قديما في زمن التشطير كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات يصف وطنه فلسطين بـ ( الشطر الثالث) رغم أن الموقف اليمني رسمياً لم يكن بالمستوى المطلوب كما هو الحال اليوم الذي تنهمك فيه اليمن رسميا وشعبيا ومؤسساتيا وجيشا وقدرات عسكرية وأمنية وسياسية واعلامية في المعترك النضالي الفلسطيني بتوجيه من قائد استثناىي، قائد حمل اليمن من دائرة الارتهان والتبعية إلى آفاق الحرية والسيادة والاستقلال، وينظر لفلسطين بمنظور جهادي وإيماني، منظور يتجاوز النظرة التقليدية للأنظمة العربية والإسلامية، إنه السيد عبد الملك الحوثي( أبو جبرئيل) الذي يقدم رؤية وموقفاً تحل جدلية العلاقة حول فلسطين القضية والمسار الثوري المقاوم وشرعية الأنتماء والفعل.
إن قرار الإسناد العسكري وخوض المعترك عسكريا لنصرة فلسطين والمقاومة، هو قرار يرى فيه أركان النظام العربي الرسمي بأنه قرار (جنوني) انطلاقاً من ثقافتهم ورؤيتهم للقضية ومواقفهم منها والموزعة بين المتآمر والخائف والراغب في البقاء بعيداً عن تداعياتها ويخشي غضب الصهاينة والأمريكان والغرب وهم الأطراف الذين يستمد بعض الحكام بل غالبيتهم شرعيتهم في السلطة والتسلط علي شعوبهم وأمتهم من هذه الأطراف التي إن غضبت أحرمتهم كراسيهم أو رؤوسهن إن استدعي الأمر.
اليمن منحها الله قائدا ليس من هؤلاء القادة ولا يشبههم، قائداً تكالبت عليه الدنياء كلها وشنت عليه حربا شعواء وغير مسبوقة كأن الجميع يتوقع أنها ستكون نهاية لليمن ولكل من أصطف حول القائد أو ظل تحت رعاية سلطته، نعم حرب أعلن عنها من واشنطن وتمولها السعودية وفيها 17دولة حاضرة بقواتها وآلاف المرتزقة والجواسيس، ويرافقها حصارا من البر والبحر والجو، وعالم لا يرى في صنعاء إلا ( عاصمة مخطوفة مع مليشيا، وصفت بكل الأوصاف الحاقدة) ..
لكن وبعد كل سنوات الحرب والعدوان العجاف، أثبتت صنعاء وسلطتها وقائدها أنهم الرقم الصعب ليس وطنيا بل وفي المعادلة الاقليمية وعلى المسرح الجيوسياسي الدولي، خاصة بعد أن عبَّرت عن موقفها من الجرائم الصهيونية وتجاوزت وصف ( الشطر الثاني) حين قررت أن تكون جزءا من القضية من خلال الفعل العسكري لتعطي لنفسها مكانة تجعلها في حالة اندماج (شطري) ويصبح – الشطرين- بمثابة شطر واحد وجسد واحد يتداعي لمواجهة همجية صهيونية وخيانة رسمية عربية وتواطؤ إسلامي بلورته ( قمة الرياض) التي أعطت من حضرها تهمة وإن كان متطهرا منها لكن مجرد الحضور وتبني المخرجات أعطى صورة وكأن كل من حضر قمة الرياض أصبح على شاكلة رعاتها، إذا ما أدركنا أن العدو الصهيوني اعتبر مخرجاتها تصريحا له بمواصلة ارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء، فجاءت مواقف اليمن لتعيد ليس العدو بل أباطرة الرعاة والحماة له إلى رشدهم ودفعهم للتفكير ملياً بالمدى الذي قد يذهبوى اليه متوجسين من قرار اليمن وموقف قيادته التي لم تساوم بموقفها بل كانت أكثر من جدية وخاصة في استعدادها لإرسال المجاهدين إلى الداخل الفلسطيني، وهذا قرار يتناغم بين القيادة والشعب الذي فعلا لن يتردد في الزحف نحو فلسطين إذا ما سمحت له دول الجوار بالعبور، ناهيكم عن أن الموقف من البحر الأحمر وباب المندب هو الآخر موقف جاد ومسؤول وتدرك القيادة تبعاته كما تدرك أهميته في معادلة المواجهة الدائرة فيها فلسطين، اتساقاً مع بنك الاهداف الصهيوني الذي وضع سقفا لعدوانه الإجرامي، وفيما العدو أطلق ما يشبه ( المنطاد) ليحمل عليه أهداف عدوانه، جاء الموقف اليمني وكأنه سهم اخترق جسم المنطاد الذي أخذ بالتلاشي نحو السقوط، فالبحر الاحمر ومضيق باب المندب فيهما من الحساسية الدافعة لإجبار أباطرة الغطرسة لإعادة حساباتهم، إذا ما أدركنا أن توظيف البحر والمضيق سابقة لم تحدث منذ حرب أكتوبر 1973م والتي على إثرها تم الضغط على اليمن بقبول فكرة جعل المضيق ممرا دوليا مقابل رعاية وحماية النظام..
رحم الله أبا عمار فليقم ليرى أن فلسطين لم تعد ( الشطر الثاني) بل غدا (الشطران) جزءاً أصيلاً من بعضهما لدرجة التماهي المعمد بالدم والصواريخ والطائرات المسيَّرة، لتنام قرير العين أيها القائد الثائر، وللمناضل ( السنوار) كن على ثقة بأن اليمن ممثلة بقائدها المجاهد تقف معك ومع كل فلسطين في ذات الخندق الجهادي ليس مجرد تضامن مع أشقاء بل لتأدية واجب عقائدي يؤمن بأن الاصطفاف الى جانبكم ونصرتكم فرض عين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً: