الموقع بوست:
2024-11-07@08:58:03 GMT

إسرائيل و"الجنائية الدولية".. محاكمة طال انتظارها

تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT

إسرائيل و'الجنائية الدولية'.. محاكمة طال انتظارها

تتصاعد الدعوات الدولية من زعماء دول ومنظمات ومحامين لمحاكمة إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، في المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب جرائم إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة عدوان، ضد سكان قطاع غزة.

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن المحكمة الجنائية الدولية، أعلنت في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، تقدم خمس دول أعضاء فيها بطلب "للتحقيق في الهجمات الإسرائيلية على غزة".

 

وهذه ليست المرة الأولى التي تتلقى فيها المحكمة الجنائية الدولية طلبات للتحقيق في جرائم ارتكبتها إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد انضمام دولة فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية في 2015، ما يعني أن الجرائم التي ترتكب في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، أصبحت ضمن دائرة اختصاص المحكمة.

 

لكن المفارقة أنه رغم كل المعلومات والملفات والدعوى لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم إسرائيل التي ارتكبتها خلال حروبها الأخيرة على قطاع غزة، إلا أن المحكمة لم تدن إسرائيل، بل لم تصدر أي مذكرة اعتقال بحق أي مسؤول إسرائيلي بمن فيهم نتنياهو.

 

بينما لم يتطلب إصدار "الجنائية الدولية" مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يقود ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم، سوى أسبوعين، بعد أن تقدمت 39 دولة أعضاء في المحكمة بطلب التحقيق في الجرائم المرتكبة داخل أوكرانيا.

 

وهذا ما يجعل الكثير من المراقبين يتساءلون عن السبب الذي يتيح لإسرائيل الإفلات في كل مرة من العقاب، ولا تصدر بحق قادتها مذكرات توقيف دولية لمحاكمتهم بتهم الإبادة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي ترتكب على مرأى ومسمع من العالم، وموثقة بالصوت والصورة والشهود بل وباعتراف الجناة أحيانا وافتخارهم بجرائمهم أحيانا أخرى.

 

والسؤال الأهم، هل سيتمكن المجتمع الدولي من تحدي الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، والضغط على المحكمة الجنائية الدولية لإحالة نتنياهو وقادة جيشه للمحاكمة الدولية بأسرع ما يمكن، لوقف مجازرهم في غزة بعد أن تجاوز عدد القتلى 14 ألفا؛ ثلاثة أرباعهم من الأطفال والنساء؟

 

وهل تمتلك المحكمة الجنائية الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، استقلالية عن ضغوط الدول الغربية المهيمنة عليها، خاصة من ناحية التمويل، تمكنها من إصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المعنيين بجرائم الحرب في غزة؟

 

ـ النفوذ الغربي يحمي إسرائيل

 

انضمام دولة فلسطين لعضوية المحكمة الجنائية الدولية "رسميا" في 2015، بعد عام من تقديم الرئيس الفلسطيني محمود طلب الانضمام لها، جاء عقب اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بها كدولة غير عضو في 2012.

 

كان هذا الانضمام بمثابة أول خطوة رسمية نحو محاكمة إسرائيل عن جرائمها في حق الشعب الفلسطيني، رغم أنه قبل 2015، قدمت مئات الدعوى القضائية لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل لارتكابها عدة جرائم في حق الشعب الفلسطيني وأفراد وهيئات داعمة له، إلا أنها رفضت جميعها.

 

وكان أحد الأسباب الرئيسية للرفض، عدم الاختصاص، أو أن عدد الضحايا لا يرقى إلى مستوى جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو جرائم العدوان، مثل حالة قضية أسطول الحرية والهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" ومقتل 10 مواطنين أتراك.

 

فطبقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، من يحق له فتح تحقيق في الجرائم الأربعة (الإبادة، جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، والعدوان) التي من اختصاص المحكمة، هم الدول الأعضاء في المحكمة، ومجلس الأمن الدولي، والمدعي العام للجنائية الدولية (البريطاني كريم خان/ حاليا).

 

كان ذلك أحد الأسباب التي أعاقت محاكمة إسرائيل، وبانضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، أصبحت كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس الشرقية من اختصاص المحكمة.

 

لكن شروع المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق بالتهم الموجهة لإسرائيل وقادتها السياسيين والعسكريين لم يفتح بشكل رسمي إلا في 2021، أي أنها استغرقت ستة سنوات في جمع المعلومات وتحليلها قبل فتح التحقيق.

 

بينما كانت فترة أسبوعين كافية للجنائية الدولية، لإصدار مذكرة توقيف في حق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

وأهم ما يعرقل فتح تحقيق في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، عدم انضمام إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعدم اعترافها بسلطتها، وعدم اعترافها بالدولة الفلسطينية، ورفضها التعاون مع محققيها الجنائيين أو منحهم تأشيرات الدخول والسماح لهم بحرية التنقل والوصول إلى أماكن الجرائم المفترضة، والحديث مع الضحايا والشهود.

 

وكانت إسرائيل والولايات المتحدة من بين سبع دول فقط صوتت في الجمعية العامة ضد تأسيس المحكمة الجنائية الدولية في 1998، ورغم توقيعهما على قانون المحكمة دون المصادقة عليه، إلا أنهما سحبتاه في 2002.

 

ولم تكتف تل أبيب بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، بل أشهرت في وجهها ورقة "معاداة السامية" كعادتها في التعامل مع أي انتقاد لممارساتها.

 

وحرضت إسرائيل عدة دول أعضاء بوقف التمويل أو تقليصه عن الجنائية الدولية، وعلى رأسها ألمانيا واليابان، وليس من المؤكد مدى استجابة هذه الدول للضغوط الإسرائيلية، لكن المحكمة لم تصدر طيلة السنوات الثلاثة الأخيرة أي مذكرة توقيف في حق أي من قادة إسرائيل المتهمين بارتكاب أي من الجرائم ذات الاختصاص.

 

بينما بررت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة، البطء في إصدار مذكرات اتهام، في تقرير لها، بأن "النظام القضائي الإسرائيلي ينص بالفعل على معاقبة المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وهذا يعني أن المحكمة الجنائية الدولية قد لا يكون لها اختصاص على الانتهاكات الإسرائيلية المزعومة".

 

غير أن المحاكم الإسرائيلية لم تتحرك في هذا الشأن. كما أن دولا مثل السودان ليست عضوا في المحكمة ومع ذلك تم إصدار مذكرة توقيف في حق رئيسها السابق عمر البشير.

 

فالثغرات القانونية والضغوط السياسية والمالية والإجرائية وقفت سدا أمام توجيه أي مذكرة توقيف ضد قادة إسرائيل المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة وجرائم عدوان.

 

ـ إصرار غير مسبوق على محاكمة إسرائيل

 

مقتل أكثر من 14 ألف فلسطيني في قطاع غزة خلال نحو شهر ونصف، بينهم آلاف الأطفال، وسعي إسرائيل بشكل علني لتهجير 2.3 مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى صحراء سيناء المصرية، وتلويح أحد وزرائها بنكبة فلسطينية جديدة في 2023، وتهديد آخر بإلقاء قنبلة نووية على غزة، دفعت المجتمع الدولي للتحرك على أكثر من جبهة لمحاكمة قادة إسرائيل.

 

إحدى هذه الجبهات تقديم كل من جنوب إفريقيا وبوليفيا وبنغلاديش وجزر القمر وجيبوتي، وهي دول أعضاء في محكمة الجنايات الدولية بطلب للتحقيق في الهجمات الإسرائيلية على غزة، وفق بيان للمحكمة في 17 نوفمبر.

 

وهذا يعني أن دولة فلسطين لم تعد وحيدة في طلبها، وانضمت إليها خمس دول أخرى من الأعضاء، ما يشكل دعما للمدعي العام للجنائية الدولية للمضي في تحقيقه.

 

وليس من المستبعد أن تنضم دول أخرى أعضاء في الجنائية الدولية إلى الدول الخمس، على غرار كولومبيا، التي أعلن رئيسها غوستافو بيترو، دعم بلاده دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لرفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية.

 

معظم دول أمريكا اللاتينية ونصف الدول الإفريقية بالإضافة إلى معظم الدول الأوروبية أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن أغلب الدول العربية والإسلامية والآسيوية لم تصادق على قانون المحكمة، خاصة في ظل الانتقائية التي تتعامل بها المحكمة مع مختلف القضايا.

 

وهذا ما أشار له الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان، عندما قال "القضاء الدولي كان سيتدخل فورا لو أن دولة مسلمة ارتكبت جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل".

 

ولكن الأمر لم يتوقف عند الصعيد الرسمي على أهميته، بل تشكل جيش من مئات المحامين والهيئات الحقوقية من مختلف أنحاء العالم بقيادة المحامي الفرنسي الشهير جيل دوفير، وأعدادهم في ازدياد، وقدموا دعوى قضائية للمدعي العام للجنائية الدولية، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، تطالب "بفتح تحقيق في الوقائع المنسوبة لجيش الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

 

كما أعلنت النقابة الثانية للمحامين الأتراك، اعتزامها تقديم شكوى قضائية لدى المحكمة الجنائية الدولية بشأن "الجرائم الإسرائيلية في فلسطين".

 

ومن شأن هذه الضغوط الدولية والشعبية التسريع في محاكمة قادة إسرائيل وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن ذلك مازال يصطدم بموقف متشدد من الولايات المتحدة، وبالأخص حلفائها الأوروبيين الأعضاء في المحكمة وبالأخص ألمانيا، رغم موقف إيرلندا وبلجيكا الداعم لفكرة محاسبة تل أبيب.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة وجرائم ضد الإنسانیة جرائم ضد الإنسانیة للجنائیة الدولیة أعضاء فی المحکمة محاکمة إسرائیل قادة إسرائیل مذکرة توقیف فی قطاع غزة الدولیة فی جرائم حرب إلا أن

إقرأ أيضاً:

ميقاتي يندد بتعامي المجتمع الدولي عن جرائم إسرائيل في لبنان

ندد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بـ"سكوت" المجتمع الدولي حيال العدوان الإسرائيلي على بلاده، مؤكدا أن ذلك جعل إسرائيل تتمادى في عدوانها وجرائمها على لبنان "برسم المجتمع الدولي".

وقال ميقاتي -في بيان له اليوم الاثنين- إن إسرائيل رفضت كل الحلول المقترحة لوقف إطلاق النار وواصلت عدوانها على لبنان. مطالبا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على بلاده.

وشدد ميقاتي في بيانه على أن "تمادي العدو الإسرائيلي في عدوانه على لبنان والجرائم التي يرتكبها قتلا وتدميرا، هي برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري، في الوقت الذي ينبغي فيه أن تمارس الدول التي تحمل لواء الإنسانية وحقوق الإنسان أقصى الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها".

وأضاف ميقاتي أن الحكومة اللبنانية "أعلنت صراحة التزامها بالقرار 1701، وعزمها على تعزيز الجيش في الجنوب، ورحبت بكل المواقف التي تدعو إلى وقف إطلاق النار، إلا أن العدو الإسرائيلي انقلب على كل الحلول المقترحة، ومضى في جرائم الحرب بحق مختلف المناطق اللبنانية".

وتابع قائلا إننا "نجدد مطالبتنا بالضغط لوقف العدوان تمهيدا للبحث في السبل الكفيلة بتطبيق القرار 1701 بحرفيته وكما أقر، من دون أي إضافات أو تفسيرات، وشدد ميقاتي على ضرورة الضغط على إسرائيل تحييد المدنيين والطواقم الطبية والإسعافية عن الاستهداف".

نزوح قرى بأكملها

وأشار إلى أنه سلم سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي رسالة أكد فيها أن العدوان الإسرائيلي المستمر -وخاصة الهجمات على مدن مثل بعلبك، وصور- أدى إلى نزوح قرى بأكملها وتهديد مواقع تراثية وثقافية لا تقدر بثمن.

ولفت إلى أن "الحكومة تدين بشدة هذه الأعمال التي تنتهك القانون الدولي بشكل صارخ، وتعرض حياة المدنيين الأبرياء للخطر، ونحن ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لوقف العنف العبثي وحماية التراث الثقافي لبلادنا، بما في ذلك المواقع الأثرية القديمة في بعلبك وصور".

وطالب ميقاتي مجلس الأمن "باتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لحماية هذه الكنوز التاريخية التي لا تشكل جزءا من هويتنا الوطنية فحسب، بل إنها تحمل أيضا أهمية باعتبارها معالم تاريخية عالمية. ومن الضروري أن نعمل معا لضمان الحفاظ على هذه المواقع للأجيال المقبلة".

مقالات مشابهة

  • صحة غزة تناشد المنظمات الدولية إرسال وفود طبية لمستشفيات شمالي القطاع
  • مدعي الجنائي الدولية: الفلسطينيون يستحقون العدالة ولا يجب الانتظار حتى يموت الجميع
  • الجنائية الدولية تطالب بالتحقيق مع نتنياهو: لا أحد فوق القانون
  • إطلاق مبادرة محكمة غزة بلندن للتحقيق في جرائم إسرائيل
  • «الصحة الفلسطينية»: إسرائيل ارتكبت 3 جرائم إنسانية في قطاع غزة خلال 24 ساعة
  • الانتخابات الأمريكية.. البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الأعظم
  • ميقاتي يندد بتعامي المجتمع الدولي عن جرائم إسرائيل في لبنان
  • تأجيل محاكمة 3 متهمين بقضية جبهة النصرة الثانية لـ4 يناير المقبل
  • وسط انتشار أمني.. بدء محاكمة المتهمين في «خلية الجبهة»
  • بعد قليل.. محاكمة 3 متهمين بـ "تنظيم نور الدين زنكي" التابع لجبهة النصرة