الاحتلال ينكل بالجرحى في المستشفى الإندونيسي بغزة ويعتقل عددا منهم
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
رغم الهدنة المؤقتة التي ستدخل حيز التنفيذ في أقل من 24 ساعة من الآن، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يكثف قصفه للمدنيين في قطاع غزة ويحاصر المستشفيات، وقد سقط أكثر من 200 شهيد في القطاع خلال الساعات الـ24 الماضية، وفق المدير العام لمكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة.
وأكد الثوابتة أن قوات الاحتلال تحاصر المستشفى الإندونيسي منذ 3 أيام، وأن أكثر من 800 ألف فلسطيني في شمال القطاع يعيشون أوضاعا قاسية.
من جانبه طالب مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور أحمد الكحلوت، في مقابلة مع الجزيرة، بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف استهداف المستشفيات، والسماح للفرق الطبية بتقديم العلاج للمصابين.
وقال الكحلوت إن مستشفى كمال عدوان استقبل نحو 60 شهيدا منذ الليلة الماضية ونحو 200 مصاب ومريض.
وحذّر من أن الوضع قد أصبح كارثيا في شمالي القطاع، وأن القصف الإسرائيلي طال كل الأماكن ويستهدف المنازل القريبة جدا من المستشفى. وقال إن "الإسعافات تصل إلى المستشفى بوسائل بدائية. ونستخدم الزيت النباتي بدل السولار حتى نستطيع تشغيل المولد الكهربائي في المستشفى".
كما أكد شهود عيان أن قوات الاحتلال نكّلت بالجرحى في المستشفى الإندونيسي، وأجبرتهم على الزحف، واعتقلت عددا منهم.
ونشرت منصة محلية فلسطينية مشاهد لوصول دفعة جديدة من المرضى والمصابين من المستشفى الإندونيسي إلى المستشفى الأوروبي في خان يونس، وتضمن الفيديو شهادة لأحد الناجين، أكد فيها أن قوات الاحتلال نكّلت بالمرضى والمصابين وأجبرتهم على الزحف، واعتقلت عددا منهم.
وكانت وزارة الصحة في غزة أعلنت أمس الثلاثاء سقوط عشرات الشهداء في قصف للاحتلال الإسرائيلي استهدف مستشفى الإندونيسي والعودة شمالي القطاع، في حين أعرب المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش عن مخاوف من إقدام الاحتلال على ارتكاب مجزرة أخرى في المستشفى الإندونيسي مثل تلك التي ارتكبها في مستشفى الشفاء.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن عشرات الشهداء سقطوا في قصف إسرائيلي استهدف المستشفى الإندونيسي، كما سقط عشرات الشهداء والجرحى من المرضى والفريق الطبي في قصف للاحتلال استهدف مستشفى العودة، وأكدت أن الاحتلال يستهدف بشكل متزامن مستشفيات عديدة في شمال غزة.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد اتهمت إسرائيل بالاستمرار في سياسة تدمير القطاع الصحي، وذلك ضمن مسعاها لتنفيذ جريمة التهجير القسري للفلسطينيين تحت وطأة القصف والمجازر وتدمير البنى المدنية.
ومنذ 47 يوما، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 13 ألف شهيد، بينهم أكثر من 5600 طفل و3550 امرأة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المستشفى الإندونیسی مستشفى الإندونیسی فی المستشفى أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
تحديات أمام القطاع الصحي في غزة رغم ظروف الاحتضار
غزة- انقشع دخان الحرب على غزة، واتضحت ملامح مأساة القطاع الصحي بشكلها الحقيقي، لم يتبدل الحال رغم مرور أكثر من 22 يوما على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، فالمأساة الصحية لا تزال تتضاعف تحت وطأة المماطلة والتلكؤ الإسرائيلي عن تنفيذ بنوده.
وتفضح ذلك الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالقطاع الصحي، فلا تدفق للمساعدات الإغاثية ولا إدخال للمعدات والمستلزمات الطبية ولم يُسمح بوصول الوقود المتفق عليه للمشافي، ولم يلتزم الاحتلال بإخراج المصابين والمرضى بالأعداد المتفق عليها مما يودي يوميا بحياة العديد منهم.
وبحسب إجماع مسؤولي وزارة الصحة في قطاع غزة في حوارات منفصلة مع الجزيرة نت، فإن المنظومة الصحية بحاجة إلى سنوات من الإعمار كي تعود لسابق عهدها، خاصة مع تدمير وإخراج أكثر من 25 مستشفى من أصل 38 عن الخدمة.
كما اتفقوا على أن القيام بعدة أمور عاجلة سيحفظ استدامة تقديم الخدمات إلى حين بدء الإعمار وإنشاء منظومة صحية جديدة، كإنشاء مشافٍ ميدانية، وإدخال محطات أكسجين ومحطات مولدات الكهرباء وأجهزة أشعة، للتمكن من تقديم الرعاية الأولية.
كما أنه من الضروري زيادة القدرة الاستيعابية السريرية في المشافي، وتسهيل إدخال الوفود ذوي الجراحات المتخصصة والدقيقة، والعمل على توفير الخدمات المفقودة والمتوقفة منذ بداية الحرب.
إعلان قطاع طبي متهالكرغم دخول الهدنة حيز التنفيذ فإن الأطباء والعاملين في المنظومة الصحية لم يلتقطوا أنفاسهم بعد، بل وجدوا أنفسهم مجبرين على مواصلة الليل بالنهار لإنعاش القطاع الصحي.
ففي محافظة شمال القطاع ومع عودة أهلها إليها، نجحت الوزارة في قطاع غزة في تشغيل مستشفى العودة ومستشفى الإندونيسي، بخدمة للطوارئ على مدار 24 ساعة حاليًا، بعد انهيار تام للمنظومة الصحية خلال 110 أيام من الاجتياح والخروج عن الخدمة.
وكشف الوكيل المساعد لوزارة الصحة الدكتور ماهر شامية للجزيرة نت بأنه وخلال الأسابيع القادمة سيعاد تشغيل مستشفى الدُرة للأطفال بطاقته الكاملة، كما سيفتتح قسم المبيت في مستشفى الشفاء الطبي بسعة 40 سريرا، وسيجري تطوير قسم غسيل الكلى الذي يعمل الآن بقدرة 30 جهاز غسيل فقط.
هذه الجهود الجارية على قدم وساق، ضربت بعرض الحائط كل محاولات الاحتلال للإمعان في التضييق على الغزيين وقتل كل مقومات الحياة في غزة لدفع أهلها للهجرة، مقاومةٌ بدأها أصحاب المعاطف البيضاء منذ اليوم الأول للحرب، وضاعف من مسؤولياتهم إخراج "قلب النظام الصحي" عن الخدمة في الأول من نيسان/أبريل الماضي، كما يقول شامية، قاصدا بذلك مجمع الشفاء الطبي.
ويوضح أن المجمع كان يغطي ثلثي الخدمات الطبية لقطاع غزة، لوجود 700 سرير فيه، و27 غرفة للعمليات، وباعتباره المكان الوحيد الذي يحوي العنايات المكثفة في تخصصات الجراحة والباطنة والكلى، حيث بدأت المأساة الصحية بالتعمق منذ ذلك الحين.
واضطرت وزارة الصحة إلى توزيع كوادر مجمع الشفاء على المشافي الخاصة، التي استمرت بعملها رغم تضررها الجزئي، كمستشفى الحلو والمستشفى المعمداني الذي يمثل أكثر من 95% من طاقمه الحالي كوادر من خارج المشفى الخاص، ممن يعملون سابقا في مشاف حكومية أخرى ضمن وزارة الصحة.
وبهذه الطريقة تمكنت وزارة الصحة في قطاع غزة من التعامل مع أزمة القطاع الصحي وإدارتها، من خلال إدارة عدد من المشافي الخاصة ورفدها بالكوادر الطبية، وتسخيرها للعمل العام لضخ دماء في القطاع الطبي، الذي نزف كثيرا في "حرب المشافي" بعد إخراج الاحتلال المشافي الحكومية الرئيسية عن الخدمة.
إعلانوأوضح شامية أن 70% من الأسرّة في بعض المستشفيات أصبحت اليوم لمرضى الباطنة، الذين كانوا يمتنعون عن القدوم للعلاج بسبب عدم جهوزية المشافي لاستقبالهم، أو لعدم تمكنهم من الوصول للمشافي.
كما كشف شامية عن انعدام التواصل مع وزارة الصحة في رام الله "تمنينا أن نشعر بوجود حقيقي لوزارة الصحة في رام الله، الاتصالات كانت شبه معدومة، كنا نأمل أن تقوم الوزارة بدورها المطلوب في ظل حرب امتدت قرابة سنة ونصف".
وضعت عودة النازحين من جنوب القطاع وزارة الصحة أمام تحديات كثيرة، خاصة وأن مشافيها تعمل بالحد الأدنى، يقول شامية إن "عودة أكثر من نصف مليون مواطن هم بحاجة لخدمات كانوا يتلقونها في مشافي جنوب القطاع شكلت تحديا كبيرا لنا".
ويوضح مثلا أن عدد المرضى الذين يحتاجون إلى غسيل كلى زاد من 70 قبل عودة النازحين إلى أكثر من 200 حالة، في ظل عدم وجود أجهزة كافية لهم جميعا، ومن هؤلاء النازحين عدد من الطواقم الطبية التي أبدت جهوزيتها للعمل دون وجود أماكن لها، فمعظم مشافي القطاع مدمرة.
وقال مدير مستشفى المعمداني الدكتور فضل نعيم إن عدد الأسرّة في مدينة غزة لا يتجاوز 350 سريرا، كما أن عدد غرف العمليات المحدود يشكل معضلة مع قدوم الطواقم الطبية من جنوب القطاع، أو في حال قدوم وفود من الخارج.
صمود استثنائيوأوضح نعيم أن الطاقة التي عملت في مستشفى المعمداني كانت أكبر بكثير من الحجم الاستيعابي للمستشفى، وقال "كنا نقوم بـ500 عملية شهريًا، بمعدل 20 إلى 30 عملية يوميًا، كما كنا نستقبل تقريبًا 700 حالة يوميًا ما بين حالات طوارئ وعيادات خارجية ومبيت".
ومع انتهاء الحرب تعيش الطواقم الطبية حالة من الإرهاق الشديد، نتيجة الضغط والجهد فوق الطبيعي الذي بذلته على مدار 15 شهرا دون توقف أو تلكؤ، ليجد الأطباء أنفسهم أمام مرحلة جديدة من العمل الجراحي، حيث تتكدس قوائم المرضى التي تحتاج إلى عمليات مركبة ومعقدة.
إعلانوفي هذا السياق أضاف نعيم "ما زلنا حتى اللحظة نعالج الإصابات المؤجلة والمتراكمة، ونقوم فقط بإجراء عمليتين ترميميتين لمصابين قدامى، رغم أن طبيعة الإصابات في الجهاز الحركي في العظام تحتاج إلى عمليات متكررة ومتعددة، حيث يحتاج المصاب إلى 3 أو 4 عمليات للتعافي".
ووصف نعيم صمود المنظومة الصحية وعملها في هذه الظروف بأنه "معجزة وأمر لا تقوى على القيام به دول"، ولفت إلى حالة الانبهار لدى الوفود الأجنبية أثناء تجولهم في المستشفى المعمداني، حيث يتعجبون من تحول الكنيسة والمكتبة إلى أقسام مبيت واستقبال للجرحى والطوارئ، ومن الهمة التي يعمل بها الأطباء.
وحين سألته الجزيرة نت عن الدافع لذلك أجاب "لم يكن الانسحاب خيارا مطروحا لدى الكثير من الأطباء، لأن المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والدينية تلزمنا أن نبقى على رأس عملنا مع المصابين".
العلاج في الخارجاستنكر المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش ضعف الجهود المحلية والدولية في إجبار الاحتلال على تطبيق البروتوكولات الإنسانية، وتطبيق منظومة الخدمات الإنسانية، والتلاعب في أولويات واحتياجات النظام الصحي الفلسطيني في قطاع غزة.
وقال للجزيرة نت إن ملف الجرحى والمرضى الذين هم بحاجة للعلاج في الخارج يخضع للمماطلة الإسرائيلية، حيث يتشدد الاحتلال في الفحص الأمني للمرضى ومرافقيهم.
كما كشف البرش للجزيرة نت عن أن أكثر من 12 ألفا و500 شخص بحاجة للخروج للعلاج بشكل عاجل، جلهم قدموا نماذج مستعجلة لمنظمة الصحة العالمية، التي تعد الوسيط بينهم وبين الاحتلال الإسرائيلي، "لكن حتى اللحظة لا يسمح الاحتلال بخروجهم بحجج أمنية واهية، وهي مماطلة راح ضحيتها أكثر من 100 طفل، توفوا وهم ينتظرون العلاج في الخارج" على حد قوله.
وقال البرش إن الاحتلال اعتقل أكثر من 350 من الكوادر الطبية، وإنه يجري التواصل مع الهيئات الحقوقية بشكل مستمر للضغط على الاحتلال للإفراج عنهم، وعلى رأسهم الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، لافتا إلى أن معظم الأسرى من الكوادر الصحية موقوفون بدون أي تهمة.
إعلانووجه البرش تحية لمن وصفهم بـ"الأبطال الذين كانوا يعملون أكثر من 60 ساعة أسبوعيا، كما تجاوز بعضهم 100 ساعة من العمل أسبوعيا دون أن يطلب مقابل ذلك شيئا"، وترحم على أرواح 1058 من الكوادر الطبية، استشهدوا وهم يؤدون واجبهم الوطني والأخلاقي ويقاومون الاحتلال بمعاطفهم البيضاء.