دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يقوم أحد الكائنات البرية الدقيقة في التربة بتناول العشب، غافلا عن الكائن الدقيق الآخر الذي يتتبعه بصمت من الخلف. بينما ينتظر المفترس اللحظة المثالية حتى ينقض على فريسته، فينتهي الأمر في لمح البصر.

ورغم أن هذا المشهد ربما اعتاد غالبيتنا مشاهدته في الأفلام الوثائقية عن الطبيعة، إلا أن المصور آندي موراي راقب المشهد الدرامي يتكشف أمامه من حديقة منزله الخلفية، في مقاطعة سومرست بإنجلترا.

ويجلس موراي جاثيا على ركبتيه يحدق عبر عدسة مكبّر، بينما يقضي عقرب زائف يبلغ طوله 6 مليمترات على قافز ذيل أكبر من نصف حجمه.

صور تكشف عن قرب المخلوقات الغريبة والرائعة التي تعيش في التربةCredit: Andy Murray

بالنسبة لموراي، تعتبر حيوانات التربة المجهرية هذه رائعة، حالها كحال الأسود والحمير الوحشية التي قد تراها خلال رحلات السفاري في إفريقيا، ولكن الوصول إليها أسهل بكثير، فقط إذا كنت تعرف المكان الذي تبحث فيه.

وقال موراي لـCNN إنها "تعيش في هذا العالم الصغير؛ إنه مثل عالمنا، ولكن على نطاق أصغر".

وأضاف: "إذا راقبتها لفترة كافية، فيمكنك أن ترى الأحداث ذاتها، يمكنك رؤية الصيادين والمطاردين، يمكنك رؤية الكائنات التي تتغذى على النباتات، وترى تفاعلات غريبة ومضحكة".

كما أن فرص مشاهدة شكل من أشكال الحياة في التربة، وإن كان من خلال عدسة مكبرة، مرتفعة.

ووفقًا لدراسة حديثة نُشرت في الدورية العلمية "PNAS"، يعيش أكثر من نصف جميع أنواع الكائنات البرية في التربة، ما يجعلها من الموائل الأكثر ثراءً على وجه الأرض.

ورغم ثراء حياة التربة، إلا أن الكائنات التي تعيش تحت أقدامنا غير معروفة نسبيًا.

لقطة لمخلوق قافز الذيل العملاق في الغابات المطيرة المعتدلة في جزيرة تسمانيا بأستراليا.Credit: Andy Murray

ويسعى موراي لتغيير ذلك، ويأمل أن يتمكن من خلال التصوير الفوتوغرافي الدقيق من اكتشاف المراوغات وخصائص هذه الحيوانات غير العادية وإثبات حمايتها.

ولفت إلى أن تصوير عالم لم يتم تصويره كثيرًا من قبل يُعد أمرا مثيرا للغاية، مشيرًا إلى أن شغفه بالاستكشاف يعادل بالضبط الشغف الذي يدفع الناس إلى تسلق قمة إيفرست أو خوض مغامرة في القطب الشمالي، ولكن على نطاق أصغر.

استكشاف المجهول يعتقد موراي أن هذه المخلوقات الملونة، رغم أنها مجهرية، تستحق الاهتمام ذاته الذي تحظى به الحيوانات الأكثر شهرة على الأرض.Credit: Andy Murray

يتذكر موراي، البالغ من العمر 56 عامًا، كيف أن اهتمامه بالمجهريات يعود إلى أيام طفولته، ولكن القيود التكنولوجية لسنوات عديدة حالت من دون قدرته على مشاركة ما كان يشاهده. ومنذ أكثر من عقد من الزمن، عندما أصبح التصوير الفوتوغرافي الماكرو (الدقيق) ممكنًا باستخدام الكاميرا الرقمية، كرّس موراي وقته وجهده لهذه الحرفة، حيث كانت تشغل وقته إلى جانب وظيفته كموسيقي، وطاه، وحاليًا كمحرّر مستقل.

ورغم أنه لا يتمتع بأي خلفية علمية، إلا أن موراي يقول إنه يمتلك "الأدوات والشغف"، وقد سجل أكثر من 10 آلاف ساعة عمل بالحقول في أوروبا، وكذلك أستراليا ونيوزيلندا.

ويقدر أنه اكتشف خلال هذا الوقت 30 نوعًا جديدًا، بما في ذلك واحد في بركة حديقته. وقد استُخدمت صوره في التقارير العلمية، بما في ذلك دراسة "PNAS" الأخيرة، كما قام بتوثيق النتائج التي توصل إليها على موقعه الإلكتروني "The Chaos of Delight".

هناك احتمال لانقراض بعض كائنات التربة المجهرية قبل أن يتم التعرف عليها، حيث تتدهور بيئتها بشكل متزايد بسبب الزراعة المكثفة وإزالة الغابات. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن ثلث تربة الأرض قد تآكل بالفعل، ويمكن أن تبلغ نسبة التآكل 90% بحلول عام 2050.

صورة لمخلوق العقرب الزائف عن قرب التقطت بالحدائق النباتية في مدينة مكسيكوCredit: Andy Murray

ويوضح مارك أنتوني، عالم البيئة في معهد البحوث الفيدرالي السويسري لأبحاث الغابات، والثلوج، والمناظر الطبيعية، والمؤلف المشارك لتقرير "PNAS"، أن فقدان هذه الكائنات سيكون له آثار مضاعفة هائلة.

وتؤدي هذه المخلوقات الصغيرة دورًا كبيرًا على كوكب الأرض، سواء كمحلل أو كمصدر غذائي رئيسي للحيوانات في أعلى السلسلة الغذائية.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: فی التربة

إقرأ أيضاً:

صندوق محمد بن زايد للحفاظ على الكائنات الحية و”التنمية العالمية للبيئة” يدعمان دعاة حماية البيئة الشباب

أعلن صندوق محمد بن زايد للحفاظ على الكائنات الحية اليوم الإثنين، عن شراكته مع منظمة التنمية العالمية للبيئة؛ لتمكين دعاة حماية البيئة الشباب في جميع أنحاء العالم وتوفير الدعم المالي الأساسي لكل من الباحثين والممارسين الحاليين والمستقبليين في هذا المجال.
وكشف الصندوق في هذا الإطار، عن إطلاق المنح الميدانية العالمية كجزء من برنامج فونسيكا للقيادة، بدعم من منظمة التنمية العالمية للبيئة، مع التزام بقيمة 1.5 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات.
وكانت منظمة التنمية العالمية للبيئة أطلقت في عام 2023، برنامج “غوستافو فونسيكا للقيادة الشبابية” بهدف إحياء ذكرى مدير برامج المنظمة العالمية الراحل، غوستافو فونسيكا.

ويهدف البرنامج إلى تنمية مجموعة من المهنيين الشباب في بلدان منظمة التنمية العالمية للبيئة، من خلال تقديم زمالات الحفظ، ومنح العمل الميداني في التنوع البيولوجي، وجوائز للمشاركة في أحداث الحفظ الدولية، وتنظيم ندوة عالمية متكررة للمحافظة على الأنواع توحد قادة البيئة الشباب.
جدير بالذكر أن منظمة التنمية العالمية للبيئة هي عبارة عن عائلة متعددة الأطراف من الصناديق المخصصة لمواجهة فقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ، والتلوث، ودعم صحة الأراضي والمحيطات، يمكّن تمويلها البلدان النامية من مواجهة التحديات المعقدة والعمل على تحقيق الأهداف البيئية الدولية.
وكجزء من هذا البرنامج، سيقدم صندوق محمد بن زايد 500 ألف دولار سنوياً لتمويل المنح الميدانية العالمية من خلال نظام التقديم والمراجعة الخاص بالصندوق عبر الإنترنت لدعم دعاة حماية البيئة الشباب في الدول النامية. وسيركز صندوق محمد بن زايد على تمكين مشاريع المحافظة على الأنواع على المستوى العالمي.
ويعد صندوق محمد بن زايد، الذي يعمل في أكثر من 170 دولة ويتمتع بسجل حافل في دعم أكثر من 2800 مشروع للمحافظة على الأنواع على مستوى العالم منذ إنشائه، شريكاً مثالياً لهذه المبادرة.
وقال نيكولاس هيرد، القائم بأعمال المدير العام لصندوق محمد بن زايد: “إدراكًا منا لما يبذله الناس من جهود للمحافظة على الأنواع، فإن التزامنا يتجاوز التمويل؛ إذ نركز على دعم المبتدئين في حياتهم المهنية أو دعاة المحافظة على الأنواع الناشئين في بداية رحلتهم، وقد دعمنا على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، 63% من المستفيدين لأول مرة، ما يمثل الجيل القادم من دعاة الحفاظ على البيئة”.
من جانبه، قال كارلوس مانويل رودريغيز، المدير التنفيذي ورئيس منظمة التنمية العالمية للبيئة: “تهدف هذه الشراكة إلى تمكين الشباب في البلدان النامية وجعل أصواتهم مسموعة وتعزيز مشاركتهم في البحوث والسياسات البيئية”، موضحاً أن منظمة التنمية العالمية للبيئة ملتزمة بالاستثمار في الجيل القادم، والذي ستكون له أدوار محورية في مجال الإدارة البيئية والإشراف عليها.وام


مقالات مشابهة

  • «الفجيرة للبيئة» تستعرض محميات المحيط الحيوي بالإمارات
  • الأجسام الطائرة المجهولة: بحث جديد يكشف أسرار مشاهدات غامضة في بريطانيا
  • موراي ينسحب في وداع ويمبلدون!
  • وزير الزراعة يوجه بالإسراع في إنهاء إجراءات تقنين الأراضي
  • ما هي أسرار الناتو التي اكتشفتها روسيا في صاروخ ATACMS الذي استولت عليه؟
  • "المعرفي" يشيد بنجاح تجربة البحرين في التحول للرقمنة من خلال الحكومة الإلكترونية
  • كتاب «ثورة 30 يونيو».. مصطفى بكري يكشف أسرار الأيام الأخيرة لحكم جماعة الإخوان الإرهابية
  • باحث: إستخدام المبيدات الحشرية يهدد صحة التربة والنظم البيئية
  • أغرب 5 كائنات تعيش في أعماق المحيط.. أبرزها الأخطبوط دامبو وخنزير البحر
  • صندوق محمد بن زايد للحفاظ على الكائنات الحية و”التنمية العالمية للبيئة” يدعمان دعاة حماية البيئة الشباب