ما يزال الدكتور أحمد الأمير، محافظًا على عيادته الصغيرة في منطقة البديع والتي افتتحها قبل 43 سنة، يستقبل فيها الحيوانات لعلاجها ومتابعة احتياجاتها، وذلك على الرغم من أنه دخل العقد التاسع من عمره. أحبَّ مهنته، والتي تخصَّص فيها في ستينيات القرن الماضي، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في البيطرة عام 1967م، وعمل في القطاع الحكومي مباشرة، حتى تقاعد منه في العام 1980م وافتتح عيادته الخاصة، التي زارتها الأيام.

وخلال اللقاء، سرد الأمير الكثير من ذكرياته ومحطّات حياته في مسيرته المهنية الممتدة، حيث لا يزال الأمير يملك مخزونًا كبيرًا من الذكريات التي مرّت عليه وصادفته خلال عمله.
تاريخ علاج الحيوانات يؤكّد الأمير لـ«الأيام»، بأنه أوّل شخص في البحرين حصل على تخصّص البيطرة، حيث لم يكن في البحرين آنذاك أي شخص متخصص بشكل علمي في هذا المجال. وعن كيفية علاج الحيوانات، قبل بدء الخدمات البيطرية في المملكة، يقول الأمير: «في البداية كان البحرينيون يعالجون حيواناتهم بالطرق بالبدائية باستخدام الأعشاب والطب البديل، وبعد تدشين الخدمات الصحية في المملكة في ثلاثينيات القرن الماضي، بدأ بعض الناس باصطحاب حيواناتهم إلى الأطباء العاملين في مستشفى النعيم، والذي كان قد فتح أبوابه في عام 1932م». وأضاف: «كانت الحيوانات المريضة غالبًا ما تموت، حيث كان الأطباء في مستشفى النعيم يجتهدون في إنقاذها وعلاجها، ولكن بسبب عدم مقدرة الطبيب البشري على تقديم الخدمات البيطرية، كانت عمليات العلاج تفشل». وتابع: «أغلب الحيوانات التي كانت مقصدًا لعلاجها في مستشفى النعيم هي الحمير، حيث كانت الحمير في ذلك الوقت تُستخدم في جرّ عربات القمامة وعمليات النظافة في المملكة».
السفر لدراسة البيطرة عن تجربته في دراسة التخصص، يعود بنا الأمير إلى العام 1956م، حيث تخرّج من الثانوية العامة، وقرّر حينها الالتحاق بالعمل في إحدى المدارس التي تتبع شركة نفط البحرين بابكو، حيث كان يقوم بالتدريس، واستمر على ذلك لمدة سنتين ونصف. ويقول: «بعد ذلك، قرّرت أنا وصديقي عيسى عباس السمّاك، التخصّص في الطبّ البشري، حيث سافرت بمعيّة السماك إلى بغداد». ويتابع: «بعد وصولنا إلى بغداد في نهاية خمسينيات القرن الماضي، تغيّرت قناعتي هناك، حيث قرّرت دراسة البيطرة، وذلك نظرًا لعدم وجود أي بيطري في البحرين، مقابل وجود العديد من البحرينيين الذين تخصصّوا في الطبّ البشري آنذاك، وقد اقتنع زميلي السمّاك بذلك، وانضمّ معي في دراسة الطبّ البيطري». رحلة الدراسة في اسكتلندا في العام 1967، عاد الدكتور الأمير إلى البحرين، حاملًا معه شهادة التخصص في البيطرة، واصفا تلك اللحظة بالقول: «لقد كان عامًا مبهجًا جدًا لي، حيث إنني كنت أول بحريني يحصل على هذه الشهادة». بعد وصوله إلى الوطن، التحق الأمير بقطاع الخدمات البلدية، حيث أسّس قسم البيطرة، ويقول: «لم يكن هناك قسم للبيطرة، وقد قام المسؤولون بتخصيص مقرّ صغير جدًا في الحديقة المائية بمنطقة القفول، وذلك لتقديم خدمات البيطرة، ومن هناك انطلقت في العمل بكلّ حماس». ويضيف: «كان المقرّ صغيرًا جدًا، ولذلك ومع التوسّع التدريجي في الخدمات البيطرية، انتقلنا في وقت لاحق إلى منطقة البديع». ويتابع: «في هذه الأثناء، حصلتُ على بعثة للدراسة والتخصص في بيطرة علاج أمراض الحيوانات التي تعيش في المناطق الحارة، وذلك في اسكتلندا بالمملكة المتحدة، إذ سافرت في عام 1969م للدراسة والتخصص». فهود الشيتا.. هدية الأمير يروي في هذا السياق، قصة ظريفة حصلت له قبل سفره إلى اسكتلندا، حيث تفاجأ في يوم من الأيام، باستدعاء المغفور له بإذن الله الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة له، ويقول عن ذلك: «عندما قصدتُ الأمير، أخبرني بأنه تلقّى هدية عبارة عن زوج من حيوان الفهد، من فصيلة الشيتا، وطلب منّي الإشراف على الاهتمام بهما وتوجيه المعنيين بشأن رعايتهما، ولكن المهمّة الأولى المطلوبة منّي كانت هو نقل الفهود من القفص إلى مكان دائم مخصص لذلك، حيث كان الجميع خائفًا من القيام بالمهمّة، وقد أُخبرت بأنه طُلب من أكثر من بيطري نقل الفهود من القفص فاعتذروا جميعًا، وذلك لما يُعرف عن فهود الشيتا من افتراس، حيث يٌطلق على نمر الشيتا لقب النمر الصياد». ويضيف: «توجهت إلى الفهود، وقد باشرت عملية تخديرهم في البداية، وبعد التخدير، دخلتُ إلى القفص بهدف نقلهما إلى مكانهما الدائم الجديد، وحينها فرّ جميع من في المكان خوفًا من أن تستيقظ الفهود، فأكملتُ نقلهم لوحدي». ويتابع: «بعد عودتي من اسكلتندا في وقتٍ لاحق، التقيتُ بالأمير الراحل وسألته عن حال الفهود، فأجابني بأنها ماتت، وقال لي ممازحًا بأن موتها ربما بسبب خوف الأطباء البيطريين من تقديم الخدمات اللازمة لها».
دراسة الجراحة في ليفربول في منتصف سبعينيات القرن المنصرم، حصل الدكتور الأمير على بعثة جديدة للتخصص في «جراحة الحيوانات»، حيث سافر إلى ليفربول في المملكة المتحدة، ودرس لمدّة عامين ونصف. بعد عودته من ليفربول، استمرّ الأمير في العمل في الخدمات البيطرية الحكومية لفترة بسيطة، حيث قرّر في نهاية السبعينيات الاستقالة من العمل، وفتح عيادته الخاصة، والتي لا يزال يعمل فيها منذ ذلك الحين. أول عيادة خاصة افتتح الدكتور أحمد الأمير أول عيادة بيطرية خاصة في البحرين بمنطقة البديع، عام 80 ميلادية واستمر بالعمل بها إلى هذه اللحظة لأكثر من 43 سنة. ويستذكر الأمير الكثير الكثير من المواقف التي مرّت عليه خلال فترة عمله مع مرّبي الحيوانات، حيث أتاحت له مهنته والتي كانت نادرة في المملكة، التعامل مع فئات مختلفة، ومع شخصيات كبيرة حسب قوله. ومن المواقف العالقة في ذاكرته، يقول الأمير: «في أحد الأيام تم استدعائي لإخراج فرس سقطت في إحدى القنوات الزراعية بمنطقة الجسرة، حيث أخرجتها بعد عناء طويل بمساعدة عدد من الأشخاص، ثم فحصتها وتبين أنها تعاني من كسر في أعلى الرجل ولا يمكن علاجه وقررتُ بتر الرجل، ورغم رفض مالك الفرس بتر الرجل إلا أنه انصاع لتشخيصي، وبعد قطع الرجل وتضميدها، استدعى صاحبها طبيبًا أجنبيًا ليطمئن على العملية، وبعد أن أنهى الطبيب الأجنبي فحوصاته، دُهش من حجم الإنجاز في العملية، وأعطاني سماعته الطبية كهدية رمزية تعبيرًا عن إعجابه بالمستوى الطبّي في إجراء العملية».
كلب يفقد صاحبه الوعي كما يستذكر الأمير حادثة أخرى، وهي عبارة عن كلب مريض يعالجه مالكه في احد العيادات البيطرية التي تعذر عليها علاج الكلب المصاب، مما حمل صاحب الكلب على زيارة الأمير طالبًا منه إعطاء الكلب المصاب مضادًا حيويًا؛ وذلك بناءً على طلب الطبيب السابق في العيادة التي كان يعالج بها. ويقول: «رفضتُ ذلك، وبررتُ لصاحبه بأنني لا يمكن أن أصف جرعة مضاد لأي حيوان بدون الاطلاع على حالته، وبعد القيام بالفحص، تبيّن أنه يعاني من تصلب وتضخم في منطقة المعدة، الأمر الذي أدى لتيقني بأنه مصاب بالكبد الوبائي وأنه في حالة ميؤوس منها، وعند إعلام صاحب الحيوان بذلك لم يصدق ذلك». ويضيف: «أخبرت المالك بأنني ولإثبات صحة تشخيصي، على استعداد لإجراء جراحة مجانية بحضور صاحب الكلب ليتأكد بنفسه أن كبد الكلب مصاب، وحينها وافق على ذلك، وحضر معي العملية، وما كان منه بعد أن فتحنا بطن الكلب إلّا سقط مغشيًا عليه، وهو الأمر الذي أربكني، فقد كان عليّ الاستمرار في العملية والاهتمام بصاحب الكلب الذي أغمي عليه، إنه المضحك المبكي». ويتابع: «بعد أن استيقظ صاحب الكلب، رأى بعينه ما يثبت أن كبد الكلب متضخمة 3 أضعاف، ما يعني إصابتها، وحينها وافق على حقنه حقنة الموت الرحيم».

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا الخدمات البیطریة فی المملکة فی البحرین صاحب الکلب حیث کان

إقرأ أيضاً:

جبران: هيكلة وتطوير المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية

تفقد محمد جبران وزير العمل اليوم الثلاثاء، المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، والكائن بمنطقة مصر الجديدة، بالقاهرة، حيث كان في استقباله أمل بشري مدير المركز، وهاجر موافي الأمين العام.

وخلال جولته وجه الوزير قيادات "المركز"، بسرعة الإنتهاء من التجهيزات الخاصة بمركز التدريب المهني الذي يضم ورش ومعامل للتدريب على مجالات الخياطة والتطريز ،والحدادة، وجميع المهن المستقبلية،وذلك لبدء التدريب فيه مطلع العام المُقبل.

ناقش الوزير مع قيادات "المركز" كافة الملفات التنظيمية والإدارية، والبرامج التدريبية التي يقوم بها المركز في مجالات نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في كافة مواقع العمل والإنتاج.

وحث الوزير جميع العاملين على تكثيف الجهود، من أجل إعادة هيكلة المركز، وتطوير البرامج واللوائح، ليعود الى سابق عهده  في التدريب على السلامة والصحة المهنية، والاستشارات الفنية في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • هيئة ضمان جودة التعليم تجدد اعتماد طب بيطري المنصورة
  • وزير العمل ومحافظ القاهرة يؤكدان أهمية نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية
  • وزير العمل يزور المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية
  • جبران: هيكلة وتطوير المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية
  • قاتل وينتقل عبر الحيوانات.. الصحة العالمية تحذّر من فيروس “ليسا”
  • ما تفسير رموز الحيوانات في الفنجان ودلالاتها
  • "الصيادة الأكثر شهرة في إيطاليا" تحت النار: اتهامات بسوء معاملة الحيوانات تثير الجدل
  • اكتشاف 230 نوعاً جديداً من الحيوانات والنباتات
  • بيطري المنيا: تحصين 152 ألف رأس ماشية
  • بيطري المنيا: تحصين 152 ألف رأس ماشية على مدار شهر