كائنات مجهرية..صور استثنائية تكشف أسرار مملكة التربة تحت أقدامنا
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يقوم أحد الكائنات البرية الدقيقة في التربة بتناول العشب، غافلا عن الكائن الدقيق الآخر الذي يتتبعه بصمت من الخلف. بينما ينتظر المفترس اللحظة المثالية حتى ينقض على فريسته، فينتهي الأمر في لمح البصر.
ورغم أن هذا المشهد ربما اعتاد غالبيتنا مشاهدته في الأفلام الوثائقية عن الطبيعة، إلا أن المصور آندي موراي راقب المشهد الدرامي يتكشف أمامه من حديقة منزله الخلفية، في مقاطعة سومرست بإنجلترا.
ويجلس موراي جاثيا على ركبتيه يحدق عبر عدسة مكبّر، بينما يقضي عقرب زائف يبلغ طوله 6 مليمترات على قافز ذيل أكبر من نصف حجمه.
صور تكشف عن قرب المخلوقات الغريبة والرائعة التي تعيش في التربةCredit: Andy Murrayبالنسبة لموراي، تعتبر حيوانات التربة المجهرية هذه رائعة، حالها كحال الأسود والحمير الوحشية التي قد تراها خلال رحلات السفاري في إفريقيا، ولكن الوصول إليها أسهل بكثير، فقط إذا كنت تعرف المكان الذي تبحث فيه.
وقال موراي لـCNN إنها "تعيش في هذا العالم الصغير؛ إنه مثل عالمنا، ولكن على نطاق أصغر".
وأضاف: "إذا راقبتها لفترة كافية، فيمكنك أن ترى الأحداث ذاتها، يمكنك رؤية الصيادين والمطاردين، يمكنك رؤية الكائنات التي تتغذى على النباتات، وترى تفاعلات غريبة ومضحكة".
كما أن فرص مشاهدة شكل من أشكال الحياة في التربة، وإن كان من خلال عدسة مكبرة، مرتفعة.
ووفقًا لدراسة حديثة نُشرت في الدورية العلمية "PNAS"، يعيش أكثر من نصف جميع أنواع الكائنات البرية في التربة، ما يجعلها من الموائل الأكثر ثراءً على وجه الأرض.
ورغم ثراء حياة التربة، إلا أن الكائنات التي تعيش تحت أقدامنا غير معروفة نسبيًا.
لقطة لمخلوق قافز الذيل العملاق في الغابات المطيرة المعتدلة في جزيرة تسمانيا بأستراليا.Credit: Andy Murrayويسعى موراي لتغيير ذلك، ويأمل أن يتمكن من خلال التصوير الفوتوغرافي الدقيق من اكتشاف المراوغات وخصائص هذه الحيوانات غير العادية وإثبات حمايتها.
ولفت إلى أن تصوير عالم لم يتم تصويره كثيرًا من قبل يُعد أمرا مثيرا للغاية، مشيرًا إلى أن شغفه بالاستكشاف يعادل بالضبط الشغف الذي يدفع الناس إلى تسلق قمة إيفرست أو خوض مغامرة في القطب الشمالي، ولكن على نطاق أصغر.
استكشاف المجهول يعتقد موراي أن هذه المخلوقات الملونة، رغم أنها مجهرية، تستحق الاهتمام ذاته الذي تحظى به الحيوانات الأكثر شهرة على الأرض.Credit: Andy Murrayيتذكر موراي، البالغ من العمر 56 عامًا، كيف أن اهتمامه بالمجهريات يعود إلى أيام طفولته، ولكن القيود التكنولوجية لسنوات عديدة حالت من دون قدرته على مشاركة ما كان يشاهده. ومنذ أكثر من عقد من الزمن، عندما أصبح التصوير الفوتوغرافي الماكرو (الدقيق) ممكنًا باستخدام الكاميرا الرقمية، كرّس موراي وقته وجهده لهذه الحرفة، حيث كانت تشغل وقته إلى جانب وظيفته كموسيقي، وطاه، وحاليًا كمحرّر مستقل.
ورغم أنه لا يتمتع بأي خلفية علمية، إلا أن موراي يقول إنه يمتلك "الأدوات والشغف"، وقد سجل أكثر من 10 آلاف ساعة عمل بالحقول في أوروبا، وكذلك أستراليا ونيوزيلندا.
ويقدر أنه اكتشف خلال هذا الوقت 30 نوعًا جديدًا، بما في ذلك واحد في بركة حديقته. وقد استُخدمت صوره في التقارير العلمية، بما في ذلك دراسة "PNAS" الأخيرة، كما قام بتوثيق النتائج التي توصل إليها على موقعه الإلكتروني "The Chaos of Delight".
هناك احتمال لانقراض بعض كائنات التربة المجهرية قبل أن يتم التعرف عليها، حيث تتدهور بيئتها بشكل متزايد بسبب الزراعة المكثفة وإزالة الغابات. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن ثلث تربة الأرض قد تآكل بالفعل، ويمكن أن تبلغ نسبة التآكل 90% بحلول عام 2050.
صورة لمخلوق العقرب الزائف عن قرب التقطت بالحدائق النباتية في مدينة مكسيكوCredit: Andy Murrayويوضح مارك أنتوني، عالم البيئة في معهد البحوث الفيدرالي السويسري لأبحاث الغابات، والثلوج، والمناظر الطبيعية، والمؤلف المشارك لتقرير "PNAS"، أن فقدان هذه الكائنات سيكون له آثار مضاعفة هائلة.
وتؤدي هذه المخلوقات الصغيرة دورًا كبيرًا على كوكب الأرض، سواء كمحلل أو كمصدر غذائي رئيسي للحيوانات في أعلى السلسلة الغذائية.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: فی التربة
إقرأ أيضاً:
تعرف على الإعجاز العلمي في سورة «النمل» والإبداع في خلق الكائنات
عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد عقب صلاة المغرب اللقاء الرابع من ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني بالظلة العثمانية تحت عنوان: «أمةالنمل في القرآن الكريم»، وذلك بمشاركة فضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد، عضو مجمع البحوث الإسلامية، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر، عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، وأدار اللقاء الشيخ على حبيب الله، الباحث بالجامع الأزهر.
تناول الدكتور إبراهيم الهدهد خلال كلمته تفسير بعض الآيات الواردة في سورة النمل، مسلطًا الضوء على اختيار اسم السورة وما يتضمنه من دلالات إعجازية. وأوضح أن الآيتين اللتين ورد فيهما ذكر النملة تمثلان محور السورة، حيث قال: «إن تسمية السورة بـ«النمل» توقيف من الله عز وجل، وتؤكد أهمية الدروس والمعاني المستفادة من قصة النملة التي وردت في قوله تعالى: «حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوْا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمْ».
وأضاف أن القرآن أطلق على مساكن النمل اسم «مساكن» وليس «بيوتًا»، مبينًا الفرق بين الكلمتين. فالمساكن تشير إلى مكان يتحقق فيه السكن والراحة، وهو ما يظهر في مساكن النمل التي تتسم بدقة التصميم، حيث تضمن حسن التهوية، الحماية من المياه الجوفية، والأمان من الأضرار الخارجية. كما أوضح أن حرف الجر «على» في قوله: «أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ» يشير إلى أن مساكن النمل تقع تحت الأرض، ما يعكس إعجاز القرآن في وصفه لهذه التفاصيل الدقيقة.
ومن جانبه، قدم الدكتور مصطفى إبراهيم تحليلًا علميًا لكيفية سماع النملة وتواصلها، مؤكدًا أن العلماء اكتشفوا هذه الحقائق حديثًا باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني. وأوضح أن النملة تسمع عن طريق أجهزة استشعار دقيقة موجودة في أرجلها، وليس في رأسها كما هو الحال عند الإنسان. وقال: «عندما يتحرك جيش عظيم مثل جيش سيدنا سليمان عليه السلام بخطوات منتظمة وأدوات ثقيلة، فإنه يحدث اهتزازات أرضية تلتقطها النملة عبر هذه المستشعرات الدقيقة في أرجلها، التي تعمل كآذان ترسل هذه الذبذبات إلى دماغها لتفسيرها».
وفي حديثه عن مصدر كلام النملة، أشار الدكتور مصطفى إلى أن الفحص الدقيق لجسم النملة كشف أن منطقة البطن، وتحديدًا بين العقلة الثالثة والرابعة، تحتوي على شعيرات دقيقة وهياكل خاصة تمكن النملة من إصدار الأصوات. وبيّن أن هذا الاكتشاف يعكس الإبداع الإلهي في خلق الكائنات الدقيقة، كما يؤكد دقة النصوص القرآنية التي أشارت إلى هذا الإعجاز منذ قرون.
واختُتم الملتقى بتأكيد العلماء على أن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم يمثل دعوة للتأمل والتفكر في خلق الله عز وجل، وأهمية هذه اللقاءات العلمية والعمل على استثمار ها في تعميق الفهم وتبصير المجتمع بعظمة القرآن الكريم.