محريّة..أشعلت ديسمبر ضد الحرامية).. الله لا كسّبكم بحق جاه النبي..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • الأخطار الأفدح تحت ركام الحرب..!
  • بعد قليل.. الجنايات تحدد مصير سفاح التجمع
  • ضوابط جديدة تحدد مدة البرامج الدينية وتحظر الإعلانات .. استثناءات لأربع شخصيات
  • غدا .. الجنايات تحدد مصير سفاح التجمع
  • الصحة تحدد قيمة الكشف الطبي للحجاج بالمستشفيات
  • الطريق السهل لـ ترامب وتعثر بايدن بالمناظرة التاريخية.. 5 قصص سياسية تحدد ملامح عام 2024 بأمريكا
  • حكومة سوريا الجديدة تحدد مهلة لتسليم أسلحة النظام السابق
  • دعوات أممية لصون أدلة الجرائم المرتكبة في عهد نظام الأسد
  • عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن تفجيرات البيجر التي هزت حزب الله
  • الموساد وتفجيرات البيجر.. عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن العملية التي هزت حزب الله