في الايام الاخيرة، تراجعت بشكل كبير أعداد الاصابات في صفوف عناصر "حزب الله" بالرغم من أن العمليات العسكرية تزايدت بشكل لافت. وبحسب الظاهر والمسرّب من شمال فلسطين المحتلة فإن نسبة خسائر الجيش الاسرائيلي تزايدت الى حدودها القصوى، وهذا ما يمكن إعادته الى اسباب ميدانية متعددة، اولها إستهداف الحزب لكل وسائل الرصد والتجسس عند الحدود ما جعل تحركات عناصر الحزب أسهل نسبياً.
لم تعد اسرائيل قادرة على "تدفيع" "حزب الله" ثمن عملياته وتصعيده كما كانت تفعل في الايام الاولى وبالتالي فإن تسويقها لهذا الامر بإعتباره توازنا في الردع وفي دفع الثمن لم يعد ممكناً، لذلك باتت تل ابيب امام ضغوط اعلامية وشعبية تستند الى فكرة إنعدام القدرة على الردع في الشمال، وعليه ظهر المأزق الاسرائيلي بشكل واضح وبات يؤثر مباشرة على صناع القرار الباحثين عما يدعمهم لا ما يفشلهم. يمكن تلخيص المأزق الاسرائيلي بإعتباره أزمة إقناع الرأي العام في الداخل المحتل بقدرة جيشه على توفير الأمان لمستوطني الشمال، اذ ان "حزب الله" بات يستهدف مواقع الجيش الاسرائيلي من دون قدرة هذا الجيش على ايلام الحزب واصابته اصابات حقيقية ومؤثرة على مسار المعركة، بل يظهر الجيش الاسرائيلي مردوعا لا يمكن له القيام بأي خطوات او مبادرات عسكرية ردعية ضد الحزب. وبحسب مصادر مطلعة فإن كل هذه الازمة كان لا بد لها من مخرج أمام الرأي العام الاسرائيلي، فكان استهداف المدنيين والصحافيين لاظهر أن حجم الثمن الذي يدفع متساو الى حد ما، على اعتبار ان خيارات الحزب بالرد على إستهداف المدنيين لا تزال محدودة، فالمستوطنات الحدودية خالية من المستوطنين وقصف المدن في الوسط سينقل المعركة الى مستوى جديد من التصعيد، لذا فإن هناك تصورا عاما بأن رد الحزب سيتركز على العسكريين مجدداً. امام هذا الواقع يسعى "حزب الله" الى التصرف بحزم مع التطورات وقد تقصد أن يكون رده سريعاً، لا بل اصدر بياناً اعلن فيه أنه استهدف مصنعا عسكريا كرد على إستهداف معمل الألمنيوم في بلدة تول الجنوبية، اي أن الحزب يحاول القول انه متمسك بقواعد الردع حتى النهاية حتى لو لم يكن تعامله مع استهداف المدنيين بالتصعيد الذي يتصوره البعض. لذلك فإن الاستهدافات الدقيقة التي قام بها الحزب في الايام الماضية دليل على اصرار واضح من قبله على عدم الذهاب الى مستويات غير محسوبة. كل هذا المشهد المعقد يحصل ضمن رغبة اسرائيلية واضحة وعلنية بالتصعيد، ولعل استهداف السيارة في الشعيتية والتي تضم عناصر من حماس يعتبر تطوراً في الاداء الميداني وكسرا للقواعد المعتمدة منذ الثامن من تشرين الاول ، الامر الذي سيستدعي ردا واضحا ومتوازنا بالمستوى من قبل "حزب الله" خلال الساعات المقبلة، اي قبل بدء سريان الهدنة المفترضة في غزة والتي ستنعكس حكما على الميدان في الجنوب. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
عسكرياً.. أين حزب الله من أحداث الساحل السوري؟
متوقع كان البيان الذي أصدره "حزب الله"، أمس السبت، وأعلن فيه عدم علاقته بالأحداث التي يشهدها الساحل السوري خلال الآونة الأخيرة. بشكل حاسم، نفى "حزب الله" ارتباطه بما يجري هناك، معتمداً مبدأ "النأي بالنفس" عن الأحداث وعدم الغوص في تفاصيلها. فعلياً، لا يمكن لأحداث الساحل السوري القائمة بين فلول نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وقوات الإدارة السورية الجديدة إلا أنَّ تفتح الباب أمام تأثيرات قد تطالُ لبنان وبيئة "حزب الله" بشكل خاص. في الواقع، فإن الأحداث الدائرة هناك ترافقت مع "خطاب طائفي" تمَّ اعتماده خلال اليومين الماضيين وحمل رسائل مفادها إنَّ الضحايا الذين سقطوا إثر عمليات الإدارة السورية الجديدة في الساحل السوري هم من العلويين ومن الطائفة الشيعية. ما يجري هناك بدأ يستنفر بيئة "حزب الله" التي تعتبرُ أن الهجمة الحالية في
سوريا جرى التحذير منها سابقاً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو التالي: كيف سيتصرف "حزب الله" إزاء كل ما يجري في سوريا؟ وهل يعنيه الأمر حالياً مقارنة بالمراحل السابقة؟ وهل بإمكانه الدفاع عن العلويين والشيعة في سوريا؟ لا يُخفي لبنانيون مخاوفهم من الحملة التي تحصل في سوريا، إذ صنفوا ما يجري هناك ضمن خانة "التطهير العرقي" الذي يطال العلويين والشيعة، وهو الأمر الذي يتبنى ترويجه جمهور "حزب الله".
"حزب الله" انكفأ نحو لبنان حالياً، فإن التطورات الحالية في سوريا لا تعني "حزب الله" من الناحية الإستراتيجية والعسكرية، وفق ما تقول مصادر معنية بالشأن العسكريّ لـ
"لبنان24"، مشيرة إلى أنَّ الحزب "انكفأ نحو الداخل اللبناني وخطته الأساسية اليوم السعي لترميم جبهته الداخلية". تلفت المصادر إلى أن الحديث عن "تدخل لحزب
الله في سوريا لدعم فلول النظام لا يعتبر منطقياً على الإطلاق حتى وإن كانت لديه القدرة على ذلك"، وقالت: "من سيدعم الحزب وعلى ماذا يُراهن إن فعل ذلك؟ لا نعتقد أن هذا السيناريو سيتكرر لأسباب عديدة أساسها أن الإسناد الذي قدّمه الحزب لنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل سقوطه، كان مبرراً من ناحية الحفاظ على النظام المرتبط بمحور المقاومة. أما الآن، فعمن سيدافع الحزب؟ عن أفراد وجماعات شعبية؟ أين تكمن مصلحته في ذلك؟ من هم حلفاؤه في الميدان هناك؟.. لهذا السبب، كان حزب الله دقيقاً في بيانه الأخير ونأى بنفسه عن الأحداث بشكلٍ واضح". تعتبر المصادر أنَّ "حزب الله سيرى ويسمع كل التطورات من دون أن يتفاعل عسكرياً مع الأحداث"، موضحة أنَّ "الخسائر التي مُني بها والضربات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت مخازن أسلحة في جنوب لبنان، كلها عوامل ضغط على الحزب لعدم الإنجرار نحو سوريا على الإطلاق من أجل إعادة إحياء فلول النظام، ذلك باعتبار أن المعركة في هذا الإطار خاسرة تماماً". على الصعيد الآخر، فإن التوتر الذي تشهده منطقة الساحل السوري قد لا يخدمُ "حزب الله" على الإطلاق أيضاً، فالحملة التي تطالُ "فلول النظام" تعني أنها تشملُ من كان يؤيد الحزب أو من كان يعمل معه وإلى جانبه في عهد الأسد. هنا، تلفت المصادر السورية إلى أنَّ كبار التجار الذين تعاطوا مع "حزب الله" في جبلة والساحل السوري، ما زالوا هناك وكانت لديهم أنشطة مختلفة، لافتة إلى أنّ "جماعات فلول النظام يمكن أن تفيد حزب الله بعمليات التهريب أو حتى بتشكيل فصيل مؤيد للحزب داخل سوريا يكون مناوئاً للنظام الجديد وبالتالي إحداث توترات مستمرة في ظل عدم ضبط الحدود بين لبنان وسوريا ووجود إمكانية لتكريس التهريب المُنظّم". أمام كل ذلك، فإنَّ "حزب الله" يقف اليوم أمام مشهدٍ جديد يطال شيعة سوريا.. فكيف سيتصرف إن لم يتحرك عسكرياً؟ هل سيكون الشارع والتظاهرات هي "آخر خرطوشة" تضامنية بعدما كانت الدفة تميل إلى السلاح؟ فلننتظر... المصدر: خاص "لبنان 24"