العالم السوداني الحبر يوسف نور الدائم.. شاعر مقل في عصر مطنب
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
الشيخ الدكتور الحبر يوسف نور الدائم علم من أعلام اللغة العربية، شاعر وأديب وفقيه، صاحب فصاحة وبيان، وأحد علماء السودان الكبار ودعاته، متضلع في علوم القرآن وتفسيره، وُصف بأنه خليفة أستاذه العلامة الراحل البروفيسور عبد الله الطيب المجذوب.
المولد والنشأةولد الحبر يوسف نور الدائم في الأول من أبريل/نيسان 1940 بقرية السروراب بالريف الشمالي لمدينة أم درمان لأسرة متدينة في بيئة شاعرة.
تلقى تعليمه الأولي بحي العرب والوسطى بأم درمان، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية العليا بالمدينة نفسها. وكان الأستاذ أحمد علي النويري والبروفيسور عبد الله الطيب من بين أساتذته، وأولاه الطيب رعاية خاصة بعدما توسم فيه تميزا ونجابة، وتحولت الرعاية لاحقا إلى صداقة متينة.
حصل بعدها على درجة البكالوريوس في اللغة العربية من كلية الآداب جامعة الخرطوم بمرتبة الشرف الأولى عام 1965. سافر في بعثة علمية إلى المملكة المتحدة، حيث أتقن اللغة الإنجليزية من دون أن يفقد أصالته السودانية، وحصل عام 1969 على درجة الدكتوراه بقسم الدراسات الإسلامية من جامعة أدنبره بأسكتلندا بأطروحة عن الإمام الطبري. وله مشاركات علمية في عدد من الدول والقارات.
النشاط المهنيعمل الحبر يوسف أستاذا في قسم اللغة العربية في كلية الآداب، وصار لاحقا رئيسا له وأستاذا مشاركا. وبالموازاة مع عمله الأكاديمي، كان عضوا بالمجمع الفقهي منذ تأسيسه، وعضوا دائما في مجلس أمناء الزكاة.
نشط في إلقاء المحاضرات وتقديم برامج إذاعية، وأبرزها برنامج "سحر البيان" بالإذاعة السودانية الذي تناول فيه وجوه التأويل والبيان في القرآن الكريم، وبرنامج "أحسن الحديث" بقناة الشروق السودانية.
النشاط السياسياهتم بالعمل الإسلامي وانخرط في صفوف الحركة الإسلامية منذ بداية الدراسة الثانوية، وكان عضوا بارزا في نشاطها داخل السودان وخارجه.
انضم للتيار والمجموعة التي أعطت الأولوية للتربية والتكوين، وكان قد كونها البروفيسور مالك بدري بعد مؤتمر 1969، وشارك قبل ذلك في "ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964".
نشط في العمل الدعوي في كل بلاد السودان، واعتقل مرتين وأخرجته الجماهير من سجن كوبر بعد إسقاط حكم جعفر النميري، الذي قال في أحد لقاءات ما سميت بالمكاشفة عام 1979 "بعض الناس يمسك العصا من النصف، ونحن الولاء عندنا للثورة والاتحاد الاشتراكي"، فرد عليه الحبر يوسف بمحاضرة حاشدة، مما قال فيها "إننا لا نعرف ولاء إلا لله وللرسول والمؤمنين".
انتخب مراقبا للإخوان المسلمين في السودان في مارس/آذار 2008 خلفا للشيخ صادق عبد الله عبد الماجد. كما انتخب عضوا في المجلس الوطني (البرلمان السوداني)، واختير رئيسا للجنة التعليم لدورتين.
الإنتاج العلميرغم علو كعبه وتخصصه وسعة علمه في اللغة العربية والشعر العربي وعلوم القرآن والتفسير والفقه، كان مقلا في التأليف حتى وصف بأنه "شاعر جزل، لكنه مقل في عصر مطنب".
لم يخلف إلا ديوانا مطبوعا بعنوان "أنفاس القريض" يضم 25 قصيدة، وكتيبات بعنوان "من نور القرآن" تتضمن تلخيصا لما قدمه في برنامج "أحسن الحديث".
قيل عنهلما همَّ البروفسور الراحل عبد الله الطيب بالسفر إلى المغرب للتدريس، عاتبه المقربون على تركه التدريس بجامعة الخرطوم القديمة، فرد عليهم بأنه ترك فيها خلفه تلميذه الأثير الحبر يوسف، ونقل عنه في رواية أخرى "تركت فيهم الحبر".
قال عنه الدكتور عصام البشير، العالم والداعية ووزير الأوقاف السوداني الأسبق، كان الشيخ الحبر "ماهرا في لغة العرب، أديبا وشاعرا وفحلا في علوم العربية نحوا وصرفا وبلاغة، ومن أكثر الشعراء الإسلاميين الذين أعطوا مكانة ونصيبا مقدرا لقضية الأسرة".
الوفاةتوفي الشيخ الدكتور الحبر يوسف نور الدائم في أم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم يوم الأحد 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 عن عمر ناهز 83 عاما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اللغة العربیة عبد الله
إقرأ أيضاً:
في اليوم العالمي للغة العربية.. رحلة لغة الضاد التي توجت بحروف من نور تضيء بآيات القرآن الكريم وسياسة الاعتماد الدولي بعد سنوات عجاف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يوافق اليوم الأربعاء، 18 ديسمبر من كل عام، الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، تقديرًا لهذه اللغة العظيمة، "لغة الضاد"، ومكانتها الكبيرة، تحت شعار "العربية والذكاء الاصطناعي: تحفيز الابتكار وصون التراث الثقافي".
وتعد اللغة العربية هي لغتنا التي شرفها الله تعالى بأن أنزل بها القرآن الكريم من فوق سبع سماوات؛ وعلينا أن نعتز جميعا باللغة العربية وأهمية الحفاظ على هذه اللغة، وتعلمها.
ويهدف اليوم العالم للغة العربية، إلى تعزيز استخدام اللغة العربية، والاعتراف بمكانتها الثقافية، والإرثية في العالم، ويعد هذا اليوم فرصة لتسليط الضوء على أهمية اللغة العربية في التواصل العالمي، وفي الثقافة والفكر العربي.
تاريخ الاحتفال
قررت الأمم المتحدة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام؛ لأنه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في ديسمبر عام 1973، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية، والمملكة العربية السعودية، خلال انعقاد الدورة 190 لـ "المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو".
وصدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 878 الدورة التاسعة المؤرخ في 4 ديسمبر 1954، والذي يجيز الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية، ويقيد عدد صفحات ذلك بأربعة آلاف صفحة في السنة، وشرط أن تدفع الدولة التي تطلبها تكاليف الترجمة، وعلى أن تكون هذه الوثائق ذات طبيعة سياسية، أو قانونية تهم الدول العربية.
هذا الأمر تطور في عام 1960؛ حيث اتخذت منظمة اليونسكو قرارًا يقضي باستخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية، وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
بينما في عام 1966، تم اعتماد قرار يقضي بتعزيز استخدام اللغة العربية في اليونسكو، وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية، ومن العربية إلى لغات أخرى، في إطار الجلسات العامة.
وفي عام 1968، تم اعتماد اللغة العربية تدريجياً كـ "لغة عمل" في منظمة اليونسكو، التابعة لـ الأمم المتحدة، مع البدء بترجمة وثائق العمل، والمحاضر الحرفية، وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى اللغة العربية.
وبعد هذا التاريخ، استمر الضغط الدبلوماسي العربي، وتحديدا من دولة المغرب الشفيفة، بالتعاون مع بعض الدول العربية الأخرى، إلى أن تمكنوا من جعل اللغة العربية تُستعمل كلغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة في سبتمبر 1973.
وبعد إصدار جامعة الدول العربية في دورتها الستين قرارا يقضي بجعل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة، وباقي هيئاتها، ترتب عنه صدور قرار الجمعية العامة رقم 3190 خلال الدورة 28 في ديسمبر 1973 يوصي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها.
وفي أكتوبر من عام 2012، وعند انعقاد الدورة 190 لـ المجلس التنفيذي لليونسكو، تقرر تكريس هذا اليوم 18 ديسمبر من كل عام ليكون اليوم العالمي للغة العربية، واحتفلت اليونيسكو في تلك السنة للمرة الأولى بهذا اليوم.
وفي 23 أكتوبر من عام 2013، قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية "آرابيا" التابعة لليونسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية، كأحد العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل سنة.
لغة عالمية
قالت الأمم المتحدة، في الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية 2024، إن العربية لغة عالمية ذات أهمية ثقافية جمّة، إذ يبلغ عدد الناطقين بها ما يربو عن 450 مليون شخص، وهي تتمتع بصفة لغة رسمية في نحو 25 دولة، ومع ذلك، فإن المحتوى المتاح على شبكة الإنترنت باللغة العربية لا يتجاوز نسبة 3%؛ مما يحد من إمكانية انتفاع ملايين الأشخاص به.
وتابعت المنظمة، أن العربية هي كذلك لغة شعائرية رئيسة لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى، فضلًا عن ذلك، مثَّلت اللغة العربية كذلك حافزًا إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة، كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الإفريقي.
كما قالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، أن اليوم العالمي للغة العربية الذي تنظمه اليونسكو يوفر منبرًا تفاعليًا يعزز الحوار والتبادل والتفاهم، وذلك احتفاءً بأهمية اللغة العربية على الصعيد العالمي، فضلًا عن السعي إلى جمع المتحدثين من مختلف الفئات وتعزيز الروابط الثقافية.