أمطار غزة.. كيف حوّلتها الحرب إلى سلاح بحدّين؟
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
عانى قطاع غزة العام الماضي من هطول كثيف للأمطار في شهر ديسمبر/كانون الأول 2022، وكان الحديث يدور وقتها عن أن النقص الكبير في البنى التحتية للصرف الصحي بسبب الحصار المفروض على القطاع، يزيد من المخاطر الصحية لتلك الأمطار.
ولا تزل مخاطر الأمطار حاضرة وبدرجة أشد مع الهطول المبكر لها والذي بدأ قبل أيام. ولكن الجديد هذه المرة هو هطولها مع اشتداد الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، مما أوجد لها جانبا إيجابيا تمثل في تنقية الهواء من ملوثات القنابل والقذائف التي استخدمها جيش الاحتلال.
ورغم معاناة سكان قطاع غزة بعد أن أغرقت مياه الأمطار الخيام التي تؤويهم، وتصاعد الحديث عن أخطار تراكمها في ظل تعطل خدمات الصرف الصحي بسبب نقص الوقود، إلا أن ذلك لم يمنع بعضهم من التقاط هذا الجانب الإيجابي والتعبير عنه بشكل عفوي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
دراسة: هناك فعالية ملموسة لمياه الأمطار في إزالة الملوثات (الأناضول) تخثر المطر.. دعم الرواية الغزاويةوتدعم دراسات أجريت عن دور الأمطار في تنقية الهواء ما عبر عنه الغزّيون بشكل عفوي، حيث يمكن لقطرات الأمطار وفق هذه الدراسات، أن تجذب عشرات إلى مئات من جزيئات الهباء الجوي الصغيرة مثل السَّخام (جسيمات الكربون الناتجة عن الاحتراق غير الكامل للهيدروكربونات) والكبريتات والجزيئات العضوية إلى سطحها قبل أن تصل إلى الأرض، وهي العملية التي تُعرف باسم "التخثر".
وكشف باحثون تابعون لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بأميركا تفاصيل تلك العملية، وذلك عبر تجارب سبق أن أجريت في غرفة كفاءة التجميع التابعة للمعهد، ونشرت نتائجها في أغسطس/آب 2015 بمجلة "كيمياء وفيزياء الغلاف الجوي"، حيث يتم في هذه الغرفة الزجاجية التي يبلغ طولها 3 أقدام توليد قطرات بمعدل وحجم يمكن التحكم فيه، ومع سقوط القطرات عبر الغرفة، قام الباحثون بضخ جزيئات الهباء الجوي، وقاموا بقياس معدل تخثرهما (أي اندماج القطرات والهباء الجوي).
ومن خلال القياسات، حسبوا كفاءة تخثر المطر، أي قدرة القطرات على جذب الجزيئات أثناء سقوطها، وبشكل عام وجدوا أنه كلما كانت القطرة أصغر زادت احتمالية جذب الجسيمات، كما وجدوا أن ظروف الرطوبة النسبية المنخفضة تشجع على عملية التخثر.
وتناولت دراسة إسبانية فرنسية مشتركة نشرتها دورية "ووتر ريسيرش" في فبراير/شباط 2021، الخصائص الفيزيائية والكيميائية لقطرات المطر التي يمكن أن تساعد في تنقية الهواء، ووضعت تلك الدراسة اختلافات بين الأمطار الصيفية والشتوية، لكنها خلصت في النهاية إلى أن هناك فعالية ملموسة لمياه الأمطار في إزالة الملوثات.
الأمطار تساعد على إطفاء رماد القنابل مما يقلل من درجة حرارته ويحد من قدرته على إعادة الاشتعال (رويترز) منظف طبيعي لمواد المتفجراتويقول مجدي علام مستشار مرفق البيئة العالمي وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب في تصريحات هاتفية للجزيرة نت: إن "نتائج هذه الدراسات تدعم الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الأمطار في حالة قطاع غزة، حيث تعمل كمنظف طبيعي يزيل الغبار والدخان والجزيئات الأخرى من الغلاف الجوي والتي تراكمت كنتيجة للقنابل والمتفجرات التي ألقيت على القطاع".
ووفقا لـ"علام"، فإن الاحتراق الناتج عن الانفجارات والحرائق واستخدام الآلات الثقيلة أو المركبات أثناء النزاعات، يؤدي إلى إطلاق الجسيمات الدقيقة في الهواء (بي إم) مثل السخام والرماد والغبار، كما تؤدي الانفجارات وحرق الوقود والذخائر إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون والمركبات العضوية المتطايرة، ويمكن أن تساهم هذه الغازات في تكوين الضباب الدخاني الذي يضر بالصحة، كما يؤدي حرق المباني والمركبات والبنية التحتية إلى إنتاج الدخان والسخام الذي يساهم في تلوث الهواء.
وتطلق بعض الأسلحة والذخائر معادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم، كما يمكن أن يؤدي استخدام الأسلحة الكيميائية في النزاعات إلى إطلاق مواد شديدة السمية في الغلاف الجوي مثل غاز الكلور أو غاز الخردل.
وإضافة غلى ما سبق هناك أثر إيجابي آخر للأمطار يشير إليه علام، وهو إطفاء رماد القنابل أو بقاياها، حيث يؤدي هطول الأمطار إلى ترطيب الرماد، مما يقلل من درجة حرارته ويحد من قدرته على إعادة الاشتعال.
ينصح بعدم استخدام مياه الأمطار للشرب، لاسيما في أول ساعة من الهطول، حيث أنها تكون محملة بملوثات الهواء. (الأناضول) خطورة الشرب في الساعة الأولهذه الآثار الإيجابية لمياه الأمطار في تحييد خطوره بعض المواد الضارة، تعني من ناحية أخرى أنه يجب التعامل مع الأمطار بحساسية بالغة عند محاولة الاستفادة منها، كما يؤكد علام.
ووفق نصائح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أميركا، فإنه يجب تصفية مياه الأمطار التي يتم جمعها لأغراض الشرب وتطهيرها واختبارها بانتظام. وإذا لم تكن هناك إمكانية لتنفيذ ذلك بفعالية، فمن المستحسن استخدام مياه الأمطار المجمعة فقط لأغراض أخرى، مثل البستنة أو غسل الملابس أو الاستحمام.
يقول علام: "في حالة الحروب، تصبح حتى الاستخدامات المسموح بها في تلك النصائح غير مسموح بها، لاسيما في أول ساعة لهطول الأمطار، لأن الأمطار التي توصف بأنها إيجابية في التقاط الملوثات من الهواء، ستكون محملة بتلك الملوثات التي تمثل خطرا على الصحة إذا تعاملنا معها على أنها مياه صالحة للشرب".
بيئة خصبة لانتشار الكوليراوالخطر الأكبر للمياه في وقت الحروب، هو أنها قد تكون سببا في انتشار مرض الكوليرا الذي يجد بيئة خصبة عند تعطل خدمات الصرف الصحي.
اختلاط مياه الصرف الصحي بمصادر المياه العذبة يخلق بيئة مواتية للتكاثر السريع وانتشار الكوليرا (الفرنسية)وكشفت أكثر من دراسة عن هذا الخطر، ومنها دراسة سويسرية نشرتها في فبراير/شباط الماضي الدورية المعنية بالأمراض المعدية "أكتا تروبيكا"، والتي تناولت هطول الأمطار كعامل مساعد لانتشار الكوليرا عبر مسارين هما: زيادة التعرض للمياه الملوثة (بسبب تدهور الظروف الصحية أثناء زيادة المياه)، أو تلوث المياه عن طريق البكتيريا المفرزة حديثا والمسببة للمرض (بكتيريا ضمة الكوليرا Vibrio cholerae).
ويقول محمد الحديدي أستاذ العلوم الطبية الحيوية ومدير مركز أبحاث الجينوم بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في تصريحات هاتفية للجزيرة نت: إن "الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تعطيل أنظمة الصرف الصحي، مما يؤدي إلى اختلاط مياه الصرف الصحي بمصادر المياه العذبة، وهذا بدوره يخلق بيئة مواتية للتكاثر السريع وانتشار بكتيريا ضمة الكوليرا، وبمجرد تلوث مصادر المياه بالبكتيريا، قد يستهلك الأفراد هذه المياه الملوثة دون قصد لأغراض الشرب أو الطهي أو الاستحمام".
وحذرت منظمة الصحة العالمية في وقت مبكر من "كارثة بيئية" وصحية بسبب تعطل مضخات الصرف الصحي بغزة لانقطاع التيار الكهربائي، نتيجة لنفاد الوقود اللازم للتشغيل.
ويوضح الحديدي أنه "مع هطول الأمطار الكثيف تصبح المشكلة أكبر بعد توقف مضخات الصرف الصحي، حيث تمثل ضغطا على محطات الصرف الصحي المتوقفة".
وقبل هطول الأمطار أشارت تقارير إلى أن مياه الصرف الصحي بدأت بالفيضان في منطقة بشرقي غزة نتيجة تعطل محطة الصرف الصحي، وهي مشكلة من المتوقع أن تصبح أكثر خطورة بعد الهطول الكثيف للأمطار، مما يجعل القطاع بيئة خصبة لانتشار أوبئة مثل الكوليرا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: میاه الأمطار هطول الأمطار الصرف الصحی الأمطار فی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
النائب الأول لرئيس الوزراء يفتتح مشاريع حصاد مياه الأمطار في مديرية بني مطر بصنعاء
الثورة نت|
افتتح النائب الأول لرئيس الوزراء، العلامة محمد مفتاح ووزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية الدكتور رضوان الرباعي، اليوم، ثلاثة مشاريع حصاد مياه الأمطار في مديرية بني مطر بصنعاء بتكلفة إجمالية 75 مليون ريال.
وفي الافتتاح أكد العلامة مفتاح أهمية تنفيذ مثل هذه المشاريع خاصة في مجال حصاد مياه الأمطار بما يسهم في تشجيع المزارعين للتوسع في زراعة المحاصيل المختلفة والإسهام في النهوض بالإنتاج الزراعي في المنطقة.
ولفت إلى أن مشاريع حصاد مياه الأمطار لها دور مهم في توفير المياه للعملية الزراعية وكذا تغذية مخزون المياه الجوفية في حوض صنعاء وبما يسهم في ضمان استدامة المياه وديمومتها للنشاط الزراعي.
وحث النائب الأول لرئيس الوزراء، على التوجه نحو التوسع في زراعة مختلف المحاصيل والتركيز على المحاصيل المثمرة، إلى جانب الاستفادة من هذه المشاريع والحفاظ عليها.
وأشاد بدور وزارة الزراعة في تنفيذ هذه المشاريع، وكذا اسهام جمعية خرابة محيب مستخدمي مياه حوض صنعاء في العمل على استدامة المشاريع.
فيما أشار وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية الدكتور رضوان الرباعي، إلى أن افتتاح مشاريع حصاد مياه الأمطار في المديرية يأتي في إطار تنفيذ موجهات قائد الثورة بالاهتمام بالمنشآت المائية و كرفانات لحصاد مياه الأمطار وفي إطار المشاريع التي تنفذها الوزارة ممثلة في البرنامج الوطني للري والبالغ عددها 38 مشروع ري بمحافظة صنعاء.
ولفت إلى أن المشاريع التي تم افتتاحها اليوم في عزلة بني راعي بالمديرية عبر جمعية خرابة محيب، سيكون لها الأثر الكبير في الإنتاج الزراعي من خلال تشجيع المزارعين على التوسع في المساحات الزراعية لمختلف المحاصيل التي تشتهر بها المنطقة خاصة اللوز والحبوب.
ودعا الوزير الرباعي أبناء المديرية والمزارعين إلى الاهتمام بهذه المنشآت وصيانتها والاستفادة منها بشكل أمثل والتوزيع العادل للمياه لمختلف الأراضي الزراعية حسب الأعراف السائدة في المجتمع.
وأشاد بدور أبناء المنطقة في تنفيذ المبادرات الزراعية خاصة المتعلقة بمجال المياه والتي تسهم في تعزيز جهود وبرامج النهوض بالقطاع الزراعي، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي.
وفي الافتتاح بحضور وكيل محافظة صنعاء لقطاع الاستثمار يحيى جمعان ، ورئيس الهيئة العامة للموارد المائية المهندس هادي قريعة ومسئول قطاع الري واستصلاح الأراضي عباس هبة ، ومدير القطاع الزراعي بمحافظة صنعاء المهندس علي القيري، أوضح مدير البرنامج الوطني للري المهندس معين الأجهر، بأن افتتاح ووضع حجر أساس لعدد من المشاريع يأتي ضمن المرحلة الثانية من المشاريع المنفذة في حوض صنعاء تحت إشراف قطاع الري بوزارة الزراعة والبرنامج الوطني للري.
وأشار إلى أن تلك المشاريع تضمنت دعم المزارعين بشبكات ري لـ 745 مزارع وتنفيذ ثلاثة كرفان و مشاريع حصاد مياه الأمطار.
فيما تطرق رئيس جمعية خرابة محيب مستخدمي مياه حوض صنعاء مديرية بني مطر فاضل جار الله ، إلى حرص الجمعية في الحفاظ على مشاريع حصاد مياه الأمطار بما يخدم التنمية الزراعية والإنتاجية في المديرية.
وأشاد بدور وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية في تنفيذ مثل هذه المشاريع الزراعية التي تخدم المزارعين في المنطقة وتشجيعهم على التوسع في زراعة المحاصيل وتساعد على تحسين الإنتاج الزراعي بشكل عام.