لم تسقط بعد.. هل تغيّر الفاشر خارطة الحرب في السودان؟
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
الفاشر- تُعد مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور غربي السودان، إحدى أقدم مدن دارفور تاريخيا وسياسيا، وتشكّل اللحمة الاجتماعية لكافة المكونات القبلية في السودان، وتلعب دورا مؤثرا في صنع القرار السياسي، كما تمثل المقر الرئيسي لحكومات الإقليم على مر العصور.
وتشهد المدينة في هذه الأيام حالة من الهلع والخوف جرّاء التصريحات والتهديدات المستمرة بالهجوم عليها من قبل قوات الدعم السريع؛ حيث تتجه إليها الأنظار باعتبارها المدينة الوحيدة خارج سيطرة هذه القوات التي أعلنت السيطرة على 80% من إقليم دارفور، بعد سقوط القواعد العسكرية في مدن الجنينة ونيالا وزالنجي والضعين.
وزادت هذه التطورات من معاناة السكان الذين فروا من منازلهم إلى خارج المدينة، في حين لجأ آخرون إلى الأحياء الجنوبية الأكثر أمنا والبعيدة عن خط المواجهة العسكرية.
دفعت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة منذ اندلاع الحرب في البلاد بتعزيزات عسكرية كبيرة في مختلف الأحياء والشوارع الرئيسية، للحد من أي تحركات لقوات الدعم السريع التي دائما ما تبدأ عملية الهجوم، كما عززت من قواتها هذه الأيام بشكل كبير، وسط ترقب وانتظار من وقوع مواجهات مسلحة في أية لحظة.
وقال المتحدث الرسمي للقوة المشتركة الرائد أحمد حسين مصطفى للجزيرة نت، إن "نقطة الخلاف ما بين الدعم السريع وحركات الكفاح المسلح، التي أعلنت الخروج عن مبدأ الحياد مؤخرا، تكمن في إصرارهم على مهاجمة مدينتي الضعين والفاشر".
وأضاف مصطفى أن "هاتين المدينتين أصبحتا مناطق لإيواء أعداد كبيرة من النازحين، وأن الهجوم عليهما يعني خروج دارفور عن الخدمة نهائيا".
وأشار إلى أن استهداف قوات الدعم السريع للمدنيين في هذه الحرب فاق أعداد الضحايا العسكريين، وأن حركات الكفاح المسلحة قد صمتت كثيرا عن تلك الانتهاكات، وأعلنت موقفا محايدا في الحرب "ليس خوفا بل معرفة بمآلات الواقع على الأرض، وأملا في عدم دخولها مجبرين".
خارطة السيطرة العسكريةتوجد عناصر من قوات الدعم السريع في الأحياء الشرقية من مدينة الفاشر، وعلى مدخل الطريق القومي الرابط بينها وبين العاصمة الخرطوم، في حين تنتشر قوات حركات الكفاح المسلح في قلب عاصمة الولاية، خاصة في الأسواق والطرقات الرئيسية ومقرات المنظمات والهيئات الدولية، بجانب الأحياء الغربية والجنوبية من المدينة، بينما يوجد الجيش في القاعدة العسكرية في وسط المدينة.
ونظرا للوضع الميداني فإن حركات الكفاح المسلح تمثل القوة الكبرى، وتمتلك أرتالا من السيارات القتالية، وتعتمد على أرضية خصبة من المقاتلين باعتبارهم أبناء الولاية.
وطيلة الأيام الماضية، لم تحدث أية مواجهات مسلحة مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في الفاشر، كما لم تحدث مع حركات الكفاح المسلح التي حددت خطوطا حمراء لا يمكن الدخول إليها، بينما لا تزال عملية إطلاق المسيّرات من قبل الدعم السريع مستمرة، وهو ما يجبر الرد عليها من قبل الجيش.
يقول الباحث في علم الاجتماع السياسي الدكتور محمد سليمان حامد أتيم إن "حركات الكفاح المسلحة لن تسمح للدعم السريع بالدخول إلى مدينة الفاشر، وإذا حاولت فستدخل معها في مواجهات عنيفة، لربما تقود إلى حرب أهلية"، وناشد طرفي الصراع بالاحتكام لصوت العقل، والجنوح نحو السلام والاستقرار.
قالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت الثلاثاء على مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، وهي رابع عاصمة من ولايات الإقليم الخمس، التي تقع تحت قبضة الدعم السريع منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووفقا لتقارير محلية فإن قوات الجيش انسحبت من قيادة الفرقة 20 بعد ترتيبات جرت عبر وساطة قادها زعيم قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو، لتجنيب الضعين خطر المواجهات العسكرية بين الطرفين.
وقال مواطن من الضعين للجزيرة نت إن "قوات الدعم السريع تمكنت من السيطرة على القاعدة العسكرية الواقعة في أطراف المدينة، مع تدخل للطيران العسكري صباح الثلاثاء". وأشار إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين من بينهم نساء وأطفال، بينما أعلنت الإدارة الأهلية في المدينة وعبر مكبرات الصوت إعادة فتح سوق المدينة اعتبارا من الأربعاء.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت مؤخرا على نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
وكشف مواطن من نيالا للجزيرة نت عن عودة الحياة تدريجيا في المدينة، مع غياب شبه كامل للسكان الذي هجروا المدينة تماما منذ اشتداد القتال فيها، وسط انعدام شبه كامل لخدمات المياه والصحة التي تم نهب كافة معداتها.
وطبقا لبيان صدر عن القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، اطلعت عليه الجزيرة نت، فإن لقاءً جمع ممثلين عن حركات الكفاح مع القائد الثاني في قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، في إحدى قرى شمال دارفور مطلع الأسبوع الماضي.
وبحسب البيان، فإن الاجتماع جاء بدعوة من طرف الدعم السريع، بهدف النقاش حول مسألة وقف الحرب بمدن دارفور المتبقية، وبالتحديد مدينتي الضعين والفاشر (قبل سقوط الضعين)، مراعاة لاعتبارهما مدينتي إيواء للنازحين والفارين من الحرب في مدن وولايات دارفور المختلفة.
وقال البيان إن "قيادة القوة المشتركة قدمت ورقة للدعم السريع، تحمل مبررات منع الحرب بالمدينتين، ولكن تم رفضها من قبل الدعم السريع التي أصرت على مواصلة الحرب، وبذلك انتهى الاجتماع دون اتفاق".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حرکات الکفاح المسلح قوات الدعم السریع مدینة الفاشر عاصمة ولایة من قبل
إقرأ أيضاً:
تصاعد حدة معارك السودان.. قتلى بهجمات «الدعم السريع» على نهر النيل
قال حاكم ولاية نهر النيل السودانية في بيان “إن 11 شخصاً على الأقل قتلوا في غارة شنتها قوات “الدعم السريع” باستخدام طائرة مسيرة على مخيم للنازحين في الولاية، كما أسفر الهجوم أيضاً عن تعطيل محطة الكهرباء الإقليمية للمرة الرابعة، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن ملايين المواطنين لفترة طويلة”.
وتعد هذه الغارة جزءاً من “سلسلة من الهجمات التي استهدفت محطات توليد الطاقة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش في السودان، حيث كانت الضربات السابقة لا تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى، وأشارت مصادر محلية إلى “أن الهجوم، الذي وقع صباح الجمعة، استخدم صواريخ متعددة وأسفر عن اشتعال النيران في بعض الخيام، ما أدى إلى إصابة 23 شخصاً آخرين، بينهم تسعة أطفال”.
وفي شهادات مروعة، قالت مشاعر حميدان، وهي إحدى النازحات، “إنها سمعت انفجاراً ضخماً صباحاً وعثرت على عائلتين محترقتين بالكامل داخل خيامهما أثناء نومهما”. وأضافت بحزن: “غادرنا الخرطوم هرباً من الحرب، لكن الحرب لحقت بنا هنا”.
وتجدر الإشارة إلى أن “المخيم الذي تعرض للهجوم يضم نحو 179 عائلة نازحة من مناطق القتال في العاصمة، وكان يعيش في ظروف صعبة دون تلقي المساعدات الإنسانية الكافية، وقد شوهدت أعمال إزالة للمخيم بعد الحريق، حيث تم نقل السكان إلى مكان غير معلوم”.
يأتي هذا التصعيد في وقت حرج، حيث تتصاعد حدة القتال في إقليم دارفور، حيث تواصل قوات “الدعم السريع” محاولاتها للسيطرة على المناطق التي يسيطر عليها الجيش، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من المواطنين.