جريدة الوطن:
2024-10-06@11:40:26 GMT

تُجّار القضية يتكاثرون

تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT

تُجّار القضية يتكاثرون

 

تُجّار القضية يتكاثرون

 

 

 

 

 

 

إلى وقت قريب كان عدد المستفيدين سياسياً من استمرار معاناة الشعب الفلسطيني الأعزل في صراعهم الممتد مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لقرابة ثمانين عاماً محدوداً  أو معروفين بالنسبة للمتابعين لهذا الملف، فمدخل هؤلاء المستفيدين أو المقاربة السياسية لحل هذا الصراع واحد، وهو: المدخل الأيديولوجي الذي يعززه بالشعارات السياسية التي لها بعد “قيمي” عال تدفع بالإنسان إلى الموت من أجلها ولكن “المؤدلج” يوظفها لخدمة فكره لأنه يدرك قيمتها.

مع أن البعد أو المدخل الإنساني في القضية الفلسطينية يُعتبر هو الأكثر تأثيراً أو ما يعرف بـ”أنسنة القضية”، وهذا ما تفسره حالة الغضب الحالية للرأي العام العالمي وشملت سياسيين غربيين مثل: رئيسة وزراء ايرلندا، ليو فارادكار التي وصفت ما تفعله إسرائيل بأنه “انتقام” وليس دفاعاً عن النفس وشملت أيضاً مواطنين عاديين تسببوا في إقالة وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا بريفرمان بسبب انتقادها مسيرة مؤيدة للفلسطينيين وغيرها من المواقف الإنسانية، ولكن “المؤدلج” لا يرى هذا كله لأن فكره مغلق إلا في “قتل الآخرين” فهو يفتح لهم أبواب الجنة التي لا يريد هو أن يذهب لها.

الإيديولوجي التقليدي أو الكلاسيكي هو المستثنى من التفكير الإيجابي ومن البحث في حل هذه القضية بشكل سلمي ليس لأنه يدور في نفس الحلقة فقط ولكن في الحقيقة لا يهمه “الإنسان” الفلسطيني بقدر ما تهمه أيديولوجيته التي يستخدمها لتدمير كل شيء بما فيها الدولة الوطنية كي يعيش هو “وجماعته”. والأيديولوجي لا يؤمن أيضاً بـ”الوطن” فوطنه أيديولوجيته وهو لا يراجع تفكيره لتغييره لأنه جامد ولا يعرف للتغير معنى إلا في أساليب التطرف.

زمان، كان من السهل على المراقب معرفة ردة الفعل الأولية من “المنتفعين” من استمرار هذه الأزمة دون انتظار إعلان مواقفهم لأن “القائمة السياسية” تكاد تكون معروفة سواءً كانوا هؤلاء المنتفعين سياسيين وحتى رجال الدين أو المتعاطفين المندسين بين جموع الناس. وكان إذا ما خرج “منتفع جديد” يكون حالة شاذة ضمن مجموعة تقليدية مسيطرة على هذا “السوق المربح” جداً لكن مع هذه الأزمة الجديدة يبدو أن هذا السوق بدأ يتبع فلسفة “حرية المتاجرة” في القضية وهو المنهج الليبرالي في المدرسة الليبرالية التي ينتقدها “المؤدلج” مع أنه يستخدمها بطريقة ميكافيلية وفق منطق الغاية تبرر الوسيلة.

هؤلاء التجار الجدد لو سألتهم عن البعد الإنساني في القضية أو البعد الوطني يرجع يُذكرك بـ”القيم” العليا ويثير الحماسة فيك لكن خدمة أيديولوجيته (المنزوعة الوطنية والإنسانية) ويبدأ باتهام الدول التي تطبع علاقاتها مع إسرائيل إما بأن رؤيتهم في هذا المشروع تحققت وهذا غاية ما يتمناه ولكن لا يدرك حالة الهدوء التي يتمناها أبناء “غزة”.

ومع أن “المتاجرين” القدماء مستمرين لأن بضاعتهم السياسية رائجة ولأنهم وجدوا فيها مكاسب وبالتالي ليس من المنطق أو العقلانية تغيير مواقفهم إلا إذا اكتفوا بما حققوه من مكاسب وهذا ليس من صفات التاجر الشاطر، وهم بالأمانة “تجار” يمتلكون من أدوات الشاطرة في التخوين وتحوير القيم لخدمة مشاريعهم التدميرية.

أما “المتاجرين الجدد” يمكن تقسيمهم إلى مجموعتين اثنتين.

المجموعة الأولى: استفادوا من وجودهم بين أناس يقدرون مكانتهم المجتمعية ويبثون سمومهم، كما استفاد غيرهم من وسائل التواصل الاجتماعي فتاجروا وفق منطق (البيع بالتجزئة) بعدما بدأ يقوم بدور الوكيل المعتمد أيديولوجياً في استخدام معايير بيع مفردات “التخوين” والمزايدة على من يدافعون عن القضية بأدوات العصر وبعيداً عن عقلية القتل والتدمير وغيرها من المفردات التي لا تليق بحجم القضية وعدالتها الإنسانية.

المجموعة الثانية: اللاعبين الدوليين وهؤلاء من كبار التجار، فالسؤال المطروح الآن لماذا الرئيس الأمريكي جو بادين مستمر بالدفاع عن الموقف الإسرائيلي حتى الآن رغم مرور أكثر من 45 يوماً على الحرب؟

الإجابة كما اعتقد لا تبتعد كثيراً عن قرب موسم الانتخابات الرئاسية (فالانتخابات هو الموسم التجاري لكل سياسي العالم للقضية). ومثلما يكسب الأيديولوجيين (بمختلف التسميات) في منطقة الشرق الأوسط من خلال رفع الصوت والشعارات وإلهاء المواطنين عن القضايا الأساسية لهم من تنمية واستقرار والعيش المشترك والتسامح في طرح الأفكار التي تبني المجتمعات، فإن الرئيس بايدن يتاجر هو الآخر بالقضية مع اللوبي اليهودي (أيباك) في الولايات المتحدة فالانتخابات الرئاسية قادمة الرئيس بايدن يستطيع تقدير “حجم الفائدة” المرجوة من موقفه خاصة إذا كان المنافس المحتمل هو دونالد ترامب.

المغامرات السياسية لبعض “المقامرين” لأعدل قضية إنسانية تسببوا في إرجاع الصراع إلى البدايات الأولى قبل ثمانين عاماً وما حدث بعدها من تصاعد لغة “التخوين” وأكثر ما يقلقهم أن يتحقق السلام والاستقرار في العالم قد يكون طرح مثالي ولكن لنتمنى للشعب الفلسطيني لأن يعيش بسلام كما يعيشون أصحاب الأيديولوجيات.

 

 

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

عادل الباز: خسروا… وماتوا سمبلا !

1 أكره صور القتلى والدماء والأشلاء ( الحرب كلها كره لنا) حتى لمن أعتبرهم أعداءً وخونة يستحقون الموت، هذه مشاعر شخصية، لكن كلما رأيت أكوام الجثث التي تفيض بها الميديا من هلكى الأعداء، ضج ذهني بعدة أسئلة… لماذا يقاتل هؤلاء؟ ما غرضهم؟ ما هي الأهداف التي يسعون إليها أو ما هي القيم التي يدافعون عنها؟

وتتولد أسئلة أخرى: إذا كان هؤلاء البسطاء الجهلاء يُدفع بهم من قبل آل دقلو لتشييد مملكة العطاوة، فما بال الكفلاء الذين يدفعون بجهلاء آل دقلو أنفسهم لتنفيذ أجنداتهم؟ ألم يدرك ال دقلو حتى الآن أن مشروعهم وانقلابهم ومؤامراتهم قد فشلت؟ ألم يصل الكفلاء إلى نتيجة واضحة لكل غبيٍّ أن مشروع السيطرة على السودان قد سقط وانتهى يوم أن فشل انقلابهم في 15 أبريل 2023؟ كيف؟ سنوضح الأمر.
2
للأسف، ليس لهؤلاء الأوباش المساكين مشروع سياسي، أو ديني يقاتلون لأجله. هؤلاء البسطاء دُفعوا للمحرقة حين سوّقوا لهم مشروعاً سياسياً ذو شقين:
الشق الأول: حلم دولة العطاوة التي تجمع عرب الشتات وتؤسس مملكتهم في أرض السودان. وهؤلاء المخدوعين جُلبوا من الصحارى إلى “جنة المأوى” (همج رمت بهم الصحارى إلى جنة المأوى)، مطاردين أحلامهم على صهوة تلك الأوهام. والمثير للاستغراب أن هؤلاء، بعد أن انكشف لهم أن تلك محض اوهام لا أساس لها، لا يزالون يقاتلون من أجل سراب الأحلام!
الشق الثاني أو الغطاء الآخر: هناك دولة تسمى “دولة 56” وجب قتالها وهم لا يعرفونها ولم يسمعوا بها، ولا شأن لهم بحقيقتها وتفاصيلها، ولا يفهمون تنظيرات سدنتها. ورغم ذلك، تنطق بها ألسنتهم دون أن تدخل عقولهم أو تستقر في وعيهم من فرط جهلهم. يا لهم من مساكين يحاربون مجهولاً لا يعرفونه!

وطبعاً، لا أرغب في الحديث عن قصص “ديمقراطية الضر” التي سيجلبونها لنا وحقوق الإنسان التي سننعم بها في مملكة آل دقلو، والتي رأينا نماذجها خلال هذه الحرب. فدولة كفيلهم تحظى بالنموذج الباهر المطبق هناك! لن أحدثكم عن تلك القيم التي حولوها إلى مسخرة.
3
هناك من سوّق لهم أنهم في حرب ضد “الفيلول” أو “الكِيزان” (بكسر الكاف)، وهم لا يعرفون من هم “الفيلول” ومن هم “الكِيزان” (بكسر الكاف مجدداً)، ولكن عليهم محاربتهم. ولو كانوا يعرفونهم لوجدوا أن هؤلاء “الفلول” و”الكِيزان” في قيادتهم وبين صفوفهم!
السؤال الأهم: لماذا يحارب هؤلاء المساكين الفيلول؟ ماذا فعلوا لهم؟ ما أصل غبينتهم مع الفلول؟ هل غزوهم في ديارهم؟ هل نهبوا أموالهم واستحوا نساءهم؟ هل انتزعوا منهم سلطة كانت بين أيديهم؟ ما الذي بينهم وبين الفلول؟ هل هم مختلفون معهم دينياً؟ ترى على أي دين هم، سوى دين النهب والشفشفة؟!

مساكين، لا يمكنهم الإجابة على أيٍّ من تلك الأسئلة، ولا يعرفون أنهم مجرد أدوات رخيصة تُستخدم لتنفيذ أجندة الآخرين، ليحاربوا لهم حربهم وينفذوا مشاريعهم. وفي ذلك، يستوي آل دقلو مع هؤلاء الأوباش المساكين، فهم جميعاً موظفون في حرب لا تخصهم، ولا يعرفون أن محرقتها ستقودهم إلى سقر ما ادرك ما هى.
5
لابد أن آل دقلو قد اقتنعوا الآن أن أحلام مملكتهم ذهبت هباءً، وأن أقصى أمانيهم الآن هو أن يعودوا إلى ما كانوا عليه، ليواصلوا النهب (المُصلّح) من موارد السودان التي كانت تدر عليهم مليارات الدولارات سنويا ، فأصبحوا بفضلها أغنى أغنياء أفريقيا. سبحان الله، لعنة الله على الطمع!
لأجل تلك العودة، الآن يهرولون إلى المؤتمرات متمنين أي صفقة أو اتفاق يوقف الحرب ويحافظ لهم على ما تبقى من ثروة، ولعله يمنحهم شيئاً من السلطة، حتى لو كانت محلية في دارفور! رغم أنهم يسيطرون الآن مؤقتاً على أربع ولايات منها، إلا أنهم يعرفون أن الجيش وجحافل القوات المشتركة يزحفون عليهم الآن، وكلها مسألة وقت حتى تدفن مملكتهم في باطن الأرض مع أجسادهم!

لابد أن الكفلاء وممولي الحرب ومشعليها، أولئك الذين يسميهم أمجد فريد “جوقة الوضعاء”، يدركون الآن تماماً أن خطتهم للاستيلاء على السلطة ومقدرات البلاد قد فشلت، ولم يحققوا أيًّا من أهدافهم. إذن، لماذا هم مستمرون فيها؟ هل بإمكانهم الآن الاستيلاء على السلطة عن طريق الحرب؟ هل بإمكانهم الاستثمار أو الاستيلاء على مشاريع أو موانئ أو ذهب في السودان بعد أن فشلوا في كسب الحرب؟

هل بإمكانهم الآن هزيمة الإسلاميين أو الإسلام السياسي، العدو اللدود بحسب الشعار المرفوع والممجوج؟! الآن، إذا كانت الثورة قد أسقطت حكم الإسلاميين قبل خمس سنوات، فإن الحرب أعادتهم إلى أحضان الشعب، متوجين كأبطال مدافعين عن شرفه وكرامته.
كل أهداف آل دقلو والكفلاء من الحرب التي أشعلوها تحولت لرماد، كل أحلامهم في السيطرة على السلطة ومقدرات السودان تلاشت، ولم يكسب منها الذين أشعلوها وجوقة الوضعاء الطامحين إلى السلطة شيئاً. لقد كسبها “الشفشافة” و”الكسيبة”، ودفع ثمنها البسطاء الذين زُجَّ بهم في أتون معركة لا يعرفون لها هدفاً ولا غاية، وماتوا فيها سمبلا.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شركات لبنان الخاصة في أتون الحرب: خطط للصمود.. ولكن!
  • عادل الباز: خسروا… وماتوا سمبلا !
  • علي كرماني: وكالتي لبلعيد رسمية وتصريحات القندوسي صحيحة ولكن
  • الخارجية الإيرانية: مستمرون في دعم القضية الفلسطينية والمقاومة ضد إسرائيل
  • العبودية الطوعية
  • خامنئي: ما قامت به القوات المسلحة اقل جزاء للكيان الصهيوني ولكن لن نتأخر ولن نتسرع
  • رؤيا …
  • فيديو | محمد بن زايد يؤكد أهمية تعزيز قيم التكافل التي تميز مجتمع الإمارات
  • تأجيل القضية المرفوعة ضد عمدة إسطنبول
  • الأزهر يقرِّر تخصيص منح دراسية للدومينيكان تقديرًا لموقفها تجاه القضية الفلسطينية