WP: كيف خسر الاحتلال الإسرائيلي معركة الرأي العام العالمي؟
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن عملية دولة الاحتلال الإسرائيلي البرية في قطاع غزة، نجحت لكنها لم تؤد إلى انتصار دولة الاحتلال في معركة الرأي العام.
وأضافت الصحيفة، في المقال الذي أنجزه ماكس بوت، أنه "مضى أكثر من ستة أسابيع على عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وأكثر من ثلاثة أسابيع على الهجوم البري في غزة، فكيف تسير هذه الحرب؟"، مردفا: "من وجهة نظري، يمكن تلخيصها بالآتي: تنتصر إسرائيل بالحرب البرية ولكنها تخسر معركة الرأي العام الدولي وليس لديها أي خطة بعدما تسكت المدافع".
وأوضحت الصحيفة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "حاصر الجزء الشمالي من غزة، وهو يقوم بتفتيش المناطق التي تعتبر معقلا لحركة حماس، بما فيها مستشفى الشفاء الذي تزعم إسرائيل أنه مركز عملياتها"، مؤكدة أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "خسرت أكثر من 50 جنديا خلال الهجوم".
وتابع المصدر نفسه، نقلا عن الجنرال المتقاعد، عاموس يلدين، الذي قال إن "العملية البرية كانت ناجحة بعدد قليل من الضحايا وأقل من التوقعات الأولى؛ وكان هناك تعاون ممتاز بين القوات البرية والجوية والاستخبارات، حيث يسيطرون بشكل أساسي على شمال غزة، وبفارق واحد وهو أن مقاتلي حماس لم يقتلوا، لا يزالون في الأنفاق الموجودة".
وأردف مصدر الصحيفة، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، "لم تقرر بعد كيفية التعامل مع أنفاق حماس، التي ربما احتجز فيها الأسرى، والتحرك باتجاه مناطق أخرى في غزة، لم يدخلها الجيش بعد"، مذكّرا بما "حدث مع الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، فربما زاد عدد قتلى الجنود الإسرائيليين حيث يتحول الجيش من العمليات القتالية إلى محاولات السيطرة على المناطق الخاضعة له".
وفي السياق ذاته، أكد أن "حماس، تلقت ضربة قوية، لكن قيادتها لم تُقتل أو تُعتقل، وتشك إسرائيل أن زعيم الحركة، يحيى السنوار، مختبيء في خان يونس، أكبر مدينة في جنوب القطاع، ولم تدخل القوات الإسرائيلية الجنوب بعد، وعندما تفعل ستواجه مليوني نسمة، إلى جانب مئات الآلاف المهجرين من الشمال".
واسترسل في الحديث، بأن "هناك احتمال كبير بسقوط المزيد من الضحايا المدنيين؛ ولا شك أن الجيش الإسرائيلي حصل على خبرات عملية لا تقدر بثمن من هجومه، لكن عملية تدمير حماس، طويلة"؛ مشيرا إلى قول المسؤول السابق في وزارة الدفاع، زوهر بالتي: "نحن فقط بالبداية".
إلى ذلك، استفسرت الصحيفة: "هل كان جيش الاحتلال الإسرائيلي سيحصل على كل شيء والوقت الذي يحتاجه؟"، مردفا أنه "في كل الحروب التي خاضها، ومنذ غزو لبنان في 1982، أجبر الغضب العالمي إسرائيل على الحد من عملياتها العسكرية قبل أن تحقق نصرا حاسما، والضغط يتزايد عليها في هذه الحرب".
وتابع المصدر نفسه، أنه: "بعبارات واضحة، إن ساعة السياسة تدق أسرع من ساعة الجيش. ففي البداية شعر العالم بما فعلته حماس، لكنه بات مرعوبا من وحشية الرد الإسرائيلي، وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد أكثر من 11.000 مدنيا، منهم 4.000 طفلا، هذا قبل أن تتوقف الوزارة عن تقدير الضحايا بسبب قطع الإتصالات عن القطاع".
وذكر المقال، باعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأنهم "لم يكونوا ناجحين في الحد من الضحايا المدنيين"، قبل أن يتهم "حماس باستخدامهم كدروع بشرية". فيما يزعم الكاتب أن "إسرائيل بدأت بتخفيف السمعة عليها من خلال السماح، وبعد ضغط أمريكي، للمساعدات الإنسانية والوقود، ونشر تقارير عن استخدام حماس للمستشفيات والمدارس، لكن الضرر قد وقع".
وكشف استطلاع أجرته وكالة أنباء "رويترز" و"إبيسوس"، الأسبوع الماضي، أن "نسبة الأمريكيين الذين يطالبون أمريكا بدعم إسرائيل قد تراجعت من 41% إلى 32% ومنذ بداية الحرب. فيما وافقت نسبة 68% على وجوب وقف إسرائيل إطلاق النار ومحاولة التفاوض".
وأوضح، أنه "ربما تم وقف إطلاق النار لعدة أيام، لكنه وقفه لمدة أطول ليس على الطاولة، بخاصة أن الإسرائيليين لا يزالون غاضبين من الهجمات ولا يمكن لـ 200.000 إسرائيلي العودة إلى الجنوب والشمال بسبب الحرب. ويعد وقف إطلاق النار انتصارا لحماس".
ونقل الكاتب، عن مسؤول أمريكي، قوله "إن الإسرائيليين مصممين على تدمير حماس مهما اقتضى الأمر. وهم مصممون على السيطرة على قطاع غزة، بدون أن يكون هناك أي وضوح لما سيحدث بعد؛ فيما يتأرجح بنيامين نتنياهو، الذي لا بوصلة أخلاقية لديه، يائسا، بين المطالب الدولية بعدم إعادة احتلال غزة ومطالب ائتلافه المتطرف بعدم تقوية السلطة الوطنية، بالقول إن إسرائيل لن تحتل غزة، ولكن ستكون لها السيطرة الأمنية الكاملة عليها".
وتابع كذلك، بأنه "لن يسلم المناطق للسلطة الوطنية؛ وهذا مزيج من التصريحات من رجل فقد الشرعية للحكم"؛ مؤكدا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تخسر فرصة لتخفيف مظاهر الغضب الفلسطيني، والتواصل مع الدول العربية، ويجب أن تكرر على التزامها بالدولة الفلسطينية وتعرض استئناف العلاقات مع السلطة الوطنية؛ ويجب على إسرائيل وقف التوسع الإستيطاني والحد من عنف المستوطنين المتزايد، والتهديد بشن حرب على جبهتين".
وذكر المقال نفسه، بوصف مسؤول أمريكي، للضفة الغربية، بأنها "تغلي" حيث قال إنه "لو أرادت إسرائيل البقاء مركزة على ما هو أهم، أي الإنتصار في غزة واستعادة الأسرى سالمين، فعليهم البحث عن طرق لتخفيف التوترات في الضفة الغربية، وأحسن طريقة هي وقف عنف المستوطنين المتطرفين، وهذا بالنسبة لي شرط لزمن الحرب".
وختم الكاتب مقاله، مؤكدا أنه "شرط تتعامى عنه الحكومة التي يقودها نتنياهو، والتي يسيطر عليها المستوطنون المتطرفون؛ ولهذا فستظل الحرب بدون نهاية في الأفق، ولا يقين أبعد من حمام الدم؛ وانتصار إسرائيل في النزاع ولكن النتيجة النهائية تظل غامضة كما كانت قبل ستة أسابيع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة الفلسطيني فلسطين غزة طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی فی غزة
إقرأ أيضاً:
اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلّق بخيط رفيع
كان ظهور مقاتلي حماس المدجّجين بالسلاح في أثناء تسليم الرهائن الثلاثة الإسرائيليين المحتجزين في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى الصليب الأحمر يوم الأحد بمثابة تذكير كريه، لمن يحتاج إلى تذكير، بأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه الأسبوع الماضي معلّق بخيط رفيع - وقد يتهاوى في أي لحظة.
تكمن المشكلة الأساسية، مستقبلًا، في أنه لا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولا قيادة حماس المعاد تشكيلها، يريدان حقا للهدنة أن تستمر. فقد قام دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بإرغام نتنياهو -وهو مجازيا يركل ويصيح- فوافق على الصفقة.
فعلى مدى أشهر عديدة، قاوم نتنياهو -وهو نفسه رهينة لدى حلفاء الائتلاف اليميني المتطرف- المقترحات التي طرحها الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن في مايو الماضي. ولكن هل من المعقول أن نفترض أن نتنياهو قد يتخلى عن هذه التهدئة؟ ويبدو الآن أن موافقته التي يحتمل أن تكون مؤقتة ناجمة إلى حد كبير عن رغبته في ألا يفسد حفل تنصيب ترامب في واشنطن.
لقد تردد، قبل حتى أن يجف حبر الصفقة، أن نتنياهو طمأن الوزراء الساخطين إلى أن وقف إطلاق النار مؤقت وأنه لا ينوي احترام شروطه بالكامل. ويقال إنه وعد المتشددين إيتمار بن غفير، الذي استقال احتجاجا، وبتسلئيل سموتريتش، الذي يهدد بذلك، بأنه سوف يستأنف الحرب عما قريب.
من المقرر أن تستمر المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار ستة أسابيع. ويجب أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية، التي تدعو إلى الانسحاب العسكري الإسرائيلي الكامل وتحرير جميع الرهائن الأحياء في مقابل إطلاق سراح المزيد من السجناء الفلسطينيين، في موعد لا يتجاوز خمسة عشر يوما من الآن. ومن المستبعد أن تبدأ هذه المفاوضات.
فقد كتب أمير تيبون، المحلل في صحيفة هآرتس يقول إن «لدى نتنياهو طريقتين لإغراق الاتفاق وإيجاد ذريعة لتجديد الحرب. الأولى هي ببساطة تعطيل مفاوضات المرحلة الثانية... وإضاعة الوقت. وقد مارس هذا مرات عدة مع فريق بايدن الذي اتسم إما بالضعف الشديد أو العزوف عن الاعتراف بحقيقة هذا التخريب».
«والثانية هي إثارة اندلاع العنف في الضفة الغربية. وقد اشتعلت النيران هناك بالفعل، إذ أشعل المستوطنون المتطرفون النار في المنازل والسيارات في العديد من القرى الفلسطينية ليلة الأحد، في الوقت الذي كان فيه ملايين الإسرائيليين يحتفلون بعودة الرهائن الثلاثة».
وما عنف الضفة الغربية، سواء أثير عمدا أم لا، سوى أحد المحفزات المحتملة لاستراتيجية التخريب. قد يزعم نتنياهو أن حماس لا تمتثل للاتفاق، ولقد فعل ذلك بالفعل في نهاية الأسبوع، معطلا بدء وقف إطلاق النار لعدة ساعات. ومن بين الاحتمالات الأخرى التي علينا أن ننتظرها اندلاع اشتباكات مفاجئة وعشوائية قد تؤدي إلى تمزيق الهدنة في غزة و/أو لبنان.
الحق أن نتنياهو يواجه خيارا مصيريا خلال الأسبوعين المقبلين أو نحو ذلك. فمن خلال التخلي عن وقف إطلاق النار، قد يسترضي اليمين، ويحافظ على تماسك ائتلافه، ويستبقي نفسه في السلطة، ويتجنب التحقيقات في سياسته قبل السابع من أكتوبر القائمة على التسامح مع حماس وفشله في وقف أسوأ هجوم على اليهود منذ عام 1945. وفي حال استئناف الحرب، فلديه كما يقول وعد من ترامب بمدد غير محدود من الأسلحة.
أو قد يراهن على السلام، ويواجه غضب اليمين المتطرف ويخاطر بانهيار حكومته وبانتخابات مبكرة. ومن المتوقع أن يخوض نتنياهو حملته الانتخابية بصفته زعيم الحرب الذي هزم حماس، وأعاد بعض الرهائن إلى الوطن، وسحق حزب الله في لبنان، وألحق بإيران الضرر الكبير مرتين.
وبما أنه يقال إن نحو 60% إلى 70% من الناخبين الإسرائيليين يفضلون إنهاء الحرب، فمن المحتمل أن يخرج نتنياهو على عادته طول عمره السياسي ويفعل الصواب. ومن شأن سلام دائم أن يكسبه نقاطًا إضافية لدى البيت الأبيض، ويمهد الطريق لترامب كي يواصل مشروعه المفضل، أي تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وعزل إيران بوسائل غير عسكرية.
لكن المشكلة تكمن في أن حماس وحلفاءها من مسلحي الجهاد الإسلامي في غزة لا يريدون أيضًا لوقف إطلاق النار أن يستمر.
وقد وجَّهت استعراضها للقوة يوم الأحد، وإن كان محدودًا للغاية، رسالة استفزازية مفادها أن حماس نجت، وأنها لا تزال تسيطر على بقية الرهائن، وأنه لم تخلفها حتى الآن أي سلطة في غزة. وفي بيان صدر يوم الاثنين، تعهدت حماس بأن غزة «سوف تنهض من جديد» - تحت وصايتها المشكوك فيها.
ثمة حديث كثير عن إدارة مؤقتة من التكنوقراط مدعومة من مصر وقطر، وعن تولي السلطة الفلسطينية (التي تدير الضفة الغربية من الناحية النظرية) المسؤولية عن غزة. ولكن في الوقت الراهن، ليس لدى أحد السلطة أو الاستعداد لتولي الحكم - وحماس، بطبيعة الحال، تملأ الفراغ في السلطة. ويلام نتنياهو جزئيا في ذلك. فقد رفض لمدة خمسة عشر شهرا وضع خطط «اليوم التالي» أو حتى مناقشتها.
وحينما ننظر قدمًا إلى الأسابيع المقبلة، نجد أن الأمن في غزة قد يصبح قضية بالغة الأهمية مع عودة عشرات الآلاف من النازحين والجياع إلى منازلهم المحطمة وأحيائهم المدمرة وبدء محاولات استئناف حياتهم. وسوف تحاول حماس السيطرة على توزيع مساعدات الأمم المتحدة والوكالات المتحالفة معها، مثلما تسيطر على إطلاق سراح الرهائن من خلال الصليب الأحمر. وقد يتسبب هذا في تعميق الاضطراب وتصاعد الصراع الداخلي.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن تبدأ حماس بسرعة في إعادة بناء قدراتها العسكرية، وقد ازدادت عزما عن ذي قبل، بعد الضربة القاضية التي تلقتها، على تكبيد إسرائيل ثمنا باهظا، فهي لا تزال على وعدها بتدميرها. وقد أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن «صور مقاتلي حماس كانت تذكيرا صارخا بأن الجماعة الإرهابية لا تزال مسؤولة عن غزة».
وقالت الصحيفة: إن المسؤولين الإسرائيليين يقدرون أن اثنتين فقط من كتائب الجماعة الأربع والعشرين لا تزالان تعملان.
ولكن يقال إن حماس تعيد تجميع صفوفها تحت قيادة محمد السنوار، الأخ الأصغر ليحيى السنوار، العقل المدبر لأحداث السابع من أكتوبر الذي قتلته إسرائيل في الخريف الماضي. وقال وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته، أنطوني بلينكن الأسبوع الماضي: إن الولايات المتحدة تعتقد أن حماس جندت عددا من المقاتلين يساوي عدد من فقدتهم منذ بدء الحرب.ومثلما حدث في أزمات سابقة في الشرق الأوسط، ربما كان من المتوقع أن يتدخل الرئيس الأمريكي في هذه المرحلة الحرجة لضمان التزام الجانبين بكلمتهما فيصبح وقف إطلاق النار سلاما دائما. لكن ترامب ليس من هذا النوع من الرؤساء. فقد كان يخشى من أن تطغى الحرب على يومه المنتظر. والآن سينصرف انتباهه إلى جهة أخرى. فهو لا يطرح خطة أو أفكارا جديدة - وكل ما يطرحه لا يعدو قوائم أمنيات وتهديدات وتحيزات.
وإذا ما قرر زعماء إسرائيل وحماس معاودة القتال في الأسابيع والأشهر المقبلة، فقد لا يكون ثمة من يوقفهم - برغم حقيقة أن معظم الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم المتابع يتوقون إلى السلام.