لنصرة فلسطين فليتنافس المتنافسون واليمن نموذج
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
الجيش اليمني الذي ينفذ ضربات عسكرية موجعة للكيان الصهيوني هو لم يقصف إسرائيل فحسب، الجيش اليمني قصف ثقافة الصمت والخنوع التي تجثم على هذه الأمة منذ عقود من الزمن وقصف التطبيع والخيانة والعملاء وقصف الهيمنة السياسية الأمريكية على الأمة، القوات المسلحة اليمنية التي قصفت إسرائيل عدة مرات وتوعدت بالمزيد من العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني المحتل مناصرة ودعماً لغزة وشعب فلسطين هي بتلك العلميات وتلك الضربات العسكرية وجهت ضربة قوية للإرهاب الحقيقي المتمثل في الطغيان الأمريكي والصهيوني الذي يفتك بهذه الأمة في فلسطين وغيرها ووجهت ضربة قوية لسياسة الكيل بمكيالين التي يمارسها المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة الذين يقفون في صف أمريكا وإسرائيل ضد هذه الأمة ووجهت ضربة عنيفة لسياسة أنظمة التطبيع والخيانة القائمة على تزييف الحقائق والتآمر على القضية الفلسطينية والخدمة الشاملة المباشرة وغير المباشرة للصهاينة والأمريكان، ونستطيع القول أن القوات المسلحة اليمنية بقصفها لإسرائيل قصفت أكثر من هدف وحققت نتائج كبيرة على اكثر من صعيد وكشفت الكثير من الحقائق وأعلنت بالأفعال والمعطيات عن مرحلة جديدة من الصراع بين الحق والباطل، مرحلة لا مكان فيها للمقاصد السياسية ولا للأهداف الطائفية والمذهبية، فالموقف اليمني بقوته وعنفوانه هو موقف القرآن وموقف الإسلام والإنسانية ولا شيء غير ذلك.
بكل المقاييس والاعتبارات يُعد الموقف اليمني المساند لغزة وشعب فلسطين هو الموقف الأقوى مقارنة بمواقف العرب والمسلمين، وهذا ليس فيه انتقاص من حق أحد أو ازدراء لبقية المواقف المساندة والداعمة لغزة من قبل محور الجهاد والمقاومة سواء ما تقوم به المقاومة الإسلامية العراقية من استهداف للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق أو ما يقوم به حزب الله اللبناني من استهداف عسكري يومي ومتصاعد للمواقع الصهيونية شمال فلسطين المحتلة، أما بالنسبة للأنظمة العربية والإسلامية الخانعة والذليلة والمطبعة مع إسرائيل فهي لا تمثل العروبة ولا تمثل الإسلام وتوجهها يحسب لصالح إسرائيل ضد فلسطين، ولكن الموقف اليمني هو الأقوى على المستوى الشعبي والعسكري والسياسي والأمني وغير ذلك لأن الموقف اليمني المساند لشعب فلسطين قوي من حيث الضربات العسكرية الصاروخية والجوية بالطيران المسيَّر والأقوى من حيث المسافة الجغرافية والأقوى من حيث الجرأة واتخاذ القرار ومن حيث القوة النفسية والمعنوية والإيمانية القائمة على الصدق والمسؤولية التي تتمتع بها القيادة اليمنية ممثلة بالسيد القائد عبدالملك الحوثي الذي لا يخشى أمريكا ولا إسرائيل ولا أي طاغية في هذا العالم بقدر ما يخشى الله تعالى ويخشى أن يكون من المتخاذلين عن نصرة الحق والحقيقة.
لم يقتصر الموقف اليمني الداعم والمساند لغزة وشعب فلسطين على تنفيذ عمليات صاروخية باليستية وبالطيران المسيّر إلى العمق الصهيوني بل توسع ووصل إلى ما هو أقوى وأبعد من ذلك بإعلان السيد عبدالملك الحوثي والقوات المسلحة اليمنية عن أن القوات البحرية اليمنية ستستهدف جميع أنواع السفن التابعة للكيان الصهيوني في البحر الأحمر وباب المندب بل وفي أماكن أخرى لا يتوقعها العدو الصهيوني وكان بيان القوات المسلحة اليمنية يوم الأحد الموافق 19 نوفمبر 2023م بمثابة إعلان حرب بحرية على السفن الصهيونية بكل أنواعها العسكرية والتجارية وغير ذلك، حيث أكد البيان على أنه سيتم استهداف السفن التي تحمل عَلَمَ الكيان الصهيوني وكذلك استهداف السفن التي تقوم بتشغيلها شركات إسرائيلية وأيضاً استهداف السفن التي تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية، وفي يوم الأحد نفسه تمكنت القوات البحرية اليمنية بعون الله من الاستيلاء على سفينة شحن صهيونية في البحر الأحمر فترافق القول مع الفعل وتحقق ما وعد به السيد عبدالملك الحوثي وتحقق ما توعد به الجيش اليمني وتحقق ما يتمناه شعب فلسطين وكل المسلمين وتحقق ما كانت تخشى منه إسرائيل، وهذا الموقف اليمني القوي بحد ذاته يعتبر اقوى موقف عربي وإسلامي ليس على مستوى المرحلة الراهنة بل منذ نشأة الكيان الصهيوني المحتل، وبهذه المواقف اليمنية القوية المساندة لغزة وشعب فلسطين يتصدر اليمن المرتبة الأولى عربياً وإسلامياً بل وعالمياً في الموقف المشرف والقوي المساند لفلسطين بإعلانه الحرب الشاملة على الكيان الصهيوني المحتل.
وهنا نتساءل كعرب وكمسلمين، ماذا لو اتخذت بقية الأنظمة العربية والإسلامية غير العميلة المطبعة مع إسرائيل نفس الموقف اليمني؟ وأعلنت الحرب الشاملة المحقة والمشروعة على الكيان الصهيوني المحتل نصرة لغزة وشعب فلسطين من جهة وتحرير للأمة نفسها من الهيمنة الأمريكية والغربية من جهة أخرى لأن مقام التنافس والجهاد هنا مطلوب وواجب على الجميع، لو يتخذ بقية العرب والمسلمين نفس هذا الموقف الذي يريده الله تعالى والذي تفرضه المسؤولية الإيمانية والقومية والإنسانية وتفرضه الظروف والأحداث على كل الأصعدة لتغير الواقع العربي والإسلامي تماماً من الأسوأ الى الأفضل في مختلف المجالات ولتحررت فلسطين وبتحريرها ستتحرر الأمة بكلها ولا يمكن ان تحصل الأمة على الحرية والاستقلال التام الا بزوال إسرائيل وزوالها مسؤولية ايمانية جهادية جماعية وليست مستحيلة بل هي ممكنة فقط تتطلب توجهاً عملياً جاداً بثقة عالية بالله تعالى وتوكل عليه ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ أمره.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نسيان الإنسان لله وآثاره السلبية.. تحليلٌ للأزمة العربية والنموذج اليمني
طالب عمير
تمر الأُمَّــة العربية اليوم بفترات عصيبة، حَيثُ تزداد الهوة بينها وبين ماضيها المشرق، وتكتسب الهزائم والتفرقة سمات واقعها. هذا الواقع المرير لم يكن مُجَـرّد صدفة أَو نتيجة للظروف السياسية وحدها، بل هو في جوهره نتيجة لابتعاد الأُمَّــة عن إيمانها بالله، ونسينها لدور الله في تعزيز قوتها واستعادة كرامتها. إن النسيان المتعمد لله في قلوب الشعوب والحكام جعلهم عرضة للاختراق من قوى الاستعمار والغزو، فتوالت الهزائم والانقسامات في كُـلّ زاوية من الوطن العربي.
إن الأمم التي ابتعدت عن معالم إيمانها وتخلت عن قيم دينها الحنيف قد أصبحت فريسة سهلة للمخطّطات الأجنبية. فقد أصاب الأُمَّــة العربية في قلبها هذا التفرقة والضعف؛ بسَببِ النسيان التام لله، الذي كان يومًا ما سبب قوتها وصمودها في مواجهة أعتى الإمبراطوريات. ومع مرور الوقت، تحول العرب إلى أدوات في يد القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل”، التي لا يخفى على أحد أنها تتسلط على مصير الشعوب في المنطقة العربية. آخر هذه التصريحات التي تكشف حجم التبعية العربية هو تهديد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة والاستيلاء على أرضهم للاستثمار التجاري، في تصرف مستفز يوضح حجم التخاذل الذي تعيشه الأنظمة العربية.
ما يعكسه هذا التخاذل هو غياب الهوية والإيمان بالله، الذي كان يحمى الأُمَّــة من الضغوط والهيمنة. فالغرب، وأمريكا بشكل خاص، تحولت إلى القوة الضاربة التي يقف أمامها الحكام العرب عاجزين. تحولت أمريكا إلى “الرب” الذي يحدّد مصير المنطقة، بينما تتهاوى الأنظمة العربية أمام هذا النفوذ المقيت، فلا يتجرأ أحد على قول كلمة ضد أمريكا أَو “إسرائيل”، بل أصبح البعض منهم يسعى إلى إرضاء هذه القوى على حساب شعوبهم.
ومن أكثر هذه المؤثرات السلبية هي الفكر الوهَّـابي السعوديّ الذي زرع بذور التبعية للغرب في عقل الأُمَّــة. فالفكر الذي تروج له بعض الأنظمة العربية، والمبني على إضعاف الدين والعقيدة الإسلامية الصحيحة، ساهم بشكل كبير في خلق هذا التفكك. فبدلًا من أن يتوجّـه العرب إلى مصدر قوتهم، وهو الله، تجمدت قدراتهم تحت تأثير هذا الفكر الذي قيدهم وأصبحوا أسرى لقوى استعمارية تهيمن على مفاصل حياتهم السياسية والاقتصادية.
في مقابل هذا الواقع المأساوي، يبرز الشعب اليمني كأحد النماذج الفريدة التي استلهمت قوتها من تمسكها بالله وثقتها به. تحت قيادة السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، حفظه الله، رفض اليمنيون أن يكونوا عبيدًا لأي قوى أجنبية أَو مرتزِقة. في الوقت الذي انهارت فيه بعض الأنظمة العربية أمام الضغوط الخارجية، نادى الشعب اليمني بشعار “لا ولن تكونوا يومًا وصيين على الشعب اليمني”. كان هذا التمسك بالله هو السر في صمودهم ومقاومتهم للاعتداءات المتواصلة، واستطاعوا أن يقدموا رسالة قوية لجميع الشعوب العربية والإسلامية أن النصر يتحقّق بالاعتماد على الله، لا بالانحناء أمام القوى الغربية.
لقد أثبت الشعب اليمني بقيادة السيد القائد أن الأُمَّــة لا تنهض إلا حين تضع ثقتها بالله، وتتمسك بعقيدتها الراسخة. ففي مواجهة أعتى التحالفات العسكرية بقيادة أمريكا، صمدت اليمن بشعبها وقيادتها، رافضة الاستسلام لأية قوة تسعى لفرض هيمنتها عليها. كان الشعب اليمني في مقاومته نموذجًا يحتذى به، حَيثُ جدد معركة العزة والكرامة في زمن غابت فيه كثير من الشعوب العربية عن الساحة.
إن ما يفعله الشعب اليمني اليوم يعكس الأمل في العودة إلى الله، وفي تحقيق النصر عبر تمسك الأُمَّــة بهويتها وعقيدتها. إن النصر ليس هبة من الغرب، ولا يعتمد على تكرار التبعية للمستعمرين، بل هو ثمرة تمسكنا بالله وبقيمنا التي لا يمكن أن تهزمها أية قوة خارجية. اليمن، اليوم، يقدم دليلًا على أن الأُمَّــة التي تتوكل على الله، وتدافع عن مبادئها، لن تهزم مهما كانت التحديات.
ما يجب أن نتذكره أن ضعف الأُمَّــة العربية هو نتيجة نسيانها لله، وهو لا يعني فقط فشل الحكومات، بل هو إشارة إلى إضعاف هويتنا الدينية والعربية. علينا أن نستلهم من الشعب اليمني، الذي علمنا أن النصر لا يأتي بالتبعية، بل بالثقة في الله وتوحيد صفوف الأُمَّــة. عبر العودة إلى الله، سنستعيد قوتنا، ونواجه التحديات التي تحيط بنا، وسنحقّق العزة والكرامة التي طالما كانت غائبة عن واقعنا الإسلامي.