لم أجد أي عطاء يفوق عطاهم، ولا تضحية تفوق تضحيتهم، هم للعطاء والتضحية عنوان، ولعمري ما سمعت ولا شاهدت مثيلا لهم قط، إنهم الشهداء العظماء، من صدقوا الله عهدا، وباعوا أنفسهم لله، وتاجروا مع الله فربحت تجارتهم، وتجاوزوا البوار والخسارة، وأثمرت تضحياتهم عزا ونصرا وتمكينا وفتحا مبينا، وأنا هنا لا أبالغ، ولا أنافق، ولا أداهن، ولا أدلس، ولكنها الحقيقة الدامغة التي لا غبار عليها، ولا شك ولا لبس فيها على الإطلاق.
لو طلب من الواحد منا الذهاب لقضاء حاجة، أو تنفيذ مهمة ما سيحصل من وراء قيامه بها على مبلغ مالي محترم؛ فإنه لن يتردد في ذلك، وسيسابق الريح لتنفيذ المهمة، في سبيل الحصول على المبلغ، ولكنه لو علم بأن هذه المهمة فيها من المخاطر ما يشكل خطرا على حياته؛ فإنه لن يتردد في رفض العرض وعدم القبول بالمهمة حتى ولو تم رفع سقف المغريات المادية، ولسان حاله (يا روح ما بعدك روح).
ولو علمت أنا أو أنت بما يخبئه لي أو لك القدر لأخذنا كل الاحتياطات والإجراءات الاحترازية اللازمة، فعلى سبيل المثال، لو قررت السفر من صنعاء إلى تعز في يوم محدد، وعلمت علما يقينيا بأنك ستتعرض لحادث مروري أثناء سفرك وستموت على إثر هذا الحادث، فإنك لن تسافر، وستلزم عليك منزلك ولن تغادره على الإطلاق، خوفا من الموت، وحبا في الحياة، وقس على ذلك أي مهام يكون ثمن القيام بها الموت.
ولكن المسألة تختلف مع الشهداء العظماء، فالروحية الإيمانية التي يمتلكونها، والإخلاص الذي هم عليه، يدفعهم إلى الجهاد في سبيل الله بكل شجاعة وبسالة وإقدام، وأعينهم على غايتين : إما النصر وإما الشهادة، يدركون أن حياتهم معرضة للخطر في أي لحظة، ومع ذلك يتسابقون على الجبهات، ويسارعون إلى مواجهة الأعداء، في أروع صور البطولة والتضحية والفداء، ينشدون النصر أو الشهادة، ومن أجل الثانية يتسابقون لأنهم يدركون ثمنها وثمرتها ومكرماتها وعطاياها الإلهية، يدركون أن في الشهادة الحياة، الحياة الحقيقية، الحياة الأبدية لا موت فيها، حياة الخلود، والنعيم المقيم .
تضحية الشهداء فريدة من نوعها، ومن أجل ذلك منحهم الله الوسام الإلهي الأكبر والأعظم والأغلى، وهو وسام الشهادة، ولهذا هم النموذج الأمثل في أوساطنا، وهم الشريحة الأرفع قدرا في مجتمعاتنا، بات لهم مؤسسة وطنية خاصة بالشهداء تختص بشؤون أسرهم وذويهم وتحيطهم بالرعاية والاهتمام، وبات لهم ذكرى سنوية تستمر قرابة الأسبوع تشهد فيها عموم مديريات ومحافظات الجمهورية الحرة إقامة معارض خاصة بالشهداء، وإقامة الفعاليات والأنشطة الثقافية والخطابية ذات الصلة.
بالمختصر المفيد، تضحية الشهداء لا نظير لها، فهي الأنموذج الفريد بين التضحيات، ولهذا من حقهم علينا كدولة ومؤسسات وأفراد أن نقدر تضحياتهم وأن نبادلهم الوفاء بالوفاء، كأقل ما يمكن علينا القيام به تجاههم من خلال الاهتمام بأولادهم وأسرهم على مدار العام.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الكهرباء والمياه يزور عددًا من أسر الشهداء في السبعين والصافية بأمانة العاصمة
الثورة نت|
زار وزير الكهرباء والطاقة والمياه الدكتور علي سيف محمد اليوم، أسر عدد من الشهداء بمديرية السبعين والصافية في أمانة العاصمة بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد 1446هـ.
وخلال الزيارة التي شملت أسر الشهداء من أبناء موظفي قطاعي الكهرباء والمياه، أكد الوزير سيف أهمية مواساة أسر الشهداء نظير عطائهم وما سطروه من ملاحم بطولية في الدفاع عن الأرض والعرض والسيادة.
وأعرب عن اعتزاز الشعب اليمني بتضحيات الشهداء العظماء، نصرة لدين الله وعزة وكرامة الوطن .. مشيراً إلى أهمية استلهام الدروس والعبر من حياة الشهداء ومواقفهم العظيمة وسيرتهم العطرة.
وأكد وزير الكهرباء والطاقة والمياه، الاهتمام بأسر الشهداء التي قدمت خيرة أبنائها في سبيل نصرة الدين والدفاع عن الوطن، معتبرًا الزيارات أقل ما يمكن تقديمه للشهداء العظماء وفاءًا لبذل نفوسهم رخيصة في الدفاع عن الوطن وحفظ كرامة الأرض والعرض.
وقدّم الوزير علي سيف خلال الزيارات لأسر وأهالي شهداء موظفي الكهرباء والمياه، هدايا عينية ومساعدات رمزية واطلع على أحوالهم واحتياجاتهم.