«أسبوع أبوظبي للزراعة والأمن الغذائي» يستعرض دور البحث العلمي في التنمية الزراعية
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
إبراهيم سليم (أبوظبي)
تختتم اليوم فعاليات الدورة الثانية لأسبوع أبوظبي للزراعة والأمن الغذائي الذي يقام برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، الذي يعقد خلال الفترة من 20 إلى 22 نوفمبر الجاري في مركز أبوظبي الدولي للمعارض.
وشهد اليوم الثاني انطلاق فعاليات مؤتمر الإمارات للميكروبيوم، والذي ينظمه مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية في جامعة الإمارات، والذي يُعد الحدث العلمي الأكبر خلال فعاليات الأسبوع، حيث يتضمن حزمة متكاملة من المحاضرات والندوات العلمية والحلقات النقاشية وورش العمل، والتي جاءت بعنوان (صحة الإنسان والنبات - التطبيقات والتحديات)، وذلك بحضور الدكتورة مريم حارب السويدي، نائب المدير العام للشؤون التشغيلية في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، والدكتور خالد أميري، مدير مركز خليفة للهندسة الوراثية والتقانات الحيوية، والدكتور سونيل موندرا، منسق اللجنة المنظمة للمؤتمر، الأستاذ المساعد في قسم علم الأحياء في جامعة الإمارات، بالإضافة إلى نخبة واسعة من العلماء والخبراء والمختصين في مجال الميكروبيوم وتطبيقاته على مستوى الإنسان والحيوان والنبات، وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية، وممثلين عن الجهات المشاركة وطلاب الأحياء الدقيقة.
ترسيخ البحث والمعرفة
وأكدت الدكتورة مريم حارب السويدي، أن المؤتمر ينسجم مع أهداف إمارة أبوظبي لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة والأمن الغذائي من خلال ترسيخ البحث العلمي والمعرفة لخدمة الأهداف التنموية المستدامة في عام الاستدامة الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تحت عنوان «اليوم للغد».
وقالت في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر: «إن الميكروبيوم يشكل ميداناً أساسياً في فهم العمليات التي تؤثر على صحة الإنسان والبيئة، ومن هنا ينصب اهتمام هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية على الاستفادة من دراسات الميكروبيوم لتحقيق الاستدامة الزراعية، حيث إن معرفة البكتيريا النافعة وتأثيراتها على الزراعة يساعد على تحسين خواص التربة، ونمو النباتات وزيادة مقاومتها للأمراض والآفات، كما يساعد على التوسع في أنظمة الزراعة العضوية وتقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية من خلال تكثيف أنظمة المكافحة العضوية للآفات، وتحسين إنتاجية الثروة الحيوانية»، مشيرة إلى أن فهم واستخدام الميكروبيوم يمكن أن يسهما في تعزيز الاستدامة الزراعية وضمان الأمن الغذائي عن طريق تحسين إنتاجية المحاصيل وجودة التربة ومقاومة النباتات للظروف البيئية القاسية والآفات. وأشادت بالجهد العملي الذي يقدمه العلماء والباحثون في مجال دراسات الميكروبيوم وتأثيره على صحة الإنسان والبيئة والفوائد المحتملة لتطبيقاته في مجال الزراعة المستدامة والأمن الغذائي وتحسين جودة حياة الإنسان، معتبرة أن المؤتمر وغيره من الفعاليات العلمية تسهم في تبادل الأفكار بين الخبراء والباحثين في هذا المجال، وبناء شبكة من العلاقات القائمة على تبادل الخبرات والمعرفة العلمية من مختلف أنحاء العالم.
ومن جانبه، قال الدكتور خالد أميري إن تنظيم هذا المؤتمر المهم يعكس الأهمية المتزايدة للميكروبيوم، ودوره في تعزيز صحة الإنسان والنبات والحيوان وتحقيق رفاهية المجتمع.
حضور لافت
وتواصلت فعاليات الدورة الرابعة لمعرض «فيف الشرق الأوسط وأفريقيا للإنتاج الحيواني»، وهو الأبرز عالمياً في مجال تنمية الثروة الحيوانية وإنتاج الألبان والدواجن وبيض المائدة، وشهدت حضوراً لافتاً من المختصين في قطاع الثروة الحيوانية بمشاركة أكثر من 500 مُورِّد عالميٍ وإقليميّ من كل مراحل سلسلة التوريد التي تمثل جميع أنواع المنتجات الحيوانية مع التركيز الواضح على الابتكار والتكنولوجيا والبحث العلمي.
ويعتبر «فيف الشرق الأوسط وأفريقيا للإنتاج الحيواني» المعرض التجاري الأول عالمياً لسلسلة التوريد من المزرعة إلى المائدة والذي يعنى بإنتاج وتجهيز اللحوم ولحوم الدواجن والبيض والأسماك ومنتجات الألبان في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يجمع المعرض الفاعلين في هذه الصناعة حول العالم.
ويركز معرض فيف الشرق الأوسط وإفريقيا للإنتاج الحيواني على البروتين الحيواني، حيث تحرص الجهة المنظمة (في إن يو الأوروبية) على استقطاب عارضين ومنتجات من موردي أنظمة الإنتاج الحيواني في البيئات المتحكم بها والزراعة الدقيقة، بالإضافة إلى الابتكارات والتقنيات الذكية لإنتاج الأغذية، والتي تغطي مواضيع كثيرة مثل إنتاج البروتين النباتي، وتحسين القيمة الغذائية والصحة، ومفاهيم الأغذية العضوية، وزيادة كميات الحصاد، وحلول مكافحة الآفات، وأنظمة توفير المياه، وإدارة استخدام الطاقة.
واستضاف معرض فيف الشرق الأوسط وإفريقيا للإنتاج الحيواني في يومه الثاني ندوة عالمية حول «صناعة الدواجن والذكاء الاصطناعي، الفرص والتحديات» والتي ناقشت إمكانية الاستفادة من التقنيات الحديثة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تنمية وتطوير صناعة الدواجن وتقديم حلول إبداعية وابتكارات تعزز مساهمتها في دعم منظومة الأمن الغذائي واستدامته.
جودة الإنتاج
وفي هذا السياق، أكد راشد محمد المنصوري، المدير التنفيذي لقطاع الثروة الحيوانية في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، أهمية الذكاء الاصطناعي في تحسين تربية الدواجن وجودة الإنتاج.
وأكد خلال كلمته أن الذكاء الاصطناعي بات يلعب دوراً أساسياً في مختلف مجالات الحياة، ومن شأنه أن يسهم في تحسين كفاءة وجودة الإنتاج الحيواني من خلال تتبع ومكافحة انتشار الأمراض في مزارع الدواجن، ومواجهة تحديات التسويق والتمويل والإدارة والمبيعات من خلال تحليل اتجاهات السوق، وسلوك المستهلكين بالإضافة إلى تعزيز سلسلة التوريد وتقليل الفاقد، مؤكداً أن «هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية تدرك أهمية تطوير قدراتها في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لضمان استمرارية تحسين أداء القطاع الحيواني، نحن ملتزمون بالاستثمار في البحث والتطوير والابتكار لضمان استخدام أحدث التقنيات، وتحقيق استدامة قطاع الثروة الحيوانية وصناعة الدواجن في إطار الالتزام بتحقيق التنمية الزراعية المستدامة وتعزيز الأمن الغذائي».
التقنيات الرقمية
كانت الندوة قد استعرضت أوراق عمل عديدة، منها ورقة عمل حول أهمية استخدام التقنيات الرقمية الجديدة والذكاء الاصطناعي في تحسين جودة المنتجات الغذائية ذات المصدر الحيواني. وتناولت إحدى الورقات العلمية موضوع استخدام التقنيات الرقمية الجديدة والذكاء الاصطناعي لتحسين تركيب الأغذية الحيوانية، بهدف توفير خيارات تغذية صحية ومستدامة للإنسان. ويسعى هذا الاتجاه إلى تعزيز فهمنا لكيفية تكامل التكنولوجيا في سلسلة القيمة الغذائية، مما يسهم في تقديم منتجات ذات جودة عالية تلبي احتياجات التغذية البشرية بطريقة صحية ومستدامة.
«أطقم مرجعية جديدة لأمراض الإبل»
كما تضمنت فعاليات أسبوع أبوظبي للزراعة والأمن الغذائي، عقد اللجنة التوجيهية واللجنة العلمية لشبكة الشرق الأوسط للإبل «كامينت» اجتماعها الخامس بحضور راشد محمد المنصوري، المدير التنفيذي لقطاع الثروة الحيوانية في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، وممثلي المكتب الإقليمي وشبه الإقليمي للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لدول الخليج العربية والدول الأعضاء في الشبكة، إلى جانب عدد من المختصين والخبراء في مجال الثروة الحيوانية.
وأكد راشد المنصوري أهمية هذا الاجتماع لاستعراض إنجازات المرحلة السابقة ووضع الأولويات للمرحلة القادمة مع التركيز على الجوانب البحثية والتدريب والتأهيل لتحقيق الأهداف المنشودة في السيطرة على أمراض الإبل في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة والحد من تأثيراتها على صحة وسلامة الإنسان والحيوان، معرباً عن تطلعه إلى مزيد من التعاون وبذل الجهود في مجال الأبحاث والدراسات العلمية المشتركة وتبادل المعلومات والخبرات بشأن أمراض الإبل لا سيما الأمراض الجديدة والناشئة منها وفهم وبائيتها والسيطرة عليها بالإضافة إلى إنتاج الكواشف واللقاحات لأمراض الإبل الرئيسية وفقاً لمعايير وإجراءات المنظمة العالمية للصحة الحيوانية.
تم خلال الاجتماع استعراض خطة العمل ومناقشة أنشطة الشبكة للأعوام 2024-2025، بالإضافة إلى استعراض الإنجازات التي تمت خلال السنوات الخمس الماضية وأبرزها إطلاق عدد اثنين من أطقم الشرائح المرجعية من أصل الإبل إحداها للأمراض الطفيلية والأخرى للأمراض البكتيرية والتي تم إعدادها بالتنسيق والمشاركة مع الدول الأعضاء في شبكة الشرق الأوسط للإبل والتي تمثلت في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة (هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية) ودولة قطر (وزارة البلدية) وسلطنة عُمان (وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه) وتعتبر هذه الأطقم المرجعية هي الأولى من نوعها في ذات المجال.
إلى جانب ذلك، تم إطلاق برنامج قياس كفاءة التحليل لمرض طاعون المجترات الصغيرة في الجمال بالتعاون مع المختبر المرجعي العالمي لطاعون المجترات الصغيرة سيراد بفرنسا وتعتبر هذه الانطلاقة الأولى لهذا النوع من قياس الكفاءة والذي يستهدف التحقق من طرق الكشف عن مرض طاعون المجترات الصغيرة في الإبل وتأتى هذه الجهود في إطار سعي المختبر المرجعي لأمراض الإبل في دعم الخطة الاستراتيجية العالمية للقضاء على طاعون المجترات الصغيرة محلياً وعالمياً.
جائزة منصور بن زايد للتميز الزراعي
شهدت منصة جائزة منصور بن زايد للتميز الزراعي بالمعرض، عقد ندوات عدة، خاصة بالجائزة، والتي شهدت حضوراً كثيفاً من السيدات والرجال، حيث يتم تنظيم ندوة خاصة بالنساء وأخرى خاصة بالنساء، وبدأت فعاليات المنصة باستضافة الفائزين من الدورة السابقة، لاستعراض انعكاسات الجائزة على المزارع النباتية أو الثروة الحيوانية، وعرض تجربتهم، لاستفادة المواطنين وتبادل الخبرات، وكيفية الاستفادة من توجيهات الهيئة أو اللجنة العليا للجائزة.
كما حفلت ندوة السيدات بحضور لافت، حيث تم تخصيص فئتين «فئة أفضل مزارعة متميزة، وفئة أفضل مربية متميزة» إذ تهدف الجائزة إلى تحفيز القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتشجيع المزارعين المتميزين الذين يولون عناية خاصة لمزارعهم، بالإضافة إلى تسليط الضوء على جهود الهيئة في تطوير القطاع واستدامته.
وإن الفئة الجديدة التي تم استحداثها ضمن فئات الجائزة في الدورة الثانية، مخصصة لأفضل امرأة من مالكات المزارع والعزب المتميزات، وتشتمل على جائزتين إحداهما لأفضل مُزارعة متميزة، والثانية لأفضل مُربية متميزة، وذلك بهدف دعم وإبراز دور وجهود المرأة في المجال الزراعي ومساهمتها في تعزيز منظومة الأمن الغذائي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أبوظبي الإمارات الأمن الغذائي منصور بن زايد هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية هیئة أبوظبی للزراعة والسلامة الغذائیة والذکاء الاصطناعی للإنتاج الحیوانی المجترات الصغیرة الثروة الحیوانیة والأمن الغذائی الأمن الغذائی بالإضافة إلى صحة الإنسان التی تم من خلال فی مجال بن زاید
إقرأ أيضاً:
الدكتور مجدي الحجري لـ "الفجر": نخطو خطوات جادة لربط البحث العلمي بالصناعة وتدريب طلابنا داخل المصانع
في ضوء التوجهات الاستراتيجية للدولة المصرية نحو تعزيز دور البحث العلمي وربطه بالصناعة، تسعى الجامعات المصرية، وعلى رأسها جامعة حلوان، إلى إحداث طفرة حقيقية في ربط الأبحاث العلمية بالتطبيقات العملية داخل المصانع والشركات، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن هذا المنطلق، تبذل كلية العلوم بجامعة حلوان، بقيادة الدكتور مجدي الحجري، وتحت رعاية الدكتور السيد قنديل رئيس جامعة حلوان والدكتور عماد أبو الدهب نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتور حسام الرفاعي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، هناك جهودًا مكثفة لتعزيز التعاون مع المؤسسات الصناعية، وتطوير البرامج الدراسية بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل المحلي والعالمي.
وفي حوار خاص لـ "الفجر"، كشف الدكتور مجدي الحجري، عميد كلية العلوم بجامعة حلوان، عن ملامح خطة الكلية للمرحلة المقبلة، والتي ترتكز على عدة محاور رئيسية، أبرزها: فتح آفاق جديدة للتعاون البحثي مع القطاع الصناعي، تطوير البرامج الأكاديمية بما يتواكب مع أحدث المستجدات العلمية، وتوسيع فرص التدريب العملي للطلاب داخل بيئات العمل الحقيقية.
كما تحدث عن الاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر العلمي الدولي الثالث للكلية تحت عنوان "العلوم والبيئة"، والذي يأتي مواكبًا للأولويات الوطنية والعالمية في مجال مواجهة التحديات البيئية.
الحوار تناول كذلك استعراض تاريخ الكلية، وأبرز إنجازاتها الأكاديمية والبحثية، بالإضافة إلى خططها المستقبلية لتخريج كوادر علمية قادرة على الإسهام بفاعلية في خدمة المجتمع والصناعة.
بداية.. كيف ترى أهمية ربط البحث العلمي بالصناعة؟
ربط البحث العلمي بالصناعة لم يعد ترفًا بل ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة. طوال الثلاثين أو الخمسة والثلاثين عامًا الماضية، كانت هناك محاولات عديدة من جانبنا كأكاديميين للتواصل مع المصانع والشركات، خاصة في منطقة حلوان الصناعية، لعرض خدماتنا البحثية والتطبيقية.
كنا نطلب منهم أن يطلعونا على التحديات التي يواجهونها لنضع لها حلولًا علمية، لكن للأسف، كثيرًا ما قوبلنا بتردد أو عزوف عن التعاون. اليوم، الوضع تغير بشكل جذري، وأصبح هناك إقبال حقيقي من بعض الشركات للاستفادة من خبرات الكلية وأبحاثها.
هل يمكنك إطلاعنا على ملامح هذا التعاون الجديد مع القطاع الصناعي؟بالفعل، تواصلت معنا إحدى الشركات الصناعية الكبرى، وعرضت علينا بعض المشكلات الفنية التي تواجهها داخل المصنع. رحبنا كثيرًا بهذه الخطوة، وبدأنا في إعداد أبحاث علمية تطبيقية لحل تلك المشكلات. الأهم من ذلك، أن الشركة فتحت أبوابها أيضًا لاستقبال طلاب الدراسات العليا لدينا لإجراء أبحاث الماجستير والدكتوراه داخل بيئة العمل الحقيقية، مما يعزز جودة الأبحاث ويربطها ارتباطًا وثيقًا بالتطبيق العملي.
ما أهمية مشاركة الطلاب في هذا التعاون؟أرى أن مشاركة الطلاب في البحث الميداني داخل المصانع يمثل نقلة نوعية في تأهيلهم لسوق العمل. الطالب الذي يكتفي بالدراسة النظرية دون ممارسة عملية، يجد صعوبة لاحقًا في التكيف مع متطلبات المهنة.
أما إذا أتيحت له فرصة التدريب الحقيقي داخل بيئة صناعية، فسيتخرج وهو يملك خبرة عملية حقيقية. الأمر شبيه بتدريب طلاب الطب في المستشفيات، حيث لا يكفيهم حضور المحاضرات بل يجب أن يباشروا العمل في غرف العمليات والعيادات.
هل عانى طلاب الكلية سابقًا في الحصول على فرص تدريب ميداني؟نعم، كانت هناك معاناة حقيقية. كنا نصطدم برفض بعض الشركات استقبال الطلاب، أو تحديد فترة تدريب قصيرة للغاية، لا تتعدى أسبوعًا أو أسبوعين، في حين أن اللوائح الجامعية تنص على ضرورة تدريب الطالب لمدة لا تقل عن أربعة أسابيع. أما اليوم، ومع هذا التعاون الجديد، أصبح لدينا فرصة ذهبية لتوفير تدريب ميداني حقيقي وفاعل، مما سينعكس إيجابًا على مستوى خريجينا وكفاءتهم.
ما الخطوات التي ستتخذونها لضمان استمرارية هذا التعاون؟نعمل حاليًا على توقيع بروتوكول تعاون رسمي مع الشركة يشمل عدة محاور، منها التدريب الميداني للطلاب، والإشراف المشترك على رسائل الدراسات العليا، وتنظيم ورش عمل وندوات علمية مشتركة، بالإضافة إلى فتح مجالات للبحث العلمي التطبيقي المشترك بما يخدم الصناعة.
ننتقل للحديث عن كلية العلوم بجامعة حلوان.. ماذا عن نشأتها وأقسامها الأكاديمية؟كلية العلوم بجامعة حلوان تأسست عام 1983، وتضم ستة أقسام علمية رئيسية هي: الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، النبات والميكروبيولوجي، علم الحيوان، والجيولوجيا. تقدم الكلية 18 برنامجًا في مرحلة البكالوريوس ضمن المسار التقليدي، بالإضافة إلى ثلاثة برامج متميزة ذات مصروفات خاصة، وهي: التكنولوجيا الحيوية الجزيئية، والمناعة والوراثة التطبيقية، والبترول والمعادن. أما على مستوى الدراسات العليا، فلدينا 18 برنامجًا للماجستير و18 برنامجًا للدكتوراه تغطي مختلف التخصصات العلمية الدقيقة.
ماذا عن قوة الكادر الأكاديمي والبنية البحثية بالكلية؟نعتز بوجود هيئة تدريسية متميزة تضم ما بين 350 إلى 380 عضوًا، معظمهم تلقوا دراساتهم العليا في جامعات مرموقة في أوروبا وأمريكا واليابان. لدينا كذلك معامل بحثية حديثة تدعم الأبحاث العلمية، إلى جانب حصول عدد من أساتذتنا على جوائز علمية مرموقة مثل جوائز الدولة التشجيعية وجوائز النيل.
إلى أي مدى تنافس الكلية الجامعات الكبرى في مصر؟على الرغم من قربنا من جامعات عريقة مثل جامعة القاهرة وعين شمس، إلا أننا تمكنا من إثبات وجودنا بقوة، لا سيما في التخصصات الدقيقة للعلوم الأساسية. نقدم برامج أكاديمية وبحثية عالية الجودة تواكب أحدث الاتجاهات العلمية العالمية.
علمنا أن الكلية تستعد لعقد مؤتمر علمي دولي.. حدثنا عن تفاصيله.بالفعل، نحن نستعد حاليًا لتنظيم الدورة الثالثة من المؤتمر العلمي الدولي للكلية يومي 13 و14 أكتوبر المقبل. المؤتمر هذا العام سينعقد تحت عنوان "العلوم والبيئة"، وسيناقش قضايا ملحة مثل التغيرات المناخية، البصمة الكربونية، التلوث البيئي، وغيرها من التحديات البيئية. المؤتمر يحظى برعاية كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والسيد الأستاذ الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان.
ما الذي يميز هذا المؤتمر عن الدورات السابقة؟نظمنا أول مؤتمر علمي منذ عامين تحت شعار "العلوم والاستدامة"، ثم العام الماضي تناولنا "العلوم في خدمة الصناعة" مع التركيز على صناعة الأسمنت، وحققنا نجاحًا ملحوظًا بمشاركة نخبة من الشركات الكبرى. هذا العام، نظرًا للاهتمام العالمي والمحلي بقضايا البيئة، قررنا تخصيص المؤتمر لموضوع "العلوم والبيئة"، وسنعمل على طرح حلول علمية لمواجهة التحديات البيئية الراهنة.
ما رسالتكم للباحثين والطلاب بمناسبة هذا المؤتمر؟أدعو جميع الباحثين والطلاب للمشاركة بفعالية في المؤتمر، سواء من خلال تقديم أوراق بحثية أو الحضور والمناقشة، لأن قضايا البيئة تمس حياة الجميع. كما أؤكد أن البحث العلمي التطبيقي أصبح ضرورة لتحقيق التنمية، وأننا جميعًا مطالبون بتوظيف علمنا لخدمة المجتمع والبيئة.
في ختام حوارنا مع الأستاذ الدكتور مجدي الحجري، عميد كلية العلوم بجامعة حلوان، تتضح الرؤية بجلاء: هناك إرادة حقيقية وخطة طموحة لربط البحث العلمي بالصناعة، ليس كشعارات بل عبر خطوات عملية واضحة بدأت تؤتي ثمارها بالفعل.
من خلال التعاون مع المصانع والشركات، وتحديث البرامج الأكاديمية، وتدريب الطلاب داخل بيئات العمل الحقيقية، تواصل الكلية سعيها نحو تخريج كوادر علمية قادرة على قيادة قاطرة التنمية وخدمة المجتمع بفاعلية.
كما يعكس تنظيم المؤتمر العلمي الدولي الثالث "العلوم والبيئة" إيمان الكلية العميق بأن العلم هو الوسيلة الأهم لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية معًا.
وفي ظل دعم قيادة الجامعة واهتمام الدولة بالبحث العلمي التطبيقي، تبقى كلية العلوم بجامعة حلوان نموذجًا للمؤسسة الأكاديمية الطموحة التي تجمع بين الأصالة والتجديد، بين النظريات والتطبيقات، لتسهم بدور فاعل في تحقيق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.