عسكرياً.. هكذا تحركت إيران في لبنان وسط حرب غزّة!
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
أطراف كثيرة تُحذر من إنزلاق المعركة القائمة في جنوب لبنان بين "حزب الله" والعدوّ الإسرائيليّ نحو الحرب الشاملة وسط الصراع الدائر في غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل منذ 7 تشرين الأول الماضي. الكلامُ هذا يطغى بشدّة على المشهد الضبابيّ، لكن هناك عوامل عديدة فرملت وتُفرمل إمكانية حصول أي توتر كبير، وهي في الأساسِ ترتبطُ بالمصلحة الإيرانية سواء في لبنان أو في المنطقة.
على الصعيد العسكري، تشيرُ المعطيات الملموسة إلى أنَّ إيران ما زالت تنأى بنفسها عن توسيع رقعة الصراع حتى وإن عادت لتُهدد بذلك مؤخراً على لسان وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان الذي سيزور لبنان مجددا في الساعات المقبلة . إن حصل الصدام الكبير مع إسرائيل إنطلاقاً من لبنان، فإن إيران ستكون قد زجّت بـ"حزب الله" ضمن معركة "طوفان الأقصى" الفلسطينية باعتباره ممثلها الأساسي في المنطقة، ما يعني إحراجاً للحزب مع الداخل اللبناني الرافض للحرب تماماً، وبالتالي حصول دمارٍ كبير في لبنان قد لا تتحمل إيران تكلفة إعماره مثلما حصل عام 2006.
فعلياً، فإنّ إيران، وإن أرادت التضحية بـ"حزب الله"، لكانت دفعته نحو الحرب، لكنّ الأخير استشعر أن أي مغامرة حالياً في هذا الإطار ستعني إنقلاباً كبيراً للمشهد ضده وسط وجود خطرٍ قد يؤدي إلى استنزاف قوّته العسكرية. هنا، فإنّ تفادي هذا السيناريو أتى بعدما قرأ الإيرانيون و "حزب الله" جيداً المسار الذي سلكته إسرائيل في خضم حربها ضد غزة. فمنذ اليوم الأول للمعركة، حشدت تل أبيب كل قوتها العسكرية وحظيت بالدعم الخارجي المُطلق. الأمرُ المذكور والمُرتبط بالتكتل الدولي حول تل أبيب، جعل الإيرانيين و"حزب الله" يحسبون ألف حساب لأي خطوة قد تُفضي إلى اندلاع حرب شاملة في حينها. لهذا السبب، وتفادياً لأي مغامرة كبرى في ذروة الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل، قرر الحزب مع إيران إستخدام قواعد جديدة للعبة بمنأى عن حربٍ شاملة، وهذا ما كان حقاً حينما رُسمت أحداث جنوب لبنان بين الحزب والإسرائيليين تحت إطار "المناوشات" و "المُشاغلة". من الممكن اعتبار الخيارين المذكورين "أبغض الحلال" بالنسبة للإيرانيين و "حزب الله"، فمن خلالهما لم يغيبا عن الساحة، وفي الوقت نفسه لم يدفعا لبنان إلى حربٍ كبرى قد تكسر المصالح الإيراني وتُهدد بقاء "حزب الله" بالدرجة الأولى.
وحالياً، فإنّ أوراق إيران باتت أقوى في المنطقة رغم إستمرار حرب غزة، ويعود هذا الأمرُ إلى سببين: الأوّل وهو بدء إنكفاء الدعم الدولي لإسرائيل وبروز ضغوط أميركية لتطويق حرب غزة. أما الأمر الثاني فيرتبطُ بفحوى المفاوضات التي سلكت طريقها الفعلي بين إسرائيل وحركة "حماس" بشأن ملف الأسرى.
إذاً، وبكل بساطة، فإن هذين الأمرين يُعتبران مقدمة لذهاب الأمور نحو التهدئة، وبالتالي تنتفي هنا حجة إيران أو "حزب الله" الى فتح مواجهة شاملة يُمكن أن تشهد تدخلاً لقوى عظمى إلى جانب إسرائيل بهدف مساندتها في أي حرب تُخاض ضد لبنان بهدف إنهاء الحزب.
مع ذلك، فإنّ ما يُشجع إيران لعدم إرتكاب أي حرب هو علاقاتها الإيجابية المستجدة مع الدول العربية لاسيما مع السعودية. في الوقت الراهن، فإن ما تسعى إليه إيران هو إبراز صورة ناصعة مرتبطة بإنهاء التوترات، وبالتالي لا توجد أي مصلحة لها في فتح جبهة قد ترتد سلباً على دول عربية كثيرة.
في خلاصة القول، ما يتضح تماماً هو أن الرقابة الإيرانية ومسار تدخل طهران في الحرب يرتبط بما سيفرضه ميدان غزة من تطورات. إن تراجعت إسرائيل عن عدوانها تدريجياً، وهذا ما قد يحصل قريباً، عندها ستكون المنطقة قد جُنّبت حرباً كبيرة. أما في حال حصل سيناريو إستمرار حرب غزة حتى القضاء على "حماس"، عندها لن تبقى إيران في الحياد، وبالتالي قد تكون ضربتها موجعة بشكلٍ كبير، لكن هذا الأمر بات مستبعداً بشكلٍ كبير، والرهان على الصفقات الآتية.. فماذا سنشهدُ قريباً؟
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله فی لبنان حرب غزة
إقرأ أيضاً:
التطبيع بين لبنان وإسرائيل... مُجرّد حلم أميركيّ
أثار تصريح الموفد الأميركيّ إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الجدل، بعدما قال إنّ لبنان قد يلتحق "باتّفاقيات إبراهيم" والتطبيع مع إسرائيل، وخصوصاً في ظلّ هذا التوقيت الحساس، بعد خروج البلاد من حربٍ تدميريّة مع العدوّ، واستمرار الأخير باحتلال 5 نقاط استراتيجيّة على الحدود الجنوبيّة، وخرقه يوميّاً قرار وقف إطلاق النار عبر استهدافه البلدات اللبنانيّة والحدوديّة مع سوريا، واغتياله شخصيّات من "حزب الله".
وأشار محللون عسكريّون إلى أنّ طرح ويتكوف بشأن لبنان وإسرائيل، لا يختلف عن خطّة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ويصعب تطبيقه وهو بمثابة حلم أميركيّ غير واقعيّ،فاللبنانيّون لا يزالون يُشيّعون الشهداء، بينما لا تزال أعمال البحث عن مفقودين مستمرّة. وتجدر الإشارة في هذا السياق أيضاً، إلى أنّ نواباً من مُختلف الكتل أعلنت بوضوحٍ خلال جلسة مُناقشة البيان الوزاريّ، أنّ إسرائيل هي عدوّة لبنان، ويستحيل الدخول معها في سلام.
وفي نظرة تاريخيّة على الصراع اللبنانيّ – الإسرائيليّ، يظهر أنّ لبنان من بين أكثر البلدان العربيّة التي دفعت ثمناً بعد فلسطين بسبب الحروب مع إسرائيل، ولعلّ آخر حربٍ كانت الأشرس والأعنف والأكثر تدميراً على اللبنانيين. من هذا المُنطلق، ليس من الوارد أنّ تُوافق الحكومة أو المكوّنات الوطنيّة على التطبيع مع تل أبيب، أقلّه في المدى القريب.
كذلك، فإنّه لا يُمكن فرض اتّفاق بالقوّة على مكوّن أساسيّ في البلاد، وهنا الحديث عن الطائفة الشيعيّة وآلاف المواطنين الذين خسروا منازلهم وأحباءهم ، وهم أكثر من تأثّر في الحرب الأخيرة. ويقول مراقبون في هذا الإطار، إنّ الهدف الحقيقيّ من دعوة الولايات المتّحدة الأميركيّة عبر تصريح ويتكوف، عن إمكانيّة التوصّل لاتّفاق سلام بين لبنان وإسرائيل هو حماية الإسرائيليين من أيّ مخاطر إيرانيّة تتمثّل ببقاء "حزب الله" عسكريّاً على الحدود الجنوبيّة وتهديده المستوطنات، فواشنطن تخشى من أنّ يجدّ "الحزب" طرقاً جديدة لإعادة بناء نفسه، ودخوله في حربٍ مع تل أبيب في المستقبل، بعدما أشارت إيران إلى أنّها لن تتخلّى بسهولة عن "المقاومة" في لبنان، وأنّها ستبقى داعمة لها لأنّ دورها لم ينتهِ بعد.
حتّى الآن، ليس هناك من حديثٍ فعليّ في لبنان عن نزع سلاح "الحزب"، على الرغم من أنّ خطاب قسم رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون وبيان الحكومة الوزاريّ يُشدّدان على أنّ القوى العسكريّة وفي مقدّمتها الجيش هي المسؤولة عن أمن اللبنانيين وحماية البلاد، بينما يستمرّ "حزب الله" في مُحاولات إدخال ونقل العتاد العسكريّ والأموال إلى البلاد، واستهداف إسرائيل لأيّ سيارة تشكّ في أنّها مُحمّلة بالأسلحة أو يستقلّها عناصر من "المقاومة" دليلٌ على ذلك.
وبحسب محللين عسكريين، فإنّ الظروف للتطبيع بين لبنان وإسرائيل لم تتحقّق، وتصريح ويتكوف يُعتبر مُجرّد حبرٍ على ورقٍ، فلا يُمكن بناء سلام مع تل أبيب في الوقت الذي تُكمل فيه عدوانها عبر خرق إتّفاق وقف إطلاق النار، وعدم إحترام السيادة اللبنانيّة. ويُضيفون أنّ هناك بلداناً عربيّة أصبحت طرفاً أساسيّاً في "اتّفاقيّات ابراهيم"، أو سبق وأنّ دخلت في مُعاهدات سلام مع العدوّ، لكنّ شعوبها لا تزال تكنّ العداء لإسرائيل ولم تُرحّب بالتطبيع، ولعلّ اختطاف وقتل الحاخام اليهوديّ تسفي كوغان في الإمارات، والتضييق على الإسرائيليين في بطولة كأس العالم التي أُقيمت في قطر عام 2022، أمثلة على رفض شريحة كبيرة من الشعوب العربيّة التقارب من تل أبيب، حتّى لو كانت هناك حسابات أخرى لدى حكوماتهم تتعلّق بالإقتصاد والتجارة والأمن.
أمّا في ما يتعلّق بلبنان، فيقول المحللون إنّ المُوافقة على التطبيع مع إسرائيل تتطلب أوّلاً حلّ سلاح "حزب الله" والفصائل الفلسطينيّة وبعض الأحزاب، وثانيّاً، بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانيّة عبر تقويّة الجيش ودعمه من الولايات المتّحدة الأميركيّة والبلدان الأوروبيّة، بغطاء إسرائيليّ، وثالثاً، أنّ يكون اللبنانيّون جميعاً مُوافقين على السلام، وفي مُقدّمتهم المسلمون وبشكل خاص الشيعة، لأنّ التجارب السابقة أثبتت أنّه لا يُمكن إقصاء أيّ مكوّن وطنيّ، وخصوصاً إذا كان الأمر مُرتبط بالتطبيع مع عدوّ عاث شرّاً باللبنانيين أيّ كانت طائفتهم منذ العام 1948. المصدر: خاص "لبنان 24"