الدورة الـ65 من معرض بيروت العربي الدولي للكتاب تنطلق غداً
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
يطلق "النادي الثقافي العربي" غداً الخميس "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب" في دورته الخامسة والستين برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي تحت عنوان "أنا أقرأ بتوقيت بيروت". يأتي ذلك بعد أقل من شهر على انتهاء فعاليات "معرض لبنان الدولي للكتاب" الذي نظمته نقابة الناشرين اللبنانيين التي قلبت للنادي ظهر المجنّ عبر تنظيم معرض منافس رعته وزارة الثقافة اللبنانية وتخصيص مساحة كبيرة مجهّزة لوجستياً في "فوروم دو بيروت" واستقطاب مجموعة كبيرة من الناشرين العرب.
وإلى جانب الإصدارات، يوجّه البرنامج الثقافي تحيّة إلى الراحل نزار قباني، وسيد درويش، والمسرحي رفيق علي أحمد، فيما تطرح الندوات انشغالات الراهن بدءاً من الأزمة المالية والاقتصادية وصولاً إلى التحدّيات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.
الحدث الفلسطيني لا يحضر في البرنامج الثقافي للمعرض، كما حضر بصراحة في المعرض المنافس عبر فعاليات خُصّصت لشعر محمود درويش وشعر المقاومة ودعم صمود الشعب الفلسطيني، إلا أن فلسطين ستفرض نفسها بقوة على إصدارات الدور اللبنانية والعربية التي سيتلقّف المتضامنون مع الشعب الفلسطيني المظلوم كل ما يمت بصلة إلى قضية العرب الأولى والأخيرة.
ويغيب عن المعرض بعض دور النشر التي كان أصحابها في طليعة منظّمي "معرض لبنان الدولي للكتاب" مثل "دار الرافدين" (بيروت/ بغداد) و"دار التنوير" (بيروت/ تونس/ القاهرة)، وتحور دور نشر أخرى غابت عن المعرض الأول ("دار نلسن" مثلاً)، وأخرى نجحت في التوفيق في المشاركة في كلا المعرضين ("دار النهضة العربية"، و"دار الآداب").
يكرّم المعرض أسماء كبيرة فرضت حضورها في الثقافة العربية، ولا سيما الشاعر السوري الراحل نزار قباني (1923 ــــ1998) الذي تستعيد بيروت ألقه وكلماته في لقاء بعنوان «قراءات في شعر عاشق بيروت نزار قباني» (السادسة مساء يوم 11/23) مع المسرحي رفعت طربيه وتقديم سلوى السنيورة بعاصيري.
الاسم الثاني الذي يفرض حضوره بقوة على فعاليات المعرض هو الموسيقار المصري الراحل سيد درويش (1892 - 1923)، إذ يتحدّث الناقد والباحث والمؤرخ فيكتور سحاب والأب بديع الحاج (السادسة مساء يوم 11/25) عن دور درويش المفصلي في تطوير الموسيقى العربية والعبقرية المتوهّجة في التأليف والتلحين لـ "فنان الشعب" وباعث النهضة الموسيقية في العالم العربي، ويدير الندوة الناشر والشاعر سليمان بختي، مدير "دار نلسن" البيروتية.
وإطلالة حوارية مميزة للفنان اللبناني رفيق علي أحمد مع الشاعر والإعلامي زاهي وهبي (السادسة مساء يوم 11/24) تستعرض المحطات الفنية والحياتية البارزة في مسيرة "الحكواتي" القادم من "يحمر الشقيف" الجنوبية إلى بيروت التي عشقها وأسهم في نهضتها المسرحية والفنية بعدما اختاره المخرج الراحل يعقوب الشدراوي ليلعب دوراً أساسياً في مسرحية "ميخائيل نعيمة".
في ما يخص الإصدارات، يفرض العدوان على غزة حضوره في هذه الدورة من "معرض بيروت للكتاب"، إذ بادرت "دار النهضة العربية" (بيروت) إلى إطلاق ثلاث مجموعات قصصية تحمل عناوين "خارج الفصول تعلّمت الطيران" و"النوافذ كتب رديئة" و"طريق النحل" للكاتبة الفلسطينية شيخة حسين حليوى، إضافة إلى مجموعة شعرية بعنوان "الهوّة التي هي أنا".
كما تبرز مجموعتان قصصيتان للكاتبة الفلسطينية نيروز قرموط في إصدار مشترك بين "دار ميريت (القاهرة) و"دار راية" (الشارقة/فلسطين)، الأول بعنوان "عباءة البحر وقصص الجديلة" يضمّ 15 قصة قصيرة، والآخر بعنوان "عبور: متوالية قصصية" كناية عن بورتريهات مُلتقطة بحدقة سينمائية تعرض مشاهد وتناقضات الحياة اليومية في فلسطين، في غزة والقدس ومدن الضفة وصولاً إلى أراضي الــ 48 ومخيّمات الشتات في الخارج، بما تزخر به من تفاصيل حياة النساء والأطفال والشباب، في تركيز على سؤال الهوية الإنسانية في التاريخ والجغرافيا بحبكة لا يعوزها التناغم داخل الفوضى، وتحدي الإنسان لآلة الاحتلال والقهر والظلم.
وللأطفال حصّتهم أيضاً في فعاليات المعرض، إذ تُخصّص لهم مسرحية «صابر والعيد» بعرضين اثنين يومي الإثنين (11/27) والثلاثاء (11/28) في الفترة الصباحية (العرض الأول: 11-10 صباحاً والعرض الثاني 11h30-12h30)، إضافة إلى مسرحية «الغراب الأسود» (الأربعاء 11/29 العرض الأول 10h30-10h صباحاً، والعرض الثاني (11h-11h30 ومسرحية «ارقص معي» (الخميس 11-30 الساعة العاشرة صباحاً) ومسرحية «إضراب في جسدي» (الساعة 11h30 صباحاً). كما تُختتم أنشطة الأطفال بورشتَي حكي وأنشطة لإيهاب القسطاوي بعنوان «محاكمة طيور بريئة» و«السلاحف تنظّف الشواطئ» يومَي الجمعة (12/1) والسبت (12/2) بين الساعة 10 صباحاً و12 ظهراً.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الدولی للکتاب
إقرأ أيضاً:
ترجمة الأدب العربي.. جسر حضاري في فضاءات معرض مسقط الدولي للكتاب
في فضاءات معرض مسقط الدولي للكتاب، ووسط أجواء تزدان بالمعرفة والحوار، تواصلت فعاليات اليوم السادس بحضور جماهيري متنوع واهتمام ثقافي لافت، حيث تنوعت الجلسات والندوات بين الأدب والفكر، وجمعت بين الأجيال، لتؤكد أن الكلمة ما زالت قادرة على نسج خيوط الوعي وبناء جسور التلاقي. وفي هذا الإطار، شهد جناح وزارة الثقافة والرياضة والشباب في معرض مسقط الدولي للكتاب مساء أمس أمسية أدبية حملت عنوان "ترجمة الأدب العربي"، أدارتها المترجمة العمانية منال الندابية، واستضافت خلالها المترجمة البريطانية أليس جوثري، واستهلت الجلسة بتقديم نبذة عن "جوثري"، التي بدأت رحلتها مع اللغة العربية قبل أكثر من عقدين، من خلال تعلم اللهجة الشامية، ثم استكمال دراستها الأكاديمية، مما قادها لاحقًا إلى العمل كمترجمة أدبية محترفة، ومحررة نصوص، وأستاذة متخصصة في الترجمة.
وفي بداية حديثها، أكدت "جوثري" على أهمية اللقاء المباشر مع الجمهور العربي، والحديث بلغته، رغم التحديات اللغوية التي قد تواجهها، مشيرة إلى أن شغفها بترجمة الأدب العربي انطلق من شعور مبكر بغياب معرفة حقيقية بثقافة العرب في الغرب، الأمر الذي ألهمها للمساهمة في ردم هذه الفجوة عبر الترجمة.
واستعادت ذكريات بداياتها، مشيرة إلى أن أول تماس حقيقي مع الأدب العربي جاء عبر قراءتها باللغة الإنجليزية لرواية "موسم الهجرة إلى الشمال" للأديب السوداني الطيب صالح، وهي الرواية التي فتحت أمامها بوابة سحرية لفهم جمالية السرد العربي وتعقيداته، ودفعها لاحقًا للغوص في أعماق النصوص العربية بلغتها الأصلية.
كما تحدثت عن علاقتها العاطفية العميقة باللغة العربية، ووصفتها بأنها "رحلة حب" طويلة تمر بتقلبات مزاجية لكنها تظل ثابتة في القلب، مؤكدة أن تعلم اللهجات المختلفة، والتعايش المباشر مع العرب في بلاد الشام وسلطنة عمان، لعب دورًا محوريًا في صقل مهاراتها وفهمها للنصوص بثقافتها الأصلية، وليس فقط بمعناها السطحي.
وفي حديثها عن الترجمة الأدبية، أوضحت أن الترجمة ليست مجرد نقل كلمات من لغة إلى أخرى، بل عملية دقيقة ومعقدة تتطلب قدرة على تفكيك الرموز الثقافية واللغوية للنص، والغوص في بنيته الداخلية، مشيرة إلى أن العمل الأدبي العربي يفيض بالصور البلاغية والأساليب الرمزية التي تمثل تحديًا خاصًا لأي مترجم يسعى إلى الحفاظ على روح النص عند نقله إلى لغة أخرى.
واستعرضت "جوثري" تجربتها الحالية في ترجمة رواية "دلشاد" للكاتبة العمانية بشرى خلفان، مشيدة بغنى العمل وسعة تفاصيله الثقافية والاجتماعية، وأكدت أن التواصل المباشر مع الكاتبة كان عنصرًا حاسمًا لفهم المصطلحات المحلية والدلالات الخاصة التي لا تظهر على السطح. وأوضحت أنها تعتبر الترجمة تفاعلًا حيًا مع النص والمؤلف، وليس مجرد مهمة تقنية.
كما تطرقت الضيفة إلى التحديات الكبرى التي تواجه المترجمين في نشر الأدب العربي باللغات الأخرى، مبينة أن الأعمال الأدبية المترجمة لا تتجاوز نسبة 10% من إجمالي الكتب المنشورة بالإنجليزية، وأن نصيب الأدب العربي منها لا يزال ضئيلًا للغاية، رغم التحولات الإيجابية التي بدأت تلوح في السنوات الأخيرة بفضل ترجمات متميزة مثل رواية "سيدات القمر" للكاتبة جوخة الحارثي.
وفي سياق متصل، ناقشت أثر الجوائز الأدبية في الترويج للأعمال المترجمة، معتبرة أن الفوز بجوائز كبرى قد يفتح الأبواب أمام العمل، لكنه ليس ضمانًا للانتشار، مشددة على أهمية الدور الذي يقوم به المترجم شخصيًا في تسويق النصوص واقتناص الفرص.
وخلال الأمسية، تحدثت جوثري أيضًا عن تجربتها الخاصة في توثيق سير العائلات العمانية، موضحة أنها تعمل على كتابة سِيَر عائلية خاصة، تستند إلى مقابلات شفوية وتوثيق دقيق للذاكرة الاجتماعية، معتبرة أن هذا المشروع يشكل امتدادًا لرسالتها الثقافية في حفظ الحكايات والأصوات المحلية للأجيال القادمة، وأن هذه التجربة العمانية ساعدتها كثيرًا في فهم التفاصيل اليومية والثقافية التي تثري النصوص الأدبية التي تترجمها.
أما عن الذكاء الاصطناعي وتأثيره على مستقبل الترجمة الأدبية، فقد عبرت جوثري عن مخاوفها البيئية أولًا، مشيرة إلى أن تشغيل الخوادم العملاقة التي تدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي يستهلك طاقة هائلة يؤثر سلبًا على البيئة. وأكدت أن الترجمة الإبداعية ستبقى ميدانًا إنسانيًا خالصًا، يحتاج إلى شعور المترجم وحسه الثقافي، وهو أمر لا يمكن للآلات أن تحل محله بشكل كامل، مهما تطورت قدراتها.
شهدت الجلسة حوارًا غنيًا مع الحضور، الذين أثاروا أسئلة عميقة حول خصوصية الترجمة الأدبية، ومدى تأثير الفروقات الثقافية على خيارات المترجم، كما ناقشوا مسألة الموازنة بين الأمانة للنص الأصلي وبين ضرورة تكييف بعض التفاصيل كي تصل بوضوح إلى القارئ بلغته الجديدة.
واختتمت المترجمة البريطانية أليس جوثري حديثها برسالة مؤثرة، أكدت فيها أن الترجمة تظل واحدة من أرقى أشكال التواصل الإنساني، وجسرًا حيويًا لمدّ جسور التفاهم بين الحضارات والثقافات، داعية إلى الاستمرار في الاستثمار في الترجمة بوصفها عملًا إنسانيًا خالصًا، لا غنى عنه في عالم سريع التغير.